خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٢١٦ : ابن رشد الفيلسوف المظلوم الجزء ١٧
الخاطرة ٢١٦ : ابن رشد الفيلسوف المظلوم الجزء ١٧
في الخاطرة الماضية ذكرنا أن المرحلة الأولى (١ - فهر ٢ - غالب ٣ - لؤي) والمرحلة الثانية ( ٤ - كعب ٥ - مرة ٦ - كلاب) هما القسم المادي من قانون الإثنا عشرية في رمز قريش ، وأن المرحلة الثالثة والرابعة هما القسم الروحي من هذا القانون . وذكرنا أنه من القسم المادي سيتم تكوين شخصية رمز روح الأسد (كلاب) التي تمثل اللون الأحمر ، ومن القسم الروحي سيتم تكوين شخصية رمز الروح النباتية والتي تمثل اللونين الأخضر والأزرق ، وأن محمد صلى الله عليه وسلم هو رمز الروح النباتية في الاسلام ، وقلنا أنه حتى نستطيع تحديد شخصية روح الأسد في الاسلام يجب علينا أولا شرح نوعية التطور التي حصلت وسببت الإنتقال من المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة، أي من الديانة اليهودية إلى الديانة المسيحية .
في كل ديانة سماوية يرسل الله نبيين إثنين وليس نبي واحد ، النبي الأول في الترتيب يمثل رمز روح الأسد ، والنبي الثاني يمثل رمز الروح النباتية ، في الديانة اليهودية نجد أن هارون كان الأخ الأكبر لموسى عليهما الصلاة والسلام ، أي أنه أتى قبله ، أسم هارون في اللغة العامية العربية يعني (القط الكبير) ، هارون في الديانة اليهودية هو رمز روح الأسد أما موسى فهو رمز الروح النباتية . إذا تمعنا في آيات سفر الخروج سنجد أنه في كل مرة أراد فيها موسى أن تحدث معجزة تدميرية تصيب فرعون وقومه كان يعطي العصا لأخيه هارون ثم يدعو لله لتحقيق المعجزة ، فهذه المعجزات التدميرية لم تخرج من العصا وهي في يد موسى ولكن كانت تخرج عندما تكون العصا في يد هارون لأن هارون كان رمز روح الأسد وهو المسؤول فقط عن الدفاع وتدمير أتباع روح السوء ، لأن موسى عليه السلام كان دوره البناء وليس التدمير . شمشون المذكور في سفر القضاة هو رمز هارون الذي وهبه الله قوة جسدية خارقة ليستخدمها في قتل الأعداء .
في الديانة المسيحية أيضا نجد أن النبي يحيى عليه الصلاة والسلام كان أكبر من ابن خالته عيسى عليه الصلاة والسلام بعام واحد ، النبي يحيى كان بمثابة هارون ويمثل رمز روح الأسد ، أما عيسى فكان بمثابة موسى ويمثل رمز الروح النباتية ، لهذا تذكر آيات الإنجيل أن يحيى كان يقول أنه يعمد الناس بالماء بينما يسوع سيعمد الناس بروح القدس ، أي أن دور يحيى كان غسل الخطيئة وتنقية التكوين الإنساني من شوائبها ، أما دور يسوع فهو متابعة بناء الروح لتصل إلى الكمال . ولكن الذي حصل في تلك الفترة أنه تم القبض على يحيى وتم إعدامه بقطع رأسه ، لهذا شاءت الحكمة الإلهية في البداية أن تختار يهوذا الأسخريوطي ليحل مكان نبي يحيى ، ولكن يهوذا كان يريد استخدام السلاح والعنف للقضاء على جيش الروم ، فهو لم يعلم أن الإنسانية تتطور مع الزمن ومعها يتطور سلاح روح الأسد أيضا ، وأنه وجب في تلك الفترة أن يتحول أسلوب روح الأسد من سلاح فتاك يقتل الجسد إلى سلاح عقلي يقتل الأفكار الباطلة في عقل الإنسان ، لهذا اختارت الحكمة الإلهية ، بولص الطرسوسي ليحل مكان يهوذا .
ما حصل في اسلوب إنتشار الدين المسيحي في القرون الثلاثة الأولى يخص منطقة جغرافية ظهرت فيها حضارة عريقة أعطت أهمية كبيرة لحقوق المواطنين ، أما بالنسبة لما حصل في إنتشار الدين الإسلامي فالأمور مختلفة تماما . الحكمة الإلهية اختارت منطقة الحجاز لظهور الدين الإسلامي لتكون هذه المنطقة مثالا يعبر بشكل واضح عن طبيعة التكوين الروحي للإنسانية بأكملها منذ ظهورها على سطح الأرض وحتى يوم الآخرة ، لذلك سمي مجتمع قريش في فترة ما قبل الإسلام بالمجتمع الجاهلي ، المجتمع الجاهلي كان مجتمع شامل يتألف من عدة فئات : فئة من أتباع الروح النباتية وفئة من أتباع روح الأسد وفئة من أتباع روح الكلب . كل فئة تتبع الديانات القديمة الموجودة في المنطقة بنوعية مختلفة من الإيمان ، فكان فيهم الصالحين وفيهم المنافقين . لهذا يجب أن ننظر إلى سكان هذه المنطقة نظرة موضوعية تعبر عن حقيقة التكوين الروحي لكل شخص ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " في أصحابي اثنا عشر منافقاً " وفي رواية أخرى " في أمتي اثنا عشر منافقا" ، المقصود بهذا الحديث ليس اثنا عشر شخصا كما يفسره بعض العلماء ، ولكن المقصود به أنه في كل فئة من فئات الاثنا عشر يوجد فيها جماعة منافقة ، لهذا فكلمة صحابي لا تعني أي شيء ، فيهوذا الأسخريوطي كان تلميذ يسوع ولكنه كان في حقيقته من أتباع روح الكلب ، فيهوذا هنا لم يكن رمز لشخص واحد ولكن كان رمزا يعبر عن فئة من اتباع يسوع الذين بمجرد أنهم سمعوا أن يسوع تم القبض عليه وانه صُلب ، هجروا تعاليم دينه وانقلبوا ضد اتباعه ، هكذا كان الوضع تماما أيضا في الصحابة الذين عاشوا في فترة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم .
في هذا المجتمع المعقد الذي عاش فيه رسول الله ، الحكمة الإلهية اختارت له شخصا ذو تكوين روحي من روح الاسد ، ليقوم بدوره ليساعد الرسول في القيام بدوره في تكملة بناء التكوين الروحي للإنسانية ، وشاءت الحكمة الإلهية أن يكون هذا الشخص هو علي ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وشاءت الحكمة الإلهية أيضا أن تجعل الظروف أن يصبح علي كرم الله وجهه وكأنه ابن الرسول ، فمنذ كان طفلا أخذه الرسول في رعايته ليعيش في بيئة روحية نقية تمنع تسرب أي شائبة من شوائب روح الكلب إليه ليصبح في كبره رمزا لروح الأسد بأنقى أشكالها . علي بن أبي طالب كرم الله وجهه هو بمثابة هارون وشمشون ويحيى وبولص الرسول .
هناك حديث شريف يذكر منزلة علي بالنسبة لرسول الله " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " . حتى نفهم حقيقة علي كرم الله وجهه في هذا الحديث الشريف ، يجب أن نوضح لماذا كان هارون نبيا بينما علي كرم الله وجهه لم يكن كذلك ، معنى النبي المقصود به هو الشخص الذي يوحى إليه من الله عز وجل مباشرة ، هارون عليه السلام عاش في فترة كانت الإنسانية لا تزال في مرحلة بداية الطفولة ، لهذا كان هارون في تلك الفترة يمثل طفل بعمر (٤ - ٥) سنوات وفي هذه المرحلة يكون عقل الطفل لم يكتسب بعد المقدرة على التفكير التحليلي ، لهذا يكون سلوك الطفل يعتمد على الفطرة التي وضعه الله عليها ، فما فعله هارون في حياته كان يعتمد كليا على الفطرة الإلهية ، بمعنى أن أعماله كانت بتوجيه إلهي وليس عقلي لهذا كان بمثابة نبي . أما في فترة ظهور الديانة المسيحية فقد تحولت الإنسانية من عمر (٤ -٥) سنوات إلى (٨ - ١٠) سنوات ، في هذه المرحلة يبدأ الطفل بالتفكير ليحدد بعضا من سلوك حياته لهذا نجد أن دور يحيى قد أخذه الرسول بولص ، كان يحيى نبيا لأن أفعاله جميعها كانت من وحي الله له ، أما بولص الرسول فكان يعتمد على تعاليم الأنجيل وتحليله العقلي ، ففي هذه الفترة الزمنية التي تمثلها الديانة المسيحية يكون فيها سلوك الطفل نصفه فطري ونصفه عقلي ، يحيى يرمز للنصف الفطري لهذا كان نبيا ، أما بولص فيرمز للنصف العقلي لهذا لم يكن بولص نبيا. أما فترة ظهور الاسلام فهي تمثل مرحلة الطفولة في العمر (١٠ -١٣) سنة ، وهي الفترة الأخيرة قبل المراهقة ، حيث يصبح فيها سلوك الطفل يعتمد على العقلي أكثر من الفطري ، ولهذا لم يكن علي كرم الله وجهه نبيا .
إذا نظرنا إلى مكانة هارون عند اليهود سنجدها عالية فهو يعتبر الشخصية الثانية بعد موسى بالنسبة لهم ، وكذلك سنجد في الديانة المسيحية أن بولص الرسول عند المسيحيين كان أيضا الشخصية الثانية بعد يسوع المسيح ، أما في الإسلام فإننا سنجد أن أولئك العلماء من السنة الذين ساهموا في دخول الحضارة الإسلامية في عصر الإنحطاط قد حذفوا أشياء كثيرة من التاريخ الاسلامي ليقللوا من شأن علي لتكون مكانته بنفس مستوى بقية الخلفاء الراشدين أو حتى بمستوى بعض الصحابة الآخرين . أما بالنسبة للمذاهب الشيعية فنجد بعضهم قد أضاف أشياء كاذبة عن علي ليرفعوا مكانته لتصبح مكانته فوق مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم . هؤلاء العلماء من الطرفين هم في الحقيقة أسباب تمزيق الأمة الاسلامية إلى طوائف تحقد بعضها على بعض ، لأن كلا الطرفان من هؤلاء العلماء في الحقيقة هم ليسوا من أتباع الروح النباتية ولا من أتباع روح الأسد ولكنهم من أتباع روح الكلب الذين وصفهم النبي بقوله " في أمتي اثنا عشر منافقاً " .
هنا لن نتكلم عن آراء أمثال هؤلاء العلماء المنافقين ، ولكن سنتكلم عن اجتهادات العلماء الصالحين من كلا الطرفين ، لنوضح أي طرف كان أصح في اجتهاداته للوصول إلى الحقيقة ، وفي بحثنا هنا لن نعتمد على الأحداث التاريخية المذكورة في الكتب ، فهذه الأحداث وللأسف مذكورة بأشكال مختلفة متناقضة تماما فيما بينها ، فكل طرف يذكر هذه الأحداث بالشكل الملائم لمصالح مذهبه . لهذا يصعب معرفة أيهما على حق في صحة كل حادثة فحقيقة ما جرى لا يعلم به إلا الله . لهذا هنا سأعتمد في كشف الحقيقة على تعاليم القرآن الكريم (... فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا .٥٩ النساء) . وبما أن هناك العديد من الأحاديث الشريفة لا يقبل بصحتها أحد الطرفين ، لهذا هنا سأعتمد فقط الأدلة القرآنية والأحاديث الشريفة التي يوافق على صحتها جميع الأطراف والتي أيضا توافق معاني الآيات القرآنية ، وكذلك سأعتمد على الحقائق الإلهية التي وضعها الله كرموز في أحداث تاريخ الأمة الإسلامية والي لم ينتبه إليها العلماء فلم يستخدموها في أبحاثهم ، فالحقيقة مهما حاول المنافقون طمسها فهي لن تضيع لأنها أشياء إلهية وستبقى من حولنا لتساعدنا في كشف الحق وكشف الباطل .
الحكمة الإلهية اختارت اسم (محمد) اسم الرسول خاتم الأنبياء الذي سيأتي للناس بدين الإسلام آخر الديانات السماوية ، علماء المسلمين حتى اليوم يعتقدون أن اسم (محمد) المذكور في القرآن المقصود به هو فقط محمد صلى الله عليه وسلم نبي الإسلام .هذا الإعتقاد ليس خطأ ولكنه ناقص ، فهو كان ملائما لفترة ظهور الإسلام وتأسيس حضارته حيث في تلك الفترة كان مستوى المعارف بشكل عام منخفض جدا يصعب فيه للعالم التعمق في البحث فيما يتعلق بتاريخ الإنسانية وتكوينها ، ولكن اليوم حيث تقدمت العلوم خطوات كبيرة فالأمر مختلف ويسمح لنا بكشف المعنى الأعمق لآيات القرآن الكريم .
اسم (محمد) في القرآن في الحقيقة هو أسم رمزي يوضح لنا ما حصل في تاريخ تطور التكوين الروحي للإنسانية . وهذا الأسم لا يخص رسول الله فقط ولكن يخص أشخاص آخرين ، لهذا الله عز وجل خصص آية قرآنية ذكر فيها على لسان عيسى عليه الصلاة والسلام الأسم الحقيقي لنبي الاسلام في سورة الصف وذكره باسم (أحمد) وليس (محمد)، قد يستغرب العلماء المسلمين بهذا التفسير ويرفضونه، ورفضهم هذا هو شيء طبيعي طالما أنهم يفسرون الآيات القرآنية اعتمادا على معنى الآيات باللغة العربية فقط . ولكن لغة القرآن هي لغة إلهية شاملة تخاطب إنسانية تتألف من فئات تنتمي لاثنا عشر نوع من الإدراك وكل فئة من هذه الإثنا عشر لها زاوية خاصة بها في الفهم ، وحتى تقتنع كل فئة بصحة فكرة ما يجب أن يتم شرحها بنفس النوعية من الادراك التي تفهمها كل فئة ، ولهذا السبب كان من الطبيعي ظهور أنواع عديدة من العلوم لأن كل علم يمثل نوعية من الإدراك الخاصة به . اعتمادًا على اللغة الإلهية الشاملة سنحاول تفسير اسم (محمد) المذكور في القرآن الكريم .
كما ذكرنا في المقالة الماضية أن اسم (قريش) ليس المقصود منه قبيلة قريش فقط ولكن هو اسم رمزي يُعبر عن التكوين الروحي للإنسانية منذ خروجها من الجنة وحتى يوم الآخرة ، هكذا هو تماما أيضا اسم (محمد) فهو اسم رمزي يُعبر عن النوعين من روح التكوين الإنساني : روح الخير العالمية (الروح النباتية) وكذلك روح الأسد . لهذا فكلمة (محمد) تُسمع وكأنها تتألف من كلمتين (محَ - مَد) أي ( محى - ومد) ، أي أن اسم (محمد) رمز لدورين وليس دور واحد :
- الدور الأول (محى) له معنى تنقية التكوين الإنساني من الشوائب عن طريق قتل الكافرين أو عن طريق قتل أفكار السوء في عقول الناس .
- الدور الثاني (مد) وله معنى استمرار بناء التكوين الروحي .
وهذا يعني أن صاحب اسم (محمد) سيقوم بالدورين (القتل والبناء) ، ولكن محمد صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا من قبل لم يَقتل لأنه كان من روح نباتية ، فأمه من بني زهرة وبنته فاطمة لُقبت بالزهراء ، فلقب الزهراء مصدره (زهرة) والزهرة هي جزء من النبات ، فهذا اللقب ليس صدفة ولكن حكمة إلهية له معنى رمزي يؤكد أن والدها صلى الله عليه وسلم كان من بني زهرة الروح النباتية . أما محاولة تفسير اللقب (الزهراء) على أنه بسبب لون بشرتها البيضاء المشرب بالحمرة فهذا غير صحيح ، فعائشة رضي الله عنها زوجة الرسول كانت بشرتها أيضا بيضاء مشربة بالحمرة ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم سماها (حميراء) وهو اللقب الذي استخدمه العرب على أصحاب البشرة البيضاء المشرب بالحمرة . عدا عن هذه نجد أيضا أن الرسول حتى عمر (٥٥ عام) كان بعيدا نهائيا عن روح العنف ، ولم يقبل بأسلوب استخدام السلاح إلا فقط عندما أمره الله بتشكيل جيش للمسلمين عام ٢ هجري ، ولكن رغم ذلك نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظل بعيدا عن العنف ولم يشارك في ساحات القتال وترك جيشه يقوم بهذه المهمة . جميع هذه الأمور المتعلقة بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن صدفة ولكن كانت حكمة إلهية تؤكد لنا أن التكوين الروحي للرسول صلى الله عليه وسلم كان خاليا من روح الأسد . ولهذ نجد أن الحكمة الإلهية تضع اسم (أحمد) وليس (محمد) في آخر آية قرآنية تذكر أسمه . والسؤال هنا الذي يخطر على فكر كل قارئ ، من هم الأشخاص المقصودين باسم (محمد) المذكور في القرآن ؟
حتى نُجيب على هذا السؤال يجب دراسة الآيات التي تذكر هذا الأسم دراسة شاملة فآيات القرآن تتكلم عن الآحداث التي حصلت مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن بنفس الآيات تضع رموز تعطي معاني أعمق لتشمل قصة الكون بما فيه من بدايته وحتى نهايته .
اسم (محمد) فى القرآن تم ذكره في أربع آيات موجودة في أربع سور وهي :
١ - الآية ١٤٤ من سورة عمران "وَمَا مُحَمَّد إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ"
٢ - الآية ٤٠ من سورة الأحزاب "مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً"
٣ - الآية ٢ من سورة محمد " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُم "٤ - الآية ٢٩ من سورة الفتح " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً "
العلماء في أبحاثهم لم يعطوا أهمية لا للرقم (٤) ولا للعلاقة بين معنى الآية ومعنى عنوان السورة التابعة لها ولا على تسلسل ترتيب معاني هذه الآيات والسور وعلاقتها بتسلسل التطور التاريخي الروحي للإنسانية ، ولا على اشياء كثيرة أخرى يصعب ذكرها هنا لأنها تحتاج صفحات عديدة ، وكل الذي فعله العلماء أنهم نظروا إلى اسم (محمد) على أن المقصود به هو نبيهم صلى الله عليه وسلم وانتهى الأمر بالنسبة لهم ، لذلك ربطوا معاني الآيات بسيرة حياته وكأنه تخصه هو فقط . لهذا لم ينتبهوا نهائيا إلى وجود شخص آخر أسمه (علي) كرم الله وجهه يحمل روح الأسد وأن هذا الشخص وضعه الله بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يمثل نصف تعاليم الدين الإسلامي وبدونه يُصبح الاسلام دين ناقص . فكما تقول الحكمة المشهورة في تأمين صحة الجسم (الوقاية خير من العلاج) هكذا تماما هي الأمور في تأمين صحة تعاليم الدين ، رسول الله صلى الله عليه وسلم كان دوره تعليم (الوقاية) أما علي عليه السلام فكان دوره تعليم (العلاج) أي قتل الجرثومة التي سببت المرض .
إن عدد مرات ذكر أسم (محمد) في القرآن هو (٤) مرات ، هذا الرقم ليس صدفة ولكن هو عدد المراحل الأربعة في قانون الأثنا عشرية الذي نتكلم عنه ، حيث كل مرحلة تتألف من (٣) أجزاء . الأجزاء الستة في المرحلتين الأولى والثانية معا هم القسم المادي من قانون الاثنا عشرية ، وكما ذكرنا في المقالات الماضية ، أن رمز قانون الإثنا عشرية ظهر في البداية مع النبي يوسف وأخوته ،هذه المرحلة هي مرحلة الولادة والرضاعة في التاريخ الروحي للإنسانية ، في هذه المرحلة يكون فيها الطفل جزء من أمه وليس كائنا منفصل ، لهذا تعتبر هذه المرحلة هي مرحلة الصفر أي أنها مرحلة ولادة الروح بشكلها العام ، بعد هذه المرحلة ينفصل الطفل عن أمه شيئا فشيء ليبدأ تكوين نفسه على ناحيتين ناحية روحية وناحية جسدية ، لهذا نجد أن قانون الإثنا عشرية قد خرج من مصر وانقسم قسمين : القسم الروحي ذهب مع قوم موسى وتكون منه القضاة الإثنا عشر ، والقسم المادي ذهب إلى اليونان وتكونت منه الآلهة الإغريقية الإثنا عشر . لهذا نجد أن الحكمة الإلهية قد ذكرت اسم محمد في القرآن لأول مرة في سورة آل عمران التي رقم ترتيبها هو (٣) ، الرقم (٣) هو رقم رمزي يحمل في داخله الأجزاء الثلاثة الاولى . أما سورة الأحزاب التي ذُكر فيها اسم (محمد) للمرة الثانية فرقم ترتيبها (٣٣) ، هذا الرقم أيضا رمزي وله معنى (٣ + ٣) ، فرقم ترتيب سورة الأحزاب هنا يشمل الأجزاء الستة من المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من القسم المادي لقانون الإثنا عشرية ، لهذا نجد أن الآية الأولى من هذا القسم تذكر (..وَمَا مُحَمَّد إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ...) فإذا أعتبرنا هنا أن (محمد) المذكور هنا المقصود به فقط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعبارة (أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ) قد تعني أن الله لم يكن يعلم كيف سيموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لذلك وضع احتمالين : قد يموت موتة طبيعية نتيجة الشيخوخة أو المرض أو قد يموت مقتولا . هذا التفسير طبعا مرفوض نهائيا لأن الله عالم بكل شيء ، وهذا يعني أن الشخص المقصود في هذه الآية ليس رسول الله ، ولكن المقصود به أشخاص آخرين يحملون قسم من رمز أسم (محمد) ، وهؤلاء الأشخاص هم في الحقيقة أولئك الذين عاشوا في فترة الحضارة اليونانية وفترة القضاة ، فبعضهم مات وبعضهم قُتل . هذه الآية نفسها لها معنى آخر يخص فترة ظهور الاسلام ، فالمقصود باسم (محمد) ليس فقط الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن أيضا علي كرم الله وجهه ، فالرسول مات بسبب مرضه أما علي فمات مقتولاً .
الآية الثاني التي تذكر اسم (محمد) الموجودة في سورة الأحزاب تذكر "مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ...." قد يبدو لنا هنا أن الآية تخص فقط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجميع أبنائه الذكور ماتوا وهم أطفال لهذا لم يكن رسول الله أبا أحد من رجال المسلمين ، والرسول صلى الله عليه وسلم أيضا هو فقط خاتم الأنبياء . ولكن إذا تمعنا جيدا في معلومات سفر القضاة سنجد أن الذي أخذ دور القسم (مد) من أسم (محمد) في القضاة الإثنا عشر في سفر القضاة كانت أمراة (النبية دبورة) ، فهي أم وليست أب ، أما القاضي الذي أخذ رمز القسم (محى) في سفر القضاة فهو شمشون ، وشمشون أيضا لم ينجب أبناء ، فهذا يعني أن الجزء الأول من الآية لا تعارض رمز (محمد) الموجود في سفر القضاة . أما الجزء الثاني من الآية (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) فهذه العبارة لا تخص فقط رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن تخص أيضا النبي يحيى عليه الصلاة والسلام، فهو صلة الوصل بين المرحلة الثانية(اليهودية) والثالثة (المسيحية) ، فيحيى عليه السلام مات مقتولا قبل أن تتكون الديانة المسيحية بشكلها الحقيقي ، أي أن يحيى قتل قبل أن يبدأ تكوين القسم الثاني (الروحي) من قانون الإثنا عشرية ، لذلك النبي يحيى يُعتبر يهوديا وليس مسيحيا ولهذا أخذ بولص الرسول دور الشخصية الثانية في الديانة المسيحية، ولا يوجد أحد من المسيحيين يدعي أن بولص كان نبيا . وهذا يعني أن النبي يحيى كان خاتم الأنبياء الذين يحملون رمز روح الأسد في تكوينهم الروحي وأن هذه الآية لا تقصد فقط رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان خاتم أنبياء الروح النباتية.
الآن لننتقل إلى القسم الثاني من قانون الإثنا العشرية والذي يتألف من مرحلتين : الثالثة (المسيحية) والرابعة (الاسلام) ، فبما أن هذا القسم هو القسم الروحي من قانون الإثنا عشرية ، لذلك نجد عبارة ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) مذكورة في الآيتين الثالثة والرابعة ، وغير مذكورة لا في الآية الاولى ولا في الآية الثانية لأن الأولى والثانية لهما علاقة بالقسم المادي من قانون الإثنا عشرية ، لهذا نجد أن الإعتقاد بوجود جنة الخلد قد ظهرت لأول مرة في الديانة المسيحية وأن الدين الاسلامي أكد على صحتها ، بينما في الديانة اليهودية فهذا الإعتقاد لم يكن موجودا . الحكمة الإلهية من خلال ذكر عبارة ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) في الآيتين الثالثة والرابعة تشير لنا أن اسم (محمد) في الآيتين الأولى والثانية لا تقصد فقط رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن يُقصد به أيضا أشخاص آخرين . والأمر ينطبق أيضا على الآية الثالثة لأنها لا تذكر شيئا خاص يتعلق فقط برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاسم (محمد) في هذه الآية يقصد به أيضا (عيسى عليه السلام وبولص) .
أما الآية الرابعة والتي تمثل المرحلة الرابعة (الاسلام) من قانون الإثنا عشرية ، فنجد عبارة (أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ) تفسر رمز اسم (محمد) . (الشدة على الكفار) هي القسم الأول (محى) من أسم (محمد) ومقصود منها علي عليه السلام والذي بسبب وجوده أمر الله نبيه بتكوين جيش المسلمين ، أما (الرحمة) فتمثل القسم الثاني (مد) من اسم (محمد) والمقصود منها رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا قبل قليل ظل حتى عمر ٥٥ عام بعيدا عن أسلوب العنف .
الحكمة الإلهية في هذه الآية من خلال ذكر العبارة (مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ ) تؤكد أن هذه الآية تخص فقط فترة ظهور الاسلام وليس قبله ، لتؤكد أن هذه الآية التي هي الآية الرابعة المذكور فيها اسم (محمد) هي المرحلة الرابعة من قانون الاثنا عشرية.
في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع الموضوع ونذكر أدلة من القرآن الكريم لم ينتبه إليها لا علماء السنة ولا علاماء الشيعة ، تؤكد أن اسم (محمد) هو اسم رمزي لا يخص فقط رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أيضا يخص علي كرم الله وجهه . وأنه الشخصية الثانية في الاسلام بلا منازع ولا تجوز مقارنة اجتهاداته باجتهادات أي صحابي أو إمام مهما كان لأن الله عز وجل قد اختاره هو ليساعد رسول الله في تكوين دين الإسلام .
ز . سانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق