الأحد، 29 أغسطس 2021
الخاطرة ٢٩٣ : تطور الحياة (روحيا وماديا)
خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٢٩٣ : تطور الحياة (روحيا وماديا)
رغم مرور أكثر من (١٦٠) عام على ظهور نظرية التطور لتشارلز داروين ، ورغم حصول العديد من التعديلات عليها لتأخذ شكلا يُفسر ما حدث من تغييرات على الكائنات الحية ، لا تزال هذه النظرية تواجه هجوما عنيفا من عدد كبير من العلماء من مختلف الإختصاصات العلمية . والمشكلة في هذا الصراع بين المؤيدين والمعارضين أن كل الأدلة التي يقدمها أي طرف منهم لا يقبل بها الطرف الآخر ، فرغم تقدم العلوم وأجهزة البحث العلمي ومع ذلك بدلا من أن تقل الخلافات بين الطرفين أصبحت وكأن كل طرف منهما ينتمي إلى كوكب آخر مختلف في القاعدة الثقافية عن الطرف الآخر.
إن ما يحدث من جدال عنيف بين مؤيدي ومعارضي نظرية التطور ، هو أمر طبيعي جدا في عصرنا الحديث ، فكلا الطرفان يستخدمان في بحثهم العلمي نفس نوعية الرؤية وهي الرؤية المادية أو بمعنى آخر الرؤية الماركسية ، فكما ذكرت في العديد من المقالات الماضية ، أن خطورة كارل ماركس على المنهج العلمي في البحث لم تكن آرائه ولكن نوعية الرؤية التي استخدمها والتي جعلت العلماء - وبدون علمهم - أن يستخدمونها هم أيضا في بحثهم العلمي لينقضوا آرائه ، فوقعوا في تلك الخدعة فكانت النتيجة إنتصار المنهج العلمي الماركسي والذي أصبح منهج علمي رسمي للعصر الحديث ، ولهذا نجد أن الإلحاد أصبح ينتشر بسهولة في جميع شعوب العالم ، فرغم أن حكومة الولايات الأمريكية فعلت كل شيء من أجل منع إنتشار الفكر الماركسي وظنت أنها قد استطاعت القضاء عليه بإنحلال الإتحاد السوفيتي كرمز للفكر الماركسي ، ولكن نجد اليوم أن عدد علماء أمريكا الذين لا يؤمنون بوجود الله يزداد باستمرار ، وأن نسبة كبيرة من أفراد شعبها أصبح لا يهمه على الإطلاق مسألة وجود الله أو عدم وجوده . أما في الدول العربية فنجد أن التعصب المذهبي قد بلغ ذروته وجعل أتباع المذاهب الإسلامية وكأنهم الأخوة الأعداء .
ورغم أن أكثر المعارضين لنظرية التطور يتهمون النظرية بأنها تعارض الكتب المقدسة وتدفع إلى الإلحاد ، ولكن نجد أن كنيسة الفاتيكان قد أعترفت بصحة نظرية التطور منذ عام ١٩٩٦ ، وأن كثير من علماء المسلمين اليوم أيضا يؤمنون بصحة هذه النظرية ويؤكدون على أنها لا تعارض آيات القرآن. هذا التناقض بين مؤيدي ومعارضي نظرية التطور خلق نوع من الفوضى الفكرية في الكثير من الشباب ، فأي شاب يريد أن يبحث عن الحقيقة ، عندما يقرأ أدلة علماء التطور يجدها منطقية جدا ولكن أيضا عندما يقرأ أدلة المعارضين للنظرية سيجدها أيضا منطقية . فمن يرى الأدلة العلمية على أخطاء نظرية التطور -مثلا- في سلسلة فيديوهات الدكتور إياد قنيبي الحاصل على بكالوريوس صيدلة، وشهادة دكتوراة في علم الأدوية ، سيعتقد أنه من الغباء أن يؤمن العلماء بصحة هذه النظرية ، ولكن في الحقيقة جميع تلك الأدلة التي قدمها الدكتور إياد لا تقنع أي عالم متخصص في علم التطور ، ولهذا نجد أن العلماء وخاصة علماء الأحياء الذين يؤمنون بنظرية التطور عددهم أكبر بكثير من عدد العلماء المعارضين لهذه النظرية . لذلك نجد أن نظرية التطور تُدّرس في جميع مدارس وجامعات العالم . فاستمرار وجود النظرية ليس بسبب وجود مؤامرة عالمية كما يعتقد معارضي النظرية ، فجميع العلماء الذين يؤمنون بصحة نظرية التطور يعلمون أن النظرية تشكو من بعض نقاط الضعف ولهذا حدثت تعديلات عديدة على نظرية داروين ، فلو عاد داروين إلى الحياة اليوم وقرأ نظرية التطور كما وصلت إليه الآن سيعتقد أنها نظرية أخرى لا علاقة لها بنظريته . فالذي يحصل في الواقع أنه طالما أن معارضي نظرية التطور لا يقدمون نظرية أخرى تفسر سبب تلك التغييرات التي حدثت عبر الزمن في مختلف الكائنات الحية ، ستبقى نظرية التطور الداروينية المحدثة سائدة في الأوساط العلمية لأنها على الأقل تعطي الموضوع رؤية علمية تساعد علماء الأحياء في أبحاثهم العلمية . فحسب رأيهم بالمقولة التي يستخدمها معارضي نظرية التطور أن كل تغيير قد حصل في شكل الكائنات الحية هو أن الله خلقه هكذا وأن الله يفعل ما يشاء، فهذا الرأي يقيد العلماء ويمنع استمرار أبحاثهم العلمية ، وهذه حقيقة فكل الذي قدمه معارضي نظرية التطور حتى الآن هي أدلة تنقض صحة نظرية التطور ولم يقدموا أي نظرية أخرى تساعد العلماء في فهم ما يحدث وتفتح لهم مجالا جديدا في البحث العلمي .
إن السبب الحقيقي لوجود هذا الصراع بين مؤيدي ومعارضي نظرية التطور ، هو أن موضوع تطور الحياة هو موضوع يتعلق بكائنات حية فيها روح ، بينما علماء الطرفين المؤيد والمعارض ينظرون إليها كأجسام بلا سلوك روحي ، فالحديث الشريف يذكر (إنَّما بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق) ، فسبب الوجود هو السلوك الروحي ، والسلوك الروحي لكل كائن حي هو الذي يُحدد التكوين الجسدي له وليس العكس ، فنوعية روح كل كائن حي هي التي تشكل الجسم الذي يُعبر عنها ، فهناك علاقة إنسجام مطلقة بين شكل الكائن الحي وسلوكه . يشذ عن هذه القاعدة الإنسان فقط لأنه كائن حي مُخير وليس مُسير . فالمشكلة الحقيقية في نظرية التطور أن هذه النظرية هي أصلا من إختصاص علماء الفلسفة (علوم الحكمة) ولكن للأسف يتم البحث فيها في كلا الطرفين من خلال استخدام قوانين علوم مادية ، فالمشكلة الحقيقية في هذه النظرية أن داروين صاحب هذه النظرية قد بحث في موضوع لم يكن من إختصاصه فذهب وعرض أدلة مادية دفعت جميع العلماء المؤيدين والمعارضين في مناقشة هذه الأدلة المادية ، فتحول موضوع التطور إلى موضوع مادي فقير يعتمد مبدأ العلم للعلم وليس لخدمة الإنسان . ولهذا انتصر المؤيدون للنظرية كونها نظرية مادية ظهرت في عصر مادي يعاني من إنحطاط روحي بسبب غياب الفلسفة .
ما أعنيه هنا بمصطلح الفلسفة (علوم الحكمة) كمفهوم ، يختلف نهائيا عن مفهوم الفلسفة المعروف في عصرنا الحديث ، فجميع كليات الفلسفة اليوم وفي جميع أنحاء العالم ، تُدّرس وتبحث في مواضيع لا علاقة لها بالفلسفة نهائيا ، فللأسف الفيلسوف المزيف كارل ماركس برؤيته المادية استطاع أن يشوه الهوية الحقيقية لمفهوم الفلسفة لتتحول إلى فلسفة مزيفة لا تنفع في توحيد العلوم المادية والعلوم الإنسانية . فالجميع اليوم يعلم أن العصر الحديث يعاني من إنحطاط روحي وأن سلوك المجتمع من الناحية الأخلاقية يسير من السيء إلى الأسوأ ولكنهم لا يعلمون أن السبب هو غياب الفلسفة . فالفرق في نوعية الإدراك بين المجتمع الإنساني والمجتمع الحيواني هو عدم وجود الإدراك الفلسفي في المجتمع الحيواني . فجميع العلوم والفنون متواجدة في إدراك الكائنات الحيوانية ما عدا الإدراك الفلسفي . فعلم الفيزياء مثلا موجود في إدراك الكثير من الكائنات الحية ولكن بمستوى بدائي جدا مقارنة مع الإنسان فهي مثلا تشعر بتغير درجات الحرارة من حولها وتتصرف بشكل ملائم لهذا التغيير في درجات الحرارة لتحافظ على طبيعة حياتها فهذا الشعور هو إدراك فيزيائي ولكنه في مستوى بدائي جدا ، وكذلك الشيء نفسه بالنسبة لبقية أنواع الإدراك : الكيميائي والهندسي بأنواعه والطبي والإجتماعي والفنون بأنواعه المختلفة . فغياب الإدراك الفلسفي في معارف الكائنات الحيوانية هو الذي جعل مجتمعها بلا عقيدة دينية ، لأن أساس الإدراك الفلسفي يعتمد مبدأ هام جدا وهو وجود إله خالق وكذلك وجود مخطط إلهي تسير عليه جميع أنواع التطورات . ولهذا كانت نتيجة غياب الفلسفة في عصرنا الحاضر إنتشار الفكر الإلحادي في جميع شعوب العالم.
مفهوم الفلسفة (علوم الحكمة) شرحناه بالتفصيل في (سلسلة مقالات : ابن رشد الفيلسوف المظلوم) ، ولكن حتى نستطيع متابعة موضوع التطور ، لا بد من عرض شرح مختصر جدا للمفهوم الحقيقي للفلسفة . أرسطو -مثلا- الذي يُعتبر اليوم من أعظم فلاسفة التاريخ ، في الحقيقة لم يكن فيلسوفا ، فهو عالم أحياء وعالم فلك وعالم حيوان وعالم رياضيات وعالم سياسة وعالم جغرافيا وناقد أدبي ولكنه رغم ذلك لم يكن له علاقة بالفلسفة . فأن يقول -مثلا- أن الكون يتألف من أربعة عناصر : تراب ، ماء ، هواء ، نار . هذه المعلومة ليست معلومة فلسفية ولكنها معلومة من العلوم الماديه (علوم طبيعية) . أما المعلومة الفلسفية عن تكوين الكون فهي التي ذكرها الفيلسوف أفلاطون (الله يهندس في خلقه) فهذه العبارة هي تلخيص لمبدأ خلق الكون الذي شرحه الفيلسوف بيثاغوراس والذي يُعتبر أول من استخدم مصطلح الفلسفة في تاريخ البشرية لُيعبر عن نوعية العلوم التي تهتم بها مدرسته . فنوعية رؤية بيثاغوراس مختلفة نهائيا عن رؤية أرسطو التي ترى مادية الأشياء فقط ، بينما رؤية بيثاغوراس فهي توحد الرؤية المادية مع الرؤية الروحية لتساعد في رؤية علاقة الإنسجام بين الشكل والمضمون للأشياء بهدف فهم حقيقة سبب وجودها وكذلك علاقتها مع كل ما يحيط بها وبالتالي فهم المخطط الإلهي . بيثاغوراس استخدم مصطلح الفلسفة ليوضح لنا نوعية البحث العلمي الذي يستخدمه في مدرسته في فهم حقيقة مايجري في الطبيعة والكون وعلاقتها في سلوك الإنسان ، أما آراء ونظريات أرسطو فهي من نوعية مختلفة تماما ولا علاقة لها بالفلسفة التي تحدث عنها بيثاغوراس .
الله عز وجل وضع علامة إلهية توضح لنا بأن أرسطو يستخدم فقط الرؤية المادية وأنه لم يكن فيلسوفا . فعندما سمع أرسطو أن تلميذه إسكندر المقدوني بعد استلامه للعرش يجهز جيشه لغزو العالم لإنقاذ شعوبها من ظلم ملوكها ، شعر أرسطو بأن ما سيقوم به إسكندر هو نوع من أنواع الجنون فمن المستحيل لجيش يتألف من ٣٥ ألف جندي فقط أن ينتصر على جيوش العالم ، فجيش الفرس لوحده فقط كان يتألف من ٢٥٠ ألف جندي تقريبا . لهذا ذهب إليه وحاول بكل ما يملك من علوم أن يقنع اسكندر في العدول عن فكرته ، ولكنه رغم علومه العديدة فشل في إقناع تلميذه . أسكندر المقدوني أخذ جيشه الصغير وخرج لغزو العالم وبعد سنوات قليلة حقق هدفه وانتصر على جميع جيوش العالم القديم وأثبت لأرسطو أن المنطق المادي الذي يُدّرسه لطلابه هو منطق مادي فقير عاجز عن فهم حقيقة ما يحدث في هذا الكون .
عين الفيلسوف ترى وتفهم معنى هذه الحادثة التاريخية التي حصلت بين أرسطو وتلميذه اسكندر والتي تدل على ضعف إدراك أرسطو لحقيقة ما يحدث حوله ، أما عين الفيلسوف المزيف فترى الحادثة فلا تعطيها أي أهمية وتنظر إليها وكأنها حدثت بالصدفة فتفصلها عن علوم أرسطو لهذا لا يفهم أن سلوك أرسطو في تلك الحادثة كان نتيجة لنوعية إدراكه العام لما يحدث حوله . فالفرق بين الفيلسوف وعلماء بقية جميع أنواع العلوم أن هؤلاء العلماء يرون -مثالا- الألوان الأزرق والأخضر والأحمر فيتكلمون عنها كأشياء منفصلة عن بعضها البعض ، أما الفيلسوف فيرى الألوان الثلاثة هذه ولكنه يتكلم عن اللون الأبيض كشيء جديد ينتج من إتحاد هذه الألوان الثلاثة . إن توحيد معاني الأشياء ليظهر معنى جديد هو إدراك فلسفي فهذا النوع من الإدراك هو الذي يعطينا المقدرة على الشعور بوجود خالق لهذا الكون .
لتوضيح مفهوم الفلسفة (علوم الحكمة) بشكل أفضل وعلاقتها بنظرية التطور ، سنعرض عليكم هذا المثال :
- في بداية القرن (٦) قبل ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام ، تحصل حادثة دمار معبد سليمان عليه السلام (عام ٥٨٧ ق.م) ، ولكن في نفس الفترة الزمنية أيضا يولد فيثاغوراس في اليونان ، ويولد بوذا في الهند ، ويولد كونفوشيوس في الصين . إذا تمعنا جيدا في تعاليم هؤلاء العظماء الثلاثة سنجد أنها تحمل في داخلها مبادئ حكمة سليمان عليه الصلاة والسلام وكأن هؤلاء الثلاثة كانوا من تلامذته . لهذا نجد أن كل واحد من هؤلاء الثلاثة أخذ في نفوس شعبه مكانة الأنبياء . {.... إِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ(٢٤) فاطر} .
- بعد (٦) قرون من ظهور هؤلاء الحكماء الثلاثة ، يظهر عيسى عليه الصلاة والسلام. ويأتي بديانة جديدة وهي المسيحية . وبعد (٦) قرون من ظهور الديانة المسيحية الأمة المسيحية تدخل في عصر الإنحطاط .
- بعد (٦) قرون من ظهور المسيحية ومع دخولها في عصر الإنحطاط ، يظهر محمد صلى الله عليه وسلم ويأتي بديانة جديدة وهي الإسلام .
- بعد (٦) قرون من ظهور الإسلام . تدخل الحضارة الإسلامية في عصر الإنحطاط ، وتظهر حضارة جديدة وهي حضارة النهضة الأوربية في أوربا .
- بعد (٦) قرون من ظهور حضارة عصر النهضة ، يظهر ماركس وداروين وأميل زولا وبول سيزان وغيرهم من أصحاب الذوق الوحشي في آرائهم العلمية والفكرية ورغم تقدم العلوم والتكنولوجيا ولكن الإنسانية بأكملها تدخل في عصر الإنحطاط الروحي .
هذا العصر بدأ في القرن الذي يحمل الرقم (١٩) من ميلاد المسيح. هذا الرقم ذكره الله تعالى في سورة المدثر {لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ(٣٠)} .
العلماء المسلمين نظروا إلى هذا الرقم برؤية مادية على أنه الرقم (١٩) ، فراح بعضهم يستخدمه كرقم مقدس يفسر أشياء كونية ، ولكن كل ما كتب عن الرقم (١٩) ظل على الورق ولم يقدم أي شيء ينفع العلماء في أبحاثهم العلمية . ولكن الحقيقة هي أن المقصود في الآية ليس الرقم (١٩) ولكن الرقم (١٨+١) ، فالرقم (١٨) الذي شكله موجود في كف اليد اليمنى ، هو الرقم المقدس وليس الرقم (١٩) ، أما الرقم (١) فهو يدل على ما سيحصل بعد إكتمال الرقم (١٨) . فكما ذكرنا أعلاه ، المدة الزمنية من ظهور يسوع عليه الصلاة والسلام وحتى ظهور الإسلام (٦) قرون ، ومن ظهور الإسلام وحتى عصر النهضة الأوربية (٦) قرون ، ومن بداية عصر النهضة إلى نهايته (٦) قرون . أي لدينا (٦+٦+٦=١٨) . ولهذا نجد أن رمز أعور الدجال (المسيح المزيف) في المسيحية هو الرقم (٦٦٦) .
حتى نوضح حقيقة ما يحصل لا بد لنا من ذكر بعض المعلومات :
في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي النسخة اليونانية (١٨:١٣) يذكر أن رمز أعور الدجال كرقم يخرج من حروف هذا الرمز وهي (χξς) ، وقد شرحنا في مقالات ماضية أن الحرف (ς) يُكتب أيضا بهذا الشكل(6) وقلنا أن هذا الرمز ليس حرفا ولكنه الرقم (٦) ، وأن القيمة الرقمية للحرفين (χξ) في اللغة اليونانية تعادل (٦٠+٦٠٠) ، فالمجموع العام للرمز (χξ6) يعادل (٦+٦٠+٦٠٠=٦٦٦) أي أن هذا الرمز يُقسم إلى قسمين : الأول على اليمين هو رمز رقمي وهو الرقم(٦)، أما القسم الثاني على اليسار فهو رمز حرفي ويتألف من حرفين (χ,ξ) . فشكل هذا الرمز هو معاكس لشكل الرمز (١٨) حيث القسم اليميني (٨) يتألف من خطين متحدين في القمة ويمثلان نقيض الحرفين (χξ) . وفي مثالنا الذي نتحدث عنه فالرمز (٨) يمثل الديانتين المسيحية والإسلامية ، أما القسم اليساري (١) فهو يمثل رمز عصر النهضة الأوربية ، فرمز الأعور الدجال (666) له معنى تحطيم اتحاد المراحل الثلاث (مرحلة تكوين الديانة المسيحية ، مرحلة تكوين الديانة الإسلامية ، مرحلة تطوير المعارف العلمية التي حصلت في عصر النهضة) والهدف من تحطيم هذا الإتحاد هو تحويل هذه الأحداث التاريخية إلى أحداث عشوائية غير مرتبطة ببعضها البعض وذلك من أجل منع العلماء من فهمها وبالتالي دفع تطور الإنسانية نحو الأسفل ، ولهذا أخذت كل مرحلة من المراحل الثلاث رمز الرقم ستة (6) والذي شكله رمزيا مشابه لشكل جسم إنسان رأسه في الأسفل . أما الرقم (١٨) فله معنى إتحاد المراحل الثلاثة لتعمل معا كوحدة متكاملة في تطوير التكوين الإنساني ليصل إلى الكمال .
الرمز (١٨) كشكل رقمي يُعبر أيضا على المدة الزمنية لكل مرحلة ولكن محسوبة بالسنة الزهرية (كوكب الزهرة) ، فكل مرحلة تعادل (٦) قرون وهي تساوي (١٠٠٠) سنة زهرية ، والآية القرآنية تذكر(يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وكذلك في المسيحية (بطرس الثانية - ٣:٨ .... أن يوما واحدا عند الرب كالف سنة و ألف سنة كيوم واحد) . فكل /١٠٠٠/ سنة تعادل يوم واحد أي أن مدة المراحل الثلاثة تعادل (١+١+١) أي (٣) أيام ، اليوم الأول (١) هو رمز الديانة المسيحية (عقيدة روحية) ، واليوم الثاني (١) هو رمز الديانة الإسلامية (عقيدة روحية) ، لهذا الرمز (١) من الأولى والرمز (١) من الثانية تتحدان معا في القمة وتشكل الرمز (٨) كونهما عقائد روحية، أما اليوم الثالث (١) فهو ليس رمزا لعقيدة روحية ولكنه رمز نهضة العلوم المادية لهذا يصطف هذا الرقم على يسار الرمز (٨) فنحصل على الرمز العام (١٨) والذي شكله يمثل خطوط كف اليد اليمنى ، فالديانة المسيحية تمثل رمز اللون الأزرق ولهذا كانت تعاليم عيسى عليه الصلاة والسلام ترفض استخدام العنف بأي شكل من الأشكال {لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٍۢ يَدِىَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّىٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَٰلَمِينَ(٢٨) المائدة} . أما الديانة الإسلامية فرمزها اللون الأخضر ولهذا سمحت باستخدام العنف فقط من أجل حماية الأمة الإسلامية لتستطيع أن تلعب دورها في تطوير الإنسانية ، أما مرحلة النهضة الأوروبيه فرمزها اللون الأحمر وهو رمز تطوير العلوم المادية لتأمين الحاجات الجسدية . هذه الألوان الثلاث هي الألوان الرئيسية للضوء ، وعند إتحادها معا نحصل على الضوء الأبيض القادم من السماء .والذي يمثل رمز ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه في آدم قبل خلق حواء منه . ولهذا المراحل الثلاث التي ذكرناها والتي تشكل الرمز (١٨) تبدأ بولادة عيسى عليه الصلاة والسلام من أم عذراء وليس من تزاوج رجل وأمرأة.
فظهور الحكماء الثلاثة (كونفوشيوس ، بوذا ، بيثاغوراس) معا في نفس الفترة التي تم فيها دمار معبد سليمان ، هو رمز له معنى إنتقال الإنسانية إلى مرحلة جديدة في تطورها الروحي. ولهذا نجد أن (كونفوشيوس وبوذا) كانا من الشرق وكانت تعاليمهما تتعلق فقط بالفضيلة والعمل الصالح كونهما يمثلان الرمز (٨) المسؤول عن القسم الروحي ، أما (بيثاغوراس) فكان من الغرب كونه يمثل الرمز (١) حيث كانت تعاليمه تعتمد بشكل أكبر على العلوم المادية وخاصة الرياضيات في فهم هندسة مخطط الخلق . فهؤلاء الحكماء الثلاثة هم في الحقيقة رمز الحكماء (المنجمون) الثلاثة المذكورين في الإنجيل والذين تنبؤا بميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام وأتوا إلى مدينة القدس ليباركوا لمريم بولادة ابنها . فدمار معبد سليمان وظهور هؤلاء الحكماء الثلاثة ومن ثم ظهور اسكندر المقدوني ليطهر منطقة مركز العالم القديم (الشرق الأوسط) التي سيولد فيها عيسى ومن بعده محمد عليهما الصلاة والسلام ، كان عبارة عن تمهيد الأمور لتدخل الإنسانية في مرحلة جديدة من التطور الروحي والفكر المادي .
الرمز الإلهي (١٨) شرحناه بالتفصيل في مقالات ماضية ، فسبب وجوده في كف اليد اليمنى ليس صدفة ولكن ليؤكد على أن أصل الإنسان من الجنة وليس من الأرض . وليؤكد أيضا أن الإنسان هو كائن حي فريد من نوعه كونه يحوي في داخله جزء من روح الله ، ولهذا لا يمكن تشبيهه بأي كائن حي آخر ليس على الأرض فقط ولكن في الكون بأكمله. ولهذا أيضا فهو يحمل الرمز (١٨) في كف يده اليمنى ، أما كف اليد اليسرى فيحمل الرمز المناظر له (٨١) ، حيث مجموع الرمزين كأرقام (١٨+٨١) يعادل الرقم (٩٩) وهو عدد أسماء الله الحسنى . فظهور شكل هذا الرمز في خطوط كف يد الإنسان لم يحدث عن طريق طفرات حدثت بالصدفة كما يعتقد علماء التطور ، ولكن حسب خطة إلهية إحتاجت إلى مليارات السنين حدثت فيها أنواع مختلفة من التطورات . أيضا فإن ولادة عيسى عليه الصلاة والسلام من إمرأة عذراء في بداية القرن الأول ، ثم في القرن (١٩) تظهور نظرية داروين التي تحاول أن تثبت أن أصل الإنسان قرد ، فهذا أيضا ليس صدفة ولكنه دليل يؤكد على وجود روح سوء عالمية تحاول تشويه المخطط الإلهي لتمنع الإنسانية من الوصول إلى الكمال . ولهذا كان ترتيب سورة مريم في القرآن يحمل الرقم (١٩) لتؤكد على ذلك التناقض بين طريقة ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام ونظرية داروين التي تدعي أن أصل الإنسان مخلوق شبيه بالقرد .
مما ذكرنا في الأسطر سابقة يتضح لنا أنه حقا الله يهندس في خلقه وأن فهم هذه الهندسة الإلهية تحتاج إلى توحيد جميع أنواع العلوم المادية والإنسانية لينتج عنها معاني جديدة لا يستطيع رؤيتها لا عالم الأحياء ولا عالم الفيزياء ولا عالم التاريخ ولا عالم الدين ولكن يراها فقط الفيلسوف. وهذه الهندسة الإلهية تؤكد لنا أن التطور هو حقيقة واقعية وليس كما يعتقد معارضي نظرية التطور ، ولكن آلية حدوث التطور مختلفة تماما عن آلية النظرية الداروينية الحديثة التي تعتمد على الصدفة (قانون الإحتمالات) .
في المقالات القادمة إن شاء الله سنشرح مبادئ نظرية تطور الحياة باستخدام رؤية فلسفية (روحية ومادية) توضح لنا آلية ظهور الأنواع المختلفة من الكائنات الحية وسبب وجودها وكذلك علاقتها بتكوين الإنسان الروحي والمادي .... والله أعلم.
ز .سانا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق