خواطر من الكون المجاور الخاطرة
الخاطرة ٢١٩ : ابن رشد الفيلسوف المظلوم الجزء ٢٠
الخاطرة ٢١٩ : ابن رشد الفيلسوف المظلوم الجزء ٢٠
أكبر مشكلة يعاني منها البحث العلمي في الأحاديث والروايات الإسلامية يمكن شرحها بهذا المثال : « عَنْ إِبْرَاهِيم بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ [ الخراساني ] قَالَ : قُلْتُ لِلرِّضَا (عليه السلام ): يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ عِنْدَنَا أَخْبَاراً فِي فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَفَضْلِكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ مُخَالِفِيكُمْ وَلَا نَعْرِفُ مِثْلَهَا عِنْدَكُمْ أَفَنَدِينُ بِهَا ؟.... - إلى أن قال - ثُمَّ قَالَ الرِّضَا (ع): يَا ابْنَ أَبِي مَحْمُودٍ إِنَّ مُخَالِفِينَا وَضَعُوا أَخْبَاراً فِي فَضَائِلِنَا وَجَعَلُوهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :أَحَدُهَا : الْغُلُوُّ. وَثَانِيهَا : التَّقْصِيرُ فِي أَمْرِنَا. وَثَالِثُهَا : التَّصْرِيحُ بِمَثَالِبِ أَعْدَائِنَا. فَإِذَا سَمِعَ النَّاسُ الْغُلُوَّ فِينَا كَفَّرُوا شِيعَتَنَا وَنَسَبُوهُمْ إِلَى الْقَوْلِ بِرُبُوبِيَّتِنَا، وَإِذَا سَمِعُوا التَّقْصِيرَ اعْتَقَدُوهُ فِينَا، وَإِذَا سَمِعُوا مَثَالِبَ أَعْدَائِنَا بِأَسْمَائِهِمْ ثَلَبُونَا بِأَسْمَائِنَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾
ما أقصده من هذا المثال أن أتباع روح السوء إندسوا في السنة والشيعة ليشوهوا تاريخ الاسلام الديني ويمنعوا من توحيد المسلمين ، فكل عالم اليوم يريد أن يبحث عن حقيقة ما حصل في فترة ظهور الاسلام وتاريخ الأمة الاسلامية سيجد الكثير من التناقضات في نص الروايات بحيث تجعل السني الذي يبحث في كتب السنة فقط يظن أن مذهبه هو فقط الاسلام الصحيح ، والشيعي الذي يبحث في كتب الشيعة فقط يظن أن مذهبه هو فقط الاسلام الصحيح ، أما الباحث عن الحقيقة الذي يبحث في كتب الطرفين فتجعله يقع في حيرة بمصداقية حقيقة الروايات المذكورة في هذه الكتب ، الباحث هنا يقع في مشكلة لماذا سيصدق الرواية بالشكل الذي يذكرها الطرف الأول ويكذب الطرف الأخر ؟ لا يوجد أي ثوابت علمية يمكنه الاستناد عليها لتقييم صحة كل رواية لأنها روايات كتبتها يد إنسان ، وكل إنسان يمكن له أن يكتب ما يشاء هو . والمشكلة الأخرى أنه هناك عشرات الآلاف من الصفحات التي يجب أن يقرأها ليأخذ صورة شاملة عن الموضوع ، وجميعها للأسف متناقضة مع بعضها البعض . في كتب السنة مثلا نجد أن عدد الروايات التي تذكر أصحاب علي عليه السلام قليلة جدا وكأنها لا وجود لها في كتبهم بينما نجد أن روايات أصحاب معاوية عديدة جدا ، فكيف سيعلم المسلم السني عن حقيقة ما حصل في الفتنة الكبرى في عهد علي عليه السلام ومعاوية . الشيخ الشيعي الدكتور أحمد الوائلي يذكر أنه عندما زار جامعة الأزهر أستغرب فمكتبة هذه الجامعة والتي تعتبر من أكبر المكتبات الإسلامية في العالم لا يوجد فيها كتاب واحد من الكتب المعتبرة عند الشيعة ، فإن صح ذلك ، كيف للباحث السني أن يصل إلى الحقيقة إذا لم يقرأ رأي الطرف الآخر . وحتى أوضح مدى خطورة الأمر أنني عندما كنت في مرحلة الثانوية كل الذي كنت أعرفه عن الشيعة بأنهم يعتقدون أن الملاك جبريل عليه السلام أخطأ عندما نزل فبدلا من أن يذهب إلى علي عليه السلام ذهب إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، هكذا يعتقد معظم مسلمي السنة العامة عن الشيعة ، بينما هذه الفكرة عند معظم الشيعة لا وجود لها ولكن مسلمي السنة للأسف يروجون لها ليسخروا من الشيعة .
اليوم مثلا نجد في الأنترنت برنامج ديني يحمل عنوان " الأزهر ضد التشيع" هذا العنوان نفسه يحمل في داخله معلومة تؤكد مدى إنحطاط مستوى إدراك علماء الأزهر لمكارم الأخلاق في الاسلام ، فهذا العنوان مصدره الإسلام السياسي وليس الاسلام الديني ، الله عز وجل يقول (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣ آل عمران) ، فكلمة (ضد) في هذا العنوان بحد ذاتها هي من روح السوء لأنها تعني شن الحرب الفكرية ضد الشيعة لتفرق بين المسلمين ، فكأنها تتهم جميع أتباع مذهب الشيعة بأكمله بالضلال . هذا السلوك مخالف لقول الله عز وجل (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ١٢٥ النحل) . جامعة الأزهر اليوم تُعتبر من أرقى الجامعات الإسلامية في العالم وهي تقود الطائفة الكبرى التي نسبتها ٧٥% من الأمة الأسلامية ، فعندما يسمح مسؤولي جامعة الأزهر بعرض برنامج مثل هذا النوع وبهذا العنوان هذا يعني أن روح السوء هي التي تقود علماء الأزهر ، فهناك الكثير من علماء الشيعة يحاربون الاسلام السياسي الذي سبب التعصب الشيعي .
إن الكتب الصحاح الستة التي تعتمد عليها السنة وأيضا الكتب الصحاح الأربعة التي تعتمد عليها الشيعة تم فيها دس الكثير من الأحاديث غير الصحيحة والروايات الكاذبة لتجعل كل طرف يعتقد أنه هو على حق وأن الطرف الآخر على باطل . والمشكلة أن تلك الأحاديث والروايات الباطلة هي التي تسيطر على كلا الطرفين منذ أكثر من ثمانمائة عام وحتى الآن ، مما جعل مسلمي العامة في السنة والشيعة يؤمنون بهذه الأكاذيب وكأنها حقائق إلهية لا يمكن الشك بها ، والمشكلة الأكثر خطورة أنه بسبب إنخفاض مستوى علوم شيوخ المساجد وأساتذة كليات الشريعة جعلهم ينساقون مع هذا الوضع فبدلا من التركيز على تعليم الناس مكارم الأخلاق التي فرضها الله على نبيه وعلى المؤمنين عملوا على تنمية التعصب المذهبي والحقد على المذاهب الأخرى .
لهذا أعيد وأكرر أنني في أبحاثي لا أعتمد على ما كتبته أيدي البشر ولكن أعتمد فقط على تلك الحقائق الإلهية التي وضعها الله لنا كرموز في آيات قرآنه الكريم وأيضا في الأحداث التاريخية التي لا يستطيع أحد أنه ينكر وجودها . فكما يقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩ النساء) . بعض من هذه الحقائق ذكرتها في المقالات الماضية وأتابع ذكر بعضها الآخر في هذه المقالة .
في المقالة الماضية ذكرنا أن معاوية بن أبي سفيان هو زعيم أتباع روح الكلب في الأمة الاسلامية ، ربما الكثير من مسلمي طائفة السنة لم يتقبلوا هذه الفكرة وهذا شيء طبيعي لأن معظم كتب السنة تعارض هذا الرأي ، فمعاوية كما تذكر كتب السنة هو من الصحابة وجميع الصحابة عندهم هم من المؤمنين ، ومعاوية عندهم أيضا من كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحسب زعمهم أنه من الخلفاء الذين في عهده شهدت الفتوحات الاسلامية انتصارات كثيرة ، وهناك أشياء أخرى عديدة ينسبوها له وكأن جميع هذه الأشياء عن معاوية هي دلائل تؤكد لهم على أن معاوية كأن مؤمنا ويستحق إضافة عبارة (رضي الله عنه) خلف أسمه . أما إذا ذهبنا وبحثنا في كتب طائفة الشيعة سنجد أن الأمر مختلف تماما فالمعلومات المذكورة هناك تصف معاوية وكأنه من أتباع إبليس . لهذا فحقيقة شخصية معاوية هي من أحد أهم أسباب المشاكل التي تمنع من التقارب بين السنة والشيعة ، فالشيعي سيرفض رفضا قاطعا الإعتقاد بأن معاوية هو أمير المؤمنين وأنه أحد الصحابة المؤمنين كم يعتقده السنة ، فهو حسب إعتقادهم كان من ألد أعداء علي عليه السلام وأهل البيت وكما يقول الحديث الشريف عن علي عليه السلام " اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه " وهو ايضا من الفئة الباغية التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه " تقتله الفئة الباغية" ، لهذا فمن الطبيعي أن يرفض الشيعي أي تعاون مع الفئة التي تناصر معاوية .
في المقالات الماضية في معظم فقراتها تم التركيز على رمز روح الكلب التي وضعها الله عز وجل في الكتب المقدسة للديانات السماوية لتبين لنا دور هذه الروح في عملية عرقلة التطور الروحي للإنسانية . القرآن الكريم يذكر رمز روح الكلب ويوضح لنا دورها ، يقول الله عز وجل في قرآنه الكريم (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا .٢٢ الكهف) ، العلماء المسلمين فسروا هذه الآية بمعناها السطحي وأن المقصود بها هم أصحاب الكهف فقط الذين ناموا مدة ٣٠٠ عام ، ولكن الحقيقة هي أن هذه الآية تتكلم عن مراحل التطور الروحي للإنسانية منذ خروجها من الجنة وحتى نزول آخر ديانة سماوية والتي هي آخر مراحل التطور الروحي ولهذا كان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين .
هذه الآية موجودة في سورة تحمل عنوان (الكهف) هذه الكلمة هي رمز للكون بأكمله فالكون هو الكهف الذي سيتم فيه خلق الإنسان من جديد ليصحح تكوينه الجسدي والروحي الذي تم تشويهه بسبب الخطيئة التي أرتكبت في الجنة . المقصود بالعبارة الأولى (ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) هم آدم وحواء وهابيل ، أما كلبهم هنا فهو رمز لقايين (قابيل) الإبن الثاني الذي دخلت في تكوينه غريزة القتل التي أتت من روح الشيطان ودفعت قايين إلى قتل أخيه هابيل . العبارة الأولى تمثل بداية الكون وبداية التكوين المادي .
أما العبارة الثانية (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) فهي تمثل بداية ظهور الديانات لتعبر عن بداية التطور الروحي، والمقصود بالخمسة ، هم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف عليهم الصلاة والسلام، إبراهيم هو رمز آدم فاسم إبراهيم يعني (أبو الشعوب) ، لذلك أمر الله إبراهيم أن يذبح ابنه لتكون هذه الحادثة لها معنى أن تكوين الإنسانية الروحي يحوي على روح الكلب ، ولهذا نجد هذه الروح تظهر في أخوة يوسف عندما أرادوا قتله ليتخلصوا منه ولكن وجود روح الخير فيهم هي التي منعتهم من القيام بهذه الجريمة وبدلا من أن يقتلوه ألقوه في الجب لتأخذه سيارة التجار ليبيعوه في مصر كعبد .
العبارة الثالثة (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) المقصود بها هم محمد صلى الله عليه وسلم وعلي عليه السلام وأبو بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم والحسن والحسين عليهما السلام ، الذين نشروا الدين الإسلامي الذي وضع الله فيه آخر جزء من التطور الروحي ، أما كلبهم فهو معاوية بن أبي سفيان الذي حاول عرقلة ولاية علي عليه السلام ليمنع ظهور هذا الدين على شكله الحقيقي فظهر في عهد معاوية الاسلام السياسي ، ولهذا أن نجد ابنه يزيد يقوم بنفس جريمة قايين (قابيل) حيث أمر يزيد بقتل الحسين عليه السلام فقتلوه . علي وفاطمة عليهما السلام ، هما رمز آدم وحواء المطهرين من الخطيئة ، ابنهما الحسن هو رمز هابيل الذي أتبع قانون الجنة (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨ المائدة) ، ولأن الحسن عليه السلام كان يعلم تماما بأن معاوية من أتباع روح الكلب وأن الصراع معه الذي يتكون من أكثر ١٥٠ ألف مقاتل سيؤدي إلى سفك دماء عشرات الآلاف من المسلمين الأبرياء المخدوعين بحقيقة معاوية ونواياه ، لهذا تخلى الحسن عن الخلافة ليحافظ على الاسلام الديني ، فعقد معه إتفاقية صلح بأن تكون الخلافة له بعد وفاة معاوية (او أن تكون الخلافة بالشورى كما يقول البعض الآخر) ولكن معاوية بعد أستلامه للخلافة أمر بتسميم الحسن للتخلص منه ، وولى الخلافة لأبنه يزيد .
أما الحسين عليه السلام فهو رمز قابيل الجديد المطهر من روح السوء ، لهذا عندما رأى الحسين عليه السلام حقيقة معاوية بأكملها وأن معاوية نكث عهده مع أخيه الحسن وأنه ولى الخلافة لابنه يزيد الذي كان هو أيضا من أتباع روح الكلب، خرج على يزيد ليمنعه من استلام الخلافة ، ولكن المسلمين الذين كانوا معه خذلوه وتخلوا عنه وتركوه هو وأصحابه يواجه جيش يزيد الذي أمر رجاله بقتل الحسين عليه السلام ، فحدثت جريمة الكربلاء التي تم فيها قطع رأس الحسين وإرساله إلى يزيد .
مسلمو العامة من السنة قبل الإنفتاح العلمي الذي حصل على الأمة الأمة الاسلامية كان معظمهم لا يعلم شيئا عن مذبحة الكربلاء لأن شيوخ السنة كانوا يخفونها عنهم لكي لا يعلم أي سني أن عند الشيعة بعض الحق في إعتقاداتهم ، ولكي يظهروا لهم أيضا أن معاوية وابنه يزيد هما من العباد الصالحين .
مذبحة الكربلاء التي تمثل رمز قتل قابيل لأخيه هابيل والتي لا يعلم مسلمي السنة ولا مسلمي الشيعة شيئا عن معناها الحقيق ، هي علامة إلهية تؤكد للمسلمين جميعا أن الأمة الاسلامية هي أمة مثل بقية الأمم وأن تكوينها هي أيضا يحوي على روح الكلب ، لهذا يجب على المسلمين أن يعلموا أنهم ليسوا أفضل من بقية الأمم فهم يحملون الجزء الأخير فقط من الحكمة الإلهية وأن بقية أجزاء هذه الحكمة الإلهية موجودة في بقية الأمم لأن الإنسانية بأكملها عند الله هي عائلة آدم وحواء ، وعلى جميع الأمم بعلومها ودياناتها أن تتعاون مع بعضها البعض ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ١٣ الحجرات) .
هناك دليل إلهي آخر في القرآن الكريم : الحكمة الإلهية وضعت الرقم ٤٧ ليكون ترتيب سورة (محمد) . هذا الرقم حتى الآن لم يأخذ أي أهمية في تفاسير العلماء المسلمين ، الرقم ٤٧ هو رمز روح الكلب ، فإذا حسبنا القيمة الرقمية لكلمة (كلب) في النظام الرقمي البسيط للغة العربية ، أي بجمع أرقام ترتيب أحرف هذه الكلمة سنجد أنها تعادل الرقم ٤٧ :
ك(٢٢)+ل(٢٣)+ب(٢)=٤٧
هذا الرقم هو الرقم المعاكس للقيمة الرقمية لكلمة (الله) :
ا(١)+(٢٣)+(٢٣)+(١)+(٢٦)=٧٤
معنى هذا التعاكس الرقمي هنا هو أن روح الكلب تتحدى الله عز وجل ، لهذا كان عنوان السورة هو كلمة (محمد) والتي ذكرنا في المقالات الماضية أن هذه الكلمة تتألف من مقطعين (محى - مد) وهي رمز الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي معا . بمعنى أن الله قد أختارهما لمواجهة هذه الروح الخبيثة . أتباع روح الكلب زعيمهم هو معاوية ، الرسول صلى الله عليه وسلم حاول أن يساعد معاوية لينتصر على تلك الروح الخبيثة التي تسيطر عليه ، علي عليه السلام أيضا في معركة صفين توقف عن قتاله ليعطيه فرصة ثانية ، الحسن عليه السلام أعطاه فرصة ثالثة لعله يُصلح نفسه ، ولكن ومع ذلك معاوية تخلى عن حياة الآخرة وفضل شهوات الحياة الدنيا له ولإبنه يزيد لهذا سلمه الخلافة قبل وفاته ليؤكد على نفسه أنه من أتباع روح الكلب .
اسم (يزيد) له نفس معنى المقطع (مد) من أسم (محمد) ، ولكن (مد) في اسم محمد له معنى يمد أو يزيد في تكوين روح الخير ، أما اسم ابن معاوية فله معنى يزيد في تكوين روح الكلب ، لهذا كان أسم ابيه (معاوية) يعني الكلبة العاوية ، وأسم أمه ميسون بنت بني كلب. فأبوه وأمه من عائلة روح كلاب .
سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم وسلوك علي وابنيه الحسن والحسين هو الذي فتح بصيرة ابن يزيد حفيد معاوية ، هذه البصيرة جعلته يرى بأم عينه ما كان يفعله جده معاوية وأبوه يزيد من فسق ونفاق ، لهذا عندما تولى الخلافة بعد وفاة أبيه صعد إلى المنبر وقال " إنّ هذه الخلافة حبل الله و أنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله و مَن هو أحقّ به منه عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام )، و ركب بكم ما تعلمون حتّى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ قلّد أبي الأمر وكان غير أهل له و نازع ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقصف عمره، و انبتر عقبه، و صار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ بكى و قال: مِنْ أعظم الاُمور علينا علمنا بسوء مصرعه و بؤس منقلبه، و قد قتل عترة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأباح الخمر و خرّب الكعبة، ولم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلّد مرارتها، فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدُّنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، و لئن كانت شرّاً فكفى ذرّية أبي سفيان ما أصابوا منها " ثمّ تغيّب في منزله حتّى مات بعد أربعين يوماً . بعضهم يقول أنه مات موتة ربه أما البعض الآخر فيقولون بأن بني أمية سمموه وقتلوه لأنه كشف حقيقتهم للمسلمين .
حفيد معاوية أنقذ نفسه من شهوات روح الكلب ، فمات مؤمنا صالحا بخلاف ما حصل مع أبيه يزيد الذي سار وراء شهواته مثلما فعل أبيه فلم ينعم بملذات الخلافة إلا لمدة أربع سنوات فقط ومات شابا بعمر ٣٦ عام ، وكانت طريقة وفاته فظيعة حيث سقط من خيله وعلقت رجله برباط الخيل فراح الخيل يركض به ويجره على الأرض فذاق مرارة العذاب قبل أن يلفظ روحه فخسر حياة الدنيا وخسر حياة الآخرة.
معاوية قام بتأسيس الدولة الأموية وكانت بداية ظهور الاسلام السياسي القائم على المكر والخداع والتآمر وقتل أصحاب الحق ، فزرع الحقد والكراهية والإنتقام بين الفرق الاسلامية والذي أدى إلى متابعة هذا النظام السياسي في الدول التي أتت من بعد الدولة الأموية ، فأصبح معظم حكام هذه الدول على شاكلة معاوية بن ابي سفيان .أما الفتوحات الاسلامية التي حصلت في عهد معاوية فلم تكن بفضل معاوية ولكن بفضل المسلمين الذين جاهدوا في سبيل الله لنصر الاسلام وليس نصر معاوية ، فقبل استلام معاوية للحكم كانت الأمة الاسلامية قد انتصرت على أقوى أمبراطوريتين (الفارسية والرومانية) في العالم وأصبحت جميع المناطق المجاورة ضعيفة أمام جيوش الأمة الاسلامية التي أصبحت من أقوى جيوش العالم في ذلك الوقت ، لهذا لا يجوز لأي مسلم أن ينسب الفتوحات الاسلامية التي وصلت إلى الهند شرقا واسبانيا غربا إلى معاوية وبني أمية ، لأن معاوية كان يرغب في توسيع بلاده ليس لمصلحة الاسلام والمسلمين ولكن لمصلحته الشخصية ومصلحة بني أمية فقط ، فمعظم أموال الدولة كانت تذهب إلى رفع مكانة وقوة بني أمية لتحتفظ بالعرش إلى الأبد ، ولهذا كان جزائهم أنهم بعد ١٠٠ عام لم يبقى من نسلهم أحد ، أما نسل أهل البيت الذين معظمهم لم يشارك في مؤامرات الاسلام السياسي ولا في أي معركة فلا زال موجودا حتى الآن .
اليوم لو تمعنا في جيدا في كتب طائفة السنة سنجد أنها في الحقيقة لا تطبق سنة الله ورسله فقط ولكن فيها اختلاط كبير بين سنة الله ورسوله وسنة معاوية وبني أمية . وأتمنى من جميع القراء أن لا يسيؤوا فهم ما أكتبه في مقالاتي فما أكتبه ليس هدفه تشييع السنة ، ولكن إظهار الحق فالشيعة أيضا رغم بغضهم الكبير لمعاوية وبني أمية ولكن للأسف فكثير من مساوئ سلوك معاوية قد دخلت فيهم دون أن يعلموا أنها من معاوية زعيم أتباع روح الكلب . فمأساة الكربلاء التي ذبح فيها الحسين عليه السلام، هي مشابهه لحادثة صلب المسيح عند المسيحيين ، ولكن المسيحين اتخذوا حادثة صلب المسيح شعارا للمحبة والسلام ، أما الشيعة المتطرفين فأخذوها شعارا للانتقام والكراهية (يا لثارات الحسين) فأصبح كل مسلم سني بالنسبة لهم شريك مع قتلة الحسين عليه السلام ويحل لهم قتله . وبدلا من أن تكون مآساة الكربلاء حادثة تطهر نفوس المسلمين لتجمع الطوائف الاسلامية وتوحدها ، تحولت إلى حادثة تساهم في تمزيقها. وكما يقول أحد علماء الشيعة عن مأساة الكربلاء " ضاع أهل البيت بين اللطم واللؤم " .
المسلم يجب أن يفرق بين الاسلام السياسي الذي يمزق الأمة الاسلامية والاسلام الديني الذي يوحد الأمة الاسلامية ، اليوم هناك الكثير من علماء السنة والشيعة يحاربون الاسلام السياسي ولكن للأسف المسؤولون الكبار الذين يسيطرون على المساجد وكليات الشريع لا يسمحون لهم بأن تُسمع أصواتهم . المشكلة ليست في المذاهب ولكن المشكلة في أولئك الذين شوهوا هذه المذاهب لتظهر وكأنها تنتمي إلى عائلة الأخوة الأعداء . قبل أن نقوم بنقد مساوئ المذاهب الأخرى يجب علينا أن نقوم بنقد ذاتي يطهرنا من أخطاء مذهبنا لنستطيع أن نرى بعين بصيرة لما يحدث في المذاهب الأخرى لكي لا نتهمهم بشيء ظلما . يقول الله عز وجل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣ آل عمران) ، الله عز وجل في هذه الآية يذكر (الحبل) ليتبع المسلمين مبدأ صناعة الحبل ، الحبل الذي يلف على البكرة ليرفع الشيء الثقيل عن الأرض له قانون خاص به ، فالحبل المتين هو الحبل الذي يتألف من عدة حبال متحدة مع بعضها البعض ، فإذا ما انقطع حبل من هذه الحبال ساعدته الحبال الأخرى في التحمل ريثما يجتاز مكان البكرة فيكتسب الحبل المقطوع قوته ثانية ليساهم بدوره في رفع الثقل ، أما الحبل الضعيف فهو الحبل الذي يتألف من حبل واحد ، فإذا قُطع سقط الثقل المرفوع على الأرض . هكذا الأمر تماما في المذاهب فكل مذهب في الاسلام له زاوية نظر مختلفة لنفس الموضوع هذا الاختلاف ليس تناقض ولكن رؤية من زاوية أخرى ، لهذا فإن توحيد هذه الزوايا سيعمل بطريقة مشابهة لذلك الحبل المتين الذي يتألف من عدة حبال ، الحضارة الاسلامية ظهرت وازدهرت عندما كانت المذاهب تعمل كحبل واحد يتألف من عدة حبال ، أما انحطاط الحضارة الاسلامية فبدأ عندما أصبح كل مذهب يعمل كحبل لوحده مثلما يحدث اليوم .
جميع المذاهب فيها الصح وفيها الخطأ ، وتصحيح الأخطاء يحتاج إلى زوايا نظر أخرى موجودة في بقية المذاهب لتساعده في إكتشافها ، لهذا يجب على العلماء من جميع المذاهب أن يضعوا مكارم الأخلاق فوق كل شيء ليستطيعوا التعاون مع بعضهم البعض في تصحيح الأخطاء ، عندها فقط سيدخل نور الله في نفوس المسلمين.
. ز . سانا
ما أقصده من هذا المثال أن أتباع روح السوء إندسوا في السنة والشيعة ليشوهوا تاريخ الاسلام الديني ويمنعوا من توحيد المسلمين ، فكل عالم اليوم يريد أن يبحث عن حقيقة ما حصل في فترة ظهور الاسلام وتاريخ الأمة الاسلامية سيجد الكثير من التناقضات في نص الروايات بحيث تجعل السني الذي يبحث في كتب السنة فقط يظن أن مذهبه هو فقط الاسلام الصحيح ، والشيعي الذي يبحث في كتب الشيعة فقط يظن أن مذهبه هو فقط الاسلام الصحيح ، أما الباحث عن الحقيقة الذي يبحث في كتب الطرفين فتجعله يقع في حيرة بمصداقية حقيقة الروايات المذكورة في هذه الكتب ، الباحث هنا يقع في مشكلة لماذا سيصدق الرواية بالشكل الذي يذكرها الطرف الأول ويكذب الطرف الأخر ؟ لا يوجد أي ثوابت علمية يمكنه الاستناد عليها لتقييم صحة كل رواية لأنها روايات كتبتها يد إنسان ، وكل إنسان يمكن له أن يكتب ما يشاء هو . والمشكلة الأخرى أنه هناك عشرات الآلاف من الصفحات التي يجب أن يقرأها ليأخذ صورة شاملة عن الموضوع ، وجميعها للأسف متناقضة مع بعضها البعض . في كتب السنة مثلا نجد أن عدد الروايات التي تذكر أصحاب علي عليه السلام قليلة جدا وكأنها لا وجود لها في كتبهم بينما نجد أن روايات أصحاب معاوية عديدة جدا ، فكيف سيعلم المسلم السني عن حقيقة ما حصل في الفتنة الكبرى في عهد علي عليه السلام ومعاوية . الشيخ الشيعي الدكتور أحمد الوائلي يذكر أنه عندما زار جامعة الأزهر أستغرب فمكتبة هذه الجامعة والتي تعتبر من أكبر المكتبات الإسلامية في العالم لا يوجد فيها كتاب واحد من الكتب المعتبرة عند الشيعة ، فإن صح ذلك ، كيف للباحث السني أن يصل إلى الحقيقة إذا لم يقرأ رأي الطرف الآخر . وحتى أوضح مدى خطورة الأمر أنني عندما كنت في مرحلة الثانوية كل الذي كنت أعرفه عن الشيعة بأنهم يعتقدون أن الملاك جبريل عليه السلام أخطأ عندما نزل فبدلا من أن يذهب إلى علي عليه السلام ذهب إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، هكذا يعتقد معظم مسلمي السنة العامة عن الشيعة ، بينما هذه الفكرة عند معظم الشيعة لا وجود لها ولكن مسلمي السنة للأسف يروجون لها ليسخروا من الشيعة .
اليوم مثلا نجد في الأنترنت برنامج ديني يحمل عنوان " الأزهر ضد التشيع" هذا العنوان نفسه يحمل في داخله معلومة تؤكد مدى إنحطاط مستوى إدراك علماء الأزهر لمكارم الأخلاق في الاسلام ، فهذا العنوان مصدره الإسلام السياسي وليس الاسلام الديني ، الله عز وجل يقول (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣ آل عمران) ، فكلمة (ضد) في هذا العنوان بحد ذاتها هي من روح السوء لأنها تعني شن الحرب الفكرية ضد الشيعة لتفرق بين المسلمين ، فكأنها تتهم جميع أتباع مذهب الشيعة بأكمله بالضلال . هذا السلوك مخالف لقول الله عز وجل (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ١٢٥ النحل) . جامعة الأزهر اليوم تُعتبر من أرقى الجامعات الإسلامية في العالم وهي تقود الطائفة الكبرى التي نسبتها ٧٥% من الأمة الأسلامية ، فعندما يسمح مسؤولي جامعة الأزهر بعرض برنامج مثل هذا النوع وبهذا العنوان هذا يعني أن روح السوء هي التي تقود علماء الأزهر ، فهناك الكثير من علماء الشيعة يحاربون الاسلام السياسي الذي سبب التعصب الشيعي .
إن الكتب الصحاح الستة التي تعتمد عليها السنة وأيضا الكتب الصحاح الأربعة التي تعتمد عليها الشيعة تم فيها دس الكثير من الأحاديث غير الصحيحة والروايات الكاذبة لتجعل كل طرف يعتقد أنه هو على حق وأن الطرف الآخر على باطل . والمشكلة أن تلك الأحاديث والروايات الباطلة هي التي تسيطر على كلا الطرفين منذ أكثر من ثمانمائة عام وحتى الآن ، مما جعل مسلمي العامة في السنة والشيعة يؤمنون بهذه الأكاذيب وكأنها حقائق إلهية لا يمكن الشك بها ، والمشكلة الأكثر خطورة أنه بسبب إنخفاض مستوى علوم شيوخ المساجد وأساتذة كليات الشريعة جعلهم ينساقون مع هذا الوضع فبدلا من التركيز على تعليم الناس مكارم الأخلاق التي فرضها الله على نبيه وعلى المؤمنين عملوا على تنمية التعصب المذهبي والحقد على المذاهب الأخرى .
لهذا أعيد وأكرر أنني في أبحاثي لا أعتمد على ما كتبته أيدي البشر ولكن أعتمد فقط على تلك الحقائق الإلهية التي وضعها الله لنا كرموز في آيات قرآنه الكريم وأيضا في الأحداث التاريخية التي لا يستطيع أحد أنه ينكر وجودها . فكما يقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩ النساء) . بعض من هذه الحقائق ذكرتها في المقالات الماضية وأتابع ذكر بعضها الآخر في هذه المقالة .
في المقالة الماضية ذكرنا أن معاوية بن أبي سفيان هو زعيم أتباع روح الكلب في الأمة الاسلامية ، ربما الكثير من مسلمي طائفة السنة لم يتقبلوا هذه الفكرة وهذا شيء طبيعي لأن معظم كتب السنة تعارض هذا الرأي ، فمعاوية كما تذكر كتب السنة هو من الصحابة وجميع الصحابة عندهم هم من المؤمنين ، ومعاوية عندهم أيضا من كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحسب زعمهم أنه من الخلفاء الذين في عهده شهدت الفتوحات الاسلامية انتصارات كثيرة ، وهناك أشياء أخرى عديدة ينسبوها له وكأن جميع هذه الأشياء عن معاوية هي دلائل تؤكد لهم على أن معاوية كأن مؤمنا ويستحق إضافة عبارة (رضي الله عنه) خلف أسمه . أما إذا ذهبنا وبحثنا في كتب طائفة الشيعة سنجد أن الأمر مختلف تماما فالمعلومات المذكورة هناك تصف معاوية وكأنه من أتباع إبليس . لهذا فحقيقة شخصية معاوية هي من أحد أهم أسباب المشاكل التي تمنع من التقارب بين السنة والشيعة ، فالشيعي سيرفض رفضا قاطعا الإعتقاد بأن معاوية هو أمير المؤمنين وأنه أحد الصحابة المؤمنين كم يعتقده السنة ، فهو حسب إعتقادهم كان من ألد أعداء علي عليه السلام وأهل البيت وكما يقول الحديث الشريف عن علي عليه السلام " اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه " وهو ايضا من الفئة الباغية التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه " تقتله الفئة الباغية" ، لهذا فمن الطبيعي أن يرفض الشيعي أي تعاون مع الفئة التي تناصر معاوية .
في المقالات الماضية في معظم فقراتها تم التركيز على رمز روح الكلب التي وضعها الله عز وجل في الكتب المقدسة للديانات السماوية لتبين لنا دور هذه الروح في عملية عرقلة التطور الروحي للإنسانية . القرآن الكريم يذكر رمز روح الكلب ويوضح لنا دورها ، يقول الله عز وجل في قرآنه الكريم (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا .٢٢ الكهف) ، العلماء المسلمين فسروا هذه الآية بمعناها السطحي وأن المقصود بها هم أصحاب الكهف فقط الذين ناموا مدة ٣٠٠ عام ، ولكن الحقيقة هي أن هذه الآية تتكلم عن مراحل التطور الروحي للإنسانية منذ خروجها من الجنة وحتى نزول آخر ديانة سماوية والتي هي آخر مراحل التطور الروحي ولهذا كان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين .
هذه الآية موجودة في سورة تحمل عنوان (الكهف) هذه الكلمة هي رمز للكون بأكمله فالكون هو الكهف الذي سيتم فيه خلق الإنسان من جديد ليصحح تكوينه الجسدي والروحي الذي تم تشويهه بسبب الخطيئة التي أرتكبت في الجنة . المقصود بالعبارة الأولى (ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) هم آدم وحواء وهابيل ، أما كلبهم هنا فهو رمز لقايين (قابيل) الإبن الثاني الذي دخلت في تكوينه غريزة القتل التي أتت من روح الشيطان ودفعت قايين إلى قتل أخيه هابيل . العبارة الأولى تمثل بداية الكون وبداية التكوين المادي .
أما العبارة الثانية (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) فهي تمثل بداية ظهور الديانات لتعبر عن بداية التطور الروحي، والمقصود بالخمسة ، هم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف عليهم الصلاة والسلام، إبراهيم هو رمز آدم فاسم إبراهيم يعني (أبو الشعوب) ، لذلك أمر الله إبراهيم أن يذبح ابنه لتكون هذه الحادثة لها معنى أن تكوين الإنسانية الروحي يحوي على روح الكلب ، ولهذا نجد هذه الروح تظهر في أخوة يوسف عندما أرادوا قتله ليتخلصوا منه ولكن وجود روح الخير فيهم هي التي منعتهم من القيام بهذه الجريمة وبدلا من أن يقتلوه ألقوه في الجب لتأخذه سيارة التجار ليبيعوه في مصر كعبد .
العبارة الثالثة (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) المقصود بها هم محمد صلى الله عليه وسلم وعلي عليه السلام وأبو بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم والحسن والحسين عليهما السلام ، الذين نشروا الدين الإسلامي الذي وضع الله فيه آخر جزء من التطور الروحي ، أما كلبهم فهو معاوية بن أبي سفيان الذي حاول عرقلة ولاية علي عليه السلام ليمنع ظهور هذا الدين على شكله الحقيقي فظهر في عهد معاوية الاسلام السياسي ، ولهذا أن نجد ابنه يزيد يقوم بنفس جريمة قايين (قابيل) حيث أمر يزيد بقتل الحسين عليه السلام فقتلوه . علي وفاطمة عليهما السلام ، هما رمز آدم وحواء المطهرين من الخطيئة ، ابنهما الحسن هو رمز هابيل الذي أتبع قانون الجنة (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨ المائدة) ، ولأن الحسن عليه السلام كان يعلم تماما بأن معاوية من أتباع روح الكلب وأن الصراع معه الذي يتكون من أكثر ١٥٠ ألف مقاتل سيؤدي إلى سفك دماء عشرات الآلاف من المسلمين الأبرياء المخدوعين بحقيقة معاوية ونواياه ، لهذا تخلى الحسن عن الخلافة ليحافظ على الاسلام الديني ، فعقد معه إتفاقية صلح بأن تكون الخلافة له بعد وفاة معاوية (او أن تكون الخلافة بالشورى كما يقول البعض الآخر) ولكن معاوية بعد أستلامه للخلافة أمر بتسميم الحسن للتخلص منه ، وولى الخلافة لأبنه يزيد .
أما الحسين عليه السلام فهو رمز قابيل الجديد المطهر من روح السوء ، لهذا عندما رأى الحسين عليه السلام حقيقة معاوية بأكملها وأن معاوية نكث عهده مع أخيه الحسن وأنه ولى الخلافة لابنه يزيد الذي كان هو أيضا من أتباع روح الكلب، خرج على يزيد ليمنعه من استلام الخلافة ، ولكن المسلمين الذين كانوا معه خذلوه وتخلوا عنه وتركوه هو وأصحابه يواجه جيش يزيد الذي أمر رجاله بقتل الحسين عليه السلام ، فحدثت جريمة الكربلاء التي تم فيها قطع رأس الحسين وإرساله إلى يزيد .
مسلمو العامة من السنة قبل الإنفتاح العلمي الذي حصل على الأمة الأمة الاسلامية كان معظمهم لا يعلم شيئا عن مذبحة الكربلاء لأن شيوخ السنة كانوا يخفونها عنهم لكي لا يعلم أي سني أن عند الشيعة بعض الحق في إعتقاداتهم ، ولكي يظهروا لهم أيضا أن معاوية وابنه يزيد هما من العباد الصالحين .
مذبحة الكربلاء التي تمثل رمز قتل قابيل لأخيه هابيل والتي لا يعلم مسلمي السنة ولا مسلمي الشيعة شيئا عن معناها الحقيق ، هي علامة إلهية تؤكد للمسلمين جميعا أن الأمة الاسلامية هي أمة مثل بقية الأمم وأن تكوينها هي أيضا يحوي على روح الكلب ، لهذا يجب على المسلمين أن يعلموا أنهم ليسوا أفضل من بقية الأمم فهم يحملون الجزء الأخير فقط من الحكمة الإلهية وأن بقية أجزاء هذه الحكمة الإلهية موجودة في بقية الأمم لأن الإنسانية بأكملها عند الله هي عائلة آدم وحواء ، وعلى جميع الأمم بعلومها ودياناتها أن تتعاون مع بعضها البعض ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ١٣ الحجرات) .
هناك دليل إلهي آخر في القرآن الكريم : الحكمة الإلهية وضعت الرقم ٤٧ ليكون ترتيب سورة (محمد) . هذا الرقم حتى الآن لم يأخذ أي أهمية في تفاسير العلماء المسلمين ، الرقم ٤٧ هو رمز روح الكلب ، فإذا حسبنا القيمة الرقمية لكلمة (كلب) في النظام الرقمي البسيط للغة العربية ، أي بجمع أرقام ترتيب أحرف هذه الكلمة سنجد أنها تعادل الرقم ٤٧ :
ك(٢٢)+ل(٢٣)+ب(٢)=٤٧
هذا الرقم هو الرقم المعاكس للقيمة الرقمية لكلمة (الله) :
ا(١)+(٢٣)+(٢٣)+(١)+(٢٦)=٧٤
معنى هذا التعاكس الرقمي هنا هو أن روح الكلب تتحدى الله عز وجل ، لهذا كان عنوان السورة هو كلمة (محمد) والتي ذكرنا في المقالات الماضية أن هذه الكلمة تتألف من مقطعين (محى - مد) وهي رمز الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي معا . بمعنى أن الله قد أختارهما لمواجهة هذه الروح الخبيثة . أتباع روح الكلب زعيمهم هو معاوية ، الرسول صلى الله عليه وسلم حاول أن يساعد معاوية لينتصر على تلك الروح الخبيثة التي تسيطر عليه ، علي عليه السلام أيضا في معركة صفين توقف عن قتاله ليعطيه فرصة ثانية ، الحسن عليه السلام أعطاه فرصة ثالثة لعله يُصلح نفسه ، ولكن ومع ذلك معاوية تخلى عن حياة الآخرة وفضل شهوات الحياة الدنيا له ولإبنه يزيد لهذا سلمه الخلافة قبل وفاته ليؤكد على نفسه أنه من أتباع روح الكلب .
اسم (يزيد) له نفس معنى المقطع (مد) من أسم (محمد) ، ولكن (مد) في اسم محمد له معنى يمد أو يزيد في تكوين روح الخير ، أما اسم ابن معاوية فله معنى يزيد في تكوين روح الكلب ، لهذا كان أسم ابيه (معاوية) يعني الكلبة العاوية ، وأسم أمه ميسون بنت بني كلب. فأبوه وأمه من عائلة روح كلاب .
سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم وسلوك علي وابنيه الحسن والحسين هو الذي فتح بصيرة ابن يزيد حفيد معاوية ، هذه البصيرة جعلته يرى بأم عينه ما كان يفعله جده معاوية وأبوه يزيد من فسق ونفاق ، لهذا عندما تولى الخلافة بعد وفاة أبيه صعد إلى المنبر وقال " إنّ هذه الخلافة حبل الله و أنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله و مَن هو أحقّ به منه عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام )، و ركب بكم ما تعلمون حتّى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ قلّد أبي الأمر وكان غير أهل له و نازع ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقصف عمره، و انبتر عقبه، و صار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ بكى و قال: مِنْ أعظم الاُمور علينا علمنا بسوء مصرعه و بؤس منقلبه، و قد قتل عترة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأباح الخمر و خرّب الكعبة، ولم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلّد مرارتها، فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدُّنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، و لئن كانت شرّاً فكفى ذرّية أبي سفيان ما أصابوا منها " ثمّ تغيّب في منزله حتّى مات بعد أربعين يوماً . بعضهم يقول أنه مات موتة ربه أما البعض الآخر فيقولون بأن بني أمية سمموه وقتلوه لأنه كشف حقيقتهم للمسلمين .
حفيد معاوية أنقذ نفسه من شهوات روح الكلب ، فمات مؤمنا صالحا بخلاف ما حصل مع أبيه يزيد الذي سار وراء شهواته مثلما فعل أبيه فلم ينعم بملذات الخلافة إلا لمدة أربع سنوات فقط ومات شابا بعمر ٣٦ عام ، وكانت طريقة وفاته فظيعة حيث سقط من خيله وعلقت رجله برباط الخيل فراح الخيل يركض به ويجره على الأرض فذاق مرارة العذاب قبل أن يلفظ روحه فخسر حياة الدنيا وخسر حياة الآخرة.
معاوية قام بتأسيس الدولة الأموية وكانت بداية ظهور الاسلام السياسي القائم على المكر والخداع والتآمر وقتل أصحاب الحق ، فزرع الحقد والكراهية والإنتقام بين الفرق الاسلامية والذي أدى إلى متابعة هذا النظام السياسي في الدول التي أتت من بعد الدولة الأموية ، فأصبح معظم حكام هذه الدول على شاكلة معاوية بن ابي سفيان .أما الفتوحات الاسلامية التي حصلت في عهد معاوية فلم تكن بفضل معاوية ولكن بفضل المسلمين الذين جاهدوا في سبيل الله لنصر الاسلام وليس نصر معاوية ، فقبل استلام معاوية للحكم كانت الأمة الاسلامية قد انتصرت على أقوى أمبراطوريتين (الفارسية والرومانية) في العالم وأصبحت جميع المناطق المجاورة ضعيفة أمام جيوش الأمة الاسلامية التي أصبحت من أقوى جيوش العالم في ذلك الوقت ، لهذا لا يجوز لأي مسلم أن ينسب الفتوحات الاسلامية التي وصلت إلى الهند شرقا واسبانيا غربا إلى معاوية وبني أمية ، لأن معاوية كان يرغب في توسيع بلاده ليس لمصلحة الاسلام والمسلمين ولكن لمصلحته الشخصية ومصلحة بني أمية فقط ، فمعظم أموال الدولة كانت تذهب إلى رفع مكانة وقوة بني أمية لتحتفظ بالعرش إلى الأبد ، ولهذا كان جزائهم أنهم بعد ١٠٠ عام لم يبقى من نسلهم أحد ، أما نسل أهل البيت الذين معظمهم لم يشارك في مؤامرات الاسلام السياسي ولا في أي معركة فلا زال موجودا حتى الآن .
اليوم لو تمعنا في جيدا في كتب طائفة السنة سنجد أنها في الحقيقة لا تطبق سنة الله ورسله فقط ولكن فيها اختلاط كبير بين سنة الله ورسوله وسنة معاوية وبني أمية . وأتمنى من جميع القراء أن لا يسيؤوا فهم ما أكتبه في مقالاتي فما أكتبه ليس هدفه تشييع السنة ، ولكن إظهار الحق فالشيعة أيضا رغم بغضهم الكبير لمعاوية وبني أمية ولكن للأسف فكثير من مساوئ سلوك معاوية قد دخلت فيهم دون أن يعلموا أنها من معاوية زعيم أتباع روح الكلب . فمأساة الكربلاء التي ذبح فيها الحسين عليه السلام، هي مشابهه لحادثة صلب المسيح عند المسيحيين ، ولكن المسيحين اتخذوا حادثة صلب المسيح شعارا للمحبة والسلام ، أما الشيعة المتطرفين فأخذوها شعارا للانتقام والكراهية (يا لثارات الحسين) فأصبح كل مسلم سني بالنسبة لهم شريك مع قتلة الحسين عليه السلام ويحل لهم قتله . وبدلا من أن تكون مآساة الكربلاء حادثة تطهر نفوس المسلمين لتجمع الطوائف الاسلامية وتوحدها ، تحولت إلى حادثة تساهم في تمزيقها. وكما يقول أحد علماء الشيعة عن مأساة الكربلاء " ضاع أهل البيت بين اللطم واللؤم " .
المسلم يجب أن يفرق بين الاسلام السياسي الذي يمزق الأمة الاسلامية والاسلام الديني الذي يوحد الأمة الاسلامية ، اليوم هناك الكثير من علماء السنة والشيعة يحاربون الاسلام السياسي ولكن للأسف المسؤولون الكبار الذين يسيطرون على المساجد وكليات الشريع لا يسمحون لهم بأن تُسمع أصواتهم . المشكلة ليست في المذاهب ولكن المشكلة في أولئك الذين شوهوا هذه المذاهب لتظهر وكأنها تنتمي إلى عائلة الأخوة الأعداء . قبل أن نقوم بنقد مساوئ المذاهب الأخرى يجب علينا أن نقوم بنقد ذاتي يطهرنا من أخطاء مذهبنا لنستطيع أن نرى بعين بصيرة لما يحدث في المذاهب الأخرى لكي لا نتهمهم بشيء ظلما . يقول الله عز وجل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣ آل عمران) ، الله عز وجل في هذه الآية يذكر (الحبل) ليتبع المسلمين مبدأ صناعة الحبل ، الحبل الذي يلف على البكرة ليرفع الشيء الثقيل عن الأرض له قانون خاص به ، فالحبل المتين هو الحبل الذي يتألف من عدة حبال متحدة مع بعضها البعض ، فإذا ما انقطع حبل من هذه الحبال ساعدته الحبال الأخرى في التحمل ريثما يجتاز مكان البكرة فيكتسب الحبل المقطوع قوته ثانية ليساهم بدوره في رفع الثقل ، أما الحبل الضعيف فهو الحبل الذي يتألف من حبل واحد ، فإذا قُطع سقط الثقل المرفوع على الأرض . هكذا الأمر تماما في المذاهب فكل مذهب في الاسلام له زاوية نظر مختلفة لنفس الموضوع هذا الاختلاف ليس تناقض ولكن رؤية من زاوية أخرى ، لهذا فإن توحيد هذه الزوايا سيعمل بطريقة مشابهة لذلك الحبل المتين الذي يتألف من عدة حبال ، الحضارة الاسلامية ظهرت وازدهرت عندما كانت المذاهب تعمل كحبل واحد يتألف من عدة حبال ، أما انحطاط الحضارة الاسلامية فبدأ عندما أصبح كل مذهب يعمل كحبل لوحده مثلما يحدث اليوم .
جميع المذاهب فيها الصح وفيها الخطأ ، وتصحيح الأخطاء يحتاج إلى زوايا نظر أخرى موجودة في بقية المذاهب لتساعده في إكتشافها ، لهذا يجب على العلماء من جميع المذاهب أن يضعوا مكارم الأخلاق فوق كل شيء ليستطيعوا التعاون مع بعضهم البعض في تصحيح الأخطاء ، عندها فقط سيدخل نور الله في نفوس المسلمين.
. ز . سانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق