الجمعة، 15 سبتمبر 2017

خواطر من الكون المجاور الخاطرة 148 : مجتمع إنساني أم مجتمع حيواني؟

خواطر من الكون المجاور
الخاطرة 148 : مجتمع إنساني أم مجتمع حيواني؟
منذ أكثر من 150 عام بدأت تظهر دراسات علمية تحاول إثبات عدم وجود الله ، في ذلك الوقت كانت آراء أولئك المفكرين محصورة في فئة معينة من الطبقة المثقفة ،فعادة تلك اﻹثباتات يقرأها ذلك الشخص الذي يبحث عنها ، سواء لانتقادها أو ﻷنه يريد أن يقنع نفسه أكثر بفكرة عدم وجود الله ، ولكن اﻷمور في السنوات اﻷخيرة وبسبب إزدياد عدد الملحدين بشكل كبير جدا وكذلك بسبب سهولة إنتقال الآراء واﻷفكار عبر وسائل التواصل اﻹجتماعي ،أصبحت تلك اﻷدلة التي تؤكد على فكرة عدم وجود الله تقع أمام كل متصفح في اﻹنترنت ، وعادة تكون مصاحبة لعبارة " شغل عقلك " فيدفعه الفضول إلى قراءة بعض تلك اﻹثباتات ، وﻷن بعضها تعتبر أدلة قوية ساهمت في إبتعاد الكثيرين عن الدين ، يجد الكثير من الناس يقعون بنوع من الحيرة ، فهم يؤمنون تماما بوجود الله ولكن أيضا يشعرون بأن اﻹثبات المذكور كذلك قوي ويمكن أن يضع المؤمن بحالة نوع من الشك ، فيحاول أن يبحث عن نقد مقنع لذلك اﻹثبات ، وفي الكثير من اﻷحيان لا يجد ما يجعله يطمئن ﻷنه وللأسف ، معظم مثقفي العصر الحديث سواء كانوا ملحدين أو مؤمنين بوجود الله ينظرون إلى اﻷمور برؤية مادية ، والشعور بوجود الله يحتاج إلى رؤية روحية ، وهذه الرؤية في عصرنا الحاضر وللأسف قد وصلت إلى مستوى منحط جدا.

في الكثير من مقالاتي ذكرت بعض تلك اﻷدلة التي يذكرها الملحدين وذكرت أيضا أين يكمن خطأ ذلك الدليل، وﻷن البعض يسألني بإستمرار عن أدلة أخرى وكيفية نقد وإثبات عدم صحته ، وكذلك بسبب كثرة تلك اﻷدلة التي ينشرها الملحدون في وسائل التواصل اﻹجتماعي والتي لا يوجد مجال لشرحها ونقدها ﻷنها تحتاج إلى صفحات عديدة ، سأحاول هنا فقط أن أشرح مفهوم مصطلح ( الله ) ليأخذ القارئ فكرة عامة تجعله يؤمن تماما بأن الله موجود وأنه يجب عليه التمسك بهذا اﻹيمان مهما كانت اﻷدلة التي يستخدمها الطرف اﻵخر قوية ، فكل دليل من تلك اﻷدلة يمكن إثبات عدم صحته إذا إستخدمنا الرؤية الشاملة في تفاصيل الموضوع.
إذا تمعنا جيدا في مفهوم كلمة (إله - الله) حسب كل ديانة سنرى أن جميعها تشترك على صفة واحدة وهي الخالق الذي خلق كل شيء ،ولكن بعد ذلك تبدأ ظهور الإختلافات بينهم في مفهوم هذه الكلمة حسب كل ديانة ، فمثلا في سفر التكوين في اﻹصحاح 18 نقرأ أن الله نزل على إبراهيم عليه الصلاة والسلام وتكلم معه وأنبأه عن ولادة إبنه إسحاق ،أما في القرآن في اﻵية 51 من سورة الحجر فنقرأ (ونبئهم عن ضيف إبراهيم ) ففي القرآن لا يقول عنه أنه الله ولكن ضيف إبراهيم، من هو ضيف إبراهيم ؟ للأسف لا يمكن اﻵن توضيح هذه الفكرة بسهولة بحيث يتقبلها الجميع والسبب أن كل ما نعرفه عن الدين تم تفسيره إعتمادا على منطق مادي سطحي لذلك بدلا من ان تصل جميع الديانات إلى مفهوم شامل للشيء من جميع زواياه كما وجب أن يحصل، نجدها قد إبتعدت عن بعضها أكثر فأكثر، لذلك كل ما نستطيع أن نقوله كبداية هو أن الله الذي خلق آدم وحواء وكل شيء هو خارج هذا الكون ﻷن طبيعة هذا الكون فقيرة وعاجزة عن إحتوائه داخله ،لذلك فإن مفهوم كلمة (الله) يأخذ معنى مختلف في كل جملة، فهي أحيانا تعبر عن الخالق الذي خلق كل شيء وأحيانا تعبر عن تلك القوة أو الروح العالمية الموجودة داخل الكون والتي مهمتها إعادة تركيب وتصحيح ذلك الخلل أو الخطأ الذي حدث في الجنة وأدى إلى طرد اﻹنسان من الجنة و دخوله إلى هذا السجن (الكون ) والذي بفضل هذه الروح العالمية حدث تطور الكون إلى أن وصل إلى شكله الحالي بكامل ما فيه من مادة جامدة وحية.لذلك حتى نستطيع فهم ما يحدث داخلنا وحولنا وفي كل مناطق هذا الكون لا بد أولا من فهم طبيعة هذه الروح العالمية.
أهم معلومة يجب أن يؤمن بها اﻹنسان هي أنه هناك قوتان كونيتان في هذا الكون ، اﻷولى هي روح البناء العالمية ( روح الخير) ، والثانية هي روح التدمير العالمية ( روح السوء) . والصراع الذي يحدث بينهما في الحقيقة لا يحدث بين الله والشيطان كما يعتقد معظم الناس، ﻷنه من المستحيل أن ينشأ صراع بين خالق ومخلوق، فالمخلوق هو كائن ذو طبيعة مختلفة تماما عن طبيعة الخالق ، لذلك هذه الفكرة مرفوضة نهائيا ومن جميع النواحي، فالصراع الذي يحصل داخل الكون هو بين مخلوق ومخلوق،أي بين روح الشيطان مع ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه الله في آدم والذي بعد ذلك إنقسم إلى قسمين وشكل روح آدم وروح حواء. فهذه الروح وهي متحدة تشكل روح الله داخل هذا الكون الشاسع والذي عندما بدأ في تشكله عن طريق ظاهرة اﻹنفجار الكبير كان عبارة عن نقطة سوداء حجمها أصغر بكثير من ثقب اﻹبرة.
المقصود من مصطلح (الله) كروح عالمية تكمن داخل هذا الكون، هو تلك القوى الكونية التي تقوم بعملية البناء عن طريق توحيد الجسيمات الصغيرة بشكل متناسق ومنسجم لتأخذ شكلا أرقى بحيث تستطيع هذه المركبات الجديدة اﻹتحاد ثانية مع بعضها البعض بشكل متناسق لتكوين أشكالا أرقى وأكثر تعقيدا بحيث يسمح لها اﻹتحاد مع بعضها البعض مرة ثالثة ثم رابعة ثم خامسة...و .و..وهكذا حتى يصل هذا الاتحاد إلى شكل فائق التركيب والتعقيد بحيث تصل الروح في النهاية إلى مستوى يعبر عن معناها الحقيقي الذي بدأت به وهي تكوين روح خالقة ،أي ولادة اﻹنسان. ...فاﻹنسان هو في الحقيقة كائن مختلف كل اﻹختلاف عن الكائنات الحية اﻷخرى ﻷنه ليس مخلوق فقط ولكنه خالق أيضا فهو الكائن الوحيد الذي يحوي في روحه جزء من روح الله، هذه الروح هي التي خلقت العلوم والحضارات وجعلت من اﻹنسان كائن لا يمكن مقارنته بأي كائن آخر لوجود إختلاف كامل بطبيعة وماهية الروح بينهما، لذلك مع ولادة اﻹنسان ككائن حي (اﻹنسان الكروماني) قبل بضع آلاف السنين نجده يحول الحجارة ذات الشكل العشوائي إلى شكل أشياء ( تماثيل ) مشابهة لتلك اﻷشياء الحية مثل شكل إمرأة أو حصان أو بطة أو فيل.....فظهور هذا النوع من السلوك وﻷول مرة على سطح اﻷرض لم يكن صدفة ولكن كان تعبير روحي يدل على ظهور ذلك الجزء من روح الله في داخل هذا الكائن الحي الذي يدعى إنسان.
أما مفهوم معنى مصطلح ( الشيطان) فهو تلك القوة العالمية التي تحاول عرقلة المخطط اﻹلهي في توحيد وتطور اﻷشياء وذلك عن طريق توحيد اﻷشياء بشكل عشوائي بحيث تجعلها لا تستطيع الاتحاد مع أي شيء آخر بسبب التناقض الكبير فيما بينها، وحسب القانون العام للكون فإن أي شيء لا يتجدد يموت لذلك تبدأ العملية العكسية في التطور لتلك المركبات التي لا تستطيع اﻹتحاد مع غيرها فتبدأ باﻹنقسام إلى عدة أقسام عشوائية وهذه اﻷقسام وبسبب عشوائيتها هي اﻷخرى لا تستطيع اﻹتحاد مع غيرها فتنقسم هي الأخرى وهكذا إلى أن تصل إلى مستوى حيث الروح فيه تفقد كل ماديتها ثم تموت هي اﻷخرى. لذلك عندما أذكر في مقالاتي كلمة (شيطان) أو روح السوء العالمية وكذلك كلمة (الله) أو روح الخير العالمية أو المخطط اﻹلهي ، يجب أن لاينظر إليها القارئ كما ينظر إليها علماء الغرب وكأنها مصطلحات دينية خرافية من القرون الوسطى ولكن على انها مصطلحات فلسفية ذات معاني غنية جدا.
إن جهة تطور اﻹنسانية أيضا يتوقف على هاتين القوتين العالميتين ( الخير والسوء ) ، ويمكن تشبيههما بطبيعة نمو الشجرة ، فكما هو معروف الشجرة لها قوتين تتحكمان في نموها ، اﻷولى موجودة في قمة القسم الخضري والثانية في قمة القسم الجذري. قوى الخير العالمية تكمن في قمة القسم الخضري والذي يجعل الشجرة تنمو إلى اﻷعلى باحثة عن الضوء ، أما قوى السوء العالمية فهي تمثل قمة القسم الجذري والذي يجعل الشجرة تنمو نحو اﻷسفل داخل التربة باحثة عن الظلام.
منذ ولادة اﻹنسانية كان فكر الكبار ( أي كبار العلماء وكبار الفنانين وكبار رجال الدين وكبار السياسيين ) ينتمي إلى قمة الجزء الخضري في شجرة اﻹنسانية ، ورغم أن الحضارات مع مرور الزمن كانت تدخل في مرحلة اﻹنحطاط ولكن مع ذلك كانت شجرة اﻹنسانية تتابع نموها نحو اﻷعلى بسبب إنتقال السيطرة على النمو من شعب إلى شعب آخر لتولد به حضارة جديدة تزيد في تكامل الحضارات السابقة ، والسبب هو أن اﻹنسانية تعمل دوما كوحدة متكاملة لذلك نجد ولادة حضارات متنوعة في مناطق مختلفة عبر تاريخ اﻹنسانية. أما اليوم فنجد وﻷول مرة في تاريخ البشرية ، دخول حضارة عصر النهضة في مرحلة اﻹنحطاط دون أن تظهر حضارة جديدة في إي منطقة أخرى ، حيث نجد وﻷول مرة في تاريخ البشرية أن فكر الكبار ( العلماء والفنانين والسياسيين ورجال الدين وأصحاب رؤوس اﻷموال) ينتمي إلى قمة القسم الجذري في شجرة اﻹنسانية ليجعل نموها يسير نحو اﻷسفل نحو الظلام ليجعل من الكرة اﻷرضية كرة مظلمة خالية من نور الله.
مشكلة اﻹنسانية في العصر الحاضر هي أن المنهج العلمي الحديث فرض على اﻹنسان نموذج محدد يجب أن يتبعه شاء أم أبى ، وهذا النموذج نفسه يدفع اﻹنسان دون أن يدري إلى اﻹنضمام إلى قوى السوء العالمية ليزيد من سرعة إنهيار النظام العالمي الذي حاولت اﻹنسانية تأسيسه عبر آلاف السنين.
لتوضيح هذه الفكرة سنعطي مثالا بسيطا على ذلك : مشكلة اﻹغتصاب تعتبر من المشاكل التي تعاني منها الكثير من النساء في مختلف بلدان العالم ، وهناك مئات اﻷفلام السينمائية التي تطرقت لهذه المشكلة ولكن نجد أن هذه اﻷفلام بدلا من أن تساهم في حل مشكلة اﻹغتصاب نراها قد ساعدت على تقويتها، والسبب هو أن كاتب قصة الفيلم نظر إلى المشكلة بعين المغتصب وليس بعين الضحية ، والشيء نفسه أيضا تم إخراج الفيلم و التمثيل والموسيقى التصويرية والديكور ، فنجد أن المخرج بدلا من أن يختار ممثلة لها ملامح تعبر عن ملامح إمرأة ستصبح يوما ما أم مليئة بالعواطف الدافئة من حنان وطيبة وبراءة تجعل من المشاهد ( الرجل ) يشعر نحوها بشيء من الرأفة والعطف واﻷحترام ، نجده يختار إمرأة مثيرة أشبه بالغانية، وفي مقطع اﻹغتصاب نجده يعرض مفاتنها بطريقة مثيرة جنسيا تجعل المشاهد( الرجل ) ينسى عذاب المرأة المغتصبة ويتذكر فقط تلك المتعة الجنسية التي عاشها المغتصب في تلك اللحظات ، لذلك نجد أن عدد المغتصبين بدلا من أن يقل مع إزدياد عدد هذه اﻷفلام نرى إزدياد حالات الإغتصاب يوما بعد يوم.
ما يحصل في أفلام اﻹغتصاب ،يحصل في جميع الأفلام والمسلسلات واﻷغاني والبرامج التلفزيونية ،وكذلك في نشرات اﻷخبار في التلفزيون والصحف ، وكذلك طريقة كتابة المعلومات في كتب المدارس ، حتى علماء العلوم المادية هم أنفسهم أيضا اليوم ينظرون إلى المادة بعين شيطان ، وهناك قسيسين يلقون موعظة صلاة يوم اﻷحد في الكنائس بعين شيطان ، هناك شيوخ يلقون خطبة صلاة الجمعة في المساجد بعين شيطان.
للأسف كبار اليوم معظمهم ينظرون حولهم بعين شيطان بعضهم يعلمون تماما ما يفعلون والبعض اﻵخر يظنون أنهم يساهمون في حل المشاكل التي تعاني منها اﻹنسانية ولكن بدلا من حلها نجد أنه قد حدث العكس مثلما يحدث تماما في أفلام اﻹغتصاب . لذلك من الطبيعي أن يسير كل شيء من السيء إلى اﻷسوأ.
ليس من الصدفة أن أنشتاين الذي يعتبر أذكى رجل في العصر الحديث هو من حرض الرئيس اﻷمريكي روزفلت على صناعة القنبلة الذرية، والتي راح ضحيتها مئات اﻵلاف من اﻷبرياء في هيروشيما وناكزاكي. وليس من الصدفة أن أنشتاين نفسه الذي في بداية حياته كان يتكلم عن الله في آراءه العلمية ، تحول في آخر حياته إلى إنسان يسخر من قصص اﻷنبياء المذكورة في الكتب المقدسة. حيث ذكر في رسالته لصديقه الفيلسوف اليهودي إريك جوتكيند " كلمة الله هي بالنسبة لي ليس أكثر من تعبير ومنتج للضعف البشري. الكتاب المقدس عبارة عن مجموعة من اﻷساطير البلهاء والتي لا تزال بدائية ومع ذلك فهي جميلة وصبيانية" ، تصوروا أن أذكى رجل في العصر الحديث والذي على نظرياته وآرائه يتم تفسير الظواهر الكونية، لم يفهم بأن قصص اﻷنبياء ليست إلا قصصا رمزية تفسر لنا تطور الروح سواء في الكون أو على سطح اﻷرض ، ولم يفهم أيضا أن اﻷساطير هي رمزية أيضا لها دور في مساعدة قصص الكتب المقدسة ليستطيع اﻹنسان من خلالها أن يفهم سبب وجوده والهدف الحقيقي من هذا الوجود .
واليوم نسمع في اﻷخبار العالمية أن وكالة اﻷنباء الرسمية في كوريا الشمالية هددت باستخدام اﻷسلحة النووية لإغراق اليابان وتحويل الولايات المتحدة اﻷمريكية إلى رماد وظلام لدعمهما قرار وعقوبات لمجلس اﻷمن التابع للأمم المتحدة ضد رئيس بلاد كوريا الشمالية بيونغ يانغ بسبب أحداث تجاربها النووية. هكذا وبكل بساطة يستطيع كل شخص يملك قوة معينة أن يهدد بفناء شعب كامل أو دولة كاملة وكأن هذه الدولة هي فقط عبارة عن مادة وليست أرواح بشر ،منهم الأطفال الذين ليس لهم أي ذنب بما يفعله كبارهم .
اليوم أيضا وبهذه العين - عين الشيطان - يحاولون أيضا حل مشاكل العالم، وبدلا من حلها نجد اﻷمور تزداد سوء ،آخر اﻹحصائيات تذكر أن شعوب الدول الغربية (المتقدمة علميا ) والتي تمثل 20 % من سكان العام تستهلك 80% من خيرات الكرة اﻷرضية ، وبقية شعوب العالم الذين يمثلون 80% يستهلكون فقط 20% من هذه الخيرات.لذلك كانت نسبة الوفيات واﻷمراض فيها عالية جدا. اﻹنسان الغربي ينفق على كلبه ما يكفي ﻹطعام عائلة كاملة من عائلات أفريقيا. الجوع كافر كما يقولون ،وعندما يسيطر الجوع والفقر وسوء الحالة الصحية عندها تموت العاطفة داخل اﻹنسان ومعها تموت القيم السامية وتظهر بدلا منها غريزة البقاء ، وعندما تسيطر هذه الغريزة الحيوانية على اﻹنسان يخسر اﻹنسان إنسانيته ويتحول إلى إنسان وحش ، معظم الدول التي تعاني من مشاكل إنسانية وتخلف، زعمائها درسوا في دول غربية ، ومعظم قادة المنظمات اﻹسلامية اﻹرهابية عاشوا ودرسوا في دول غربية. شعوب الدول الغربية هي أكثر الشعوب التي تعاني من العمى الروحي و هي نفسها سبب تخلف أكثر من50 % من شعوب العالم لتضمن لنفسها تحقيق مصالحها. هذه هي النتائج الحقيقية لهذا المنهج العلمي المادي الذي تسير عليه عقول علماء الغرب.
ما يحصل في دول العالم من فساد ودمار وانهيار أخلاقي وإقتصادي وحروب أهلية سببه المنهج العلمي الحديث، فجميع الكتب التي تدرس اليوم في جميع مدارس وجامعات العالم حتى الكتب الدينية كما تم كتابتها من علماء الدين اليوم ، هي كتب خالية من نور الله لذلك من الطبيعي أن تسير المجتمعات بإستمرار من السيء إلى اﻷسوأ.
روح اﻷديب الروسي فيودور ديستوفسكي قبل أكثر من 150 عام ، شعرت بذلك الهجوم العنيف الذي بدأ يحدث من جميع الجهات ضد " روح الله " فذهب وكرس كل ما يملك من معارف فلسفية ودينية ونفسية وبراعة في الصياغة اﻷدبية ليكتب روايته الخالدة " اﻷخوة كارامزوف " لتكون جرس إنذار يدق بأعلى صوته ليستيقظ المثقفون ليروا حقيقة ما يحدث ، حيث ذكر فيها عبارته الفلسفية الشهيرة " إن لم يكن الله موجود فإن كل القيم واﻷخلاقيات تسقط عن نفسها ويصبح كل شيء مباح من أصغر الذنوب إلى أبشع الجرائم ". ورغم أن الكثير من المثقفين فهموا قصده في ذلك الوقت ولكن للأسف بفضل التقدم الذي حصل على صعيد العلوم المادية الذي حقق الكثير من اﻹختراعات المفيدة للحياة اﻹجتماعية ، دخل المنهج العلمي المادي إلى جميع المدارس فتحول اﻹنسان المعاصر إلى إنسان متقدم جدا في العلوم المادية ولكنه منحط أخلاقيا وأعمى روحيا.
الله موجود وشعورنا بوجوده يجب أن يزداد قوة ويجب أن يظهر في كل إنسان ، فشعورنا بوجود الله هو الذي يجعلنا كائنات حية تختلف عن جميع الكائنات الحية اﻷخرى ، شعورنا هذا هو الذي دفعنا عبر التاريخ إلى تكوين مجتمعات إنسانية تتبع قوانين عادلة وسامية تلائم تكويننا الروحي أكثر فأكثر ، فمهما كانت اﻷدلة التي ينشرها الملحدين ، فإن النتيجة هي أكبر إثبات علمي ، والنتيجة في عصرنا الحاضر الذي كباره هجروا اﻹيمان بوجود الله بسبب العمى الروحي في المنهج العلمي الحديث ، أن تسطر كتب التاريخ هذه العبارة التي يؤمن الجميع بصحتها ولا يستطيع أحد إنكارها ( لم يعرف التاريخ وحشية أكثر من وحشية إنسان القرن العشرين ).
ز. سانا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق