خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٣٣١ : الفرق بين منطق المسيح ومنطق الأعور الدجال (٦٦٦) .الجزء ٥
في البداية أود أن أشير إلى ملاحظة هامة وهي أن المقالة تعتمد على معلومات ورموز تم شرحها بشكل مفصل في مقالات ماضية وهنا نذكرها بشكل مختصر جدا لكي لا يتحول حجم المقالة من (١٠) صفحات إلى (٥٠٠) صفحة .
في مقالة الجزء /٣/ تكلمنا عن دور الرؤية الروحية (ورمزها العين اليمنى) في تطور المعارف والعلوم الإنسانية (الفرع الأدبي) ، وفي مقالة الجزء /٤/ تكلمنا عن دور الرؤية المادية ورمزها (العين اليسرى) في تطور العلوم المادية (الفرع العلمي) . وشرحنا كيف أستطاعت روح الأعور الدجال في القرن /١٩/ أن تقوم بتشويه الرؤية الروحية لتنفصل عن الرؤية المادية وتمنع الإنسانية من الوصول إلى الرؤية الشاملة ، والذي أدى إلى ظهور منهج علمي حديث يعاني من عمى البصيرة ، والذي كانت نتيجته دخول الإنسانية في إنحطاط روحي لم تعرف مثله في تاريخها الطويل .
في مقالة اليوم سنتكلم عن علوم الحكمة (الفلسفة) الحقيقية والمختلفة نهائيا عن تلك التي يتم تدريسها في كليات الفلسفة في العصر الحديث ، وسنتكلم عن دورها الحقيقي في توحيد العلوم الإنسانية والعلوم المادية لتأخذ هذه العلوم نوعية جديدة من المعارف تساهم في فهم علاقة الإنسجام بين الشكل والمضمون والتي تكشف لنا حقيقة الأشياء والأحداث وسبب وجودها وعلاقتها بتطور التكوين الإنساني الروحي والمادي . معلومات مقالة اليوم تعتمد على مبادئ علوم الحكمة التي اختفت في عصرنا الحديث من الثقافة العامة ولهذا ستبدو للكثير من القراء الجدد وكأنها علوم غريبة أو خرافية . فرغم أن بداية ظهور هذا النوع من العلوم قد حدث منذ حوالي خمسة آلاف عام وكانت هي السبب الأول في تحول المجتمعات الإنسانية من مجتمعات شبه حيوانية إلى مجتمعات حضارية تسمح لها بالتطور التدريجي نحو الأفضل ، فقد تم تشويهها بحيث أصبحت بالنسبة لعلماء الدين وكأنها علوم شيطانية تعتمد على السحر ، وبالنسبة لعلماء العلوم المادية فقد أصبحت من العلوم المزيفة والخرافية .
علوم الحكمة (الفلسفة) كانت علوم يعمل بها الحكماء من الكهنة فقط . فهدفها الحقيقي هو فهم المخطط الإلهي من خلال فهم سبب وجود الأشياء والأحداث وعلاقتها وتأثيرها في الوجود الإنساني الروحي والمادي ، ولهذا سنشرح أسلوب ومبادئ هذه العلوم من خلال شرح أمثلة مذكورة في قصص الكتب المقدسة .
هناك مصطلحان يتم إستخدامهما في فهم النصوص الدينية وهما التفسير والتأويل . وللأسف لا يزال علماء الدين حتى الآن لم يتوصلوا إلى فهم الفرق الحقيقي بين التفسير والتأويل . التفسير بشكل عام هو دراسة التفاصيل التي تتعلق في المعنى الظاهري والذي يعتمد على الصياغة اللغوية للآية وعلاقة الآية بالآيات التي قبلها وما بعدها وأسباب نزولها . لهذا عادة ما تكون فائدة تفسير النص الديني هو الموعظة فقط . أما التأويل فهو فهم المضمون الباطني للنص الديني ، والذي فهمه يتطور بشكل تدريجي مع كل تقدم يحصل في المعارف والعلوم لكل عصر . فالنصوص الدينية هي كلام الله ومحاولة تأويلها هو الذي يجعلها صالحة لجميع مستويات المعارف ولجميع العصور (يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها ). فعن طريق التأويل يزداد فهم الإنسان لحقيقة وجوده والهدف منه ، فينتقل الإنسان من فهم نفسه ثم إلى فهم علاقة وجوده بالعالم الصغير الذي يعيش فيه ،ثم إلى فهم علاقة وجوده بالعالم الكبير (الكون) من أجل الوصول إلى تكوين رواية واحدة متكاملة (بأحداثها الروحية والمادية) تساعدنا في فهم المخطط الإلهي .
اليوم نجد أنه رغم مرور أكثر من /١٤/ قرن على نزول القرآن ولكن حتى الآن فإن فهم معظم علماء الدين للنصوص الدينية لا يزال على مستوى التفسير ولم ينتقل إلى مستوى التأويل لهذا أصبح فهم هذه النصوص متخلف وغير ملائم لمعارف العصر الحديث وعاجز عن حل أي مشكلة من المشاكل التي تعاني منها الإنسانية . فالشعوب اليوم أصبحت متقاربة جدا والعالم أصبح وكأنه مدينة واحدة بسبب تطور وسائل النقل ووسائل التواصل الاجتماعي ، ولكن فهم علماء الدين للنصوص الدينية لا يزال محصورا في حدود العالم الصغير الذي ينتمي إليه كل دين وكل مذهب .
الحكمة الإلهية في تصميم القرآن تشرح لنا الفرق بين التفسير والتأويل ، فكلمة (تفسير) ذُكرت مرة واحدة فقط في القرآن { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣) الفرقان} ، التفسير يعتمد على الشكل الظاهري لمعنى الآية أو الحدث فهو شبه ثابت رغم تحسين طريقة صياغته . أما كلمة (تأويل) فتم ذكرها في القرآن /١٦/ مرة في /٦/ سور ، حيث ذُكرت في سورة يوسف /٨/ مرات . فذكر كلمة تأويل بهذا العدد في سورة يوسف ليس صدفة ولكن حكمة إلهية توضح لنا تماما الفرق بين التفسير والتأويل . فأهم صفة في يوسف عليه السلام أن الله وهبه القدرة على تأويل الأشياء والأحداث والتي هي أرقى أنواع الإدراك كونه يقوم بتوحيد الرؤية الروحية مع الرؤية المادية لنحصل على معنى جديد مختلف تماما عن معنى الرؤية الروحية وعن معنى الرؤية المادية مثل الإختلاف بين اللون الأصفر عن اللون الأحمر والأخضر ، رغم أن اللون الأصفر ينتج عن إتحاد اللون الأحمر مع اللون الأخضر في ألوان الضوء ، فما علاقة اللون الأصفر مع الأحمر والأخضر ، فهو لون فاتح بعكس الأحمر والأخضر اللذان يعتبران من الألوان شبه الداكنة ، فبدلا من أن ينتج عن إتحادهما لون أكثر دُكنة من دُكنة اللونين ظهر لون فاتح ؟
سورة يوسف توضح لنا بشكل مبسط جدا معنى التأويل ، فحلم ملك مصر (سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ) تم تأويلها إلى سبع سنوات أمطار غزيرة وسبع سنوات جفاف . فعملية التأويل إعتمدت على الرموز الموجودة في المعنى الظاهري في الحلم وحولته إلى معنى مختلف تماما . فما يحصل اليوم أن علماء الدين يفسرون النصوص الدينية وكأنهم يفسرون حلم ملك مصر على معناه الظاهري، أي أن سبع بقرات عجاف ستخرج من النهر وتأكل سبع بقرات سمان . وهذا ما يحصل اليوم تماما في فهم معاني النصوص الدينية فهي مجرد محاولات في فهم المعنى الظاهري . ولهذا نجد أن معظم المسلمين العامة اليوم يؤمنون بالمعنى الظاهري للأحاديث الشريفة التي تتحدث عن الأعور الدجال ، بأنه إنسان أعور مكتوب على جبينه كافر سيظهر في آخر الزمان ويضلل الناس ثم يأتي المسيح ويلحق به ويقتله بحربته ، وأن قوم يأجوج ومأجوج سيخرجون من فجوة تحت الأرض ليشنوا معركة على البشرية . من يؤمن بهذه المعاني الظاهرية للنصوص الدينية في عصرنا الحاضر فهو أعمى البصيرة كونه لم يتبع أهم مبدأ في تعاليم الدين الإسلامي ( يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها ) . فالحكمة الإلهية ذكرت رموز عديدة عن الأعور الدجال في النصوص الإسلامية وكذلك في نصوص الديانات العالمية ليتعاون علماء الدين مع بعضهم البعض في الكشف عن حقيقة مفهوم الأعور الدجال لأنه عدو مشترك لجميع الأمم ، وإعتماد علماء كل ديانة على المعنى الظاهري لنصوص دينهم فقط فهو سيعرقل تعاون الشعوب وسيجعل جميع هذه النصوص لجميع الديانات مجرد خرافات لا يتقبلها العقل ولا المنطق في العصر الحديث .
حلم ملك مصر كما هو مذكور في الآية القرآنية يتكلم عن سبع بقرات وعن سبع سنابل (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ) . البقرة هي رمز حواء الخاطئة ورمزها كحرف هو حرف الألف ، ونجد أن حرف الألف قد تطور عبر العصور من شكل (٧) في اللغات القديمة ووصل في النهاية إلى الشكل (A) في اللغة اليونانية واللاتينية (كما توضح الصورة) . أما السنبلة فهي رمز آدم ورمزه كحرف هو حرف الألف في اللغة العربية ( أ ) ، فإذا وضعنا الحرفين بجانب بعضهما البعض سنحصل على الشكل (A | ) والذي يمثل الرمز الإلهي(١٨) الموجود في كف اليد اليمنى ونظيره (٨١) الموجود في كف اليد اليسرى ، حيث مجموعهما كأرقام (١٨+٨١=٩٩) ، العدد (٩٩) هو عدد اسماء الله الحسنى في الإسلام .
سفر التكوين يذكر أن يوسف رأى حلمين : الأول سنابل أخوته تسجد لسنابل يوسف (٣٧ :٧ فها نحن حازمون حزما في الحقل و إذا حزمتي قامت و انتصبت فاحتاطت حزمكم و سجدت لحزمتي) ، والحلم الثاني الكواكب والشمس والقمر (٣٧ :٩ ثم حلم أيضا حلما آخر و قصه على إخوته فقال اني قد حلمت حلما أيضا و إذا الشمس و القمر و أحد عشر كوكبا ساجدة لي) . فأحلام يوسف وملك مصر ليست مجرد أحلام تتعلق بيوسف وعائلته وبلاد مصر ولكن تتعلق بمصير الإنسانية والكون بأكمله فهي تعتمد على أسماء الله الحسنى ، ولهذا الآية القرآنية في نهاية سورة يوسف تذكر (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ...) و المقصود بكلمة (أبويه) آدم أبو البشرية وحواء أم البشرية ، لأن الكون هو مكان نفي آدم وحواء بعد طردهما من الجنة كعقاب لهما بسبب الخطيئة التي إرتكباها. ولهذا الحكمة الإلهية في تصميم سفر التكوين كانت أن تكون بدايته خلق الإنسان وإرتكاب الخطيئة ، وان تكون نهايته قصة يوسف الذي استطاع رفع أبويه على العرش بعد سقوطهما عنه . فعنوان هذا السفر (التكوين) هو رمز تكوين الإنسان المادي والروحي الذي سيستمر تطوره حتى نهاية البشرية . وكذلك الحكمة الإلهية في القرآن الكريم وضعت الآية ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) في سورة يوسف لأن قصة يوسف هي أفضل قصة واقعية في تاريخ البشرية ، فتعاليم النبي يوسف التي وضعت أسس علم التأويل كان لها الفضل الأكبر في تطور الإنسانية نحو تحقيق المدينة الفاضلة . والذي سعت جميع الديانات والحضارات إلى تحقيقه ولكن روح السوء العالمية حاولت باستمرار منعها من الوصول إلى هذه المدينة .
الرموز الموجودة في قصة يوسف في القرآن وسفر التكوين تعطينا دليلا من الأدلة التي تؤكد أن النبي يوسف هو مؤسس عصر الأهرامات في مصر ، حيث الهرم هو رمز (٨) الذي تحول من شكل رأس بقرة إلى شكل حرف الألف(A) ،والمسلة هي الرمز ( ١ ) رمز الأفعى التي تحولت إلى حرف الألف(أ ).هذا النوع من فهم النصوص الدينية والآثار الإحفورية يعتمد مبدأ التأويل . فعن طريق تأويل الأشياء والأحداث بشكلها الصحيح هو فقط الذي سيدفع تطور الإنسان بشكل تدريجي في الوصول إلى الكمال كما خلقه الله في الجنة . قصة يوسف في سفر التكوين والقرآن الكريم تشرح لنا جميع الرموز الموجودة في النصوص الدينية وكذلك تشرح لنا جميع القوانين الفيزيائية التي تحكم الكون بأكمله .
تعاليم النبي يوسف تسمى الحكمة المقدسة (الفلسفة المقدسة) . فمعظم المصطلحات العالمية الهامة المستخدمة في هذه النوعية من علوم الحكمة مشتقة من أسم يوسف : عين سوف (العين التي ترى كل شيء) فكلمة (سوف) هي اختصار لأسم يوسف ، والمقصود بهذه العين هو الرؤية الشاملة . كلمة سفروت والتي تعني شجرة الحياة تتألف من قسمين (سف) اختصار لأسم يوسف ، و (روت) من كلمة رؤية . كلمة فلسفة مشتقة من عبارة (المحب للحكمة) في اللغة اليونانية ، والحكمة في اليونانية هي (سوفيا - صوفيا) . في العربية كلمة (صوفي) مشتقة من سوف ، كلمة صافي أي نقي خالي من الشوائب في العربية مشتقة من سوف . المعنى الشامل لهذه الكلمات هو الوصول إلى مستوى الصفاء الكامل من الشوائب التي شوهت تكوين الإنسان بسبب الخطيئة التي حصلت في الجنة وأدت إلى طرده منها ، ولهذا الآية (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ... ١٠٠) موجودة في سورة يوسف .
قبل أن نشرح تطور علوم الحكمة المقدسة (الفلسفة المقدسة) لا بد من شرح بعض الأشياء الهامة من دور يوسف في تأسيس هذا النوع من العلوم وبنفس الوقت ومن خلال عرض الأمثلة نأخذ صورة عامة عن معنى كلمة تأويل :
حادثة ذهاب إبراهيم وكذلك من بعده يوسف (عليهما السلام) إلى مصر ليست صدفة ولكنها أحداث رمزية تشرح لنا حقيقة ما حصل في الجنة . فحوالي عام (٣٢٠٠) قبل الميلاد ، أرسل الله إبراهيم إلى مصر . اسم إبراهيم يعني (أبو الأمم) ، فإبراهيم هو رمز آدم أبو الإنسانية . أما مصر فهي رمز بوابة القارة الأفريقية . إذا نظرنا إلى شكل خريطة أفريقيا سنجد أنها تشبه شكل رأس إنسان له قرن (رَجل الثور) . فجميع الإحفوريات تؤكد أن الإنسان العاقل ظهر لأول مرة في أفريقيا (قبل حوالي ٣٠٠ ألف عام) ومنها إنتقل إلى جميع أنحاء العالم . فالقارة الأفريقية هي رمز مكان منفى الإنسان بعد طرده من الجنة ولهذا كان شكل خريطة أفريقيا لها شكل إنسان له قرون كرمز لسيطرة روح الشيطان على المكان . وطالما أن الشيطان استطاع طرد الإنسان من الجنة، لهذا عندما أجبرت الظروف إبراهيم (أبو الأمم) بالذهاب إلى مصر ، فشل ابراهيم في الإنتصار على روح الشيطان الموجودة في روح ملك مصر الذي يحكم تلك المنطقة ، ولكن الله حماه وساعده في الخروج منها . أما يوسف فعندما أجبرته الظروف بالذهاب إلى مصر ليكون عبدا هناك ، استطاع يوسف أن ينتصر على روح الشيطان حيث أصبح هو الحاكم الفعلي على بلاد مصر .
مصر في ذلك الزمن كانت رمز للعالم بأكمله (أم الدنيا) كونها تقع في مركز العالم القديم فهي تقع في أقرب منطقة تتحد فيها آسيا مع أفريقيا . فمع إنتصار يوسف على روح السوء العالمية في مصر دخلت الإنسانية في مرحلة جديدة وهي مرحلة إكتساب القدرة على التأويل . هذه الفكرة مذكورة بشكل رمزي في تاريخ مصر القديمة . فهرم زوسر المدرج الذي بناه يوسف والذي يُعتبر أول بناء حجري ضخم في تاريخ الإنسانية ، يوجد أمام هذا الهرم ساحة كبيرة يُقام بها إحتفالات (حبسيد) . ففي هذا الإحتفال الذي يجري كل /٣٠/ عام من حكم الملك ، يقوم الملك بمواجهة الثور فيحاول ربطه من ذيله وأرجله للسيطرة عليه ، ليثبت للشعب في أحقية استمراره في حكم البلاد كونه لا يزال يملك القدرة في الإنتصار على الثور (رمز روح السوء العالمية) . بعد إنتصار الملك على الثور يأتي إلى المنصة حيث يوجد نبتتان (اللوتس والبردي) وفي الوسط يوجد وتد خشبي فيقوم الكاهن بشد قمتي النبتتين نحو الوتد ويربطهما به كرمز لإنتصار الملك .نبتة اللوتس ونبتة البردي بعد شدهما إلى بعض يتحول شكلهما من (١١) إلى الشكل (٨) الذي له شكل الهرم الذي يمثل رمز حواء ، أما الوتد فهو رمز المسلة (١) وهو رمز آدم . من رموز عيد (حبسيد) نحصل على الرمز الإلهي (١٨) وهو شكل الخطوط الموجودة في كف اليد اليمنى واليسرى ، فهذا العيد هو عيد رمزي له معنى أن مع إنتصار يوسف على روح الشيطان في مصر بدأ الإنسان يملك الطريقة لرؤية جميع أسماء الله الحسنى والتي بإتباع مبادئها يدخل المؤمن إلى الجنة . ولهذا نجد أن شعب مصر القديمة بعد وفاة يوسف بعدة قرون وبسبب تشويه تعاليمه من البعض أدى إلى سوء فهمهم لمفهوم يوم البعث حيث أعطوا أهمية فقط للأمور المادية وأهملوا الأمور الروحية ولهذا أصبحت عقيدة التحنيط عند الملوك من أهم عقائدهم .
أسم والد يوسف هو (يعقوب) ومصدر هذا الأسم هو كلمة (عقب) أي القدم ، أما أسم والدة يوسف فهو (راحيل) وهذا الأسم له معنين : الأول مصدره من فعل (يرحل) أي ينتقل من مكان إلى مكان ، وهو رمز دور يوسف الذي وضع التعاليم الصحيحة ليستطيع الإنسان الرحيل إلى الجنة الوطن الأم للإنسانية . أما المعنى الثاني فأسم راحيل يتألف من قسمين (راح - إيل) ومعناه يد الله . اليد هي رمز الكائن العلوي الذي يمثل العلوم الروحية الإنسانية (العين اليمنى) ، أما القدم فهي رمز الكائن السفلي والذي يمثل رمز العلوم المادية (العين اليسرى) . فيوسف يملك النوعين من الرؤية (الروحية والمادية) لهذا يذكر سفر التكوين أن قميص يوسف كان يحمل العديد من الألوان . فتعدد الألوان هو رمز لجميع أنواع العلوم حيث بإتحاد هذه الألوان نحصل على اللون الأبيض (النور) والذي يمثل رمز الكمال . ولهذا أيضا القرآن يذكر في سورة يوسف على لسان يعقوب (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ...٦٧) . فكل باب هو علم ، ومعرفة حقيقة الأشياء والاحداث لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق التأويل الذي يحتاج إلى الإلمام بجميع أنواع العلوم .
أسم يوسف في مصر القديمة هو (أمحوتب) .ومعنى هذا الأسم في اللغة المصرية القديمة (القادم في سلام) . بعد وفاة يوسف بحوالي /١٠٠٠/ عام يأتي شعب الهيكسوس ويحتل مصر لمدة حوالي /٢٠٠/ عام ، وكانت طريقة عقاب الهيكسوس للمصريين المعارضين لهم هو قطع اليد اليمنى من رسغ اليد ، فعقاب الهيكسوس للمصريين بهذه الطريقة لم يكن صدفة ولكن لها معنى رمزي يقول للمصريين :طالما أنكم قد هجرتم تعاليم يوسف فأنتم لا تستحقون الرمز (١٨) في أيديكم .مقبرة الأيدي المبتورة تم إكتشافها عام ٢٠١١ .
ولكن بعد حوالي قرنين من إحتلال الهيكسوس لمصر يأتي الملك المصري (أحمس) وينتصر عليهم ويطردهم من مصر ويؤسس الأسرة الحاكمة التي تحمل الرقم الرمز الإلهي /١٨/ ، فنجد من بعده يتعاقب نوعين من الحكام . منهم من يحمل اللقب (تحتمس) وهم روحيا من أتباع تعاليم النبي يوسف ، ومنهم من يحمل اللقب (أمنحوتيب) وهم رمزيا أعداء النبي يوسف وأتباع عقيدة الثور . وهؤلاء الحكام من أتباع عقيدة الثور هم الذين يحملون لقب (فرعون) المذكور في الكتب المقدسة كون عقيدتهم تعتمد على تعاليم روح الشيطان (الثور) . حتشبسوت ملكة مصر كانت فرعونة لأنها كانت كإمرأة تمثل الرمز (٧) البقرة. ولكن في زمن حكم أمنحوتيب الثالث تولد أميرة في شمال بلاد الشام تجعل الجميع يتكلم عن جمالها ، فيصل الخبر إلى حاكم مصر فيقرر أن يحصل عليها ورغم معارضة الفتاة ولكن الظروف تجبرها الى الذهاب إلى مصر فتأخذ هذه الأميرة دور النبي يوسف في الإنتصار على روح الثور (الشيطان) التي كانت تحاول مرة أخرى السيطرة على بلاد مصر . الشعب المصري في ذلك الوقت كان فطريا لا يزال يحتفظ في أعماق نفسه عن دور جمال النبي يوسف في إزدهار بلادهم ، لذلك كانوا متلهفين لقدوم هذه الأميرة ، ومن شدة هذه اللهفة الروحية أصبح أسمها بالنسبة لهم (نفرتيتي) ومعناه (الجميلة قادمة) ، هذا الإسم ليس صدفة ولكن وحي إلهي يربط نفرتيتي مع معنى أسم يوسف المصري امحوتب (القادم في سلام). نفرتيتي تتزوج أمنحوتب الثالث وبعد وفاته تتزوج من إبنه أمنحوتب الرابع (أخناتون) . وبسبب إعجابه بذكائها وحبه الشديد لها تُصبح هي الحاكمة الفعلية لمصر كما حصل مع يوسف . فتقوم نفرتيتي بثورة جديدة مماثلة لثورة يوسف في مصر ، فتزيل جميع الآلهة المعبودة ليحل مكانها إله واحد وهو الإله آتون (إله النور) . نفرتيتي هي التي أخذت الطفل موسى من النهر عندما كانت زوجة أمنحوتيب الثالث ، وهي التي قامت بتربيته لتمهد له حكم مصر عندما يكبر بأسم (تحتمس الخامس) ، الأسم (تحتمس) يتألف من قسمين : الأول (تحوت) وهو إسم إله تحوت (سنتكلم عنه بعد قليل) ، والثاني (مس) وتعني ابن ، أي ابن الرب تحوت . أسم موسى مصدره كلمة (مس) .
وزير أمنحوتب الثالث والذي أسمه آي (AI) كانت روحه مناقضة تماما لروح يوسف ، فحرف الألف في أسمه هو رمز البقرة وليس رمز حواء التأئبة ، فأسمه في الحقيقة وهو الرمز (٧١) وليس (٨١) . فهذا الوزير كان من أشد الحاقدين على نفرتيتي كونها قد أخذت منه الكثير من الصلاحيات . وبعد إكتشاف سر أمر موسى بأنه ليس من العائلة الحاكمة يقوم كهنة آمون بمساعدة الوزير آي بخلق نوع من التمرد على القصر ، فيضطر موسى إلى الهروب من مصر ويضطر الملك أخناتون بخلع نفرتيتي من العرش .ولكن مع عودة موسى إلى مصر وإنتصاره على فرعون تخرج نفرتيتي وقوم موسى من مصر . موسى كان رمزا مصغرا عن يوسف فهو مواطن مصري وليس من أسرى الهكسوس ، وقوم موسى هم من قوميات مختلفة فكثير منهم هم مصريون من أتباع نفرتيتي ، ومنهم من العبيد الذين تم أسرهم في المعارك . أما نفرتيتي فقد كانت رمزا حقيقيا لراحيل أم يوسف التي أسمها لها معنيين : الأول والذي معناه الرحيل من جهنم إلى الجنة ، فنفرتيتي هي التي مهدت الطريق لتحرير قوم موسى من فرعون وخروجهم من مصر ، أما المعنى الثاني والذي يعني يد الله ، فنفرتيتي وبوحي إلهي هي التي كتبت أسفار التوراة الخمسة والتي تُعتبر أول كتب ديانة سماوية تظهر في تاريخ البشرية.
هناك رموز عديدة جدا في الآثار التاريخية وفي التوراة تؤكد أن نفرتيتي هي الملكة التي أخذت الطفل موسى لترعاه وتحميه . أيضا توجد في النصوص الإسلامية رموز عديدة تؤكد صحة هذه المعلومات ولكن بطريقة مختلفة ، فمعلومات النصوص الإسلامية تربط قصة نفرتيتي بقصة الملكة أستير اليهودية المذكورة في سفر أستير . فالكثير من الباحثيين في كتب العهد القديم يؤكدون أن قصة أستير هي رواية تاريخية وليست حقيقة تاريخية ، وهذا صحيح فهذه الرواية هي من وحي إلهي هدفها كشف دور يوسف ودور نفرتيتي في أحداث قصة موسى . فالملكة أستير أسمها العبري هو (هدسة) ومعناه بالعبرية نبات (الآس) وهو نفس أسم زوجة فرعون في النصوص الإسلامية (آسيا) فهذا الأسم يؤكد أن نفرتيتي ليست مصرية ولكنها أتت من آسيا . أما وزير الملك البابلي الذي أراد القضاء على اليهود فأسمه (هامان) ، وهو نفس الأسم الذي يستخدمه القرآن في أسم وزير فرعون الذي أسمه في المصرية القديمة (آي). أما عم أستير الذي ساعدها في الإنتصار على هامان فأسمه (مردوخاي) وهو نفس أسم الإله البابلي (مردوخ) الذي يحمل صفات يوسف ، فإله مردوخ البابلي هو إله الحكمة كونه يتميز بصفة المقدرة على رؤية كل شيء (الرؤية بزاوية ٣٦٠ درجة) ، وبيته هو برج بابل كرمز للأهرامات التي بُنيت في عصر الأهرامات الذي أسسه يوسف في مصر . (برج بابل سنتكلم عنه بعد قليل) . سفر أستير يتكلم عن دور أستير في تحرير اليهود من الحكم الفارسي وذهابهم إلى فلسطين لبناء هيكل سليمان الثاني بعد دمار هيكل سليمان الأول . وهو نفس دور نفرتيتي التي خرجت مع قوم موسى لتنشئ تعاليم جديدة بعد محاولة فراعنة مصر القضاء على تعاليم يوسف ، فتعاليم يوسف هي رمز هيكل سليمان .
تمثال رأس نفرتيتي الذي تظهر به بعين واحدة وهي العين اليمنى ، ليس صدفة ولكن هو تعبير رمزي يوضح لنا حقيقة طريقة خداع الأعور الدجال في تضليل البشرية ، فتمثال نفرتيتي يوضح لنا أن الكتب المقدسة مكتوبة برؤية روحية حقيقية (العين اليمنى) ، فهي تبدو وكأنها مفهومة ظاهريا ولكن في الحقيقة تحمل في داخلها رموز عديدة تعطينا رؤية شاملة للأشياء والأحداث . ولكن حتى يتم تأويلها من خلال فهم هذه الرموز نحتاج إلى تعاون الرؤية المادية (العين اليسرى) . لهذا كان والد إسكندر المقدوني (كرمز للحضارات الغربية) بعكس تمثال نفرتيتي فوالد إسكندر كان أعور العين اليسرى والتي تمثل رمز العلوم المادية .
ليس من الصدفة أن القرآن الكريم يذكر أحداث قصة موسى في أكثر من /١٤/ سورة ، ويذكر أسم موسى /١٣٦/ مرة ، فهذا التكرار هو حكمة إلهية ، فهذه الآيات تحمل في داخلها رموز وأرقام تشرح لنا دور النبي يوسف ودور نفرتيتي في تطور المعارف والعلوم التي من خلالها يمكن الإنتصار على روح السوء العالمية . فالأعور الدجال في الحقيقة هو رمز فرعون آخر الزمان الذي سيحاول القضاء على الرؤية الروحية لمنعها من التعاون مع الرؤية المادية ليحول رمز المرأة من (٨) إلى (٧) . ولهذا الحكمة الإلهية في ظهور كل ديانة سماوية قد أرسلت أنبياءها بشكل مزدوج كتعبير لحالة إزدواجية الرؤية . الديانة اليهودية (موسى - هارون) والمسيحية (عيسى - يحيى ) والإسلام (أحمد - علي) عليهم الصلاة والسلام . الرسل (موسى ، عيسى ، أحمد) هم رمز العين اليمنى التي رمزها (٨) وهو يمثل اليد اليمنى (١٨) للدين ، أما (هارون ، يحيى ، علي) فهم رمز العين اليسرى التي رمزها (١) والذي يمثل اليد اليسرى (٨١) للدين . الرمز (٨) الذي يمثل رمز المرأة ورمز الأنبياء الروحيين ، هو أساس كل شيء في الكون ، ولهذا الحديث الشريف يقول بما معناه (الجنة تحت أقدام الأمهات) . فجميع حضارات الديانات السماوية بدأ إزدهارها مع تعاون أصحاب الرؤية الروحية مع أصحاب الرؤية المادية ، ولكنها هذه الحضارات دخلت في عصر الإنحطاط بسبب ظهور روح الأعور الدجال التي قامت بتنمية التعصب الديني بين المؤمنين والذي أدى إلى ظهور العداوة والبغضاء بين الأورثوذكس والكاثوليك في المسيحية ، وبين السنة والشيعة في الإسلام .
أسم مصر مصدره من الأسم العبري (مصرايم) ويعني (مزدوج - مثنى) وهو رمز مصر قبل وبعد مجيء يوسف إليها ، فقبل مجيء يوسف كان رمز مصر هو (١٧) بسبب سيطرة روح الشيطان (الثور) عليها ، ولكن بعد قدوم يوسف وإنتصاره على روح الشيطان أصبح رمزها (١٨) والذي تم التعبير عنه بشكل هندسي وهو الهرم والمسلة (١٨) كدليل على هذا الإنتصار .
الحكمة الإلهية وضعت سورة (الفاتحة) لتكون هي السورة الأولى في القرآن وهي رمز حواء الخاطئة التي فتحت باب الخروج من الجنة ، ولهذا عدد آيات سورة الفاتحة هو الرقم (٧) ، السورة الثانية في القرآن الكريم هي سورة البقرة ، وهو رمز روح السوء العالمية التي كانت تسيطر على مصر (رمز العالم بأكمله) قبل قدوم يوسف ، ولكن مع مجيء يوسف إلى مصر يبدأ عصر بناء الأهرامات والذي رمزه السورة الثالثة (آل عمران) ، ثم تأتي السورة الرابعة (النساء) كرمز لظهور نفرتيتي كأول ملكة أنثى حقيقية تنتصر بسلوكها ومعارفها على روح الشيطان . ليس من الصدفة أيضا أن اسم والد موسى هو (عمران) وهو الرمز الروحي ليوسف الذي أسس عصر الأهرامات . وليس من الصدفة أيضا أن مدينة أخناتون التي أنشأتها نفرتيتي تكريما لإله النور أتون لتكون عاصمة بلاد مصر ، اليوم تسمى (تل عمارنة) ، فسبب تسمية هذه المنطقة في العصر الحديث ب (تل عمارنة) هو أن القبيلة التي سكنت فيها تسمى قبيلة عمران . فظهور هذه القبيلة بهذا الأسم لتعيش هي بالذات في هذا المكان في زمن إكتشاف هذه المدينة الاثرية ليصبح أسم هذه المنطقة (تل عمارنة) لم يحدث بالصدفة ولكن تم حسب المخطط الإلهي ليكون أسم هذه المنطقة علامة إلهية تساعدنا في فهم دور نفرتيتي في خروج قوم موسى من مصر .
الاسم (فرعون) الذي تم ذكره لأول مرة في التوراة ، لا وجود لأي أثر له في الحضارة المصرية القديمة، وحتى الآن لم يتم معرفة مصدره الحقيقي .فهذا الأسم في الحقيقة هو اسم رمزي من وحي إلهي وتأويله يعتمد على فهم رمز الأعور الدجال (χξ6) المذكور في سفر يوحنا النسخة اليونانية ، وكذلك في الحديث الشريف الذي يقول بأن جبين أعور الدجال مكتوب عليه الحروف الثلاثة (ك،ف،ر) . هذان الرمزان يتألفان من ثلاثة أقسام ، وكذلك كلمة (فرعون) تتألف من /٣/ أقسام (ف ، رع ، أون) ، حيث (ف) هو حرف مصري قديم له شكل (أفعى) وهو يمثل الحية التي حرضت حواء وأدم على إرتكاب الخطيئة في الجنة ، أما (رع) فهو إله الشمس ولكن الشمس كحرارة أي نار وليس نور ، أما ( أون) فتعني أعمدة . أي أن كلمة فرعون رمزيا لها معنى مناقض تماما لدور يوسف في مصر ، فالرمز (١٨) وكذلك الرمز المناقض له (١٧) يتألفان من /٣/ أعمدة (١١١) ، فعدد آيات سورة يوسف هو العدد (١١١) وهذا العدد ليس صدفة ولكن رمز للأعمدة الثلاثة ، يوسف استطاع تحويل هذه الأعمدة من الشكل (١٧) إلى (١٨) ، لهذا إنتصر على الجفاف (الحر الشديد) الذي دام /٧ / سنوات ، أما فرعون فقد أعاد الرمز (١٨) إلى (١٧) ولهذا كان يرمي في النار كل مولود جديد من أتباع تعاليم النبي يوسف (قوم موسى). ولكن مع قدوم نفرتيتي يتم منع عبادة رع (إله النار) ليحل مكانه إله أتون (إله النور) ، ولهذا أيضا تكلم الله مع موسى من خلال شجيرة يخرج منها النور ، ولهذا أيضا كانت نهاية فرعون وجيشه الغرق في الماء ، فالماء هو الذي يطفئ النار ، والماء أيضا هو رمز هطول الأمطار التي أطفأت الحر الشديد وأنقذت شعب مصر بعد سنوات الجفاف المذكورة في قصة يوسف .
أما اسم نفرتيتي فهو يتألف من مقطعين (نفر - تيتي) ، كلمة (نفر) تعني جميل وجميلة ، وهذه الكلمة في الهيروغليفية المصرية القديمة تتألف من حرف واحد له شكل مبيض الزهرة ، ولهذا البرعم الزهري في النبات يسمى في اللغة العربية (نورة) من كلمة (نور) التي مصدرها هو الكلمة المصرية (نفر) مع تبديل حرف (ف) إلى (و) كما حصل في العديد من الكلمات مثل (قفقاس = قوقاز) أو (ايفا = حواء) .... وهكذا . ولهذا الآية /٣٥/ في سورة النور تصف النور بشكل الزهرة (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) المشكاة تمثل بتلات وسبلات الزهرة التي لها شكل المشكاة ، المصباح هو مبيض الزهرة الذي له شكل زجاجة . الكوكب الدري هو الكوكب المضيء وفعل (زَهَر) يعني أضاء وتلألأ . فأسم نفرتيتي الذي معناها (الجميلة قادمة) في المصرية القديمة له معنى آخر أيضا وهو (النور قادم) .
الحكمة الإلهية أعطت رموزا أخرى لتؤكد صحة هذه المعلومات ، فبعد لقاء موسى بربه وعودته إلى مصر حمل معه معجزتين : الأولى وهي العصا التي تتحول إلى أفعى وهي تمثل الرمز (١) والذي يمثل العلوم المادية ، فسحرة فرعون أستخدموا العلوم المادية (علوم الكيمياء والفيزياء) لخداع الناس ليبدو ما يصنعونه وكأنه قوة غيبية خارقة . أما المعجزة الثانية فهي جيب موسى (إبطه) الذي عندما يضع يده داخله تخرج بيضاء يشع منها النور ، فهذه المعجزة تمثل الرمز (٨) ، فالإبط هو عبارة عن الزاوية التي تتشكل من خط الزراع مع خط الجسم (٨). ولهذا ليس من الصدفة أن نجد اليوم أن بعض علماء الفيزياء يؤكدون بأن الأهرامات والتي رمزها (٨) لم تكن قبورا كما يعتقد علماء التاريخ الذين اعتمدوا على النقل السطحي للمعلومات ، ولكنها كانت عبارة مولدات كهربائية عملاقة تنير بلاد مصر .
كما ذكرنا قبل قليل بأن أسم موسى في اللغة المصرية القديمة معناه (ابن تحوت) ، تحوت هو رمز النبي يوسف فعلوم تحوت مشابهة تماما لعلوم أمحوتب . فحسب الأساطير المصرية القديمة فإن تحوت هو من علم الناس الكتابة والأعداد والرياضيات والبناء والطب والفلك والزراعة والطقوس الدينية . ولهذا بعد قرون عديدة من خروج قوم موسى من مصر استمر الحكماء في محاولة استخدام مبأدئ تعاليم يوسف (تحوت) وتطوير معارفها لتساعدهم في تأويل الأشياء والأحداث لفهم تكوين الإنسانية وفهم تكوين العالم المحيط بهم والعلاقة بينهما . عند اليهود وصلت هذه التعاليم إلى ملك سليمان عليه السلام فقام بتطويرها فأخذت أسم جديد وهو (القابالا اليهودية) ، هذا الأسم مشتق من كلمة (قَبِل) المذكورة في حادثة قربان هابيل الذي تقبله الله ، فمعنى قابالا أي أنه أصبح مقبولا عند الله ، بمعنى أن فهم حقيقة الأشياء والأحداث لا يتقبله الله إلا عن طريق استخدام مبادئ التأويل كونها تعتمد الرؤية الشاملة .
الحكيم اليوناني بيثاغوراس أخذ هذا النوع من البحث العلمي من المصريين واليهود وعندما عاد إلى بلاده سماه الفلسفة (علوم الحكمة) . ولكن علوم الفلسفة وبسبب استخدامها من بعض الأشخاص الذين اعتمدوا فقط الرؤية المادية (أرسطو وغيره) قاموا بتشويه هذه النوعية من العلوم وحولوها إلى مذهب مادي يعتمد على التفسير وليس التأويل . ولمنع هذا التشويه الذي بدأ يحدث على مبادئ علوم الحكمة (الفلسفة) التي تعتمده المدرسة البيثاغورية ، ذهب بعض الفلاسفة وأطلقوا عليها أسم آخر وهو (الهرمسية) نسبة إلى هرمس ثلاثي القوة والمقصود به تحوت المصري .
كلمة (الهرمسية) مصدرها الأسم اليوناني هرمس (Ερμής) . هرمس في الأساطير اليونانية يمثل الإله الرسول الذي ينقل رسائل الآلهة إلى البشر . وفي الحقيقة المقصود منه رمزيا أنه الرسول الذي ينقل رسائل أسماء الله الحسنى للبشر . فكلمة هرمس في اليونانية مشتقة من فعل (Ερμηνέυω) والذي معناه في العربية (تأويل وترجمة) . فتطور الأشياء والأحداث يسير حسب المخطط الإلهي والذي تتحكم به أسماء الله الحسنى ، فقوانين الأسماء الحسنى موجودة حولنا ولكن بعضنا لا يراها وبعضنا يراها ولكن لا يفهمها ، تعاليم هرمس (يوسف) هي التي تساعدنا على رؤيتها وفهم معناها .
تحوت في اليونانية يُسمى هرمس ثلاثي العظمة ، فتحوت في الأساطير المصرية يقول عن نفسه بأنه كان واحدا (عندما كان في الجنة) ولكنه أصبح ثلاثة (عندما أرسله الله إلى الكون ليساعد والديه آدم وحواء) . بمعنى أنه كان يمثل الرمز (١٨) الذي يتألف من /٣/ أقسام ولكنها متحدة وتعمل كوحدة متكاملة . ولكن بعد خروجه من الجنة أصبح يعمل لتطوير الأقسام الثلاثة في البشرية التي يتكون منها الرمز الإلهي (١٨) ليتم تنقيتها من الشوائب الشيطانية لتستطيع العمل كوحدة عالمية متكاملة . ولهذا إنقسمت العلوم إلى نوعين : العلوم دينية والإنسانية ورمزها (٨) والعلوم المادية ورمزها (١) . فالهرم الذي تم بنائه كأول بناء حجري ضخم في تاريخ البشرية والذي يمثل رمزيا تحول رمز حواء من (٧) إلى (٨) ، له شكل موشور (Δ) ، حيث الرمز (٧) يمثل موشور يقوم بتفكيك الضوء الأبيض إلى ألوانه الرئيسية الثلاثة (الأزرق والأخضر والأحمر) ، أما الهرم الذي بناه يوسف فهو الموشور المعاكس له شاقوليا والذي يعيد توحيد هذه الألوان الثلاثة لتعطي لون واحد وهو اللون الأبيض وهو النور (كما توضح الصورة) . ولهذا نجد أن الكتب المقدسة السماوية تذكر قصة برج بابل ، فرمز البرج هو الموشور ، وكلمة بابل في العبرية لها معنيين متناقضين : الأول مصدره من كلمة (بلبلة) وتعني التشتت والفوضى وفي هذه الحالة فإن البرج يمثل بوابة الخروج من الجنة (٧) ويمثل أيضا رمز دور الأعور الدجال . والمعنى الثاني مصدره من الكلمتين (باب إل) ويعني بوابة الله . فأهرامات مصر هي برج بوابة الله ، أي البوابة التي تقودنا إلى الجنة ولهذا كان أول هرم تم بنائه هو هرم زوسر المدرج والذي له شكل سلم يصعد نحو السماء ، ولهذا أيضا الحديث الشريف يذكر (للجنة ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب) فالمقصود من الحديث الشريف ليس معناه الظاهري فالجنة وجهنم لهما أبواب عديدة ، ولكن المقصود هو الرمز (٨) الذي يوحد المعارف ويقود الإنسان إلى الجنة ، والرمز (٧) الذي يشتتها ويمنعها من التعاون مع بعضها البعض فيقود الإنسان إلى جهنم كما يحصل في عصرنا الحديث . فبسبب سيطرة روح أعور الدجال على المنهج العلمي الحديث خلق هذا المنهج نظام عالمي فوضوي عشوائي (الفوضى الخلاقة) . ولهذا الإصحاح (١٧) في سفر الرؤيا يذكر علامة من علامات الساعة وهي ظهور (زانية بابل) التي تجلس على وحش له سبعة رؤوس وعشرة قرون . والديانة اليهودية أيضا تعطينا علامة من علامات إقتراب الساعة وهي علامة ظهور البقرة الحمراء ، فهذه البقرة هي رمز تحول المرأة من (٨) إلى (٧) حيث اللون الأحمر هو رمز النار التي ستحل مكان النور . فأكبر مشكلة يعاني منها العالم اليوم هو اشتداد الحر بسبب ظاهرة الإحتباس الحراري . وللأسف علماء الديانات السماوية اليوم وبسبب خدعة روح الأعور الدجال قد فهموا العلامات الإلهية فهم سطحي فنجدهم ينتظرون ظهور بقرة حمراء حقيقية ، فبسبب عمى البصيرة لا يشاهدون أن الروابط الإنسانية تم تمزيقها ووصلت إلى مرحلة تمزيق أفراد العائلة الواحدة ، وأن الديانات أيضا تم تمزيقها إلى مذاهب متعادية فيما بينها ، وأن معظم النساء اليوم في جميع أنحاء العالم وبسبب المنهج العلمي الحديث أصبحن مسترجلات ترين كل شيء حولهن برؤية عين رجل (رؤية مادية) مثل الملكة المصرية حتشبسوت (البقرة) وليس مثل الملكة نفرتيتي (الزهرة) .
نجمة داود (النجمة السداسية) التي أصبحت رمز للديانة اليهودية ، والتي تتألف من مثلثين واحد قمته في الأعلى والثاني قمته للأسفل ، هي رمز الصراع العالمي الدائم بين الرمز (٨) والرمز (٧) والذي لن ينتهي إلا بإنتصار المسيح على روح الأعور الدجال في آخر الزمان .
تعاليم يوسف (تحوت) مع مرور العصور أخذت أسماء عديدة حسب شعوب المنطقة ، مثل : الكابالا عند اليهود ، الفيثاغورية والهرمسية عند الغرب ، الباطنية والصوفية عند المسلمين. هذه الفرق أخذت بعض المبادئ من تعاليم يوسف وحاولت الإعتماد عليها في أبحاثها . الفروقات بينها هي اختلافات بسيطة بسبب إختلاف المبادئ التي إعتمدت عليها ، أما في المضمون فجميعها تعتمد نفس النوعية في البحث العلمي . وإن شاء الله في المقالة القادمة سنتحدث عن المبادى الأساسية لتعاليم يوسف (تحوت) والتي حاولت جميع الفرق إعتمادها ولكنها لم تستطع الإستمرار في التعامل معها بطريقة صحيحة ففشلت في إثبات صحتها . وسنشرح كيف تم تشويهها لتتحول اليوم إلى علوم محرمة بالنسبة لمعظم علماء الأديان وإلى علوم مزيفة و خرافات بالنسبة لعلماء العصر الحديث ... والله أعلم.
ملاحظة قصة حياة نفرتيتي تم شرحها بالتفصيل في كتاب(النساء عين الروح)
ز . سانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق