الاثنين، 14 ديسمبر 2020

الخاطرة ٢٧٦ : النبي يوسف وعصر الاهرامات الجزء ٦

 خواطر من الكون المجاور

الخاطرة ٢٧٦ : النبي يوسف وعصر الاهرامات الجزء ٦
الرقم (١٠٤٥١) هو عام تكوين أول مجتمع يتبع مبدأ السلام في سلوكه اليومي والذي ذكره الله في الآية {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨)المائدة} هذا المبدأ هو رمز عائلة النوح التي دخلت الفلك لتنجو من الطوفان . وهو من أهم مبادئ عقيدة الديانات الإبراهيمية . لهذا الحكمة الإلهية اختارت هذا العام ليكون عام بداية التكوين المادي للإنسانية والذي رمزه (التين) ، والذي له معنى أن تكوين الإنسان عندما يكون جنينا في رحم أمه هو كائن خالي من غريزة القتل ، ولهذا أيضا كان أسم آخر ديانة سماوية (إسلام) من كلمة (سلم وسلام) والذي يعني نهاية مرحلة الطفولة في تاريخ البشرية . ولكن الحكمة الإلهية اختارت عام ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام ليكون علامة تؤكد على صحة هذا المبدأ ، فتعاليم عيسى عليه السلام كانت ترفض بشكل قطعي حمل السلاح ولهذا نجد أنه رغم أن أتباعه ساروا على هذه التعليمات فتحملوا العذاب والإضطهاد ولكن نجد بعد مرور حوالي ٣٠٠ عام قد استطاعوا تحويل الديانة الرسمية للأمبراطورية الرومانية من ديانة وثنية إلى ديانة سماوية .
الشعب اليهودي رفض تعاليم عيسى عليه الصلاة والسلام لأنهم كانوا ينتظرون المسيح الذي حسب فهمهم لنصوص كتبهم المقدسة بأن المسيح سيحمل السيف ويقتل أعداء الله ويعيد المجد للشعب اليهودي والذي - حسب إعتقادهم - بأنهم هم شعب الله المختار ، ولكنهم لم يعلموا بأن عيسى هو نفسه يوسف عليه الصلاة والسلام ، وأن يوسف ينظر إلى الإنسانية بأكملها كعائلة واحدة ، عائلة آدم وحواء ولا يُفرق بين أمة وأمة أخرى لأن جميع الأمم ساهمت في فترة ما في تطوير تكوين الإنسانية الروحي أو المادي (..... وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤) فاطر}. للأسف اليوم نجد المسلمين يفعلون تماما كما فعل اليهود في زمن عيسى ، فرغم أن الحديث الشريف يذكر (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ولكنهم مع ذلك يعتقدون أنهم هم فقط شعب الله المختار وأن بقية الديانات هي ديانات ضالة ، وأن المسيح سيأتي مسلما لينصر الأمة الإسلامية فقط وأنه سيفرض على جميع الشعوب شاؤوا أم أبوا أن يكون الإسلام هو الديانة الرسمية لهم . فهم لا يعلمون أن دينهم هو جزء فقط من مكارم الأخلاق وأن بقية مكارم الأخلاق موجودة في الديانات الأخرى وأن جميع الأمم اليوم هي أيضا تنتظر(المخلص) الذي سينقذهم من روح السوء التي تسيطر على العالم بأجمعه ، فالمسلمون اليوم لا يعلمون أن سبب دخول الحضارة الإسلامية في عصر الإنحطاط منذ (٧٠٠) عام كان بسبب تخليهم عن هذه الأجزاء من مكارم الأخلاق كونها من المسيحية واليهودية والهندوسية والبوذية . فجميع هذه الديانات هي ديانات ابراهيمية أيضا ، حيث كل ديانة تنظر إلى عاطفة السلام من زاوية مختلفة ، فبتوحيد هذه الزوايا نحصل على الفهم الحقيقي لمفهوم السلام . ولهذا نجد اليوم أن الأمه الإسلامية بسبب تخليهم عن بقية أجزاء مكارم الأخلاق، قد تمزقت إلى فرق عديدة متعادية فيما بينها كل فرقة تظن أنها هي الفرقة الناجية وأن بقية الفرق هي من الفرق الضالة . فحال المسلمين اليوم هو نتيجة طبيعية لكل أمة تعاني من تعصب أعمى يجعلها تعتقد أنها هي فقط أمة الله المختارة .
هذه المعلومة ليست من الخيال ، ولكنها من القرآن الكريم . فمجموع عدد الآيات من بداية القرآن وحتى الآية الاولى من سورة القلم يعادل الرقم (٥٢٧٣) آية ، أما مجموع القيم الرقمية لعناوين هذه السور فيعادل (٥١٧٢) ، وحاصل جمع الرقمين يعادل (10445) وهو عدد السنوات من عام بداية تكوين مجتمع بحيرة حواء (البحر الأسود اليوم) وحتى عام ميلاد عيسى عليه السلام (عام ٦ قبل الميلاد) فإذا أضفنا له الرقم (٦) سنحصل على الرقم (١٠٤٥١) .
ولكن سورة القلم أيضا هي رمز ولادة يوسف عليه السلام، فيوسف ولد عام (٣٠٢٤ ق،م) فإذا طرحنا هذا الرقم من الرقم (١٠٤٥١) سيكون الناتج هو الرقم (٧٤٢٧) ، وهو مجموع تراتيب السور من بداية القرآن وحتى سورة القلم (٢٣٤٦) ، مضافا إليه مجموع القيم الرقمية لعناوين هذه السور حتى الحرف (أ) من كلمة (القلم) ويعادل (٥٠٨١) . (٢٣٤٦+٥٠٨١=٧٤٢٧)
عنوان السورة (القلم) هو رمز سلاح المؤمن في نصر الحق ، ولهذا تبدأ السورة بحرف النون (ن والقلم وما يسطرون) ، وكما ذكرنا في المقالة الماضية، بأن حرف النون في لغة (الاديغا) تحوي في داخلها معنى (العين) ومعنى (الأم) . فالعين هنا تعني البصيرة لذلك كان رقم ترتيب حرف النون في اللغة العربية (٢٥) ، الرقم (٥) هو رمز العين اليمنى وتمثل الرؤية الروحية ، أما الرقم (٢) فهو رمز العين اليسرى وتمثل الرؤية المادية ، لذلك كان شكل هذا الحرف عبارة عن دائرة مفتوحة من الأعلى وفوقها نقطة ، فهذا الشكل هو في الحقيقة مشابه لشكل دائرة وفي مركزها نقطة ، النقطة هي رمز حدقة العين والدائرة هي شكل القزحية. أما المعنى الثاني الذي يحويه حرف النون (الأم) فيعني حواء أم الإنسانية ، وهي رمز عاطفة الأمومة ، فلا توجد أم تقبل أن يَقتل ابنها ابنها الآخر كما حصل مع قابيل وهابيل . فهي دوما تأمل أن يعيش أبنائها في بيئة روحية تملؤها المحبة والسلام .
الحكمة الإلهية وضعت سورة القلم كرمز لعام ولادة يوسف ، لتكون علامة إلهية تؤكد على أن يوسف هو أول مؤسس علم الكتابة في تاريخ البشرية ، فرغم أن الكتابة قد ظهرت قبله بفترة طويلة ، ولكن يوسف هو الذي جعلها تكتسب جميع المقومات التي ستسمح لها بأن تستطيع التعبير عن علاقة الإنسجام بين شكل الشيء المسمى ومضمونه . وهذه هي لغة الكتب المقدسة ،والتي ذكرها الله في الآية {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٣١)المائدة } ، فالحروف التي يتكون منها اسم الشيء أو الحدث ليست صدفة ولكن فيها إحساس محدد يمكن شعوره ورؤيته من خلال لفظه وكذلك من خلال مجموع أرقام تراتيب حروف هذه الكلمة ، فهذا الإحساس هو الذي يساعدنا في فهم حقيقة هذا الشيء المسمى ، وكذلك حقيقة وجوده ودوره في المخطط الإلهي لتطور الكون والإنسانية . وسنعطي مثال بسيط لتوضيح هذه المعلومة :
عدد حروف عناوين السور في القرآن من بدايته (سورة الفاتحة) وحتى نهايته (سورة الناس) هو الرقم (٦٥٧) وهو القيمة الرقمية للأسم (محمد) في الكابلا العربية، حيث ((م)٣٠٠+(ح)٢١+(م)٣٠٠+(د)٣٦=٦٥٧) ولكن في الآية (٦) من سورة الصف تذكر أسم (أحمد) ، والقيمة الرقمية لهذا الأسم تعادل الرقم (٣٥٨) وهو نظير القيمة الرقمية لأسم علي (٨٥٣) . أي بمعنى أن (أحمد) هو القسم الروحي للدين الإسلامي ، و(علي) هو القسم المادي له. هكذا كان الوضع تماما في بقية الأديان السماوية : موسى وهارون ، عيسى ويحيى ، هذه الثنائية في الدور هو قانون إلهي في تطور الإنسانية (قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: مَا مِنْ نَبِيٍ إلاَّ وَقَدْ أنْذَرَ أمَّتَهُ الأعْوَرَ الْكَذَّاب، ألاَ إنَّهُ أعْوَرُ، وإنَّ ربَّكُمْ عَزَّ وجلَّ لَيْسَ بأعْورَ) فالديانات السماوية تعتمد الرؤية الشاملة (رؤية روحية ورؤية مادية) ، فأسم (محمد) هو أسم رمزي يتألف من قسمين (مح - مد) وهما اختصار للكلمتين (محى ومد) فدور (محى) قام به (هارون ويحيى وعلي) عليهم السلام، أما دور (مد) فقام به (موسى وعيسى وأحمد) عليهم السلام ، فكلمة محمد التي تمثل عدد حروف عناوين سور القرآن من بدايته إلى نهايته، ترمز إلى جميع الانبياء والرسل ، وليس فقط نبي الإسلام (محمد) ، فمحمد صلى الله وسلم خاتم الرسل والأنبياء قد أرسل الله معه الجزء الأخير من مكارم الأخلاق ، أما الذي سيأتي في آخر الزمان فهو النبي يوسف (المهدي) الذي كان بمثابة بذرة شجرة مكارم الأخلاق . ولهذا وضع الله الآية (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ...) في سورة يوسف . ولهذا أيضا نجد أن الحكمة الإلهية قد وضعت قصة يوسف خاتمة قصص سفر التكوين كرمز لفترة آخر الزمان ، فسفر التكوين هو رمز لتطور الإنسانية المادي والروحي من بدايته إلى نهايته . ولهذا يقول عيسى (الذي هو يوسف) في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي (٨:١ "أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبَدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، .... ) ، والمقصود بها ليس كما فسرها العلماء المسيحيين ، ولكن المقصود بها هو أن (عيسى هو هابيل (البداية) في الجنة {إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (٥٩)المائدة}، وهو أيضا يوسف (البداية) مؤسس علم الكتابة ومؤسس أول حضارة عالمية (عصر الاهرامات) ، وهو المهدي والمسيح ( النهاية) الذي سيأتي في آخر الزمان ليقضي على روح السوء داخل الإنسان وليس على الإنسان نفسه . النسخة الأصلية لسفر الرؤيا هي النسخة اليونانية وهذه النسخة تستخدم الحرف الأول والأخير من الحروف اليونانية وليس (الأَلِفُ وَالْيَاءُ) كما تذكر النسخة العربية ، فالحرف الأول في هذه اللغة هو (Α) وقيمته الرقمية تعادل (١) أما آخر حرف فهو حرف أوميغا (Ω) وقيمته الرقمية تعادل(٢٤) ، فمجموع الرقمين هو (٢٥) وهو رقم حرف النون في اللغة العربية .
حتى نستطيع تفسير تلك الألغاز في عصر الأهرامات والتي دفعت بعض علماء الجيولوجيا يعتقدون أن فترة بناء الاهرامات تعود إلى أكثر من عشرة آلاف عام ، أو أكثر من (٨٠٠) ألف عام كما يدعي البعض الآخر بسبب الحت المائي الذي تعرض له تمثال أبو الهول . فحتى نفهم حقيقة ما حصل، لندع القرآن الكريم هو الذي يُخبرنا عن سبب الحت المائي في تمثال أبو الهول وما حوله :
ذكرنا في الأجزاء السابقة بأن يوسف عاش (٤٠) عام وتوفي عندما بدأ تساقط الأمطار لتعلن عن انتهاء سنوات العجاف السبع . وبعد وفاته ظل جسده لمدة (٣٠٠) عام دون أن يتحلل، ثم عادت روحه إلى جسده ثانية وعاد إلى الحياة وعاش (٥٠)عاما.
قبل قليل ذكرنا أن عدد السنوات بين عام (١٠٤٥١) قبل الميلاد وعام ولادة يوسف يعادل (٧٤٢٧) عام ، وقلنا بأن هذا الرقم يقع في سورة القلم .إذا أضفنا لهذا الرقم عدد السنوات التي عاشها يوسف (٤٠) عام ، وكذلك عدد السنوات التي سبقت عودة روحه إلى جسده وتعادل (٣٠٠) عام ، سنحصل على الرقم (٧٧٦٧) ، فإذا حسبنا مجموع تراتيب السور والقيم الرقمية لعناوين السور من بداية القرآن - كما فعلنا قبل قليل - سنجد أن الرقم (٧٧٦٧) سيقع في سورة المعارج . الآية (٤) في هذ السورة تذكر (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، وهي رمز خروج روح يوسف من جسده وعودتها ثانية إلى جسده ، فالرقم (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) احد معانيه يخص حياة النبي يوسف وهو مذكور في سورة غافر {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ (٣٤)} ، وفي مقالة سابقة ذكرنا أن رقم هذه الآية من بداية القرآن وحتى هذه الآية يعادل (٤١٦٧) ، هذا الرقم هو بالسنوات القمرية ، ومن المعلوم أن في كل عام قمري يدور القمر حول الأرض (١٢) مرة ، ومن معلوم في علم الفلك أن المدة الزمنية لدوران جرم فلكي حول جرم آخر تدعى (عام) . فالرقم (٤١٦٧) هو عدد السنوات القمرية التي دار بها القمر حول الأرض حيث كل سنة يدور فيها القمر حول الأرض(١٢) مرة أي تعادل (٤١٦٧×١٢=٥٠٠٠٠) وهو الرقم المذكور في سورة المعارج . ماذا يعني الرقم (٤١٦٧) هو موضوع آخر خارج عن موضوعنا ، ولكن ما يهمنا هنا هو أن الحكمة الإلهية وضعت الآية التي تذكر عودة الروح في سورة المعارج كدليل إلهي على عودة روح يوسف إلى جسده .
عدد آيات سورة المعارج هو الرقم (٤٤) ، وهو بالسنوات القمرية ويعادل (٤٣) سنة شمسية ، الرقم (٤٣) هو أيضا عدد آيات سورة الرعد . هنا نلاحظ أن بعد سورة يوسف تأتي سورة الرعد والتي ترمز إلى هطول الأمطار الغزيرة، وكذلك بعد سورة المعارج تأتي سورة نوح والتي ترمز لحدوث الطوفان. وهذا ما يُفسر الحت المائي الذي تعرض له تمثال أبو الهول ، والذي دفع بعض علماء الجيولوجيا بالإعتقاد بأن بناء الأهرامات قد حصل قبل أكثر من عشرة آلاف عام.
فيوسف عندما أصبح وزيرا لمصر ، قام بنحت تمثال أبو الهول حوالي عام(٣٠٠٠ ق،م) تقريبا. ولكن الذي حصل أنه بعد حوالي (٢٥٠) عام من وفاته الأولى ، أن بعض حكام مصر من غيرتهم الشديدة لمحبة الشعب المصري ليوسف ، حاولوا أن يمحوا آثار يوسف من نفوس الشعب ، فقاموا بتشويه آثاره ، ومنها تمثال أبو الهول ، فقاموا بمحاولة تحطيمه وبدأوا برأسه. ولكن قبل عودة يوسف إلى الحياة ب(٤٣) عام بدأت تهطل الأمطار بغزارة كبيرة فأحدثت فيضانات عديدة في مصر طوال ال(٤٣) عام ، وهذه الفيضانات والسيول هي التي أحدثت ذلك الحت المائي الذي شعر بوجوده علماء الجيولوجيا اليوم . الله عز وجل ذكر لنا ما حدث في تلك الفترة في سورة الرعد (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ) ، رقم هذه الآية (١٧) وهذا الرقم ليس صدفة فشكل هذا الرقم معاكس لشكل الرقم (١٨) الذي اعتمد عليه يوسف في تأسيس عصر الاهرامات حيث الرمز (٨) هو شكل الهرم ، أما الرمز (١) فهو شكل المسلة. ولهذا كانت عاقبة فرعون وجيشه هو الغرق عندما لحق بقوم موسى عليه السلام ليقضي عليهم ، الماء هو الذي قضى عليهم . وهذا ما حصل تماما مع أولئك الذين أرادوا تشويه آثار النبي يوسف .
عندما عاد يوسف إلى الحياة توقفت الفيضانات وعادت الأمور في مصر إلى مسارها الصحيح ، فقام يوسف بتصحيح التشويه الذي حصل في رأس أبو الهول ، لهذا نجد اليوم أن حجم رأسه لا يتناسب مع جسده فهو أصغر من الحجم الحقيقي وكذلك نجد أن الرأس لا يوجد به أي آثار حت مائي (الصورة).
قبل أن نتكلم عن أهرامات الجيزة ، لا بد أن نذكر موضوع طوفان نوح حتى تتوضح لنا حقيقة مراحل تطور الإنسانية من عام (١٠٤٥١ ق،م) وحتى ولادة يوسف عام (٣٠٢٤ ق،م) .
في عام (١٩٩٦م) إكتشف عالمان في الجيولوجيا البحرية من جامعة كولومبيا أن البحر الأسود تعرض إلى طوفان عظيم فمن خلال دراسة عينات ترسبات من شواطئ البحر الأسود ومن مضيق البوسفور، وجدا أدلة قاطعة على أن مستوى البحر الأسود قد ارتفع مئات من الأقدام وغطى أكثر من /١٥٥/ ألف كم مربع من الأراضي المحيطة، أي زيادة حجمه بحوالي ٣٠%، وكانت بعض الصدفيات التي اكتشفت في الأراضي المغمورة لكائنات من البحر الأبيض المتوسط قد ماتت قبل ٧٦٠٠ سنة أي في عام ٥٦٠٠ ق.م. وقد عثر على آثار كأحجار لموقع سكن إنساني تحت المياه . وأن البحر الأسود كان بحيرة ذات مياه عذبة . وسبب هذا الفيضان هو حدوث زلزال شديد قبل ٧٦٠٠ عام أدى إلى إنشقاق الأرض فتكون منها مضيق البوسفور الذي من خلاله إندفعت كمية هائلة من مياه بحر مرمرة إلى البحيرة فحولها من بحيرة ذات مياه عذبة إلى البحر الأسود المعروف اليوم .
في نفس المنطقة قرب مضيق البوسفور في يوم ١٧ من شهر آب عام /١٩٩٩/ ميلادي أي بعد إكتشاف حقيقة طوفان البحر الأسود ب(٣) أعوام ، وقع زلزال شدته (٧،٦ ريختر). وقتل حوالي (١٧) ألف شخص وترك وراءه تقريباً نصف مليون شخص بلا مأوى . رقم عام حدوث هذا الزلزال ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تُفسر لنا علاقته مع الزلزال الذي حصل قبل (٧٦٠٠) عام ، فهو مذكور في القرآن الكريم في سورة الزلزلة . فرقم ترتيب هذه السورة هو (٩٩) وهو عام حدوث هذا الزلزال ، وإذا حسبنا مجموع القيم الرقمية لعناوين السور من بداية القرآن وحتى سورة الزلزلة سنجد أن المجموع هو الرقم (٧٦١١) وهو عدد السنوات (بشكل دقيق) بين عام حدوث ذلك الزلزال الذي أحدث مضيق البوسفور وزلزال عام (١٩٩٩م) . سورة الزلزلة هي اليوم بمثابة إنذار للمسلمين وغير المسلمين بأن موعد قدوم المسيح قد اقترب جدا . لذلك حدث هذا الزلزال في منطقة البوسفور ، تلك المنطقة التي ظهر فيها شعب بحيرة حواء والذي اعتمد في سلوكه على مبدأ السلام . ولكن اليوم نجد أن غريزة القتل وحب العنف قد بدأت تظهر في العديد من أطفال شعوب العالم ، فظهور مثل هؤلاء الأطفال يعني البيئة الروحية لجميع شعوب العالم قد وصلت إلى أسفل السافلين ، فولادة ظاهرة (الطفل المجرم) والتي لم يعرف التاريخ مثلها من قبل ، تدل على أن تعاليم الديانات العالمية التي أرسلها الله لتحافظ على هذه الصفة في تكوين الأطفال قد ذهبت مع الريح ولم يعد أحد من علماء العصر الحديث يعطي لها أي أهمية ، لهذا وجب اقتراب زمن ظهور النبي يوسف (المهدي) ليواجه هؤلاء العلماء بجميع أنواع اختصاصاتهم ليثبت لهم حقيقة سوء المنهج العلمي الذي يعتمدون عليه في أبحاثهم .
في المقالات السابقة ذكرنا بعض المعلومات عن طريقة حساب وتفسير أرقام القرآن الكريم والكتب المقدسة ، فإذا طبقنا هذه المعلومات على الرقم الذي يذكره القرآن الكريم عن عام الزلزال الذي حدث قبل (٧٦١١) عام سنجد أنها تتطابق تماما مع الأرقام المذكورة في سفر التكوين عن عام طوفان نوح وجميع الأرقام الأخرى ، ولكن شرحها هنا سيحتاج إلى صفحات عديدة وسيجعلنا نخرج عن الموضوع الرئيسي للمقالة . لهذا سأعطي مثال بسيط يخص قصة النبي يوسف لأثبات صحة هذه المعلومة :
عام حدوث زلزال بحيرة حواء هو عام (٥٦١١ ق،م) إذا طرحنا منها عام ولادة يوسف (٣٠٢٤ ق،م) سيكون الناتج (٢٥٨٧) وهو عدد السنوات بين ذلك العام وعام ولادة يوسف ، الرقم (٢٥٨٧) ينقسم إلى قسمين : الأول (٨٧) وهو القيمة الرقمية لأسم يوسف، والثاني (٢٥) وهو رمز حرف النون الذي ترتيبه (٢٥) والذي تكلمنا عنه قبل قليل . إذا حسبنا مجموع تراتيب السور من بداية القرآن وحتى بداية سورة يوسف سيكون الناتج (٦٦)، ومجموع أرقام قيم عناوين السور هو (٨٦٩) ، ومجموع عدد آيات السور هو (١٥٩٦) آية ، فمجموع الأرقام الثلاثة هو (٢٥٣١)، وهذا يعني أننا نحتاج من سورة يوسف الرقم (٥٦) ليكتمل الرقم إلى عام ولادة يوسف من عام حدوث الزلزال ويعادل(٢٥٨٧) ، الرقم (٥٦) هو سن يعقوب عندما ولد يوسف. إذا حولنا الرقم (٥٦) من سنوات شمسية إلى سنوات زهرية (السنة الزهرية تعادل ٠،٦١٥٢ سنة أرضية ) سيكون الناتج (٩١) سنة زهرية وهو سن يعقوب المذكور في سفر التكوين عندما أنجب يوسف .
إذا نظرنا اليوم في الأسماء الموجودة في المنطقة الجنوبية للبحر الأسود سنجدها تشرح لنا سبب حدوث الزلزال وتحول بحيرة حواء ذات المياه العذبة إلى بحر أسمه البحر الأسود.ففي شرق هذه المنطقة توجد دولة تدعى جورجيا وعاصمتها تسمى (تفليس) لفظ هذا الأسم من الكلمة اليونانية (تفلوس) وتعني (أعمى) فهذا الأسم يبين لنا أن سبب حدوث الزلزال كان هو عمى البصيرة التي أصابت سكان هذه المنطقة . اما اسم المضيق الذي أحدث الطوفان فهو (بوسفور) ومصدر هذه الكلمة هو أيضا يوناني (βους+ πόρος) وتعني (ممر البقرة و ممر الثور) فكلمة (βόδι) تستخدم للمؤنث والمذكر في الأبقار . إذا نظرنا إلى شكل بحر الأسود سنجد أنه يشبه رأس البقرة (الصورة). فالذي حصل في الفترة الأخيرة قبل الزلزال ، أن جماعة كبيرة همجية أتت من الغرب فأعجبوا بخيرات تلك المنطقة فهاجموا القسم الغربي منها وقتلوا سكانها واستوطنوا هناك . فهرب جميع السكان الذين سكنوا بالقرب من المنطقة الغربية إلى المنطقة الشرقية ليحموا أنفسهم من هذه الجماعات الهمجية. وهكذا إنقسمت المنطقة إلى قسمين : قسم شرقي متحضر مسالم ، وقسم غربي همجي بلا مبادئ ، حيث كانت لذة الحياة بالنسبة لهم هي الطعام والشراب والقتل وممارسة الجنس بشكله الحيواني .مع مرور السنوات بدأ بعض الرجال من المنطقة الشرقية يذهبون إلى المنطقة الغربية ليروا نساء المنطقة الغربية العاريات اللواتي كن تمارسن الجنس بطريقة حيوانية ، وهذا ما كان يثير شهوات بعض رجال المنطقة الشرقية . فاقاموا علاقات مع هؤلاء النساء . فبدأت الرذيله تنتقل شيئا فشيء إلى المجتمع الشرقي بسبب أمثال هؤلاء الرجال . فوقع كبار حكماء المنطقة الشرقية في حيرة مما سيفعلون كي يمنعوا تحول مجتمعهم إلى مجتمع همجي حيواني ، والمشكلة الأخرى كانت بالنسبة لهم أن المجتمع الهمجي مع مرور الزمن أصبح يتقدم نحوهم ، فرأى هؤلاء الحكماء أنه من الضروري حماية أنفسهم والحفاظ على مبادئهم الحميدة ، فلم يجدوا أمامهم سوا حلين : إما حمل السلاح وقتالهم وهذا كان يتناقض مع مبادئهم التي تعتمد مبدأ السلام ، وإما الهجرة إلى منطقة أخرى بعيدة عن الجماعات الهمجية. فاختار معظم الشعب مبدأ إنسان الجنة { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ( ٢٨) المائدة} . فحملوا أنفسهم وتركوا بلادهم وهاجروا نحو الجنوب. بعد مغادرتهم لبلادهم عندها حدث الزلزال ودمر المنطقة بأكملها وقضى على الجماعات الهمجية، وتحولت بحيرة حواء إلى بحر أسمه (الأسود) وله شكل ثور كرمز لروح تلك الجماعات الهمجية التي احتلت هذه المنطقة والتي دمرها الطوفان .
هذه القصة ليست من الخيال ، ولكن مذكورة بشكل رمزي في سفر التكوين في الإصحاح السادس . (٤ : كان في الأرض طغاة في تلك الأيام. وبعد ذلك أيضا إذ دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولادا ، هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم) . عبارة (أبناء الله) المذكورة في سفر التكوين لا تزال حتى الآن تحير علماء الديانتين المسيحية واليهودية فكل عالم يُفسرها على مزاجه . ولكن الحقيقة أن (أبناء الله) المقصود بهم هم أبناء المنطقة الشرقية الذين سلوكهم كان مطابق لتعاليم ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه في آدم . ولهذا نجد نفس العبارة تستخدم في وصف عيسى عليه الصلاة والسلام في الديانة المسيحية ، فعبارة (أبناء الرب) المستخدمة في المسيحية تم تشويه معناها فتحولت إلى (أبناء الله) ولكن في الحقيقة تعني (أبناء روح الله) أي أبناء تلك الروح التي نفخها الله في آدم لتجعله مخلوق مختلف عن جميع مخلوقات الله. ولهذا نجد في سفر التكوين أن بعد قصة (أبناء الرب) يحدث مباشرة طوفان نوح ليقضي على أولئك الطغاة (أبناء روح البقرة) الذين سيطروا على منطقة بحيرة حواء . ولهذا أيضا في القرآن نجد أن سورة البقرة تأتي مباشرة بعد سورة الفاتحة . فكلمة (الفاتحة) هي رمز أسم بحيرة حواء التي تكون فيها أول شعب يعتمد مبدأ السلام في سلوكه ، أما كلمة (البقرة) فهو رمز البحر الأسود .
رقم ترتيب سورة البقرة هو الرقم (٢) وعدد آياتها هو الرقم (٢٨٦) إذا وضعنا الرقمين بجانب بعضهما البعض سنحصل على الرقم (٢٢٨٦) . إذا أضفنا له الرقم (٣٠٠) المذكور في سورة الكهف سيكون الناتج (٢٥٨٦) وهو عدد السنوات من عام حدوث زلزال البحر الأسود (طوفان نوح ) وحتى عام حمل راحيل بأبنها يوسف . الحكمة الإلهية هنا تستخدم قصة أهل الكهف لتشرح لنا العلاقة بين شعب بحيرة حواء الذين هم رمز أفراد عائلة نوح وبين افراد شعب مصر القديمة الذين ساعدوا يوسف في بناء حضارة عصر الاهرامات . وحتى يتم فهم هذه الفكرة بشكل أوضح . علينا الإستعانة بسفر التكوين . الرقم (٢٥٨٧) المذكور في القرآن هو أيضا مذكور في سفر التكوين بطريقتين :
- الأولى : في بداية الإصحاح السابع نجد أن الله عز وجل يطلب من نوح أن يدخل مع عائلته الفلك لأن موعد الطوفان قد إقترب . إن مجموع عدد الآيات من هذه الآية وحتى نهاية السفر والذي يذكر وفاة يوسف ، يعادل الرقم (١٣٦٧) آية ، أما مجموع أرقام الإصحاحات فيعادل (١٢٥٤) ، فمجموع الرقمين يعادل (٢٦٢٧) وهو عدد السنوات من طوفان البحر الأسود وحتى وفاة يوسف الأولى ، فإذا طرحنا الرقم /٤٠/ وهو سن يوسف عندما توفي سنحصل على الرقم ٢٥٨٧ (٢٦٢٧-٤٠=٢٥٨٧) .
- الثانية: الآية التي تذكر حدوث طوفان النوح في سفر التكوين هي (٦:٧ و لما كان نوح ابن ست مئة سنة صار طوفان الماء على الأرض) ، إذا حسبنا عدد الآيات من هذه الآية وحتى الآية (٢٤) من الإصحاح (٣٠) والتي تذكر ولادة يوسف ، سنجد أن مجموع الآيات يعادل (٦٩٠) آية ، هذا الرقم هو أيضا المدة الزمنية بين طوفان البحر الأسود وولادة يوسف ، فهذا الرقم في الحقيقة محسوب اعتمادا على أعوام الكواكب الأربعة (عطارد +الزهرة +الأرض+ المريخ) أي أن كوكب عطارد دار حول الشمس (٦٩٠) مرة ، هذه الفترة الزمنية تعادل (١٦٦) سنة أرضية ، ثم كوكب الزهرة أيضا دار حول الشمس (٦٩٠) مرة وهذه الفترة الزمنية تعادل (٤٢٤) سنة أرضية ، ثم كوكب الأرض دار حول الشمس (٦٩٠) مرة وتعادل (٦٩٠) عام أرضي ، ثم المريخ دار حول الشمس (٦٩٠) مرة وتعادل (١٢٩٧،٨) سنة أرضية . مجموع الكلي لهذه الفترة الزمنية يعادل (١٦٦+٤٢٤+٦٩٠+١٢٩٨=٢٥٧٨) هذا الرقم يحتاج إلى /٩/ سنوات ليكتمل إلى الرقم (٢٥٨٧) . في المرة السابقة أعتمدنا على سورة الكهف وأضفنا الرقم (٣٠٠) ليكتمل الرقم ، ولكن الآية في سورة الكهف تذكر ٣٠٠ (وَازْدَادُوا تِسْعًا) ، إذا أضفنا الرقم (٩) للرقم الموجود في سفر التكوين (٢٥٧٨+٩=٢٥٨٧) وهو عدد السنوات بين عام طوفان البحر الأسود وعام ولادة يوسف .
القرآن الكريم والكتب المقدسة ، لا تذكر أرقام الأحداث بطريقة ببغائية ، فالله عز وجل ليس بحاجة لأن يُؤكد للناس بأنه يعلم كل شيء .لهذا يضع أرقام الأحداث بطريقة تساعدنا على فهم حقيقة ما يحصل . ففي المرة الأولى استخدم من قصة أصحاب الكهف الموجودة في القرآن الكريم الرقم (٣٠٠) ، وفي المرة الثانية استخدم الرقم (٩) من قصة أهل الكهف لنضيفه إلى الرقم المذكور في سفر التكوين . بهذه الطريقة يقول الله للمسلمين أنتم بحاجة للكتب المقدسة للديانات الأخرى لتفهموا قرآنكم ، ويقول لأتباع الديانات الأخرى أنتم بحاجة للقرآن لتفهموا كتبتكم المقدسة . فجميعكم في حيواتكم السابقة كنتم من أتباع جميع الديانات العالمية . لهذا يستخدم الله رقم فترة نيام أصحاب الكهف ليربط بين قصة شعب بحيرة حواء الذي يرمز إلى أفراد عائلة نوح ، وبين قصة يوسف الذي يرمز للشعب المصري الذي ساعده في بناء حضارة عصر الاهرامات . فأفراد الشعب المصري الذين أُعجبوا بصفات يوسف وشعروا أنه مرسل لهم من الله تعالى، فمعظم هؤلاء هم في الحقيقة كانوا من أفراد شعب بحيرة حواء الصالحين الذين ولدوا من جديد ليساهموا في بناء حضارة جديدة تبدد ظلمات المنطقة وتنشر النور فيها . لهذا الآية التي تذكر (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه ِ .....(١١٠) ، مذكورة في سورة (آل عمران) وليس في سورة (محمد) ، لأن مصطلح (آل عمران) هو رمز أولئك الصالحين الذين يساهموا في ولادة وإزدهار الحضارات في جميع مناطق العالم . وهؤلاء يتبعون تعاليم دينهم الذي أنزله الله في منطقتهم أثناء وجودهم هناك ، وعندما يتوفاهم الله ، يولدوا في منطقة أخرى ، فيتبعون تعاليم الدين الذي أُنزل في هذه المنطقة ويساهمون في ولادة أو ازدهار حضارة المنطقة . فالأشخاص الصالحين الذين ولدوا بقرب الرسول صلى الله عليه وسلم او بعد وفاته وساعدوا في نشر الإسلام ،كثيرٌ منهم ولدوا قبل حوالي (٦٠٠) عام في زمن عيسى فاتبعوه وساهموا في نشر المسيحية ، وقبل ذلك بحوالي (٦٠٠) عام ، قسم منهم ولدوا في شمال الهند قرب بوذا فاتبعوا تعاليمه وساهموا في نشر تعاليمه ، والقسم الآخر ولدوا بالقرب من الفيلسوف اليوناني (بيثاغوراس) وساهموا في نشر تعاليمه ليصنعوا العصر الذهبي للحضارة الإغريقيه . وقبل ذلك بحوالي (٦٠٠) عام ولدوا في منطقة أخرى وهكذا ... الله يختار الناس الصالحين من كل منطقة ليولدوا في منطقة أخرى ليساهموا في تطهيرها من شوائب خطيئة الإنسان في الجنة ولينقلوا إليها نتائج حياتهم السابقة ليجعلوا كل منطقة في العالم غنية بالصفات الحميدة تحافظ على نقاء تكوين الأطفال من غريزة القتل . بهذه الطريقة تتراكم المعارف في العقل الباطني للإنسان ، وعند وفاته تتحول هذه المعارف من شكلها المادي إلى إحساسات روحية (مكارم الأخلاق) تحدد شكله ومركزه الإجتماعي وطبيعة تفكيره ونوعية سلوكه عند ولادته من جديد . لهذا الآية القرآنية تذكر {... وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤) فاطر} . الله يختار أفضلهم ليجعل منه (نذير) سكان المنطقة . فاختيار الله شخص معين ليكون هو نبيا أو رسولا له لا يكون عن طريق الصدفة لأن الصدفة لا تحقق العدالة المطلقة، ولكن الإختيار يكون على شخص محدد لأن هذا الشخص في حيواته الماضية كان الأفضل من بين الجميع وأصلحهم في القيام بالمهمة التي يحملها لهذا استحق هذا الدور ليكون هو القائد الروحي للأمة التي سيولد فيها . فكل منطقة في العالم لها طبيعة ودور خاص بها وتحتاج إلى الشخص المناسب لها . فالشعوب الغربية مثلا دورها تطوير العلوم المادية لهذا لم يولد فيها أنبياء ، ولكن فقط فلاسفة وعلماء .
القرآن الكريم ليس فقط كتاب مواعظ وحكم إلهية كما يعتقد علماء الدين الإسلامي اليوم ، ولكنه كتاب يذكر الله فيه كل شيء وبالتفصيل ، ولكن حتى نستطيع رؤية تفاصيل الأحداث والأشياء في القرآن ، يجب أن نستعين بالكتب المقدسة للديانات الأخرى وما توصلت إليه العلوم بمختلف أنواعها لنصل إلى معلومة واضحة ودقيقة . أما إذا قرأنا القرآن فقط بالإعتماد على اللغة العربية فقط ، فقد انتهى مفعوله منذ ٧٠٠ عام .ولهذه يقول الله عز وجل في سورة الأعراف {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢)} ويقول عز وجل في سورة الحج {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)} . .. والله أعلم.
ز . سانا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق