خواطر من الكون المجاور الخاطرة
الخاطرة 2٦٢ : شهب البرشويات ظاهرة فلكية أم علامة إلهية؟
يشهد العالم في النصف الشمالي من الكرة الأرضية في كل عام زخات كثيفة من شهب (البرشاويات) من يوم ١٧ تموز (يوليو) إلى ٢٤ آب(أغسطس) ، وتبلغ ذروتها بين ١٠ - ١٤ آب ، حيث يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، دون الحاجة إلى استخدام تلسكوبات أو أدوات للرصد. هذه الشهب هي عبارة عن غبار فضائي نتج عن مرور المذنب "سويفت-تتل" قرب الأرض أثناء دورته حول الشمس التي تحدث مرة كل ١٣٣ سنة، حيث يترك حطامًا في مساره والتي تخترق الغلاف الجوي للأرض مسببةً ما يشبه "الأمطار الشهابية" . ولكن من ينظر إلى هذه الشهب وهي تتساقط ستبدو له وكأنها منبعثة من برج برشاوس "حامل رأس الغول" .
رغم أن هذه الظاهرة مشهورة عند الفلكيين ومن يهتم بالأبراج ، ولكن في الحقيقة أثناء وجودي في سوريا لم أسمع عنها شيئا .ولكن بعد ذهابي إلى اليونان ، سمعت عنها من الكثير من اليونانيين . وما لفت انتباهي لهذه الظاهرة الفلكية أنها تحدث قبل وبعد أيام من عيد (رقاد مريم العذراء) الذي يصادف في ١٥ آب من كل عام ، والذي يعتبر بالنسبة لليونانيين ثالث عيد من الأعياد الدينية كأهمية بعد عيد الميلاد وعيد الفصح . والشيء الغريب الذي لاحظته ، أن خلال أيام عطلة هذا العيد الكثير من اليونانيين يذهبون للإحتفال بهذا العيد الديني إلى جزيرتين ، الاولى هي جزيرة تينوس ، والثانية هي جزيرة كيفالونيا . وفي يوم العيد من كل عام تكون معظم نشرة الأخبار المسائية تتكلم عما يحصل في هاتين الجزيرتين.
حتى نفهم بشكل أوضح حقيقة ما يحصل في هاتين الجزيرتين في يوم عيد مريم العذراء ، لابد في البداية أن نتكلم عن رمز برج برشاوس "حامل رأس الغول" ، الذي يبدو وكأن الشهب تنبعث منه . أسم هذا البرج (برشاوس) ، هو في الحقيقة أسم أحد أبطال الأساطير اليونانية ويدعى برسياس . الأسطورة تذكر أن جده كان ملك البلاد وكان لديه ابنة واحدة تدعى داناي ، هذا الملك سمع من مُنجّم القصر ، أن حفيده سيقتله ويستولي على عرشه ، وحتى يمنع حدوث هذه النبوءة ، وضع ابنته في برج وأغلق جميع المنافذ كي لا يستطيع أحد دخوله ، ولكن رغم ذلك حملت ابنته من كبير الآلهة (ذياس) الذي نزل عليها كقطرات مطر ذهبي ، وعندما ولدت الأم وسمع الملك صراخ المولود ، وضع الأم والطفل في صندوق وأغلقه بإحكام ورماه في البحر الهائج آملا أن أمواج البحر الهائجة ستقضي عليهما . ولكن الأمواج حملت الصندوق إلى مكان بعيد حيث عثر عليه أحد الصيادين الطيبين فأنقذهما وأخذهما إلى بيته ليعيشا معه ومع زوجته ، فكبر الطفل وسمي برسياس . ما يهمنا في هذه الأسطورة أن برسياس في جميع تماثيله تكون على هيئة بطل إغريقي يحمل في يده رأس (ميدوسا) وهو رأس مقطوع يخرج منه بدل الشعر أفاعي كثيرة ، ولهذا عند العرب يدعى (حامل رأس الغول) .
ما يحصل من أشياء غريبة في الجزيرتين اليونانيتين : كيفالونيا وتينوس ، في أيام عيد مريم العذراء ، له علاقة مباشرة مع هذه الأسطورة وهذه الشهب .
- لغز جزيرة تينوس : في عام ١٨٢٢ ، أحد راهبات الدير في هذه الجزيرة ، رأت مريم العذراء في حلمها تقول لها ( حرريني من هذا المكان المظلم) وأشارت لها إلى مكان وجودها في الجزيرة . الراهبة في البداية ظنت أنه مجرد حلم بلا معنى ، لهذا لم تخبر أحدا عنه ، ولكن بعد أيام رأت نفس الحلم مرة ثانية ، فأرادت أن تخبر رئيسة الدير عنه ولكنها خشيت أن تسخر منها ومن حلمها . فلم تخبر أحد ، بعد أيام رأت نفس الحلم ولكن كانت لهجة مريم العذراء فيها نوع العتاب والغضب ، فقررت عندها أن تخبر رئيسة الدير عن حلمها ، والتي بسماعها لها فرحت كثيرا بهذا الحلم فطلبت منها أن تأتي معها لتقص على مطران الجزيرة ما رأته ، المطران أيضا فرح به كثيرا وفورا جمع رجال قرى الجزيرة وأخبرهم عن الحلم ليبدأوا في الحفر والبحث في المكان المذكور في الحلم . فرح جميع سكان الجزيره بالخبر وساهموا في عملية الحفر والبحث . ولكن الأيام بدأت تمر بدون أي نتيحة ، كثير من رجال القرية مع مرور الأيام شعروا باليأس وبدأ يقل عددهم تدريجيا إلى أن طلب منهم المطران نفسه أن يتوقفوا عن البحث ليُعلمهم بأن الحلم الذي رأته الراهبة ربما كان مجرد تهيؤات لا أكثر . ولكن بعد التوقف عن الحفر ظهر مرض الطاعون على أحد سكان الجزيرة ، وسرعان ما بدأ ينتشر بين الناس فأسرع محافظ الجزيرة إلى المطران وأخبره أن هذا الطاعون هو عقاب من مريم العذراء لأنهم قد توقفوا عن البحث ، وعندما انتشر الخبر بين السكان اسرعوا جميعا لمتابعة الحفر والبحث مرة أخرى، وبعد أيام قليلة تم اكتشاف مكان أيقونة مريم العذراء ، فحملوها وبنوا كنيسة تحمل أسم كنيسة (مريم العذراء) . وكانت أول معجزاتها اختفاء مرض الطاعون من الجزيرة ، ومنذ ذلك الوقت أصبح عيد مريم العذراء في هذه الجزيرة مركز ديني يأتي إليه الناس طلبا للشفاء من الامراض أو العاهات . في هذه الكنيسة كما يقال- والله أعلم - تم تسجيل العديد من المعجزات التي حصلت ، والتي أشهرها هي ما حصل مع الباشا العثماني مصطفى علي ، الذي كان في تلك الفترة يحكم جزيرة كريت ، حيث أصيب في شلل برجليه ، وعجز جميع الأطباء عن شفائه . أحد الاطباء اليونانيين أخبره بأن شفائه يحتاج إلى معجزة ربانية ، ثم قص عليه ما يحدث من معجزات في كنيسة تينوس ، وطلب منه أن يذهب هناك فربما تحدث معجزة معه أيضا . فذهب مصطفى علي باشا إلى الجزيرة وحدثت المعجزة وشفي من شلله . فكانت مكافأته للكنيسه أن يصنع نافورة كبيرة في ساحة الكنيسة ويزرع من حولها أربع أشجار سرو . النافوره لا تزال موجوة حتى اليوم - ولكنها لا تعمل- وحولها أشجار السرو الأربعة ومعروفة حتى اليوم بأسم ( نافورة مصطفى باشا) .
حتى نفهم علاقة كنيسة مريم العذراء في جزيرة تينوس مع شهب البرشاويات ، لا بد من ذكر سبب تسمية هذه الجزيرة بأسم (تينوس) . هناك عدة أساطير لتسمية هذه الجزيرة بهذا الأسم ، أهمها والتي لها صلة مباشرة بموضوع شهب البرشاويات هي هذه الأسطورة : جزيرة تينوس في البداية لم يكن لها أسم ، ورغم أنها كانت جزيرة جميلة جدا مليئة بالأشجار والأنهار ، ولكنها كانت خالية من السكان بسبب كثرة الأفاعي الموجودة بها ، لهذا كان كل شخص مغضوبا عليه من الملك يتم نفيه إلى هذه الجزيرة لتقتله الافاعي . في أحدى الفترات كان لملك البلاد ابنة تسمى (تينوس) تعارضه في كل شيء ، فغضب منها الملك بسبب سوء سلوكها وأمر جنوده بإرسالها إلى هذه الجزيرة لتموت هناك كعقاب لها على سلوكها السيء ، ولكن الأميرة عندما وجدت نفسها في هذه الجزيرة المهجورة قررت أن تحسن سلوكها وأن تفعل شيئا فيه خيرا للناس فراحت تصارع الأفاعي بكل قوتها مستخدمه النار واستطاعت أن تقضي عليهم وتنظف الجزيرة من جميع الأفاعي ، فتحولت الجزيرة إلى مكان جميل هادئ قابل للسكن . فعلم الناس ما حصل في الجزيرة فهبوا جميعا وذهبوا ليسكنوا معها هناك ، وجعلوها ملكة عليهم ، وعندما ماتت الملكة ، وبسبب حبهم الشديد لها تمت تسمية الجزيره باسمها ، ومنذ ذلك الوقت أصبح اسم الجزيرة (تينوس) . اسم تينوس ليس له معنى في اللغة اليونانية ، ولكن كلفظ يُسمع وكأن أصله عربي من كلمة (تين) ، فالأحرف الأخيرة منه (وس) هي أحرف اضافية يتم حذفها عند تحويل الأسم إلى بقية اللغات مثل : ماركوس يتحول إلى مارك ، جورجوس إلى جورج وهكذا . هذا الربط بين أسم الجزيرة واسم ثمرة التين ، سيساعدنا بعد قليل على تفسير الآية ( والتين والزيتون) .
- لغز جزيرة كيفالونيا : في جزيرة كيفالونيا وقبل ثلاثة أو أربعة أيام قبل عيد مريم العذراء يبدأ ظهور نوع من الأفاعي الصغيرة طولها ( ٢٠ - ٦٠ سم) في الاماكن البرية حول كنيسة مريم العذراء وتبدأ بالسير نحو الكنيسة ، جميع سكان الجزيرة وزوار الكنيسة يعلمون ذلك ويسمونها أفاعي مريم العذراء . فهي أفاعي مسالمة لا تؤذي أحد ، وفي يوم العيد وأثناء ترتيل الصلاة في الكنيسة ، تكون هذه الأفاعي الصغير في كل مكان في الكنيسة . وعند إنتهاء العيد تعود هذه الأفاعي إلى الحقول وتختفي ولا تظهر لأحد حتى العام التالي . والشيء الغريب أن في العام الذي لا تخرج فيه هذه الأفاعي في يوم عيد مريم العذراء ، يكون هذا العام عام شؤم عند سكان الجزيرة ، فيحدث إما زلزال شديد يدمر ويقتل العديد من الضحايا ، أو تحدث فيضانات أو كوارث طبيعية أو إنسانية أخرى .
رجال الدين في اليونان حتى الآن ينظرون اإلى هذه الأشياء الغريبة التي تحصل في جزيرتي تينوس وكيفالونيا ، وكأنها فقط معجزات إلهية بدون أن يحاولوا تفسيرها ليخرجوا بمعلومة مفيدة يستفيد منها بقية العلماء المتخصصين بعلوم أخرى في أبحاثهم . وربما الكثير من المسلمين لن يصدقوا كل ماكتبته قبل قليل ، لأنهم يعتقدون اعتقادا تاما بأن الدين الإسلامي هو فقط دين الله الحقيقي وأن جميع الديانات الأخرى هي ديانات ضالة ، أو ديانات كفر . ولكن لو تمعنا جيدا سنجد أن هناك علاقة واضحة تماما بين الشهب التي تحمل أسم رجل الأسطورة (برسياس) ، منها مثلا سيجد أنه حياة أمه تشبه كثيرا حياة مريم العذراء ، فكلتاهما حملتا بدون رجل ، وهذا البطل الأسطوري اسمه عند العرب ( حامل رأس الغول) وهذا الغول تخرج من رأسه أفاعي ، فله علاقة مع الأفاعي وبما يحصل في كنيسة مريم العذراء في الجزيرتين تينوس وكيفالونيا ، حيث أن أسم جزيرة كيفالونيا مصدره كلمة (كيفالي) ومعناها (رأس) . فما يحصل في هاتين الجزيرتين من أشياء غريبة في عيد مريم العذراء وأثناء سقوط شهب البرشاويات ، من المستحيل أن يكون الأمر مجرد صدفة ، فالأمور مترابطة مع بعضها البعض بشكل لا يمكن لأحد أن يشك بها . فترابط جميع هذه الأمور لا يمكن أن يحدث على أيدي بشر ، فعندما تم تحديد موعد يوم عيد مريم العذراء في ١٥ من شهر آب كان المسيحيون يرفضون صحة الأساطير اليونانية ، لذلك الكنيسة الرومية تسمي هذه الشهب (دموع القديس لورانس) ، فحتى الآن لم أجد عالم دين مسيحي يربط بين هذه الشهب وعيد مريم العذراء ، وإلا لكان المسيحيون سموها بشهب مريم العذراء . والقرآن الكريم أيضا يؤكد على صحة هذا الترابط ، فمصدر هذه الشهب هو المذنب (سويفت تتل) والذي اكتُشف عام ١٨٦٢ ، وهذا الرقم موجود في سورة مريم حيث حاصل ضرب رقم ترتيب السورة برقم عدد أياتها هو العدد(١٩×٩٨= ١٨٦٢) . فما حقيقة ما يحدث هنا ؟
حتى نستطيع تفسير الأمور ، لا بد لنا أن نعود إلى الآيات القرآنية من سورة التين {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ(٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٤)} . إذا تمعنا في تفسير هذه الآيات كما فسرها العلماء المسلمين سنجد ان جميع التفسيرات ، هي تفسيرات كانت مفيدة للمسلمين الذين عاشوا قبل ١٠٠٠ عام ، ولكن هذه التفسيرات اليوم قد أصبحت تفسيرات سطحية لا تفيد علماء العلوم المختلفة في أبحاثهم . فأن نقول بأن الله عز وجل قد ذكر التين والزيتون بسبب أهميتهما الغذائية فهذا أمر معروف اليوم ، فجميع أنواع الفواكه والثمار الأخرى لها أيضا فائدة غذائية ، فهل من المعقول أن يكون كلام الله مجرد معلومات بسيطة . طبعا لا ، فمعاني كلام الله متجدد بحيث يسمح لعلماء كل عصر أن يأخذوا منه معلومات جديدة تفيد عصرههم الذي يعيشون به بحسب تقدم علومه . فالسؤال هنا لماذا ذكر الله التين والزيتون ؟
التين تم ذكره في الإصحاح الثالث من سفر التكوين في قصة آدم وحواء ، عندما استخدما أوراق التين لستر عوراتهما بعد الخطيئة (٧ : فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر) . ولكن الخطيئة كما تذكر الكتب المقدسة حدثت بسبب الشيطان الذي أخذ شكل افعى وأغوى حواء والتي بدورها أغوت آدم لفعل الخطيئة ، لهذا في أسطورة تسمية جزيرة تينوس ، الأميرة تينوس ذات السلوك السيء تمثل رمز حواء ، ولكنها استطاعت تحسين سلوكها والقضاء على الأفاعي التي هنا تمثل رمز روح السوء فتحولت الجزيرة إلى جزيرة صالحة للسكن ترمز إلى توبة حواء ، فالجزيرة هنا هي رمز الأرض التي تم طرد الإنسان إليها . فنتيجه الخطيئة التي ارتكبها آدم وحواء كان ولادة ابنهم (قايين) الذي بسبب دخول روح السوء في تكوينه قام بقتل أخيه هابيل ، فهذه الأفاعي التي تم قتلها في جزيرة تينوس كانت رمز لروح السوء في (قايين) ونسله . لهذا نجد أن أفاعي جزيرة كيفالونيا هي أفاعي مسالمة لا تؤذي أحد ، فهي رمز تحول نسل (قايين) إلى أبناء صالحين لا يؤذون أحد ، ولهذا نجد أن اسم ( قايين) يتحول إلى اسم (قابيل) عند المسلمين . فقابيل هو قايين الجديد وهو رمز التكوين الجسدي السليم كما أراد الله للإنسان ، وهذا التكوين الجسدي تمثله كرمز ثمرة التين . فالمعجزات التي حصلت في جزيرة تينوس والتي جميعها لها علاقة بأمراض الجسد ، هي علامات إلهية تشرح لنا رمز ثمرة التين التي ذكرها الله في قرآنه الكريم . وكما ذكرنا في المقالة ( ٢٠٥ : الفيلسوف ابن رشد المظلوم الجزء ٨) أن الديانة المسيحية أصبحت الديانة الرسمية للقارة الأوربية كونها تمثل نسل قابيل لهذا أبدع علماء هذه القارة في تطوير العلوم المادية بشتى أنواعها .
بالنسبة للزيتون ، فنجد أن الكتب المقدسة ذكرته في قصة طوفان نوح ، فبعد الطوفان وتوقف الأمطار ، أرسل نوح طائر الحمام ليعلم فيما إذا ظهرت اليابسة أم لا تزال مغمورة بالمياه ، فعاد الحمام وفي فمه غصن زيتون . وفي القرآن الكريم ذُكر الزيتون في سورة النور التي تتكلم عن الزنى {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥)} ، فالزيتون هو رمز يعبر عن تطور التكوين الروحي للإنسان . فما قبل نوح كانت مرحلة تطور تكوين الجسد ولكن بعد نوح يبدأ تطور التكوين الروحي للإنسان .
فالتين والزيتون هما رمزان يعبران عن تكوين الإنسان الجسدي والروحي ، لهذا الآية رقم (٤) من سورة التين تذكر ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) والمقصود هنا خلقهم في الجنة ، أما الآية {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٤)} فهي تقصد ما حصل بتكوين الإنسان بعد طرد الإنسان من الجنة . فشكل الأفعى يشبه شكل الحيوان المنوي عند الذكر ، حيث الأفعى الخبيثة تمثل رمز علاقة الزنى ، أما أفاعي مريم العذراء في جزيرة كيفالونيا فتمثل العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة التي بارك بها الله والتي منها يتم تحسين تقويم الإنسان الروحي والجسدي .
من المعروف أن فصل الصيف هو فصل الأثمار ونضوج الثمار أي مرحل تكوين النسل الجديد ، لهذا كانت ظاهرة شهب البرشاويات التي تحدث في فصل الصيف قبل وبعد عيد مريم العذراء بأيام ، هي بمثابة علامات إلهية تساعدنا في فهم حقيقة سبب طرد الإنسان من الجنة وما حدث في تطور التكوين الروحي والجسدي للإنسان عبر تاريخه الطويل . حيث الشعوب الغربية أخذت دور تطوير العلوم الماديه (ورمزها التين) أما الشعوب الشرقية فأخذت دور تطوير العلوم الروحية ، ولهذا جميع الديانات العالمية ظهرت في آسيا .
خلاصة القول هو انه يجب أن نعلم أن ظهورنا كبشر على سطح الأرض لم يحدث صدفة ، ولكن هدفه تنقية تكويننا الإنساني من جميع شوائب روح السوء التي كانت سببا في طرد الإنسان من الجنة ، لنستطيع العودة ثانية إلى الوطن الأم الجنة ، وأن الله عز وجل وزع حكمته على جميع الأمم ، وأن كل أمة تعتقد نفسها أنها أمة الله المختارة ، وتسخر من بقية الأمم سيكون مصيرها كما حدث مع الأمة اليهودية التي بعثرها الله في جميع مناطق العالم . يقول الله عز وجل في سورة الحجرات ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٠} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿١١} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴿١٢﴾) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿١٣}) إن الله يخاطب (المؤمنين) وليس المسلمين فقط ، فالله عز وجل أعلم بمن آمن وأعلم بمن ضل السبيل ، ويقول الحديث الشريف (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس)، فلنترك أمر الإيمان لله عز وجل ونساهم في تعاون الشعوب مع بعضها البعض وكأننا عائلة واحدة كبيرة تدعى (الإنسانية) لا تفرقها لا مذاهب ولا ديانات .
ز . سانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق