الاثنين، 22 أبريل 2019

خواطر من الكون المجاور الخاطرة ٢١٤ : ابن رشد الفيلسوف المظلوم الجزء ١٥

خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٢١٤ : ابن رشد الفيلسوف المظلوم الجزء ١٥
في المقالة الماضية تكلمنا عن القانون الإلهي (الإثنا عشرية) ، وذكرنا أن يوسف عليه السلام صاحب رقم (١٢) يحوي في داخله رمز أخيه بنيامين صاحب الرقم (١٣) . وأن رمز الرقم (١٣) يمثل روح السوء العالمية (روح الكلب) ، وأن يوسف أخذ هذه الروح وحولها إلى روح خيرة مهمتها مواجهة روح السوء لتساعد روح الخير العالمية في التخلص من شوائب الخطيئة التي إرتكبها الإنسان في الجنة والتي سببت بطرده منها . واليوم سنتابع توضيح هذه الفكرة ليتم فهمها بشكل أفضل .

الحكمة الإلهية وضعت حولنا رموز عديدة تساعدنا في فهم الفرق بين طبيعة النوعين بين قوى الخير العالمية وقوى السوء العالمية . فكل تطور يحدث، نتائجه تتوقف على الصراع بين روح الخير وروح الشر ، تطور الحياة مثلا بشكل عام على سطح الأرض أدى إلى ظهور مملكتين من الكائنات الحية : المملكة الأولى هي كائنات نباتية ، والمملكة الثانية كائنات حيوانية . الكائنات النباتية تمثل قوى الخير العالمية فهي أصل الحياة وبدونها لا تستطيع الكائنات الحيوانية أن تعيش على سطح الأرض ، فالنباتات هي مصدر الطاقة بالنسبة للكائنات الحيوانية ، فالنباتات تمتص الطاقة الشمسية وبواسطة التركيب الضوئي تقوم بتصنيع مادتها الحية عن طريق تحويل العناصر البسيطة الموجودة في التربة والهواء إلى مادة عضوية ، ولهذا فالنباتات تعتبر أحياء ذاتية التغذية ، بينما الكائنات الحيوانية تعتبر غير ذاتية التغذية لأنها تحصل على الطاقة من خلال تغذيتها على كائنات حية اخرى ، فالحيوانات العاشبة تتغذى على النباتات لتحصل منها على الطاقة اللازمة لبناء جسمها وأستمرارها في الحياة ، والحيوانات اللاحمة تتغذى على الحيوانات العاشبة لتحصل منها على الطاقة . هذا الفرق بين سلوك النبات وسلوك الحيوان هو حكمة إلهية لها معنى رمزي أن النباتات هي كائنات سلام لأنها لا تقتل كائنات حية أخرى حتى تعيش ، أما الحيوانات فجميعها تقتل كائنات حية نباتية أو حيوانية لكي تعيش ، القرآن الكريم أشار إلى هذا المعنى الرمزي للكائنات النباتية في سلوك هابيل اول أبناء آدم في الآية (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ٢٨ المائدة) ، صفة السلام هي صفة إنسان الجنة ، لهذا وُضعت هذه الآية بعد أيات قليلة من ذكر الآية (.... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ....) والتي نزلت في آخر أيام حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليعلم المسلمين أن الهدف الحقيقي من تعاليم الإسلام هو الوصول إلى إنسان السلام . لهذا نجد أن معظم الأنبياء كانت أيديهم بريئة من دم أي إنسان ، لأن تكوينهم الروحي أصله نباتي.
الحكمة الإلهية ذكرت هذه الفكرة في عدة رموز في الكتب المقدسة فأسم النبي يوسف مصدره نباتي وهو ثمرة اليوسفي ، وفي سفر التكوين في الإصحاح ٤٩ الأية ٢٢ تذكر ايضا "يُوسُفُ، غُصْنُ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ، غُصْنُ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ عَلَى عَيْنٍ. أَغْصَانٌ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَوْقَ حَائِطٍ " . والقرآن الكريم أيضاً يقول عن مريم أم عيسى عليه الصلاة والسلام قبل ولادته (... وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ... ٣٧ آل عمران) ولهذا نجد أن عيسى عليه السلام كان يرفض إستخدام العنف والسلاح بأي شكل من الأشكال ليعبر عن تكوينه الروحي الذي أتى من أمه فقط ولم يكن لأي رجل دور في هذه الولادة ، ونجد أيضا أن أسم مريم وأسم عيسى لهما نفس القيمة الرقمية (٨٦) في نظام اللغة العربية البسيط.
أيضا الرسول صلى الله عليه وسلم يحمل هذه الصفة فأمه آمنة كانت من بني زهرة ، فأسم زهرة ليس صدفة ولكن هو رمز الروح النباتية في التكوين الروحي للرسول ليعلم علماء المسلمين أن دين الإسلام هو دين السلام أولا ، فالرسول طوال حياته لم يقتل وكانت يداه بريئة من دم أي إنسان . ولكن الحياة خارج الجنة لا تتحكم بها فقط روح الخير العالمية فهناك روح السوء العالمية التي تحاول منعها في القيام بدورها ، لذلك وجب وجود قوة تستخدم نفس سلاحها لتقف في مواجهتها ، ولهذا حرم الله على المسيحيين إستخدام هذه القوة لأن مركز المسيحية في الشمال وشعوب الشمال أصلهم من إنسان نياندرتال الذي يرمز إلى إبن آدم قايين (قابيل) الذي إرتكب أول جريمة قتل ، فهذا السلاح في أيديهم سيتحول إلى قوة روح سوء ، بمعنى انها ستكون رمز روح الكلب ، ولهذا كان شكل خريطة إيطاليا - كما ذكرنا في مقالات ماضية - لها شكل قدم لتكون رمز يعبر عن العلوم المادية ، أما شكل خريطة إيطاليا بوضعها المعكوس شاقوليا فلها شكل كلب ، فشكل الكلب في خريطة إيطاليا هو رمز روح السوء التي تمثلها المملكة الحيوانية ، ولهذا وجب وجود قوة جديدة في الكائنات الحيوانية تقف في مواجهة روح الكلب لتساعد روح الخير العالمية ، فظهرت من روح الكلب روح جديدة رمزها روح الأسد لتعبر عن روح الخير التي ستقف في مواجهتها ، لهذا نجد أن أول تمثال في تاريخ البشرية يعبر عن التكوين الروحي للإنسانية على سطح الأرض وهو تمثال أبو الهول الذي ظهر في أول حضارة روحية عرفتها البشرية ، حيث النصف العلوي لتمثال ابو الهول يمثل رأس إنسان أي روح نباتية والنصف الأسفل يمثل جسد أسد أي الروح الحيوانية الخيرة .
الروح النباتية هي رمز المرأة في الإنسان ، أما الروح الحيوانية الخيرة فهي رمز الرجل ، لهذا بشكل عام المرأة عبر التاريخ لم تشارك بالحروب لأن الحروب هي مهمة الرجل ، معظم الأنبياء أخذوا دور المرأة لأن التكوين الروحي للرجل فيه تلك القوة التي أصلها من روح السوء ، لهذا نجد بعض الرجال يستخدمون هذه القوة على شكل روح الأسد فيقاتلون من أجل الحرية والعدالة ، وبعضهم يستخدموها على شكل روح الكلب فيقاتلون من أجل نهب وسلب خيرات الآخرين .
حتى يتوضح لنا بشكل أفضل مفهوم قانون الإثنا عشرية وعلاقة روح الأسد مع الروح النباتية سنتابع عرض التسلسل التاريخي في ظهور هذا القانون بعد خروجه من مصر .
كما ذكرنا في مقالات ماضية من سلسلة "ابن رشد الفيلسوف المظلوم " أن علوم يوسف الشاملة بعد قرون عديدة قد إنقسمت إلى قسمين : القسم الروحي خرج من مصر مع قوم موسى عليه الصلاة والسلام إلى آسيا وظهرت منه الديانة اليهودية ، والقسم الثاني المادي خرج من مصر إلى أوربا وبالتحديد إلى اليونان (بلاد الإغريق) وظهرت منه العقيدة الأورفيكية والحضارة الإغريقية .
من العقيدة الأورفيكية في اليونان ظهرت الآلهة الإغريقية الإثنا عشر كرمز يساعد في توضيح مفهوم قانون الإثنا عشرية ، فإذا تمعنا في طبيعة هذه الآلهة الإثنا عشر سنجد أنهم ينقسمون إلى قسمين متساويين في العدد : ستة آلهة إناث (هيرا - أثينا - أرتيميس - ديمترا - أفروديتي - إستيا)، وستة آلهة ذكور (ذياس - بوسيذون - أريس - إرميس - أبولون - إيفيستيوس) . الآلهة الإناث هن رمز الروح النباتية لهذا نجد دورهن مشابه لدور الأنبياء الذي يتمثل في تحقيق مجتمع صالح يتصف بالمبادئ السامية والأخلاق الحميدة ، أثينا مثلا تمثل إلهة الحكمة ، هيرا إلهة الزواج والإخلاص في الحياة الزوجية ، إستيا إلهة العائلة والروابط العائلية وسعادتها ، أرتيميس إلهة الطبيعة وحامية الأطفال...إلخ ، بينما آلهة الذكور فهم رمز الروح الحيوانية ، اريس مثلا إله الحرب ، ذياس إله البرق ، بوسيذون إله المياه ، إيفستيوس إله النار والبراكين ...إلخ . فقط إله مذكر واحد يشذ عن هذه القاعدة وهو إله أبولون ، لفظ أسم أبولون يُسمع وكأنه يعني (من الجميع) وهي نفس صفة النبي يوسف الذي يملك جميع الميزات الحسنة في أخوته . أبولون هو إله النور والتنجيم والرؤيا والموسيقى والشعر والأخلاق والمنطق وحامي الحرف اليدوية . وكما تذكر الأساطير عنه أنه ولد في بلدة تدعى ليكيا (ΛΥΚΙΑ) لهذا أبولون له أسم آخر وهو ليكيوس (ΛΥΚΙΟΣ) هذا الأسم ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تساعدنا على فهم العلاقة بين يوسف وأخوه بنيامين ، فكلمة ليكيوس تبدو لفظا وكتابة وكأن مصدرها كلمة ليكوس (ΛΥΚΟΣ) وتعني (ذئب) في اللغة اليونانية ، الذئب كما ذكرنا في المقالة الماضية هو رمز روح الكلب التي أرادت أن تظهر في بنيامين ولكن يوسف أخذها منه وحولها من روح سوء إلى روح خيرة رمزها روح الأسد . هذه الروح التي تمثل نصف تكوين يوسف هي التي خرجت من مصر لتذهب إلى بلاد اليونان لتتحول إلى علوم مادية تساهم في حماية الجسم وتأمين حاجاته المادية . لهذا نجد أن اسطورة أبولون تذكر أنه هو الذي قتل إله الثعبان (بيثون) حامي معبد ذيلفون والذي كان بمثابة إله الديانة القديمة في اليونان ، لتبدأ من بعدها ديانة جديدة تساهم في تكوين الحضارة الإغريقية .
في القسم الثاني من النبي يوسف الذي خرج من مصر إلى آسيا والتي ظهرت فيه الديانة اليهودية ، نجد أن رمز قانون الإثنا عشرية تم الإشارة إليه في عدد قبائل بني إسرائيل الذين يمثلون نسل أبناء يعقوب الإثنا عشر ، حيث نسل كل ابن قد كون قبيلة يهودية تحمل أسم جدها الأول ، ولكن الحكمة الإلهية أيضا ذكرت قانون الإثنا عشرية في موضع آخر وبطريقة مخفية تحتاج أولا إلى فهم هذا القانون لإكتشافها ، فحسب علماء الديانتين اليهودية والمسيحية ، أن بعد وفاة موسى ويشوع عليهما السلام ، بدأت فترة القضاة ، وعدد القضاة حسب رأي هولاء العلماء هو خمسة عشر او ستة عشر حسب رأي كل عالم . ولكن الحكمة الإلهية في تصميم "سفر القضاة" حددت عدد القضاة المقصودين بشكل واضح ، فإذا تمعنا في تسلسل القضاة في هذا السفر سنجد أن عددهم إثنا عشر فقط (١ - عثنيئيل بن قناز ، ٢- إهود بن جيرا ، ٣ - شمجر بن عناة ، ٤ - دبورة (زوجة لقيدوت) ، ٥ - جدعون ، ٦- تولع بن فواة ، ٧- يائير الجلعادي ، ٨ - يفتاح الجلعادي ، ٩- إبصان ، ١٠- إيلون ، ١١- عبدون بن هليل الفرعتوني ، ١٢- شمشون بن منوح ) .
أول قاضي في سفر القضاة هو عثنيئيل بن قناز ، إذا بحثنا عما هو مذكور من معلومات عن عثنيئل في سفر يشوع وسفر القضاة سنجد أنه يماثل رمز فهر (قريش الأوسط) الجد الأكبر لقبيلة قريش ، والذي يرمز إلى ظاهرة الإنفجار الكبير وولادة الكون . فاسم عثنيئل يعني (قوة الله) أي انه تلك القوة الإلهية التي دمرت الثقب الأسود وحررت روح آدم وحواء من هذا السجن . عثنيئيل هو ابن قناز ، وجده هو يفنة ، ويفنة هنا هو رمز كنانة (قريش الأكبر) الذي يمثل الثقب الأسود الذي سُجنت فيه روح آدم وحواء وروح الشيطان بعد خروجهم من الجنة ، فلفظ أسم (يفنة) يُسمع وكأن مصدره فعل (يفني) أي يحذفه من الوجود ، وهذا هو دور الثقب الأسود حيث كل شيء يدخله يتم فنائه . يفنة جد عثنيئل كان له ولدين : قناز وكالب . قناز والد عثنيئيل هو رمز روح آدم ، أما كالب فهو رمز روح الشيطان فاسم (كالب) يعني كلب ، كالب كانت له إبنة اسمها عكسة ، عكسة هي رمز روح حواء ، وهنا الحكمة الإلهية تضع زوجة عثنيئيل (عكسة) وكأنها ابنة روح الشيطان ، لأن حواء هي التي أغواها الشيطان في الجنة لتأكل من ثمار الشجرة الملعونة ، وحواء بدورها أغوت آدم ليرتكب معها الخطيئة ، لهذا الحكمة الإلهية أعطتها الاسم (عكسة) ، مصدر هذا الأسم هو كلمة (عكس) وتعني معارض في الشكل أو المعنى ، رمز حواء كما ذكرنا في مقالات ماضية هو شكل الرقم الثمانية (Λ) وعكسه شاقوليا يصبح شكله رقم سبعة (V) .وهنا يمثل روح البقرة ، حواء أخذت رمز روح البقرة لأن جزء من روح الشيطان دخلت فيها بسبب إرتكابها للخطيئة ، رمز روح الشيطان هو الثور ، لهذا أصبحت روح الإنسان بعد إرتكابه الخطيئة في الجنة تتألف من روح الله وروح الشيطان ، فوجب طرده منها ، الشيطان من مخلوقات الجنة لذلك روحه لا تحوي داخلها غريزة القتل ، ولكن بعد الخروج من الجنة ظهرت من الروح المشوهة التي تكونت في الإنسان روح جديدة هي روح الكلب التي أتت من روح الشيطان وأندمجت مع روح الإنسان ، من روح الكلب ظهرت غريزة القتل .
الحكمة الإلهية وضعت في اللغة الإنكليزية التي تعتبر أشهر لغة تُستخدم في عصرنا الحاضر دليل يساعدنا على فهم رمز أسم زوجة عثنيئيل (عكسة) والتي تمثل روح حواء داخل الثقب الأسود ، فكلمة (إله) في اللغة الإنكليزية هي (GOD) إذا عكسنا تسلسل أحرف هذه الكلمة سنحصل على الكلمة (DOG) وتعني كلب . كلمة إله (GOD) كلفظ في اللغة الإنكليزية يُسمع وكأن مصدره مشابه للفظ كلمة (قط ، هر) أي ذكر القطة في العديد من اللغات الأوربية مثل (GADO , GATA , CAT ..) , هذا التشابه في اللفظ بين كلمة (إله) وكلمة (قطة) هو حكمة إلهية لها معنى أن روح الكلب أتت من روح الشيطان ولكن حواء استطاعت تحويل هذه الروح في التكوين الإنساني إلى روح أسد ، فالأسد علميا هو من فصيلة النمرية التي تضم القطة والأسد والنمر والفهد . ولهذا كان رمز الأسد (ملك حيوانات الغابة) أي إله الكون المادي . ولهذا الحكمة الإلهية وضعته كرمز يمثل النصف الأسفل لتمثال أبو الهول .
كما ذكرنا من قبل أن مراحل قانون الإثنا عشرية تتألف من قسمين أي (٦+٦) ، وكل قسم يتألف من فصلين : أي (٣ مادية +٣ روحية) ثم (٣مادية+٣روحية) ، لهذا نجد أن القاضي الرابع في سفر القضاة هي إمرأة نبية تدعى دبورة ، هذه القاضية وضعت لها مساعد ليساعدها في القيام بدورها وهو القاضي بارق ، هذا يعني أن القاضي في هذه المرحلة ليس شخص واحد ولكن إثنان إمرأة ورجل ، أي أن عدد القضاة هنا ليس (١٢) ولكن (١٣) كما هو في عدد أخوة النبي يوسف الذكور والإناث ، أي أن الرقم (١٣) هنا إندمج مع القاضي رقم (٤) ليقوم بدوره في مساعدة القاضية دبورة التي كونها إمرأة لا يحق لها أن تستخدم أسلوب العنف (غريزة القتل) في الإنتصار على روح السوء ، لهذا وجب ان يأخذ مهمة محاربة الأعداء رجل وليس إمرأة ، ولكن نجد في نهاية قصة دبورة أن قائد الأعداء سيسرا يُقتل على يد إمرأة تدعى (ياعيل) التي غرست وتد الخيمة في رأس سيسرا وهو نائم ، هذه القصة هي حكمة إلهية لها معنى أن الإنتصار الحقيقي على روح السوء لا يمكن أن يكون بالقوة الذكرية اي بالقتل وأسلوب العنف ، ولكن بالقوة الإنثوية أي بالقوة الروحية لهذا نجد أن مقتل قائد الأعداء قد حصل بغرس وتد في رأسه ، الوتد هنا هو رمز القلم الذي سيكتب العلوم وهذه العلوم هي التي ستدخل رأس الإنسان لتقتل روح السوء في فكره وتطهره منها ، لأن أسلوب القتل أصله الحقيقي من روح الشيطان . ولهذا نجد أن الحكمة الإلهية وضعت آخر قاضي في سفر القضاة رجل أسمه شمشون الجبار ، والذي وهبه الله قوة جسدية خارقة لا مثيل لها ، في قصة شمشون نجده يقتل أسد ، وفي آخر حياته عندما يأسره جنود الأعداء يستخدم قوته الجبارة فيدمر مبنى الأعداء قائلا عبارته الشهيرة (عليَّ وعلى أعدائي) فيقضي عليهم ويموت هو أيضا معهم . قصة شمشون هي قصة رمزية تشرح لنا ما سيحصل في يوم الآخرة في آخر مراحلة من التكوين الروحي للإنسانية ، حيث سيأتي المسيح ليقضي على القوة المادية من منبعها ، المسيح كما ذكرنا هو القسم المادي من عيسى عليه الصلاة والسلام أي أنه رمز روح الأسد ، لذلك عيسى المسيح نفسه هو الذي سيقتل روح الأسد وروح الكلب معا ليطهر التكوين الروحي للإنسان نهائيا من هذه الروح ، لأن الجنة هي وطن السلام وهي خالية من روح العنف والقتل والإنتقام . الإنسان في حياته الأخيرة من التقمص حتى يستطيع الذهاب إلى الجنة يجب عليه أن يكون إنسان سلام خالي من غريزة القتل ، كما وصفه الله في الأبن الأول لآدم (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ . ٢٨ المائدة) هذا هو قانون جنة الخلد .
الآن لننتقل إلى شرح قانون الإثنا عشرية في الديانة المسيحية :
في البداية ظهر النبي يحيى عليه الصلاة والسلام وراح ينذر الناس بترك المعاصي والتقرب من الله ، ثم ظهر ابن خالته عيسى عليه الصلاة والسلام ، يحيى هنا هو رمز بنيامين وعيسى رمز يوسف ، عيسى في الديانة المسيحية هو رمز المملكة النباتية (الروح الأنثوية) ويحيى رمز المملكة الحيوانية أي الأسد (الروح الرجولية) ، لهذا راح عيسى يختار أحد عشر تلميذا آخرين ليكتمل العدد إلى الرقم (١٢) ، ولكن أثناء نشر عيسى لتعاليمه تم القبض على النبي يحيى حيث تم إعدامه بقطع رأسه ، فوجب على عيسى أن يختار بديل ليحيى ليحل مكانه ويأخذ دور روح الأسد ، في ذلك الوقت كان هناك شاب يهودي يدعى يهوذا الأسخريوطي من ثوار اليهود الذين يطالبون بشكل سري بتحرير بلادهم من الإستعمار الروماني ، فحاول هذا الشاب الإنضمام إلى تلاميذ عيسى لعله يستطيع إستخدام شعبيته التي كانت تزداد حجما يوم بعد يوم لتشارك بالثورة ضد الإستعمار الروماني ، فقبله عيسى تلميذا معه ليجعل منه رمز روح الأسد في جماعته . في تلك الفترة كانت أهم ميزة في دستور الإمبراطورية الرومية هي إحترام قوانين حقوق المواطن الرومي التي أخذتها من الحضارة الإغريقية وحاولت تطبيقيها بحذافيرها بشكل لم يحصل لها مثيل في أي حضارة قبلها . وبما أن الديانة المسيحية ستصبح ديانة الشعوب الأوربية لهذا كانت تعاليم عيسى ترفض إستخدام العنف بشتى أنواعه ، فطالما أن الحكم الروماني يعطي أهمية كبيرة لحقوق مواطنيها ، هذا يعني أن روح العدالة موجودة في نفوس حكام هذه الإمبراطورية ، لهذا أراد عيسى أن يتحول هذا الإحساس الروحي بالعدالة في نفوس حكام الروم إلى إحساس يشمل جميع المواطنين المقيمين في المناطق التي تسيطر عليها الإمبراطورية الرومانية ليشملهم أيضا هذا القانون . ولكن الذي حصل هو أن يهوذا لم يكن يحمل في داخله روح الأسد بشكلها الحقيقي ، حيث رغبته الشخصية في أن يعيش حياة توفر له جميع ملذات الحياة جعلت روحه تنقلب إلى روح كلب . لهذا عندما علم أن عيسى يرفض بشكل قاطع القيام بثورة ضد الروم ، قرر خيانته وتسليمه إلى كهنة اليهود ليحاكموه بتهمة الدجل وتشويه الدين اليهودي .
بعد صعود عيسى إلى السماء ، إختارت روح عيسى (بولص الطرسوسي) الذي يملك روح الأسد بأنقى اشكالها ليحل مكان النبي يحيى . وطالما أن الشعب الروماني يملكون الإحساس بحقوق الإنسان ، لهذا حاول بولص أن يستلم مهمة نشر تعاليم عيسى المسيح في مواطني الشعب الرومي ليهجروا ديانتهم الوثنية ويعتنقوا المسيحية دون أي حاجة لا لثورة ولا لإستخدام أي وسيلة عنف ولكن بالمجادلة الحسنة والدعوة إلى الحق عن طريق إقناع الآخرين . بهذه الطريقة دخلت الديانة المسيحية في نفوس الشعب الروماني وأصبحت الديانة المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية ومن ثم إنتقلت إلى جميع شعوب أوربا .
في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع موضوع قانون الإثنا عشرية ورموزه في الدين الإسلامي .

ز . سانا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق