خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٣٣٧ : الرمز (١٨) وعقيدة التوحيد الجزء ٣
في المقالة الماضية ذكرنا أن عقيدة التوحيد ليست مجرد جملة واحدة (لا إله إلا الله) يتم ترديدها بشكل ببغائي فتخرج من الفم وتتلاشى في الفراغ دون أن يكون لها أي أثر في تحسين السلوك البشري الفردي أو الجماعي ، وإنما هي عقيدة معقدة إحتاجت إلى مراحل عديدة في العصور الماضية لتأخذ شكلها الأخير في الإسلام ، والتي هدفها الحقيقي هو تطوير التكوين الروحي للإنسان بغرض الوصول إلى الإنسان الكامل كما خلقه الله في الجنة . وتكلمنا أيضا عن الثابت الكوني للبنية الدقيقة (α) والذي قيمته تعادل (١/١٣٧) ودوره الرمزي في توحيد الأشياء والأحداث الكونية المادية والروحية لتكون نتيجتها الأخيرة هو ظهور الإنسان على سطح الأرض ليتابع تطوره نحو الكمال .
في مقالة اليوم سنتكلم عن ثابت كوني آخر له نوعية مختلفة عن جميع الثوابت الكونية، وغير معروف عند الفيزيائيين ، فعلى هذا الثابت تم بناء كل صغيرة وكبيرة داخل الكون ليجعلها تسير بشكل يتوافق مع المخطط الإلهي ، فبدون إستخدام منطق هذا الثابت الكوني في البحوث العلمية سيبدو للعلماء بجميع أنواع إختصاصاتهم وكأن الأشياء والأحداث في الكون تعتمد مبدأ حدث بالصدفة . هذا الثابت الكوني هو الرمز (١٨) والذي أستخدمه في معظم منشوراتي وفي جميع مواضيعها المتنوعة (دينية ، فنية ، تاريخية ، فلسفية ، فلكية ، علوم حيوية ، فيزيائية ، كيميائية ...إلخ) .فلو إعتبرنا أن خلق الكون وخلق الإنسان وتطوره هو رواية أدبية فالثابت (١٨) سيكون الشخصية الرئيسية لهذه الرواية ، فهو المسؤول الأول والأخير عن البداية والحبكة والنهاية ، وبدونه ينهار كل شيء في داخل الكون. الثابت الكوني (١٨) تكلمنا عنه بالتفصيل في العديد من المقالات الماضية ولكن هنا سنعيد ذكر بعض المعلومات عنه بشكل مختصر جدا لنشرح دوره الحقيقي في فهم عقيدة التوحيد.
حتى نفهم أهمية دور الرمز (١٨) في تنظيم الأحداث الكونية ليسير كل شيء حسب المخطط الإلهي يجب علينا أن نعتمد منطق الآية القرآنية التي تقول {... وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ... (٣٠) الأنبياء} . علماء الدين فسروا هذه الآية بأنها تتكلم عن الماء وهذا ليس خطأ ولكنه تفسير بدائي ، فالحقيقة أن كلمة (ماء) هنا هي كلمة رمزية فالماء كمادة ليس إلا صورة مادية مبسطة لما يسمى (الروح) ، فبدون الماء لا يوجد حياة ، وبدون الحياة لا يوجد الإنسان ، وبدون وجود الإنسان فلا قيمة لوجود الكون أصلا . فما قيمة وجود شيء بشكله المجرد دون وجود مخلوق معين يحدد هوية هذا الشيء وأهمية وجوده وتأثيره على الأشياء التي حوله . فالماء كوجود رمزي هو الذي يُعطي للأشياء أهميتها وهويتها ليجعل من وجودها عنصر فعال في التفاعلات والتطورات الكونية . فالمعنى العام لكلمة (حياة) يشمل تلك الكائنات التي تمتلك روح تجعلها كائنات حية تولد وتتكاثر وتموت . وحتى يكون الماء هو أصل الحياة فلا بد أن يكون هناك شكل من أشكال الروح في الماء لأن الروح أصلا لا تأتي من العدم . فالمعنى الفلسفي للآية (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) في الحقيقة المقصود به هو ذلك التعبير الروحي الرمزي الذي وضعه الله عز وجل في الماء والذي يمثل أصل كل شيء داخل الكون.
قبل أن نتكلم عن الرمز (١٨) ودوره في مراحل خلق الكون لا بد من فهم التعبير الروحي الرمزي الموجود في الماء . الماء حسب علم الكيمياء هو مركب كيميائي (H2O) يتألف من إتحاد {(٢) ذرة هيدروجين + (١) ذرة أوكسجين} . هذا التركيب الكيميائي ليس صدفة ولكن هو صورة مادية للرمز (١٨) الذي يتألف من /٣/ أجزاء موجودة في قسمين .
حيث ذرتي الهيدروجين (H2) تمثلان الرمز (٨) الذي يتألف من خطين متحدين في القمة ، أما ذرة الأوكسجين (O) فتمثل الجزء الثالث وهو الرمز (١) . أما حسب علم الفيزياء فالوزن الذري لذرة الهيدروجين تعادل القيمة (١) ، والوزن الذري لذرة الأوكسجين تعادل (١٦) . أي أن الوزن الذري لجزيء الماء يعادل {(٢×١)+١٦=١٨} . أما شكل ترابط الذرات الثلاثة مع بعضها البعض فله شكل مثلثي (الشكل الجانبي للهرم) والذي يعتبر أول شكل هندسي ظهر في تاريخ الهندسة المعمارية على سطح الأرض ونقصد هرم زوسر في مصر والذي يتألف من /٦/ درجات (مصطبات) تعطي شكل الهرم وكأنه سلم يصعد نحو السماء كتعبير روحي لعودة روح الإنسان إلى الجنة. فالماء هو المركب الكيميائي الوحيد الذي يُعبر عن حقيقة الرمز (١٨) كشكل وقيمة رقمية وكذلك يفسر لنا دوره في المخطط الإلهي في تطور الكون والحياة والإنسان .
لهذا كان الماء هو أول مادة جذبت إهتمام الفكر الإنساني إليه لدراسته وفهم أهمية تأثيره على الإنسان (جسديا وروحيا) وعلى الطبيعة ، واليوم توصل العلماء بمختلف إختصاصاتهم العلمية على إعتبار أن الماء هو أكبر جهاز منظم لكل شيء يحصل على سطح الكرة الأرضية فالماء بالنسبة للكرة الأرضية بمثابة الدماغ بالنسبة لجسم الإنسان .
موضوع أهمية الماء ودوره في تنظيم الأحداث المناخية والحيوية في الكرة الأرضية موجود في مئات المواقع على الإنترنت والكتب ، لهذا لن نذكرها هنا لأن شرحها يحتاج إلى مقالة طويلة . ولكن هنا سنتكلم عن دور الثابت الكوني (١٨) الذي حمله الماء كتعبير روحي ليجعل من الماء أهم جهاز منظم لإستمرار الكرة الأرضية ككوكب صالح للحياة . فالثابت الكوني (١٨) هو أيضا يقوم بدور منظم لعمل الكون بأكمله. فظهور الماء في الكون كمركب كيميائي لم يكن صدفة ولكن علامة إلهية تعبر عن نهاية المرحلة المادية وبداية المرحلة الروحية في تطور الكون (ظهور الحياة) .
قبل أن نتكلم عن الرمز (١٨) كثابت كوني لا بد أولا من ذكر أماكن وجوده في النصوص الدينية والتي تعطينا لمحة فلسفية لفهم هذا الرمز . الرقم (١٨) مذكور في القرآن الكريم في ثلاث سور : الأولى وهي سورة الكهف حيث الرقم (١٨) يمثل رقم ترتيبها ، والسورتين الثانية والثالثة (الحجرات ، التغابن) حيث الرمز (١٨) يمثل عدد آياتهما . فوجود الرقم (١٨) بهذه الطريقة في القرآن الكريم ليس صدفة ولكن حكمة إلهية توضح لنا أن الرمز (١٨) يتألف من /٣/ أجزاء موجودة في قسمين : وأن القسم الأول منه (١) الذي يمثل رمز ترتيب سورة الكهف ، له طبيعة مختلفة عن القسم الثاني الذي يتألف من جزئين (الحجرات ، التغابن) كون أنهما يتحدان في القمة (٨) ولهذا كان الرمز (١٨) يمثل عدد آيات السورتين وليس رقم ترتيبها كما في سورة الكهف .
قبل سورة الكهف تأتي سورة الإسراء . وهي ترمز إلى خروج الإنسان من الجنة ودخول روح هابيل إلى الثقب الأسود البدائي (الكهف) لتبدأ ظاهرة الإنفجار العظيم (BIG Bang) والتي تمثل بداية نشوء الكون ولهذا كانت سورة الكهف تمثل الرمز (١) الذي يمثل المرحلة المادية في تطور الكون . أما سورة الحجرات فتأتي قبلها سورة الفتح والتي تمثل رمزيا فتح بابا جديدا لبداية المرحلة الروحية في تطور الكون ، ولهذا نجد أن آيات سورة الحجرات توضح لنا سلوك صفات الإنسان الكامل الذي يجب أن يصل إليه التكوين الإنساني (..يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ... إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا..... وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا .... إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ..... لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ..... اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ .... وَلا تَجَسَّسُوا ... وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا...... إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا..... ) فالإيمان بعقيدة التوحيد يبدأ بتحقيق هذا السلوك الإنساني وليس بالصلاة والصيام والحج ، فالصلاة والصيام والحج هي وسائل مساعدة لتحقيق سلوك إنساني صحيح ، وبدون تحقيق هذا الغرض تصبح الصلاة والصيام والحج وكأنها عبادة لإله آخر لا ينفع ولا يضر (دين وثني). للأسف اليوم وبسبب التعصب الديني نجد أن نسبة كبيرة من علماء الدين لا يطبقون تعاليم سورة الحجرات . ولهذا نجد أن قبل السورة الثالثة (التغابن) تأتي سورة (المنافقون)، فالمرحلة الثالثة تمثل سن الرشد الروحي والتي فيها يُعبر الإنسان من خلال سلوكه اليومي عن حقيقة تكوينه هل سلوكه يتبع الرمز (١٨) أم الرمز المناقض له (١٧) . ولهذا كان الرقم (١٧) هو عدد آيات سورة الطارق ، حيث كلمة (الطارق) هي رمز (المهدي - المسيح) الذي سيأتي في آخر الزمان ليفصل بين الناس ويحدد من هو المؤمن ومن هو المنافق (إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) ، ولهذا نجد أن سورة الإسراء التي تأتي قبل سورة الكهف ترتيبها (١٧) كرمز للخطيئة التي حصلت في الجنة ، ولهذا أيضا في سورة الكهف التي ترتيبها (١٨) تذكر الآية {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧)} . ففهم الرمز (١٨) وشرح معناه الشامل (الفلسفي) سيجعل الملحد يعجز عن تقديم أي إثبات أن الكون قد حدث بالصدفة وأن تطوره يسير وفق خطوات عشوائية ، فهذا الرمز يظهر في كل مكان من الكون وفي كل خطوة من خطوات تطوره ليكون دليلا علميا على وجود إله مصمم لهذا الكون .
الآية القرآنية تقول {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٤١) النور} . الكائن الحي الوحيد الذي يذكر الرمز (١٨) لفظا كرقم وكمعنى هو طائر اليمامة المطوقة الأوراسية ، فأسم هذا الطائر في اللغة اليونانية هو (ذكا أختورا δεκαοχτούρα) وأصل هذا الأسم هو الرقم (١٨) في اليونانية (ذكا أختو) ومنه جاءت التسمية العلمية لهذا الطائر (Streptopelia decaocto) . فاسم هذا الطائر في اليونانية هو (الثماني عشرية) وهذا الأسم لم يأتي صدفة ولكن بحسب الصوت الذي يردده هذا الطائر ، فمن يسمع صوته بدقة سيجد أنه يصيح (ذكا أختو .. ذكا أختو) أي (ثمانية عشر .. ثمانية عشر) باللغة اليونانية حيث (ذكا) تعني الرقم عشرة و(أختو) تعني ثمانية . عبارة (ذكا أختو) كلفظ عربي له معنى (زكى أخته و ذكى أخته) أي (طهر أخته وجعلها ذكية)والمقصود هنا هو هابيل الذي من خلال ولادته عدة مرات (أدريس ، يوسف ، عيسى ، المهدي) إستطاع تقوية إدراك المرأة (كرمز لأخت هابيل) وتطهيرها من الشوائب الشيطانية التي دخلت التكوين الإنساني بسبب الخطيئة . ولهذا بعد سورة الكهف تأتي سورة مريم والتي تمثل رمزيا جميع أمهات هابيل اللواتي ولدته . ولهذا اختار الفلاسفة والفنانون اليمامة لتكون هي رمز العفة والسلام ، ومن يتمعن جيدا في سلوك اليمامة سيجد أنها فعلا تمثل أرقى أشكال الإخلاص في الحياة الزوجية . وكذلك النصوص الدينية تؤكد على وجود صفة (العفة والسلام ) في قصة يوسف وعيسى (عليه السلام) في أرقى أشكالها . فالقيمة الرقمية لأسم يوسف في الكابالا اليونانية تعادل الرقم (١٥١٨) فهذا الرقم يتالف من قسمين (١٨ +١٥٠٠) حيث الرقم (١٥٠٠) هو القيمة الرقمية لكلمة نور (ΦΩΣ) في اليونانية . فالرقم (١٥١٨) يعني أن يوسف هو (نور الرمز ١٨) . الرقم (١٥١٨) أيضا هو القيمة الرقمية لعبارة (ابن يعقوب) في الكابالا العربية ، حيث هنا أيضا الرقم يتألف من قسمين : (١٨) و(١٥) ، حيث الرقم (١) يمثل شكل الحاجب والرقم (٥) يمثل شكل العين في وجه جانبي لإنسان ينظر إلى السماء ، فمعنى الرقم (١٥١٨) في العربية أن يوسف هو عين الرمز (١٨) . ولهذا الحكمة الإلهية وضعت الآية (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ...) في سورة يوسف ، فقصة حياة يوسف هي أجمل قصة إنسانية في تاريخ البشرية كون أحداثها تعتمد فقط الآيات المحكمات التي تتناسب مع جميع العصور ، وهذا لا يتحقق مع أي رسول أو نبي آخر .ولهذا الحكمة الإلهية جعلت قصة يوسف خاتمة لسفر التكوين ، حيث عنوان هذا السفر (التكوين) هو رمز يشمل جميع مراحل تطور الكون والإنسان من بدايته وحتى نهايته (منذ خروج الإنسانية من الجنة وحتى عودتها إليها).
الحديث الشريف يذكر أن عدد الأسماء الحسنى هو الرقم (٩٩) وهذا الرقم هو مجموع الرقم (١٨) ونظيره (٨١) ، إن وجود هذان الرقمان كشكل في خطوط كفي اليد الإنسان اليمنى واليسرى ليس صدفة ولكن حكمة إلهية لها معنى أن الإنسان هو المخلوق الوحيد من الكائنات الحية الذي يحوي في تكوينه جزء من روح الله وهو ذلك الجزء الذي نفخه الله في آدم عند خلقه أول مرة. الرمز (١٨) هو رمز تلك الروح الإلهية التي نفخها الله في آدم ، فأسم آدم (ΑΔΑΜ) في اللغة اليونانية (لغة الإنجيل) له قيمة رقمية تعادل (١٨) ، حيث {Μ(١٢) +Α(١)+ Δ(٤)+ Α(١)=١٨}. ولكن مع خلق حواء من آدم ، إنقسمت هذه الروح إلى قسمين ، فمع خروج الإنسان من الجنة وإنهيار تكوينه إلى أسفل سافلين {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) التين} الذكر أخذ الرمز (١) والأنثى أخذت الرمز (٨) . فالآية القرآنية في سورة النساء التي تقول (... لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ .. ) تفسر لنا علاقة قوة الجذب بين الرمز (١) والرمز (٨) . فالرمز (١) له قوة جذب مساوية لقوة الجذب في الرمز (٨) ولكن الرمز (٨) يتألف من قسمين (\ /) وليس قسم واحد كما هو في الذكر (١) . ولهذا أيضا نجد أن (ذرة واحدة من الأوكسجين) في الماء يقابلها (٢ ذرة هيدروجين) ، فنصيب ذرة الأوكسجين (الذكر) لها ضعف نصيب ذرة الهيدروجين (المؤنث) . فهذه الآية في سورة النساء لا تتكلم عن قانون الميراث الذي يجب تطبيقه في المجتمعات الإسلامية في جميع العصور ، فهذه الآية هي من الآيات المتشابهات ، فهي تشرح لنا قانون علمي ، وهذ المعنى العلمي لهذه الآية هو فقط الذي يجعلها من الآيات المحكمات . فظروف الحياة في زمن ظهور الإسلام لم تكن بشكلها المثالي ، فنسبة عدد النساء في المجتمع في ذلك الوقت كان أكبر بكثير من نسبة عدد الرجال لهذا أيضا كانت شريعة تعدد الزوجات هدفها تحقيق التوازن الإجتماعي ، فبسبب هذه الظروف -غير المثالية- كانت التكاليف الإقتصادية للعائلة تقع على عاتق الرجل فقط . أما اليوم فالأمور مختلفة تماما ، فنسبة عدد النساء في جميع شعوب العالم تقريبا تساوي نسبة عدد الرجال ، وكذلك النساء اليوم يعملن ويشاركن الرجال في تأمين تكاليف حياة العائلة ، ولهذا فإن شريعة تعدد الزوجات اليوم أصبحت من الآيات المتشابهات، وتطبيقها سيحدث خلل في توازن المجتمع ، ولهذا فإن نصيب المرأة في الميراث يجب أن يساوي نصيب الرجل .
الآية القرآنية في سورة الفجر تذكر الرمز (١٨) بشكل رمزي من خلال الآية (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) كلمة (شفع) تعني العدد الزوجي وتقصد الرمز (٨) الذي يتألف من خطين ، أما كلمة (وتر) فتعني العدد الفردي وتقصد الرمز (
١) الذي يتألف من خط واحد . إن إستخدام كلمة (وتر) في هذه السورة ليس صدفة ولكن حكمة إلهية توضح لنا طبيعة الرمز (١٨) .فكلمة (وتر) كفعل تعني هيج وأثار ، وكلمة (وتر) جمعها أوتار كأوتار الآلات الموسيقية (عود ، كمان ... إلخ) . فاستخدام كلمة (وتر) في سورة الفجر يفسر لنا ما توصل إليه علماء فيزياء الكم في آخر بحوثهم . فبعد إكتشاف أن الذرة ليست أصغر وحدة في تكوين المادة ، وأنها هي أيضا تتألف من جسيمات أولية (ألكترون ، كوارك ...إلخ) ، توصل العلماء إلى أن هذه الجسيمات الأولية هي بدورها أيضا تتألف من أشياء أصغر منها (أوتار) . هذه النظرية الحديثة معروفة اليوم بنظرية الأوتار الفائقة . هذه النظرية تعتمد مبدأ أن الجسيمات هي في الواقع كيانات أحادية البعد تُشبه الأوتار ، حيث كل وتر له إهتزازات خاصة به وإن إختلاف هذه الإهتزازات هي التي تعطي كل جسيم صفاته وخصائصه (كالكتلة والشحنة..إلخ) .
في الحقيقة أن إثبات صحة هذه النظرية من خلال التجارب الفيزيائية ربما يكون من المستحيل لا اليوم ولا في المستقبل بسبب عدم وجود الأجهزة الملائمة لرؤية أو قياس ودراسة هذه الأوتار الفائقة في الصغر ، فهذه الأوتار التي يتحدث عنها علماء فيزياء الكم، هي بمثابة منطقة البرزخ بين الروح والمادة ، فهذه الأوتار هي بمثابة الشكل الأول الذي تعبر به الروح عن نفسها . فالموضوع هنا يخرج من إختصاص علوم الفيزياء {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥)} هذه الآية مذكورة في سورة الإسراء (التي ترتيبها ١٧) كرمز للثقب الأسود البدائي قبل نشوء الكون ، فروح آدم وحواء التي دخلت هذا الثقب بعد خروجها من الجنة كانت في طريقها إلى الإنهيار والفناء بسبب إنهيار الأبعاد الثلاثة (الطول ، العرض، الإرتفاع) ، ولكن قدوم روح هابيل (النجم الثاقب) هو الذي أوقف هذا الإنهيار وأعاد هذه الأبعاد الثلاثة إلى الوجود ولهذا حصلت ظاهرة الإنفجار العظيم نتيجة الظهور الفجائي لهذه الأبعاد الثلاثة . علم الفيزياء عاجز تماما عن معرفة ما حدث قبل الإنفجار العظيم لأن علم الفيزياء هو علم مادي يدرس المادة ولكن قبل الإنفجار العظيم لم يكن للمادة أي وجود في هذا الثقب الأسود البدائي . لهذا العلم الوحيد الذي يمكن له فهم الخطوط العريضة لحقيقة ما حدث داخل الثقب الأسود ، هو الفلسفة (علوم الحكمة) فهذا العلم هو العلم الوحيد الذي يستطيع توحيد العلوم المادية مع العلوم الروحية للوصول إلى المعنى الشامل للموضوع المدروس . الكتب المقدسة هي هدية من الله إلى العلماء لتساعدهم في فهم ما هو وراء الظاهر من الوجود المادي {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) العنكبوت} .
علماء الفيزياء وبسبب الإنفصال الذي حدث في القرن /١٩/ بين العلوم المادية والعلوم الروحية والذي أدى إلى عدم تعاون الفلاسفة وعلماء الدين مع علماء الفيزياء ، خرجوا بعدة فرضيات خرافية عن هذه الأوتار منها مثلا وجود أبعاد إضافية فراح كل عالم يضع عدد معين من هذه الأبعاد (٥ ، ١١، ٢٦) ، ولكن الحقيقة أن الأبعاد هي /٣/ فقط كعدد أقسام الرمز (١٨) ، فإعتبار (الزمن) بأنه البعد الرابع عند علماء الفيزياء سببه هو سوء فهم لحقيقة ما يحدث نتيجة غياب الرؤية الروحية في الأبحاث الفيزيائية . فالزمن في الحقيقة هو ظاهرة تنتج من نوعية تأثر الأقسام الثلاثة في بعضها البعض . فالزمن في الثقوب السوداء يتحول من زمن إيجابي (بناء) إلى زمن سلبي (مدمر) يقوم بتشويه الأبعاد الثلاثة فيمنعها من الإتحاد ببعضها البعض بشكل متناغم فينهار كل شيء داخل الثقوب السوداء .
في مقالات ماضية ذكرنا أن الإنسان يختلف عن جميع الكائنات الحية كونه كائن حي فيلسوف لديه إدراك روحي وإدراك مادي ، ولهذا فرغم أن علماء الفيزياء يعتمدون الإدراك المادي كإدراك أساسي في أبحاثهم ، ولكن الإدراك الروحي عندهم جعلهم يخرجون بفرضية أن الأوتار الفائقة توجد على نوعين من الأوتار : وتر مفتوح ، ووتر مغلق . هذه الفرضية شبه صحيحة ، فأنواع الأوتار فعلا ينقسم إلى قسمين : النوع الأول وهو الوتر المفتوح ويمثل الرمز (١) ، أما النوع الثاني وهو الوتر المغلق فهي فرضية خرافية لأن كلمة (مغلق) قد يكون لها معنى في علم الفيزياء ، ولكن في الفلسفة لها معنى سلبي يعارض مبدأ عقيدة التطور (من الأدنى إلى الأرقى) الذي يسير عليه الكون بأكمله . فالحقيقة هي أن هذا النوع من الأوتار هو غير مغلق ولكن له شكل الوتر المزدوج (٨) والذي يمثل البعدين (الطول والعرض)، أما الرمز (١) فيمثل البعد الثالث (الإرتفاع) . فالعظمة الإلهية في الخلق تكمن في أنه من إستخدام هذه الأوتار الثلاثة فقط تم صنع كل شيء موجود داخل الكون ، تماما مثل الضوء الأبيض ، فالضوء الأبيض يتألف من /٣/ ألوان رئيسية فقط وهي (الأزرق، الأخضر، الأحمر) ولكن ومع ذلك يمكن من هذه الألوان الثلاثة صنع جميع الألوان الموجودة في الكون {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ...(٤٩) الذاريات} ، والمقصود من كلمة زوجين هو الرمز (٨) الشفع والرمز (١) الوتر . فمن إختلاف إهتزازات هذه الأوتار الثلاثة تم صنع الجسيمات الأولية التي تدخل في تركيب جميع العناصر الذرية في الكون . عدد أنواع هذه الجسيمات ليس صدفة ولكن أيضا يحقق مقدار الرقم للرمز (١٨) ، فهذه الجسيمات التي عددها (١٨) تنقسم إلى /٣/ أنواع كما هو في الرمز (١٨) وهي (٦كوركات + ٦ لبتونات +٦ بوزونات) . العالم الفيزيائي الذي يظن أن هناك أنواع أخرى من الجسيمات الأولية ويحاول البحث عنها هو أعمى البصيرة . فمثلا جسيم الجاذبية (جرافيتون) حامل لقوة الجاذبية والذي بعض العلماء يفترضون وجوده ، هو جسيم خرافي لا وجود له ، فالجاذبية هي خاصية تمتلكها الأوتار الثلاثة وبحسب نوعية إرتباط هذه الأوتار تظهر الجاذبية كنتيحة تعبر عن نوعية هذا الترابط .
إن طريقة توحيد هذه الجسيمات الأولية مع بعضها هو الذي يحدد صفات كل ذرة . ولهذا كان رمز عدو المسيح (الأعور الدجال) في المسيحية هو (٦٦٦) وله معنى تحطيم الرقم (١٨) إلى /٣/ أقسام متناقضة مع بعضها البعض تمنع حدوث أي التوحيد فيما بينها ، أي بمعنى آخر تحويل الزمن من شكله الإيجابي (٨) إلى شكله السلبي (٧) . ولهذا القرآن الكريم يبدأ بسورة الفاتحة التي عدد آياتها (٧) كرمز للخطيئة التي حصلت في الجنة وأدت إلى خروج الإنسان من الجنة (عدد أبواب جهنم سبعة - حديث شريف). ولهذا الحكمة الإلهية وضعت آية غير مرئية يجب قراءتها قبل قراءة القرآن وهي الآية (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ) التي تحول عدد آيات سورة الفاتحة من الرقم (٧) إلى الرقم (٨) كرمز له معنى أن إتباع تعاليم القرآن يحول الزمن من شكله السلبي إلى شكله الإيجابي والذي يفتح للإنسان أبواب الجنة (عدد أبواب الجنة ثمانية - حديث شريف) .
بعد تكوين الجسيمات الأولية تم خلق أول جسيم مركب وهو البروتون الذي يعتمد أيضا مبدأ الرمز (١٨) فالبروتون يتألف من {٢ كوراك أعلى(كرمز ٨) + ١ كوارك أسفل(كرمز ١)} . ثم تم تكوين نظيره النيترون الذي يتألف من (١ كوراك أعلى +٢ كوراك أسفل) كرمز (٨١) نظير الرقم (١٨) .
بعد تكوين الجسيمات المركبة تم تصنيع الذرات ، قانون تركيب الذرات لم يحصل صدفة ولكن وفق الرمز(١٨) ، فالتركيب العام الذري يتألف من {(بروتون + نيترون) + ألكترون} . البروتون والنيترون يمثلان الرمز (٨) والألكترون يمثل الرمز(١).
بعد تكوين الذرات تبدأ عملية إتحاد هذه الذرات لتكوين المركبات الكيميائية ، فيتم تكوين الماء الذي يمثل -كما ذكرنا قبل قليل - أساس الحياة ، فمتوسط نسبة الماء في الكائنات الحية تعادل أكثر من ثلثي مكونات الجسم . الماء يعتبر أهم مركب كيميائي يساهم في التفاعلات الكيميائية والعضوية ، ونتيجة هذه التفاعلات المختلفة تم تكوين وحدة بناء الحياة المعروفة علميا بالرمز (DNA) ، والتي هي أيضا لم تظهر بالصدفة ولكن وفق الرمز (١٨) والرمز (٨١) . فوحدة بناء الحياة (DNA) تتألف من شريط مضاعف يلتف حول نفسه بشكل حلزوني ، كل شريط يتألف من سلسلة متتابعة من مركب كيميائي يدعى (نيوكليوتيد) ، تكوين هذا المركب يعتمد مبدأ الرمز (١٨) فهو يتألف من /٣/ أجزاء في قسمين : الأول ويسمى نيوكليوزيد ويتألف من مركبين : (أساس + سكر) ويمثل رمز (٨) ، والثاني يتألف من حمض الفوسفور ويمثل الرمز (١) . فالشريط الأول من (DNA) هو رمز (١٨) أما الشريط الثاني فيمثل الرمز(٨١) . ولكن بما أن الرمز (١٨) هو الأصل الأول ، لهذا نجد أن عملية بناء الحياة تحتاج إلى شريط ثالث معروف علميا بالرمز (RNA) الذي يقوم بترجمة شيفرة (DNA) وتوصيل المعلومات الوراثية إلى أماكن تصنيع البروتين في الخلية . فالشريط المضاعف للDNA يمثل الرمز (٨) أما شريط الRNA فيمثل الرمز (١) . ولهذا الحكمة الإلهية في كل ظهور ديانة سماوية أرسلت شخصين وليس شخص واحد (موسى - هارون) و(عيسى - يحيى) و (أحمد - علي) عليهم الصلاة والسلام . (موسى ، عيسى ، أحمد) هم رمز الDNA حامل جميع صفات هوية الدين ، أما (هارون - يحيى - علي) فهم رمز الRNA الذي دوره المساهمة في ترجمة هذه الصفات «أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه . حديث شريف» من ينكر هذا الحديث لا يفقه شيئا في الحكمة الإلهية في فلسفة الديانات.
في سفر التكوين نجد أن الإصحاح الذي يذكر سلالة آدم يأتي بعد الإصحاح الذي يذكر سلالة قايين (الذي قتل أخيه هابيل) ، فسلالة قايين ظهرت على سطح الأرض قبل ظهور سلالة آدم . سلالة قايين تشبه جسديا الإنسان ولكنها روحيا تختلف كثيرا عنه . فأهم الفروقات بينهما أن كفي يدي أفراد سلالة قايين لا تحوي على الخطوط التي تشكل الرمز (١٨ ، ٨١) الذي يمثل عدد الأسماء الحسنى . فهذه الخطوط ظهرت لأول مرة مع ولادة إدريس في نهاية العصر الحجري القديم (قبل حوالي ٤٠ ألف عام) . حيث عندها بدأ ظهور البشر الذين تحوي أيديهم على الرمز (١٨٨١) ليعلن عن تطهر المرأة من القسم الأول من شوائب الخطيئة التي حصلت في الجنة. هذه المعلومة موجودة في سورة يوسف في الآية الكريمة {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١)} . فهذه الحادثة مذكورة فقط في القرآن الكريم ولا وجود لا في كتب العهد القديم والعهد الجديد . ولكن الحكمة الإلهية ذكرتها في سورة يوسف كونه هو نفسه إدريس ، لتكون هذه الآية لها معنى رمزي يوضح لنا ما حصل من تغيير في التكوين الإنساني بعد ولادة إدريس ، حيث عندها ظهر ما يسمى في علم الإنسان (إنسان كرومانيون) الذي له شكل مماثل تقريبا للإنسان المعاصر والذي قام بصنع التماثيل والرسومات على جدران الكهوف (وإدريس - وهو أول من خط بالقلم - حديث شريف) ، كعلامة لظهور الوعي الروحي في الإدراك الإنساني لفهم التعبير الروحي في الأشياء والأحداث .
وكما ذكرنا في مقالات ماضية أن الخطيئة التي ارتكبها الإنسان وأدت إلى ظهور غريزة القتل (جريمة قتل قايين لأخيه هابيل) قد حصلت في الجنة التي تقع خارج الكون ، وأن الكون الذي نعيش داخله هو بمثابة سجن لإعادة إصلاح التكوين الإنساني وتأهيله للعودة إلى الجنة. وأن هذا الإصلاح قد بدأ من أدنى مراحل الوجود {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) التين} . فجوهر هدف خلق الكون ليس خلق الجسيمات الأولية ، وليس خلق الذرات والمركبات الكيميائية، ولا النجوم والمجرات ، ولا خلق الكائنات الحية وإنما خلق إنسان جديد يمتلك تكوين إنساني خال من شوائب الخطيئة يصلح للعيش في الجنة . فجوهر التطور الكوني هو تكوين إنسان يحمل تكوينه (الروحي والمادي) جميع مبادئ قوانين هذا التطور . فهذه القوانين هي في الحقيقة تلك الصفات الروحية التي ستفرض على الإنسان إتباع سلوك يومي معين سواء مع نفسه أو مع الآخرين . فالإنسان هو فرد من الإنسانية ، فهو بمثابة خلية واحدة من خلايا الجسم وسلوكه اليومي يجب أن يصب في مصلحة الجسم بأكمله (الإنسانية) لأن عدم مشاركته في العمل الجماعي سيؤدي إلى ظهور خلل وإضطرابات في عمل الجسم . كل أمة من الأمم الإنسانية هي بمثابة عضو من أعضاء الجسم لها وظيفة خاصة به ، فعندما يسيطر على الأمة أفراد ينشرون الفتنة والعداوة بين الأمم بسبب التعصب الديني أو المذهبي أو أي عقيدة أخرى ، عندها هذا العضو سينفصل عن بقية أعضاء الجسم وسيؤدي إلى موت الجسم بأكمله بسبب إنهيار علاقة التكامل والتناغم بين أعضاء الجسم .
الحديث الشريف يذكر (لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى) علماء الدين يفسرون كلمة (التقوى) بأنها (التَّنَسُّكِ وَالعِبَادَةِ وَمَخافَةِ اللَّهِ) ، ما فائدة هذه التقوى بهذا المعنى إذا كان المسلم يقوم بأركان الشريعة الإسلامية (النطق بالشهادتين ، صلاة ، صيام ، الحج) ولكن تعصبه الديني يجعله يتهم الأمم الأخرى بالضلال والكفر ويمنع أي شكل من أشكال التعاون معهم . هذا المعنى الفقهي لكلمة (التقوى) هو معنى سطحي وساذج وفيه إتهام غير مباشر لله تعالى بأنه خالق فاشل (حاشاه ذلك) ولهذا خلق أمة واحدة صالحة وفشل في خلق بقية الأمم . ولكن الواقع اليوم يقول عكس ذلك ، فالأمة الإسلامية (والتي هي أكثر أمة تتهم الأمم الأخرى بالكفر) هي من أفشل الأمم في القرون الأخيرة . الحقيقة أن المقصود بكلمة (التقوى) في الحديث الشريف هو معناه الحرفي والذي مصدرها الأول هو كلمة (قوة) . فمعنى الحديث الشريف هو : لا فرق بين شخص وآخر إلا بمدى مساهمته في تقوية تكوين الإنسانية (كجسم واحد) لتأخذ شكلها المتكامل . فليس من الصدفة أن معظم كتابة لغات الشعوب الشرقية تبدأ من اليمين إلى اليسار ، أي أن منطق فكرها يعتمد الرؤية الروحية أولا. أما لغات الشعوب الغربية فكتابتها تبدأ من اليسار إلى اليمين ، وأي أن هذه الشعوب تعتمد الرؤية المادية أولا . فهذا الإختلاف في جهة الكتابة هي حكمة إلهية لها معنى أن الإنسانية تعمل كعائلة واحدة وهدف الأمم هو الإلتقاء مع بعضها البعض في المنتصف للحصول على الرؤية الشاملة .
الرمز (١٨) هو أهم ثابت كوني وبدون إستخدامه في الأبحاث العلمية (بمختلف انواع العلوم) سيجعل جميع هذه الأبحاث تعتمد مبدأ (العلم للعلم والفن للفن والدين للدين) وليس لخدمة الإنسان . في المقالات القادمة إن شاء الله سنتابع شرح مفهوم عقيدة التوحيد ونذكر أهمية الرمز (١٨) في فهم حقيقة الأشياء والأحداث والظواهر .... والله أعلم .
ز . سانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق