الاثنين، 23 نوفمبر 2020

الخاطرة ٢٧٢ : النبي يوسف وعصر الاهرامات الجزء ٢

 خواطر من الكون المجاور

الخاطرة ٢٧٢ : النبي يوسف وعصر الاهرامات الجزء ٢

في البداية أود أن أكرر ما ذكرته في المقالات الماضية ، بأن مقالاتي - وخاصة الأخيرة - تعتمد على قاعدة ثقافية مختلفة تماما عن القاعدة الثقافية للعصر الحديث ، فمن لم يقرأ مقالاتي الماضية سيجد في هذه المقالة الكثير من المعلومات غير المألوفة ، قد لا يستوعب منها شيئا أو قد يتهمني بسوء النية . فالمنهج العلمي الذي أعتمده في أبحاثي هو استمرار لذلك المنهج الذي اعتمد عليه مؤسسي الحضارات العالمية الماضية أنبياء وعلماء ، وكان آخر هؤلاء العلماء الفيلسوف الألماني جورج فيلهلم فريدريش هيغل (١٧٧٠ -١٨٣١) والذي يُعتبر آخر فلاسفة الفلسفة المثالية . والذي ساهم في استمرارية تنقية مفهوم الفلسفة من الشوائب لتتم عملية دمج الرؤية المادية والرؤية الروحية في البحث للوصول إلى رؤية شاملة لموضوع البحث ، ولكن أتى من بعده الفيلسوف المزيف كارل ماركس بمحاولته بشكل علمي إثبات عدم وجود الله ، فحذف من الفلسفة الإحساس الروحي وقلب الفلسفة المثالية رأسا على عقب وجعلها تعتمد بشكل مطلق على الرؤية المادية فقط ، فخسرت الفلسفة هويتها وتحولت إلى علوم تضر ولا تنفع . والذي ساعد في تنمية الرؤية الماركسية في تلك الفترة هو ظهور نظرية داروين عن تطور الحياة (أصل الأنواع) والتي حاول فيها إثبات أن أصل الإنسان قرد ، وكذلك ظهور الفن الحديث بلوحة (التفاحة) للفنان المزيف بول سيزان الذي قال عن لوحته (بتفاحة سأدهش باريس) ، وصديقه أميل زولا بروايته (الإنسان الوحش) التي من خلالها حاول تجريد بطل روايته من جميع القيم الإنسانية والأخلاق الحميدة ليتحول إلى إنسان همجي أصله قرد . جميع هؤلاء استخدموا منهج علمي معاكس تماما لمنطق يوسف عليه الصلاة والسلام الذي وضع القواعد الرئيسية للمنهج العلمي الحقيقي في البحث . هؤلاء العلماء المزيفين اليوم يتربعون على عرش المنهج العلمي الحديث ، والذي عليه تم كتابة جميع الكتب المدرسية التي تُدرس في جميع بلدان العالم . فكانت النتيجة ولادة ظاهرة (الطفل المجرم ) التي لم يعرف التاريخ مثلها من قبل ، وولادة قرن وصفته كتب التاريخ (لم تعرف الإنسانية وحشية مثل وحشية القرن العشرين) . (هذا الموضوع شرحته بشكل مفصل في مقالة تحمل عنوان (خدعة القرن التاسع عشر) .
في القرن التاسع عشر عندما بدأت عمليات التنقيب والحفر في مصر ظهرت العديد من القطع الأثرية والأماكن الأثرية ، ولكن بدلا من أن يرى المصريون من خلال هذه الآثار التاريخية أعمال النبي يوسف عليه الصلاة والسلام في مصر، جاءت الرؤية الماركسية والتي استخدمها علماء التاريخ والآثار في تفسيرهم لهذه المعلومات الأثرية لتطمس أعيونهم ولتجعلها لا ترى أي أثر من تلك الرموز التي تركها النبي يوسف لنا . فكانت النتيجة ظهور شخص في مصر يدعى (حسن البنا) ابن عالم متخصص في علم الحديث ، وبحجة أنه يريد أن يعيد بلاده إلى ما كانت عليه في عصر الحضارة الإسلامية، قام بتأسيس حزب يحمل أسم (الأخوان المسلمين) شعاره عبارة عن صورة للقرآن الكريم بحجم صغير، وسيفان يُحيطان به بحجم كبير، وفي الأسفل كلمة (أعدوا) ، من له معارف بسيطة بعلم الرموز سيظن في البداية أن مؤسس هذا الحزب هو ابن مجرم وليس ابن عالم ديني متخصص بعلم الحديث ، فمعاني رموز الشعار (عدا القرآن) توضح أن مؤسس هذا الحزب الديني وأتباعه لم يفقهوا شيئا من تعاليم القرآن الكريم لأنهم اتبعوا منطق معاكس له تماما (الرؤية الماركسية) ، فشعار الحزب الذي يحوي سيفين وكلمة أعدوا حَّول معنى الشعار إلى معنى أن أتباعه يعتقدون أنفسهم هم خلفاء الله على الأرض وجاؤوا لينتقموا من أعداءه (أَعَدَّ لَهْم عَذاباً أَلِيماً.... وَأَعدَّ لهُمْ سَعيراً .... وَأعدَّ لَهُم جهنَّمَ وَساءَتْ مَصيراً) . في فترة زمنية وصفها التاريخ بأنها أكثر مرحلة وحشية مرت بها الإنسانية ، أتى حزب الاخوان المسلمين لينمي هذه الروح الوحشية في الأمة الإسلامية، فأصبح حزب الأخوان المسلمين كشجرة دمار نثرت بذورها في معظم البلدان العربية والإسلامية ، وساهمت في ظهور جميع المنظمات الإسلامية الإرهابية والتي أصبحت شماعة تتحجج بها الدول العظمى لتدخل جيوشها الدول العربية وتدمرها لتجعل هذه الأمة في أسفل السافلين .
الرؤية الماركسية في مصر أيضا سمحت بظهور النجم السينمائي (محمد رمضان) الذي تربع على عرش السينما العربية ، والذي جميع أفلامه لها منطق روايات أميل زولا (البطل الهمجي) ، فجميع أدوار الممثل محمد رمضان في أفلامه يلعب دور البلطجي . من يرى بعين البصيرة يعلم أنه لا يوجد أي فرق بين حسن البنا ومحمد رمضان في القاعدة الثقافية التي يحملها كل منهما ، فكلاهما من أتباع عقيدة واحدة وهي (حب العنف والوحشية) ، الأول استخدم الدين في تحقيق أهداف هذه العقيدة ، والثاني استخدم فن السينما لنفس الهدف . عقيدة حب العنف والوحشية هي عقيدة أعور الدجال ، فالنبي يوسف استطاع تحقيق أهدافه عن الطريق عقيدة العفة والسلام والتي بها (...وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ....) ، فكانت نتيحة عقيدة العفة والسلام هي ظهور عصر الاهرامات والذي يُعتبر من أعظم المعجزات الإنسانية في تاريخ البشرية . هذا هو الفرق بين منهج يوسف العلمي الذي استخدم علوم الحكمة وبين منهج علماء مصر اليوم الذين استخدموا المنهج العلمي الحديث الذي يعتمد الرؤية الماركسية ، الأول صنع عصر المعجزات ، بينما الثاني صنع قدوة مزيفة أمثال حسن البنا ومحمد رمضان . مصر التي عاشت سبع سنوات من العجاف في زمن يوسف استطاع أن يجعل شعبها أن يناموا وبطونهم شبعانة ، أما الشعب المصري اليوم فرغم أن الظروف فيها طبيعية ، نجد عدد كبير من أفراد هذا الشعب يعاني من الفقر لدرجة أن بعضهم يضطر ليأكل من القمامة . هل ما يحدث اليوم في مصر هو صدفة أم هي لعنة إلهية سببها أن آثار حضارة يوسف هي أمام أعين الشعب المصري ولا أحد منهم يستطيع رؤيتها ليفهمها ويشرحها ليُبين لعلماء العصر الحديث بأن الله موجود ، وأنه بدون الإيمان بالله فإن مصير علومهم في النهاية هو الفناء ، لأن الإنسان الذي أصله قرد لم ولن يفقه معنى كلمة حضارة .
ما كتبته قبل قليل هو رأي باحث يستخدم منهج الفلسفة المثالية (علوم الحكمة) ، والتي أول من وضع أُسسها هو النبي يوسف (لكل سبب نتيجة ، ولكل نتيجة سبب . الحظ (الصدفة) هو قانون نجهله ويجب علينا البحث لإيجاده) . هذا الموضوع شرحته بالتفصيل في سلسلة مقالات (الفيلسوف ابن الرشد المظلوم) ، فعلوم الحكمة انتقلت من مصر مع قوم موسى عليه الصلاة والسلام ومنه بعد حوالي ٣٠٠ عام وصلت إلى سليمان عليه السلام ، وعندها أخذت أسم (علوم القابلا) والتي بدورها انتقلت إلى بقية الشعوب المجاورة ، فذهبت من بلاد بابل إلى اليونان عن طريق الفيلسوف اليوناني بيثاغوراس وأطلق عليها هناك أسم (الفلسفة) ، ولكن بسبب سيطرة الحضارة اليونانية على مركز العالم ، أصبح مصطلح (الفلسفة) هو الشائع في الأوساط العلمية .
كابلا هو المصطلح العالمي لكلمة (قابلا) التي مصدرها الحقيقي من القرآن الكريم في قصة هابيل وقابيل ، ولكن حتى نفهم حقيقة ما هو المقصود من معنى هذه الكلمة يجب أن نستعين بسفر التكوين لنرى ما هو المقصود بهذه الكلمة ، فنجد سفر التكوين يستخدم فعل (نظر) في قصة هابيل وقابيل (٤:٤ وقدم هابيل ايضا من ابكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب الى هابيل وقربانه، ٥ - ولكن الى قايين وقربانه لم ينظر...) فعل (نظر) له معنى أن أعمال هابيل قد أحدثت إتصال بين الله وهابيل ولكنه لم يحصل هذا الإتصال مع أعمال قابيل .أما في القرآن فهو يستخدم فعل تقبل بدلا من نظر {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ..... (٢٧) المائدة} هذا التغيير في الكلمة من نظر إلى تقبل ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تشير إلى أن الهدف الحقيقي لعلوم الكابالا (علوم الحكمة) هي التقرب من الله ، أو بمعنى علمي مختصر هي دراسة الأشياء والأحداث بحيث تبين علاقة الإنسجام بين الشكل والمضمون ، عندها يتم فهم حقيقتها وسبب وجودها ودورها في المخطط الإلهي في التطور العام في كل شيء وحدث يحصل داخل الكون . لهذا نجد أن أهم مبادئ علوم الكابلا هي (العفة والسلام) ، لهذا كان أسم يوسف مؤسس عصر الاهرامات عند المصريين القدماء (إمحوتب) ومعناه (الذي جاء بسلام) ، أسم إمحوتب مذكور بشكل رمزي في الآية التي تذكر ولادته حيث تقول أمه (٢٣:٣٠ فحبلت و ولدت ابنا فقالت قد نزع الله عاري) أي أن أسم إمحوتب هو مختصر لفظ (إمحوا تابت) ، فأم يوسف هنا رمز لحواء أي أن (حواء استطاعت أن تصحح خطيئتها وتتوب) ، لهذا، الآية القرآنية في سورة يوسف تذكر (ورفع أبويه على العرش) . ونجد أيضا أن أهم حدث في قصة يوسف هو حدث (العفة) . (هذا الموضوع شرحناه بشكل مفصل في مقالات ماضية).
علوم الكابلا لا علاقة لها نهائيا بما يصفها بعض العلماء المسلمين بأنها علوم السحر والشعوذة ، ولكنها علوم حكمة تقوم بتوحيد جميع أنواع العلوم في علم واحد والذي أشار إليه الله بشكل رمزي في سورة يوسف (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ...) حيث كل باب هو علم خاص بذاته . فحتى نستطيع رؤية آثار يوسف في الحضارة المصرية يجب أن نستخدم نفس مبادئ منهجه العلمي وهو علوم الكابلا (الفلسفة المثالية) . أما الرؤية التي يستخدمها علماء المصريات وغيرهم اليوم فهي رؤية ماركسية ولهذا لا أحد من العلماء بشتى اختصاصاتهم العلمية استطاع تحديد الفترة الزمنية التي عاشها يوسف . وللأسف بعضهم يصر على أن يوسف ولد في عصر إحتلال الهيكسوس لمصر ، أي أن فترة حياة يوسف كانت في أسوأ فترة حضارية من تاريخ مصر ، فحسب رأيهم وكأن الله قد أرسل يوسف إلى مصر ليقوم بهمة مادية ساذجة وهي حماية المصريين من الجوع فقط لا غير وأنه لا علاقة له بتلك الحضارة العظيمه ونقصد حضارة عصر الأهرامات ، وكأن الشعب المصري القديم هو بنفسه من صنعها بدون الحاجة إلى شخص مرسل من الله . فمن يقرأ تاريخ مصر القديمة كما تُدرس في الكتب المدرسية لن يجد أسم يوسف في هذا التاريخ ، وسيشعر وكأن يوسف عليه الصلاة والسلام في تاريخ مصر كان مجرد وزير عديم الأهمية في تاريخ مصر القديمة ، لهذا لم يتم ذكره في آثار مصر القديمة .
في مقالاتي الأخيرة التي تتحدث عن تاريخ مصر القديمة ، بعض المصريين وبسبب تعصبهم الأعمى لقوميتهم ودينهم، بدلا من أن يعودوا إلى المقالات التي تشرح المعلومات غير المألوفة بشيء من التفصيل ، انتقلوا مباشرة إلى شتم كاتب المقالة والسخريه من معلوماتها . لهذا في هذه المقالة سأغير قليلا من أسلوب سرد الموضوع ، فسأحول ذكر أمثلة تتعلق بموضوعنا الرئيسي (يوسف وعصر الأهرامات ) وسأطرح المثال كسؤال ، وأتمنى من هؤلاء ومن كل شخص يشك في صحة معلومات مقالاتي ، أن يتوقف قليلا عن متابعة قراءة المقالة ، ليفكر بما تراه عينه في هذا المثال وماذا يفهم منه ، ليسأل نفسه : هل هناك علاقة بين المثال ويوسف أم مجرد خرافات . ثم يتابع قراءة المقالة ليرى ما لم تستطع عينه رؤيته في كل مثال . فقط ليعلم تماما بأن المنهج العلمي الذي أعتمد عليه أرقى بكثير مما يعتقد . وليعلم هؤلاء القراء أن تعاليم القرآن الكريم هو الذي يفرض علي نشر أبحاثي {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩) البقرة} . أنا أعرض ما توصلت إليه في أبحاثي وأترك أمرها لرب العالمين . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) .
سفر التكوين في الإصحاح الخامس يذكر (٣١ : فكانت كل أيام لامك سبع مئة و سبعا و سبعين سنة و مات ) أي أن لامك والد نوح عاش (777) عام ، أما النسخة السبعينية اليونانية ، فتذكر في نفس الإصحاح ونفس الآية أن لامك عاش (753) عام ، الملحدين في بداية القرن العشرين استغلوا هذا الإختلاف واتهموا الكتب المقدسة التي يؤمن بها المسيحيون واليهود بأنها كتب كتبتها أيدي بشر وأنها ليست مقدسة وأنها مجرد خرافات . وللأسف حتى الآن لم يستطع علماء اللاهوت المسيحي تفسير سبب هذا الإختلاف . أتمنى من القراء الذين تكلمت عنهم قبل قليل أن يتمعنوا جيدا في الرقمين (777-753) هل هناك إختلاف ؟ وما علاقة هذا المثال بالنبي يوسف وموضوع الاهرامات ؟ تمعنوا جيدا قبل متابعة القراءة ، ماذا ترون في هذه الأرقام .
لو أن علماء اللاهوت المسيحي كانوا قد قرأوا القرآن الكريم بحسن نية لكان باستطاعتهم حل مشكلة هذا الخلاف بدقائق قليلة، ولكانوا أيضا قد فسروا آيات كثيرة من كتبهم المقدسة بطريقة مختلفة تستطيع إيقاف موضة التخلي عن الدين والإتجاه نحو الإلحاد التي ظهرت في القرن الماضي في الشعوب الغربية . فالقرآن الكريم يذكر في سورة الكهف أن أصحاب الكهف ناموا ثلاث مئة عام وازدادوا تسعة ، أي بمعنى أن القرآن الكريم هنا يستخدم نوعين من التقويم : التقويم الشمسي ، والتقويم القمري . حيث أن عدد سنوات نوم أهل الكهف في التقويم الشمسي يعادل ثلاث مئة عام ، أما في التقويم القمري فيعادل ثلاث مئة عام وتسع . نفس العملية الحسابية أيضا حدثت في النسختين من سفر التكوين في ذكر عدد السنوات التي عاشها لامك والد نوح ، النسخة الماسورتية تذكره بالسنوات القمرية ، أما النسخة السبعينية فتذكر العدد بالسنوات الأرضية . فالمدة الزمنية التي عاشها لامك هي نفسها تماما في كلا النسختين كما هو في سورة الكهف . النسخة الماسورتية هي النسخة التقليدية المنقولة من عهد موسى عليه الصلاة والسلام بعد خروجه من مصر ، أما النسخة السبعينية فهي ترجمة للنسخة الماسورتيه إلى اللغة اليونانية ، حيث الملك بطليموس الذي كان يحكم مصر في القرن الثالث قبل الميلاد قام بجمع ٧٢ من الشيوخ دون أن يعلموا سبب استدعائهم ، ووضعهم في ٧٢ غرفة كل واحد منهم في غرفة منفصلة ، وطلب من كل واحد منهم أن يصلي لله أولا ثم يقوم بترجمة التوراة ، فكانت نتيجة هذه الترجمة هي النسخة السبعينية. فكان هذا الإختلاف من وحي إلهي يحمل في معناه حكمة إلهية ، وقد أشار إليها الله عز وجل من خلال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (افترقت اليهود على (٧١) فرقة، وافترقت النصارى على (٧٢) فرقة، وستفترق هذه الأمة على (٧٣) فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال : هي الجماعة) وقد شرحنا هذا الحديث في مقالة ماضية . الملك بطليموس هو يوناني ، ولهذا تُعتبر النسخة اليونانية للإنجيل هي أصل جميع الآنجيل في العالم . الرقم (٧٧٧) سنة قمرية هو عام تاريخ تأسيس الحضارة اليونانية قبل ولادة مريم العذراء التي ولدت عام (٢٤) قبل الميلاد ، أما الرقم (٧٥٣) سنة أرضية فهو عام تأسيس مدينة روما قبل الميلاد (عيسى ولد عام ٦ قبل الميلاد) ، الرقم (٧٥٣) هو القيمة الرقمية لكلمة شيطان في اللغة اليونانية (ΣΑΤΑΝΑΣ) ، مؤسس روما رضع من ثدي ذئبة ، وقتل أخيه التوأم ليستلم السلطة . أما الرقم (٧٧٧) فشكله معاكس للقيمة الرقمية لأسم عيسى (ΙΗΣΟΎΣ) في الكابلا اليونانية (٨٨٨) , هذا الرقم ليس صدفة ولكن حكمة إلهية فهو رمز اهرامات الجيزة . فأسم (جيزة) يُسمع وكأن مصدره هو اسم يسوع باللغات الأوربية (جيزيس) حيث حرف السين هو حرف مضاف من أجل تحديد جنس صاحب الأسم (مذكر) . الرقم (٧٧٧) هو عام تأسيس الدولة الإغريقية ، التي شاركت في حكم مصر في الفترة الأخيرة من تاريخ مصر القديمة ، أما الرقم (٧٥٣) فهو عام تأسيس روما التي قضت على آخر ملوك مصر القديمة (كليوباترا) . (معلومات هذه الفقرة ستفسر لنا أشياء أخرى عن الأهرامات في الأسبوع القادم إن شاء الله) .
الرقم (٧٧٧) هو القيمة الرقمية لكلمة صليب (ΣΤΑΥΡΟΣ) في الكابلا اليونانية . هذه الكلمة مذكورة في سورة يوسف الآية ٤١ ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ) . ولكن في سفر التكوين بدلا من كلمة (فيصلب) يستخدم كلمة يُعلقك ( ٤٠: ١٩ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا يَرْفَعُ فِرْعَوْنُ رَأْسَكَ عَنْكَ، وَيُعَلِّقُكَ عَلَى خَشَبَةٍ، وَتَأْكُلُ الطُّيُورُ لَحْمَكَ عَنْكَ ) ، قصة الرجلين أصحاب يوسف في السجن لهما علاقة برمز الرقمين (٧٧٧ -٧٥٣) اللذان يفسران ما حدث في آخر آيام عيسى عليه الصلاة والسلام . هل صُلب ، أم لم يُصلب ، وما الحكمة الإلهية مما حدث مع عيسى في آخر أيامه . فأن يقول المسيحيون بأن عيسى صُلب لأنه مكتوب هكذا في الإنجيل ، وأن يقول المسلمون أنه لم يُصلب لأنه مكتوب هكذا في القرآن ، هذا المنطق اليوم لا يُقنع العلماء . هكذا هو تكوين الإنسانية اليوم ، فالإنسانية اليوم قد وصلت إلى سن الرشد ، ويجب أن يكون لكل حدث في قصة الأنبياء حكمة إلهية توضح للعلماء دور هذا الحدث في تطور التكوين الروحي للإنسانية وإلا تحولت قصص الأنبياء إلى أساطير خرافية لا يتقبلها عقل الإنسان المعاصر . ولهذا نجد الكثير من العلماء في عصرنا الحاضر قد فصلوا الدين عن العلم لأنه يُعرقل أبحاثهم العلمية وبعضهم إتجه إلى الإلحاد ، لأن الفلاسفة اليوم قد حذفوا الروح من أبحاثهم ، أما علماء الدين فيفسرون نصوص الكتب المقدسة بشكل يناسب عقول ناس عاشوا قبل ٨٠٠ عام لا يساعد العلماء في أبحاثهم بأي فائدة .
القرآن الكريم في سورة البقرة يذكر العبارة (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) مرتين : الأولى رقمها /١٨/ (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ) ، والثانية رقمها /١٧١/ (..... صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ) . إنظروا إلى أرقام الآيتين، هل ترون وجود حكمة إلهية في الرقمين وهل لهما علاقة بيوسف وعصر الاهرامات . تمعنوا جيدا ، ثم تابعوا القراءة .
علوم الكابالا (الفلسفة) تحاول أن تنظر إلى الأشياء والأحداث برؤية شاملة ، فهي تعتمد قانون الآية القرآنية {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٣١) البقرة} ، فالأسماء -وخاصة أسماء الأنبياء- وأسماء الأشياء في اللغة العربية واللغة اليونانية ليست من فكر الإنسان ولكنها من وحي إلهي . فاللغة العربية مثلا ليست كما يزعم بعض العلماء المسلمين - بسبب تعصبهم الديني والقومي- بأنها لغة آدم وأنها أصل جميع اللغات ، فأقدم نص أثري ورد فيه اسم العرب هو اللوح المسماري المنسوب للملك الآشوري ( شلمنصر الثالث) في القرن التاسع قبل الميلاد، أما أقدم النقوش باللغة العربية بتطورها المعروف الآن فهو نقش (عجل بن هفعم) الذي يعود تاريخه إلى القرن الأول قبل الميلاد . اللغة العربية هي في الحقيقة محصلة تطور واتحاد جميع لغات الأمم التي عاشت في مركز العالم القديم ، فحتى نفهم بشكل مبسط كيف ظهرت اللغة العربية، يجب أن نشرح كيف ظهر فن السينما ، ففن السينما لم يظهر على مبدأ داروين في تطور الحياة ولكن على مبدأ قانون إلهي يُدعى (الإتحاد العظيم) والذي سُمي عند علماء الكون خطأ في شرح ولادة الكون (الإنفجار العظيم) ، فهذا الإنفجار لا يحصل إلا بعد حدوث عملية (الإتحاد العظيم) والذي نراه أيضا قد حصل في تطور الحياة . فظهور فن السينما قد حدث بهذه الطريقة : كل أمة عبر التاريخ ساهمت في تطوير نوع من أنواع الفن : وعندما وصلت هذه الفنون في أرقى تعبيرها الروحي ، تم توحيدها في فن واحد وهو فن السينما . إن تسمية فن السينما بالفن السابع ، هي تسميه تُعبر عن فهم خاطئ لسنة الله في خلقه ، فالأسم الحقيقي الذي يُعبر عن فن السينما بشكل دقيق ، هو أسم (أم الفنون) لأنه يستخدم جميع أنواع الفنون ليعرض الحدث بجميع أنواع تعبيره الروحي. وكما ظهر فن السينما هكذا ظهرت تماما اللغة العربية ، فعندما هاجر قوم عائلة نوح من منطقة البحر الأسود إلى الجنوب ، بعد أجيال عديدة افترق هذا الشعب إلى عدة شعوب ، كل شعب راح يطور لغته ، وعندما وصلت لغات هذه الشعوب إلى أرقى أشكالها اتحدت في لغة واحدة فظهرت اللغة العربية ، فاللغة العربية هي أم اللغات . (هنا عرضنا نشأة اللغة العربية بشكل مختصر جدا ، فالموضوع ليس بهذه البساطة فالحكمة الإلهية تستخدم أيضا اللغة اليونانية التي تعتبر هي أم اللغات الغربية وهي أيضا لغة الإنجيل ).
هكذا هي أيضا علوم الكابالا (علوم الحكمة) حيث ظهرت في قوم عائلة نوح بشكلها البسيط ثم افترقت هذه العلوم مع افتراق شعب نوح إلى عدة علوم وراح كل شعب يهتم في تطوير العلم الذي أخذه معه ، وعندما وصلت إلى مرحلة كافية ، ظهرت فجأة ودفعة واحدة في النبي يوسف مؤسس عصر الاهرامات في مصر ، لهذا فإن اتحاد هذه المعارف في علم واحد هو الذي أعطاها شكل آخر آرقى بكثير مما كانت عليه وهي متفرقة .
أحد مبادئ علوم الكابلا هو أن الكلمات والأسماء هي من وحي وإلهي وأن حروفها لم توضع بالصدفة ولكن ضمن نظام رقمي ، القرآن يشير إلى هذه الفكرة في سورة المطففين {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ (٢٠)} ،كلمة مرقوم هي على وزن كلمة مكتوم ، محروم التي هي مفعول (كَتَمَ ، حَرَمَ) ، وكلمة مرقوم مصدرها فعل رَقَمَ : رَقَمَ صَفَحاتِ الكِتابِ : أي جَعَلَ لَها أَرْقاماً . فالقرآن الكريم هو كتاب مرقوم بسوره وآياته وكلماته . لهذا فإن عدم استخدام أرقام القرآن الكريم في تفسير آياته يعني أن تفسير معانيه يحصل من خلال رؤية واحدة وهي الرؤية اللغوية وهذا يعتبر تفسير ناقص لا يقبل به الله لتفسير آياته، فكلام الله ليس بهذه البساطة التي يتصورها علماء المسلمين اليوم ، فهو معجزة يشعر بها جميع العلماء على مر العصور ، وليس عصر واحد .
النظام الرقمي للغة العربية (الكابلا العربية) تم اكتشافه حديثا. وهو ببساطة يعتمد على فكرة الرقم المركب ، الرقم المركب للرقم /٥/ مثلا هو (١+٢+٣+٤+٥=١٥) ، فالقيمة الرقمية لحرف (ج) الذي ترتيبه في الأبجدية العربية هو (٥) يساوي (١٥) ، والقيمة الرقمية للأسم أو الكلمة هو مجموع أرقام أحرفها بالرقم المركب ، حسب ترتيب هذه الأحرف في الأبجدية العربية ، وليس حسب ترتيب عبارة (أبجد هوز ...) ، فكلمة (أم) مثلا تتألف من حرفين (أ+م) ، الحرف (أ) ترتيبه الرقم (١) ويساوي (١) ، أم الحرف (م) فرقم ترتيبه في الأبجدية العربية (٢٤) حيث الرقم المركب للرقم (٢٤) يعادل (٣٠٠) ، فالقيمة الرقمية لكلمة (أم) هو (١+٣٠٠= ٣٠١) . هذا الموضوع شرحناه بشكل مفصل في سلسلة من مقالات ماضية تحمل عنوان (اللغة الإلهية) . كل الذي نستطيع أن نضيفه هنا كإثبات على صحة نظام الرقمي للكابلا العربية - الذي أستخدمه كثيرا في أبحاثي - هو أن مجموع الآيات من بداية القرآن وحتى آخر آية من سورة (محمد) هو الرقم (٤٥٨٤) وهذا الرقم هو القيمة الرقمية لعبارة (محمد صلى الله عليه وسلم)، فالقيمة الرقمية لكلمة محمد تعادل (٦٥٧) ، صلى (٧٨٧) ، الله (٩٠٤)، عليه (١٢٠٤) ، وسلم (١٠٣٢) ومجموع هذه الأرقام هو (٤٥٨٤) . إن تطابق رقم آخر آية من سورة (محمد) مع رقم قيمة عبارة (محمد صلى الله عليه وسلم ) ، أعتقد أن الأعمى البصيرة تماما هو فقط الذي سيصر على أن هذا التطابق قد حدث بالصدفة .
العبارة (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) التي وضعت في الآيتين (١٨) و(١٧١) في سورة البقرة ، هي حكمة إلهية تدلنا على معنى الرقم المركب حيث (١+٢+٢+٤+......+١٨=١٧١) ، الآية الثانية تعطينا الرقم المركب لرقم الآية الأولى (١٨) . فإن عدم فهم مبدأ هذا القانون وكذلك عدم تطبيق علوم الحكمة (الكابلا) في البحوث العلمية لمعرفة مبدأ تطور الأشياء والأحداث ، سيقود العلماء إلى كما وصفهم الله تعالى (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) ، وهذا ما حدث تمام مع ماركس وداروين والملحدين ، وكذلك علماء العصر الحديث بشكل عام ، ولهذا دخلت الإنسانية في عصر إنحطاط روحي لم تعرف الإنسانية مثله من قبل .
الحضارة المصرية القديمة تعتمد على الرمز (١٨) ، فإذا تمعنا جيدا في أهم رموز الحضارة المصرية القديمة، سنجد أنها تعتمد رمزين هامين ، وهما (الهرم) في المنطقة الشمالية ، و(المسلة) في المنطقة الجنوبية . هذان الرمزان هما من وحي إلهي ليوسف ، فشكل الهرم يمثل الرمز (٨) من شكل الرقم (١٨) ، أما المسلة فتمثل رمز (١) من شكل الرقم (١٨) . شكل الرقم (١٨) يمثل الخطوط الموجودة في كف اليد اليمنى، لهذا كان أسم أم يوسف هو (راحيل) فهذا الأسم كلفظ عربي ينقسم قسمين : الأول هو (راح) ويعني راحة اليد ، والثاني (إل) وهو أسم الله باللغة العبرية والبابلية ، فأسم (راحيل) كرمز يعني (يد الله) . ابن راحيل (يوسف) هو من اختاره الله ليكون رمز يد الله في الأرض في عصره . يوسف هو من صنع عصر الاهرامات في مصر .
النبي يوسف اعتمد الرمز (١٨) في بناء هرم زوسر المدرج .فارتفاع هذا الهرم يساوي (٦٢) متر ، إذا حولنا هذا الرقم إلى وحدة القياس التي كان يستخدمها الشعب المصري القديم وهي الذراع الملكي سنجد أن ارتفاع الهرم يعادل (١١٨) ذراع ، هذا الرقم موجود داخل الشكل الهرمي (٨) للهرم ، إذا وضعنا هذا الشكل يجانب ارقام ارتفاع الهرم سنحصل على الرقم (٨١١٨) . حيث الرقم (١٨) يمثل رمز شكل الهرم (٨) والذي يمثل المنطقة الشمالية ، أما الرقم (٨١) فهو رمز (١) الذي يمثل شكل المسلة والتي تمثل المنطقة الجنوبية ، فأرقام مقاييس هرم زوسر وشكله ليس صدفة ، ولكنه رمزي يُعبر عن توحيد المنطقة الشمالية والمنطقة الجنوبية عن طريق السلام . وله معنى توحيد نسل آدم مع نسل قابيل بطريقة سلمية ليعملا جنبا إلى جنب في تطوير التكوين الروحي للإنسانية تماما كما تعمل اليد اليسرى (٨١) لتساعد اليد اليمنى (١٨) في الأعمال اليومية للإنسان . ولهذا كان أسم يوسف باللغة المصرية القديمة إمحوتب ، وتعني باللغة المصرية القديمة (الذي جاء بسلام) . ولهذا أيضا كان عدد الأسماء الحسنى لله هو الرقم (٩٩) ، والذي يمثل مجموع الرمزين (١٨+٨١=٩٩) .
عمق الحفرة تحت الهرم والتي يقال عنها اليوم (غرفة الدفن) ، يعادل (٢٨) متر وهو يعادل (٥٣) ذراع ملكي . إذا أضفنا إليه ارتفاع الهرم لنحصل على طول المسافة بين قمة الهرم وقاعه، سنحصل على الرقم (١١٨+٥٣=١٧١) ذراع ملكي وهو الرقم المركب للرقم (١٨) .
بسبب طول المقالة سنؤجل القسم الثاني من المقالة والذي يشرح سبب ظهور تيارين متعاديين في فهم حقيقة عصر الأهرامات ، التيار الأول وهو الذي يُدّرس في الكتب المدرسية ، والتيار الثاني هو الذي يحاول إثبات أن الأبنية الضخمة في عصر الاهرامات تنتمي لحضارة مفقودة عاشت قبل (١٠٥٠٠) عام ..... والله أعلم .
ز . سانا
ربما تحتوي الصورة على: ‏نص مفاده '‏المصدر الروحي لشكل الهرم والمسلة‏'‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق