خواطر من الكون المجاور
الخاطرة 142 : فلسفة التدخين الجزء 2
معظم المدمنين على التدخين يرغبون في اﻹقلاع عنه، وكثير منهم حاولوا ولكنهم فشلوا ، وأسباب الفشل عديدة وتختلف من شخص إلى آخر، ورغم الدراسات الطبية والنفسية العديدة عن هذا الموضوع ظلت مشكلة اﻹقلاع عن التدخين من المشاكل التي يصعب حلها، ورغم أن مشكلة اﻹقلاع عن التدخين تبدو للأشخاص غير المدخنين بأنها مشكلة بسيطة واﻹقلاع عنها أيضا بسيط. ولكن الحقيقة هي غير ذلك على اﻹطلاق وربما السبب الرئيسي في صعوبة حل هذه المشكلة تكمن في عدم فهم حقيقة العلاقة بين السيجارة والمدخن، ونقصد هنا ليس فقط العلاقة بين السيجارة وجسم المدخن ولكن أيضا العلاقة بين السيجارة وروح المدخن.
فإذا تمعنا جيدا في جميع الدراسات التي أجريت على مشكلة اﻹدمان على التدخين من أخصائيين في علم الطب والنفس سنجد أن جميع هذه الدراسات لا تتعدى المجال المادي للمشكلة ، فرغم أن هناك دراسات تتعلق بالحالة النفسية التي يعاني منها المدمن على التدخين أثناء محاولته اﻹقلاع عنه، ولكن هذه الدراسات أيضا تقع ضمن الناحية المادية للموضوع ، وهي بعيدة تماما عن المجال الروحي للمشكلة. فالظروف النفسية التي يعاني منها المدخن أثناء محاولته اﻹقلاع عن التدخين هي أعراض سببها أيضا متعلق بالناحية المادية للمدخن وليس الناحية الروحية له. وللأسف نحن نعيش اليوم في عصر يعاني من اﻹنحطاط الروحي ، لذلك نجد أن جميع الدراسات التي أجريت على موضوع اﻹقلاع عن التدخين لم تتطرق إلى الناحية الروحية لهذه المشكلة ، فالمختصين في هذا الموضوع يظنون أن التأثيرات النفسية هي نفسها الروحية ولكن هذا خطأ ، فيوجد إنفصال كامل بين الأحاسيس النفسية والأحاسيس الروحية ، ولفهم هذه الفكرة بشكل أوضح سنتكلم عن أسباب صعوبات اﻹقلاع عن التدخين من خلال شرح العلاقة بين السيجارة والمدخن من ثلاث نواحي : مادية، نفسية، روحية.
حتى نفهم الناحية المادية بين السيجارة والمدخن سنذكر لكم هذا المثال : عندما دخلت اليونان في اﻷزمة اﻹقتصادية ،أرادت الحكومة أن تجمع من الشعب بعض المال لترفع ميزانيتها المالية ، فذهبت وبحجة أنها تريد أن تحفز الناس على اﻹقلاع عن التدخين لحماية صحتهم ، رفعت نسبة أسعار علب السجائر بنسبة 30% ،طبعا السعر الجديد للسجائر أحدث مشكلة مالية للكثيرين من الطبقة الفقيرة والمتوسطة ، فكثير منهم يدخن بمعدل أكثر من (30) سيجارة يوميا. ورغم أن بعضهم في البداية رأى هذا القرار فرصة للإقلاع عن التدخين ولكن محاولاتهم العديدة الفاشلة جعلتهم يبحثون عن حل للمشكلة بطريقة مختلفة ، فكانت النتيجة النهائية لهذا القرار ليس فقط أن نسبة الذين أقلعوا عن التدخين كانت شبه معدومة ، ولكن أيضا المدخن بدأ يدخن أكثر ، ﻷن معظم المدمنين على التدخين كانوا يحاولون التقليل من عدد السجائر بسبب كلفتها المادية ، ولكن مع صدور هذا القرار معظم المدخنين من الطبقة الفقيرة والمتوسطة إتجهوا إلى شراء السجائر المهربة والتي أسعارها منخفضة جدا ، فالذي كان يدخن 30 سيجارة يوميا أصبح يستطيع بنفس التكلفة أن يدخن 60 سيجارة أو أكثر ، وهكذا إرتفع عدد السجائر التي يدخنها المدمن على التدخين يوميا تقريبا إلى الضعف ، ومع مرور اﻷيام وبسبب الفساد في الدوائر الحكومية أصبحت تجارة السجائر المهربة من أكثر التجارات المربحة ، بينما أصحاب البقاليات والكشكات باتوا يستنجدون في البرامج التلفزيونية بسبب إنهيار سوق بيع السجائر المرخصة ﻷن معظم المدخنين أصبحوا يعتمدون على السجائر المهربة ، وربما هذا القرار مع قرارات أخرى مشابهة هي التي أدت إلى إستمرار اﻷزمة اﻹقتصادية في اليونان حتى اﻵن.
ما أريد أن أقوله من خلال هذا المثال أن إختيار حافز مادي ليكون سبب مقنع في اﻹقلاع عن التدخين سيؤدي حتما إلى الفشل ، فكثير من المدخنين يختارون دافع (توفير المال) كسبب مقنع للإقلاع عن التدخين ، ولكن بعد أيام قليلة من اﻹقلاع عن التدخين ، يجد المدخن نفسه يبحث عن مبررات تدفعه إلى العودة ثانية إلى التدخين ، فيحاول أن ينقص مصاريفه اﻷخرى من أجل توفير تكلفة التدخين ، أو بعضهم يحاول تغيير ماركة السجائر إلى ماركة أخرى أرخص من اﻷولى ، وبعضهم كما ذكرنا في المثال السابق يجد نفسه يبحث عن سجائر مهربة رخيصة جدا لا يعلم أحد عن مصدرها أو جودتها.
فإختيار دافع ( توفير المال ) كسبب للإقلاع عن التدخين لن يساهم في نجاح المحاولة ، فالمدمن على التدخين يمكن له أن يصل إلى مرحلة يفضل أن يرتدي ثياب بالية على أن يشتري ثياب جديدة من أجل توفير ثمن السجائر. وإذا كان الشخص عديم الضمير يمكن أن يسرق أو ينصب على اﻵخرين في مجال عمله فقط ليؤمن تكلفة سجائره اليومية.
قد يختار المدمن على التدخين الدافع الصحي كسبب للإقلاع عن التدخين ، فاﻹدمان على التدخين يؤثر سلبيا على صحة اﻹنسان بشكل عام فهو يؤثر على نظام عمل القلب ، وعمل الدماغ ،وجهاز التنفس ، ويسبب في حدوث السرطانات المختلفة ، ولكن هذا المبرر أيضا شيئا فشيء يخسر مفعوله ، فبعد أيام قليلة من الإقلاع عن التدخين سيجد المدخن نفسه يبحث عن مبررات ليعود ثانية إلى التدخين ، وسيحاول أن يقنع نفسه أنه من اﻷفضل أن يعيش 70 عام سعيدا يتمتع بلذة التدخين بدلا من أن يعيش 75 أو 80 عام دون أي متعة. وسيجد نفسه يعود ثانية إلى التدخين وهو راض عن نفسه دون أي قلق على صحته ، وخاصة أن الأعراض الصحية للتدخين لا تظهر بسرعة على المدخن ولكن يتطلب زمن طويل. وعادة عند ظهور اﻷمراض يكون قد فات اﻷوان.
قد يختار المدمن على التدخين وخاصة النساء منهم ، (الجمال ) كسبب مقنع للإقلاع عن التدخين ، فالتدخين كما هو معروف ، يؤثر سلبيا على نضارة البشرة فتظهر تجاعيد حول العينين ، وأيضا يؤثر على جمال اﻷسنان واللثة ، والشعر. ...ولكن هنا أيضا نرى المدخن بعد أيام قليلة من إقلاعه عن التدخين يجد مبررات تجعله يفضل العودة إلى اﻹستمتاع بالتدخين بدلا من اﻹستمتاع بشكله الجميل.
جميع هذه الأسباب للإقناع في محاولة اﻹقلاع عن التدخين هي دوافع مادية ومصيرها الحتمي هو الفشل ،ﻷن الإدمان على التدخين بحد ذاته ينمي عند المدخن الشعور باﻷنانية وهذا الشعور بدوره ينمي في داخله شعور آخر وهو شعور اللامبالاة وهذا الشعور أقوى من بقية الأحاسيس اﻷخرى ، فيجد المدخن نفسه دون أن يدري أن تأمين حاجته من السجائر أصبح من أهم متطلباته اليومية.
من أحد الأسباب المادية التي تزيد في صعوبة اﻹقلاع عن التدخين عند المدمن هو وجود النيكوتين في مكونات تبغ السيجارة وهذه المادة هي التي تسبب حالة اﻹدمان عند المدخن ، حيث يطلبها جسم المدخن باستمرار مع الاعتياد عليها ، فهذه المادة لا تأثير لها على الشخص غير المدخن ولكن تأثيرها يشعر بها فقط المدمن عليها، فعند زوال هذه المادة من جسم المدخن يبدأ عندها بالشعور بنوع من التوتر يدفعه مباشرة إلى الرغبة في التدخين، وعند إستنشاق المدخن دخان السيجارة ينتقل النيكوتين الموجود فيه إلى الرئة وخلال ثوان ينتقل من الرئة إلى الدماغ فيعطي المدخن نوعا من الشعور بالراحة بسبب زوال التوتر، هذه الراحة المزيفة تستمر لفترة قصيرة تختلف مدتها حسب شدة اﻹدمان ، حيث تعود الرغبة في التدخين ثانية بعد زوال مادة النيكوتين من الجسم.من أهم أعراض نقص النيكوتين في الجسم هي الشعور بالتوتر والخمول وصعوبة النوم وتعكر المزاج وصعوبة التركيز ،لذلك نجد أن الكثير من الذين يحاولون اﻹقلاع عن التدخين يستخدمون بدائل مساعدة في تعويض الجسم عن حاجته من النيكوتين بطرق أخرى غير السجائر ، كالعلكة والبخاخ اﻷنفي واللاصقات وغيرها.
من أهم اﻷسباب التي تزيد صعوبة اﻹقلاع عن التدخين أيضا هي العادة ، فاﻹدمان على التدخين يخلق نوع من العادات في حياة المدخن تجعله غير قادر على اﻹبتعاد عنها ، حيث تصبح السيجارة وكأنها إصبع سادس في يد المدخن ، وغيابها يجعله يشعر بوجود شيء ناقص في يده أو فمه أو في تكوينه بشكل عام وهذا الشعور يولد في داخله نوع من التوتر.
كما ذكرت في المقالة الماضية ، خلال فترة إدماني على التدخين إتبعت نصائح المختصين الموجودة في الكتب والمجلات ،ورغم إستخدامي للأدوية المساعدة في تعويض النيكوتين ولكن جميع محاولاتي باءت بالفشل ، والسبب هو عدم فهم القسم الروحي للمشكلة. لذلك سأحاول عرض تجربتي كما طبقتها على نفسي والتي كانت نتيجتها اﻹقلاع بشكل نهائي عن التدخين وبدون أي مساعدة من بدائل تعويض النيكوتين التي تباع في الصيدليات.
الإدمان على التدخين كما ذكرت ينمي الشعور باﻷنانية ،واﻷنانية بدورها تنمي الشعور باللامبالاة نحو نفسه وهذا الشعور هو الذي يخلق نوع من اﻹنفصال الروحي عن اﻵخرين، فرغم كوني في تلك الفترة أمضي أوقاتي في أبحاثي التي هدفها فهم أسباب ولادة ظاهرة حب العنف في المجتمع وبشكل الخاص في عالم اﻷطفال ، ولكن ومع ذلك كان التدخين يجعلني أعيش في عالم منفصل روحيا عن العالم الذي أعيشه ، لذلك كان أهم خطوة في محاولة إقلاعي عن التدخين هو تحطيم هذا الإحساس الروحي ، وبدلا من أن أجعل الدافع الصحي مثلا سببا للإقلاع عن التدخين ، بدأت أتصور نفسي وأنا أدخن أمام اﻷطفال ، وأن سلوكي هذا سيدفع الكثير منهم في المستقبل إلى التدخين. وهذه بالنسبة لي كانت أول خطوة في تحطيم الشعور باﻷنانية واللامبالاة وذلك عن طريق تنمية الشعور باﻹنتماء إلى الروح العالمية .
فأهم خطوة في إتخاذ قرار اﻹقلاع عن التدخين هو عدم الدخول في التحدي ، فكثير من المدخنين فجأة يقررون اﻹقلاع عن التدخين كنوع من التحدي مع أنفسهم ، فيعتقدون أن إرادتهم قوية جدا وأنهم قادرون على ذلك. ولكن نجدهم بعد ساعات قليلة قد نكثوا بوعودهم وعادوا إلى التدخين ثانية ، والسبب هو أن هذا القرار بحد ذاته مصدره هو الشعور بالأنانية ، لذلك قبل إتخاذ موعد بدء اﻹقلاع عن التدخين يجب على المدمن أن يكون قد نمىّ في داخله الشعور باﻵخرين أو ما أسميه الشعور باﻹنتماء إلى الروح العالمية، وهذا يتطلب تنمية مخيلة اﻹنسان ، ليستطيع تكوين صور إيجابية عن نفسه في مخيلته تساعده في طرد صور سلبية عن نفسه تم صنعها أثناء فترة إدمانه عن التدخين.
الصور اﻹيجابية التي يجب صنعها في مخيلة المدخن قبل البدء في اﻹقلاع عن التدخين، تختلف من شخص إلى شخص آخر ، ولكن بشكل عام يمكن للمدخن أن يضع في مخيلته صور أحب الناس إليه ، فاﻷب مثلا يمكن أن يصنع صور عن أطفاله وهم يدخنون وبأنه إذا إستمر هو في التدخين فإن هذه العادة السيئة ستنتقل إليهم ، وهذا سيجعلهم في المستقبل بدون أن يشعروا يحملون نوع من الحقد على ذلك الشخص الذي كان سببا في تعلمهم هذه العادة السيئة وهذا الشعور سيؤثر سلبيا على العلاقة بينه وبينهم.
هذه الخطوة هامة جدا فهي التي تجعل روح المدخن تشعر بإنتمائها إلى الروح العالمية ، هذا اﻹرتباط يولد في اﻹنسان نوع من القوة الروحية أو كما تسمى كمصطلح ديني ( مباركة إلهية ) تمده بقوة روحية تساعد في عودة سيطرة الكائن الروحي على أحاسيس اﻹنسان بدلا من سيطرة الكائن المادي عليها ، مما يجعل اﻷحساسات الروحية أقوى بكثير من اﻹحساسات المادية المتعلقة بالرغبة في التدخين. حيث في هذه الحالة يضعف اﻹحساس بنقص النيكوتين في الجسم كون النيكوتين مادة غريبة عنه ﻷنه لا يفرزها هو .
قد لا يصدق البعض بأن تنمية الشعور باﻵخرين يؤدي إلى تقليل اﻹحساس بأعراض نقص النيكوتين ، ولكن هذه حقيقة ، وكلما كان هذا الشعور في أعلى درجاته كلما ضعفت أعراض نقص النيكوتين ، فأنا أذكر تماما أنني في اﻷيام اﻷولى بعد توقفي الفجائي عن التدخين ، لم أشعر بأي إحساس بأي عرض من أعراض نقص النيكوتين ليدفعني إلى التدخين ثانية ، على عكس المرات الماضية التي حاولت فيها اﻹقلاع عن التدخين ، ففي تلك المرات كنت أشعر بكل عضو في جسمي وكأنه يعاني من نقص بشيء ما ، والسبب كان أن اﻹقلاع عن التدخين كان سببه مادي وليس روحي كما في المرة اﻷخيرة.
قبل أن ندخل في خطوة اﻹقلاع عن التدخين ، عدا تحطيم الشعور باﻷنانية يجب أيضا تحطيم عادة التدخين ، فأهم سبب في فشل محاولة اﻹقلاع عن التدخين هو عدم اﻹستطاعة في الخروج من العادات التي إعتادها المدمن على التدخين في حياته اليومية، فأنا مثلا قبل أن أتوقف عن التدخين بقيت لبضع أشهر أحاول أن أغير نظامي اليومي ليصبح مختلف نهائيا عما كان عليه في الماضي ، فمثلا طالما أن سبب اﻹقلاع عن التدخين هو تنمية شعوري باﻵخرين ، لذلك في البداية توقفت عن التدخين في الشارع كخطوة من تحطيم عادة التدخين، بمعنى أصبحت أمام اﻵخرين غير مدخن ، بعد ذلك إمتنعت عن شرب القهوة ، ﻷن القهوة الصباحية كانت مرتبطة بالتدخين ، وبهذه الطريقة حدث نوع من الخلل في العادة الصباحية. فبدلا من أن أدخن 3 سجائر مع القهوة الصباحية أصبحت أدخن سيجارة واحدة وبدون أي متعة بسبب غياب القهوة.
كثير من اﻷحيان عندما أكون مع أصدقائي كنت أحاول ان أمنع نفسي من التدخين بقدر المستطاع ، وأحيانا كنت حتى أستطيع منع نفسي من التدخين كنت أتركهم وأخرج إلى الشارع لأعود إلى البيت ، فقد أصبحت العادة عندي أن وجودي في الشارع يخلق في داخلي نوع من الحالة النفسية تبعد عني نهائيا الشعور بالرغبة في التدخين.
حتى أكره التدخين أكثر كان لا بد أيضا تحطيم متعة التدخين ، فبدأت أغير في ماركة السجائر ، هذا التغيير كان يمنعني أن أشعر بأي متعة أثناء التدخين ، وبدلا من تدخين كامل السيجارة أصبحت في كثير من اﻷحيان أكتفي بتدخين نصفها فقط.
عندما رأيت أن عادة التدخين أصبحت في حياتي عشوائية دون أي نظام محدد، في إحدى اﻷيام السعيدة التي لم أشكوى فيها من أي ظروف تدعوا إلى القلق أو التوتر ، قررت بشكل جدي أن أتوقف في اليوم التالي عن التدخين وبشكل نهائي ، وأول ما فعلته هو تدخين كل السجائر الموجودة لكي لا يبقى أي سيجارة لليوم التالي ، وهكذا توكلت على الله ونمت في تلك الليلة وأنا أحلم بيوم نظيف سيبدأ في حياتي خالي من هذه العادة السيئة. والحمد لله مرت سنوات طويلة وأنا اﻵن عندما أجلس مع شلة من المدخنين، لا أشعر بأي ضيق أو أي رغبة في التدخين ، بل على العكس أشعر وكأنني لم أدخن في حياتي على الاطلاق.
لا بد هنا أن نذكر أن من أهم المشاكل التي يعاني منها المدخن أثناء فترة اﻹقلاع عن التدخين هي زيادة الوزن ، فاﻷطباء ينصحون المدخن بأنه حين يأتيه الشعور بالرغبة في التدخين أن يلجأ إلى سد هذه الرغبة عن طريق تناول نوع من الطعام (تفاحة ، قطعة من الخبز، ....) وهذا خطأ ، ﻷن تناول الطعام سيزيد الرغبة في التدخين أكثر، لذلك من اﻷفضل في هذه الحالة شرب كأس من الماء فقط ، ﻷن الجوع يقلل من الشعور بالرغبة في التدخين ، لذلك يجب أن ننظر إلى اﻹقلاع عن التدخين بأنها أيضا فرصة مناسبة لتخلص من الوزن الزائد وليس العكس، ومن أجل التخلص من هذه المشكلة يمكن أيضا عمل برنامج لممارسة الرياضة، فالرياضة في هذه الفترة تساعد كثيرا في تنظيف الجسم من بقايا النيكوتين ، وأهم أنواع الرياضة هي المشي في الهواء الطلق ، فكلما شعر الشخص بنوع من الحنين إلى التدخين ، ما عليه سوى الخروج من البيت إلى اﻷماكن الهادئة ليمارس رياضة المشي وأثناء المشي يترك نفسه يتصور اﻷشخاص الذين من أجلهم يحاول اﻹقلاع عن التدخين، هذا الشعور يخلق نوع من الترابط الروحي مع الروح العالمية ، فيقل اﻹحساس بحاجات الجسد، وعندها يختفي الشعور بالرغبة في التدخين.
طبعا من اﻷفضل اﻹعتماد على اﻷشياء الروحية بدل معوضات النيكوتين الصناعية التي تباع في الصيدليات ، فالصلاة والصوم وقراءة سور من القرآن ، والرياضة وممارسة الهوايات المفيدة جميعها تساعد في تقوية الشعور باﻹنتماء إلى الروح العالمية وهذا الشعور كما ذكرنا يستطيع كبح حاجات الجسد.
أود أن أذكر لكم في اﻷخير ، ان شخص كان مدخن من النوع الثقيل ( أكثر من 60 سيجارة يوميا ) إستطاع بهذه الطريقة الإقلاع عن التدخين، فتأكد بأن اﻹقلاع عن التدخين ليس مستحيلا ولكنه ممكن جدا ، فإذا كنت مدخن وتفكر في اﻹقلاع عن التدخين لا تؤجل هذه الرغبة توكل على الله وإبدأ بوضع خطة معينة ، فإذا لم تنجح في المرة اﻷولى لا تشعر باليأس ، حاول مرة ثانية ، تذكر بأن خطر التدخين لا يتوقف على صاحبه فقط ولكن على أطفال العالم بأجمعه وكل مدخن يقع على عاتقه جزء من هذه المسؤولية.
تذكر شعور إنسان أقلع عن التدخين " أنا اﻵن أشعر بنقاء الروح ، وهذا الشعور يجعلني أنظر بمحبة نحو الجميع ، وأجد بسهولة مبررات ﻷسامح كل من أخطأ في حقي، أنا اﻵن أنام وأنا مرتاح الضمير ، أرى أحلاما سعيدة في نومي تبشرني بأن القادم أجمل ،أنا اﻵن أشعر بنوع من السعادة الروحية المستمرة في يقظتي وفي نومي. ...بإختصار أنا اﻵن أشعر بأني إنسان حر أفعل ما أشاء وكما أشاء وهذا يجعلني أشعر بأنني حقا سيد نفسي بكل معنى الكلمة "
ز. سانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق