الثلاثاء، 23 يوليو 2024

عقيدة التوحيد في المخطط الإلهي .الجزء ٤

خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٣٣٨ : عقيدة التوحيد في المخطط الإلهي .الجزء ٤
في الأجزاء الماضية تكلمنا عن الثابت الكوني للبنية الدقيقة (α) الذي تعادل قيمته (١/١٣٧) ودوره في عملية توحيد كل صغيرة وكبيرة في الكون ، وأيضا تكلمنا عن الرمز (١٨) ودوره في تحديد الشكل العام الناتج عن كل عملية توحيد تحدث بين الأشياء والأحداث الكونية المادية والروحية بحيث تؤدي نتائجها النهائية إلى ظهور الإنسان على سطح الأرض ليتابع تطوره نحو الكمال. وذكرنا أيضا أنه بدون فهم المعنى الرمزي للثابت الكوني للبنية الدقيقة (α) ، وكذلك بدون فهم معنى الرمز (١٨) سيجعل كل شيء يحصل في الكون يبدو للعلماء وكأنه قد حصل بالصدفة ، وأنه بدون إعتماد الرمز (١٨) في الأبحاث العلمية بكافة أنواع علومها سيأخذ منطق هذه الأبحاث مبدأ (العلم للعلم والفن للفن والدين للدين) وليس لخدمة الإنسان وسيؤدي في النهاية إلى إنهيار العلوم ودمار الإنسانية. وكما ذكرت في مقالات ماضية عديدة أن الطبيعة هي مرآة الروح العالمية التي تحكم كوكب الأرض، فكلما كانت الطبيعة جميلة وودودة مع الإنسان فهذا يعني أن روح الإنسانية تسير مع المخطط الإلهي، والعكس صحيح فكلما كانت الطبيعة باهتة ومضطربة تنتج كوارث طبيعية مدمرة (فيضانات ، زلازل ، براكين ... إلخ) فهذا يعني أن الإنسانية تسير بعكس المخطط الإلهي كما يحصل في الفترة الأخيرة من حياة الإنسانية حيث تحولت الطبيعة نفسها إلى عدو شرس للإنسانية .
في المقالة الماضية ذكرنا أن الجسيمات الأولية - وعددها ١٨ - والتي يتكون منها كل شيء في الكون تتصف بصفة غريبة جدا وهي الحالة الإزدواجية (جسيم - موجة) والتي تمثل رمزيا (الحالة المادية - الحالة الروحية)، فيمكن للجسيم الأولي (إلكترون مثلا) أن يظهر على شكل كرة صلبة (رمز الحالة المادية) أو أن يظهر على شكل موجة (رمز الحالة الروحية) ، فالإلكترون عندما يشعر بوجود أي جهاز يراقبه يتصرف وكأنه كرة صلبة يملك كتلة (جسيم) ، ولكن عند إلغاء عمل جهاز المراقبة نجده يغير حالته ويتصرف وكأنه موجة عديم الكتلة . أي أن هذا الجسيم المتناهي في الصغر يتصرف وكأنه عفريت أو كائن واعي يدرك تماما ما يحصل حوله . هكذا تماما يحدث في الجسيمات الأولية الأخرى ( فوتون ، كوارك ...إلخ) . الحالة الإزدواجية (جسيم - موجة) هذه حيرت علماء الفيزياء ولم يستطع أحد حتى الآن تفسير هذه الظاهرة . ولكن في الحقيقة أن شرح هذه الظاهرة هو بسيط جدا ، فكما ذكرنا في مقالة ماضية أن كل جسيم يتألف من أوتار عديدة (نظرية الأوتار الفائقة) فهذه الأوتار تتبع نظام الرمز (١٨) ، وهذا الرمز يتألف من قسمين : الأول (٨) وهو بمثابة الرمز الروحي ، والثاني (١) وهو بمثابة الرمز المادي ، فالجسيم في حالة عدم وجود جهاز مراقبة يصبح تحت سيطرة الرمز (٨) فهو يتصرف وكأنه موجة عديمة الكتلة ، أما عندما يكون تحت المراقبة فيكون تحت سيطرة الرمز (١) لهذا يأخذ الجسيم شكله المادي ويتصرف وكأنه كرة صلبة . ولكن عند توحيد الجسيمات الأولية لتكوين الذرات تفقد الجسيمات صفة إزدواجية الحالة ويتحول الأمر إلى سيطرة مطلقة لأحد أقسام الرمز (١٨) ولهذا نجد أن العناصر الذرية توجد على /٣/ حالات : إما غازية (الأوكسجين مثلا) ، أو سائلة (الزئبق مثلا)، أو صلبة (الحديد مثلا) . وهي نفس أشكال الأجزاء الثلاثة التي يتكون منها الرمز (١٨) ، فالحالة الغازية تمثل رمز الخط الأول (\ ) والحالة السائلة تمثل الخط الثاني ( / ) والحالة الصلبة تمثل الخط الثالث (١) .
أيضا جميع العناصر الذرية يمكن أن تتحول إلى الحالات الثلاثة (غازية ، سائلة ، صلبة) عند تغيير درجة حرارة الوسط والضغط فغاز الهيدروجين مثلا يمكن أن يتواجد في حالة غازية أو حالة سائلة أو حالة صلبة وذلك حسب ظروف درجة الحرارة والضغط التي يتواجد بها . فعملية تغيير الوسط في الحقيقة هي بمثابة عملية تغيير السيطرة من جزء إلى جزء آخر في الرمز (١٨) . فالحالة التي تتواجد عليها المادة ليست إلا نوع من التعبير الروحي لذلك الجزء من الرمز (١٨) المسيطر على هذه المادة في تلك الظروف المحيطة به .
أيضا عملية تشكل المجموعات الشمسية (النجوم والكواكب) من سديم فضائي (تجمع غازي هائل) ، لا يحدث بالصدفة ولكنها تعبير روحي رمزي عن إنتقال المادة في هذا السديم من الحالة (الموجية) إلى الحالة (الجسيمية).
أيضا ظهور الحياة ليس إلا عبارة عن مركبات كيميائية عديدة مبعثرة تم تجميعها ضمن حيز صغير جدا وهو الـ(DNA) والذي يُعبر رمزيا عن التحول من الحالة (الموجية) إلى الحالة(الجسيمية) .كذلك تطور مراحل الحياة بالتسلسل من حياة مائية (أسماك) إلى حياة على اليابسة (ثدييات) ثم إلى حياة جوية (طيور) ، ليس صدفة ولكن تعبير روحي يمثل تحول السيطرة من جزء إلى جزء آخر من الأجزاء الثلاثة في الرمز (١٨) . فتطور الكون بأكمله ليس إلا عبارة عن مراحل تتعاقب فيها السيطرة من جزء إلى جزء آخر في الرمز(١٨) كتعبير روحي بحيث في كل مرة يعطي كل جزء من الرمز (١٨) بعض من صفاته التي لم تكن ظاهرة من قبل ليسير التطور من الأدنى إلى الأرقى حتى يصل إلى الكمال وذلك عند ظهور جميع العناصر التي تحدد هوية الرمز (١٨) .
فعقيدة التوحيد ليست مجرد عبارة (لا إله إلا الله) يتم ترديدها بشكل ببغائي. وإنما هي عملية تطور مستمرة بدأت في التكوين المادي والروحي للكون وإنتقلت إلى الإنسان لتجعله يسلك سلوك مطابق تماما للقوانين الكونية التي هي في الأصل تُعبر عن صفات الرمز (١٨) والتي تمثل ذلك الجزء من روح الله التي نفخها في آدم ، فهذه النوعية من السلوك هي التي فرضها الله تعالى على الإنسان في الجنة ليتبعها ، وبسبب هذا السلوك جعل الله الإنسان أرقى مخلوقاته . فالمعنى الحقيقي للعبادة بعد طرد الإنسان من الجنة هو محاولة الإنسان فهم المخطط الإلهي لتطور الكون {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) العنكبوت} . فعن طريق فهم المخطط الإلهي يستطيع الإنسان تنقية تكوينه من شوائب الخطيئة التي بسببها تم طرده من الجنة {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) التين}. وهذه العبادة - والتي تعتمد أصلا على عقيدة التوحيد- لا تتحقق إلا بتطبيق أركان الإيمان (الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح) ، فهذه الأركان الثلاثة تطالب بتنفيذها جميع الديانات العالمية . الحكمة الإلهية قامت بتوزيع الصفات الروحية للرمز (١٨) على جميع الأمم ، بحيث كل أمة أخذت صفات قسم من الأقسام الثلاثة للرمز (١٨) ، فكل ديانة من الديانات العالمية لوحدها هي ديانة غير كاملة ولهذا دخلت جميع الديانات في عصر الإنحطاط وعجزت في الإنتشار في جميع مناطق العالم ، فبدون التعاون بين الديانات والشعوب لن تتوصل الإنسانية في الوصول إلى الكمال . والحديث الشريف يؤكد صحة الإعتقاد (خير الناس أنفعهم للناس) الحديث الشريف يذكر كلمة (الناس) ليؤكد أن المقصود هنا هو الإنسانية بأكملها وليس فقط الأمة الإسلامية ، وأن معنى العمل الصالح المذكور في الحديث الشريف والذي يمثل أحد أركان الإيمان هو زرع روح المحبة والسلام بين الشعوب لتتعاون مع بعضها البعض لسد كل نقص عندها بهدف تحقيق وصول الإنسانية إلى الكمال .
أما أركان الدين فتختلف من مكان إلى مكان فهي شعائر تتناسب مع الظروف الروحية والمادية لطبيعة المنطقة ، وممارستها لا تعني بالضرورة الوصول إلى مستوى الإيمان الحقيقي. فمثلا أركان الإسلام الخمسة (الشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، الصلاة ، الصيام ، الزكاة ، الحج) هي مجرد وسيلة تضع الإنسان في حالة روحية تساعده في البقاء على الصراط المستقيم والذي سيفرض على المسلم بشكل لا إرادي إستخدام عقله بشكل سليم في البحث لفهم المخطط الإلهي كأسمى هدف للعبادة ، فبدون تحقيق هذا الهدف تتحول أركان الاسلام إلى أعمال يومية روتينية لا تفيد في شيء {لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ (٧) الغاشية} فالخوارج -مثلا- كانوا يقومون بتأدية هذه الأركان بحذافيرها ومع ذلك يصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم أشد أعداء الدين وأن مصيرهم جهنم وبئس المصير .
النصوص الدينية ذكرت لنا بشكل رمزي معلومات علمية تشرح لنا طريقة عمل الكون في تنفيذ المخطط الإلهي . فهناك سورة في القرآن الكريم تحمل عنوان (البروج) حيث الآية الأولى منها تذكر (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ) ، ورغم مرور أكثر من /١٤٠٠/ عام على نزول القرآن الكريم ولكن حتى اليوم يتم تفسير هذه الآية كما فسرها العلماء الأقدمين ، فلم يحاول أحد من المفسرين التعاون مع النصوص الدينية الأخرى لتطوير تفسير هذه الآية لتأخذ معنى أعمق يفيد العلماء بجميع إختصاصاتهم العلمية في فهم ما يحدث في الكون . فكلمة (بروج) هي جمع (برج) ، ونجد أن سفر التكوين في الإصحاح /١١/ قد تكلم عن برج بابل وأن بنائه قد تم بعد طوفان نوح بمئات السنين ، وأن بسببه تحولت لغة الإنسانية من لغة واحدة إلى عدة لغات . في اللغة اليهودية كلمة (بابل) لها معنيين متناقضين : الأول يأتي من كلمة (بلبلة) وتعني التشتت ولهذا تشتت اللغة إلى عدة لغات . والمعنى الثاني يأتي من العبارة (باب إيل) أي باب الرب .
وكما ذكرنا في المقالة الماضية أن كلمة (إيل) كلفظ يوناني يكتب بهذا الشكل (ΗΛ) وأن القيمةالرقمية لهذه الكلمة في النظام البسيط للغة اليونانية يعادل الرقم (١٨) . فالقسم (٨) من الرمز (١٨) هو المقصود به برج باب الرب الذي يمثل باب التوحيد . أما معنى البرج الذي يأتي من كلمة (بلبلة) فيعني الرمز (٧) المعاكس للرمز (٨) كونه يمثل روح السوء العالمية التي تحاول تشتيت الوحدة الكونية لتمنعها من التطور نحو الأرقى ، لهذا نجد أن سورة البروج تذكر كلمة أخدود (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ) ، فالأخدود كشكل هندسي له الشكل (٧) المعاكس للشكل (٨) ولهذا نجد أن بعد سورة البروج تأتي سورة الطارق والتي عدد آياتها هو الرقم (١٧) ، فهذا الرقم ليس صدفة ولكنه مرتبط بسورة البروج ، فالرقم (١٧) له معنى رمزي معاكس للرمز (١٨) فهو يُعبر عن نوعية التكوين الإنساني لأصحاب الأخدود الذين يظهرون في نهاية كل حضارة ويسيطرون على شعبها ويقومون بتفكيك الوحدة العالمية فيها فتدخل الحضارة في عصر الإنحطاط ، ولهذا سيأتي الطارق (المهدي - المسيح) في آخر الزمان حيث عندها ستصل فتنة أصحاب الأخدود (روح الأعور الدجال) ليقضي عليهم للأبد ويعيد السيطرة للرمز (١٨) .
فإستخدام الأشكال الهندسية في النصوص الدينية هو حكمة إلهية تفرض علينا التعاون مع علوم الآخرى ، فالشكل (٨) كرؤية هندسية هو شكل الموشور الزجاجي (برج باب إيل) الذي يقوم بتجميع ألوان الطيف ليوحدها لتنتج لون واحد وهو اللون الأبيض، والعكس أيضا صحيح فهو أيضا يمثل (برج البلبة) الذي يقوم بتحليل الضوء الأبيض إلى ألوانه الرئيسية الثلاثة التي يتكون منها (الأزرق، الأخضر، الأحمر) ، وهذه الألوان ليست إلا رمز للأقسام الثلاثة التي يتكون منها الرمز (١٨) والتي منها يمكن تشكيل جميع الألوان في الكون ، أي يمكن من أجزاء الرمز (١٨) تشكيل كل شيء في الكون .
فمعنى الآية (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ) أن تطور الكون تم عن طريق ظهور البروج بنوعيها الإثنين (٨) و (٧) ، فهناك صراع دائم بين روح الخير العالمية وروح السوء العالمية ينتج عنه عمليات مستمرة من التوحيد ومن التفكيك تجري داخل الكون ، الرمز (٨) يمثل روح الخير العالمية التي تقوم بالتوحيد والبناء ، والرمز (٧) يمثل روح السوء العالمية التي تقوم بالتفكيك والتدمير . ولكن سنة الله (المخطط الإلهي) مستمرة ولن يستطيع أحد إيقافها . فبرج بابل الذي يرمز إلى تشتيت اللغة إلى عدة لغات تم بنائه (رمزيا) من الطوب كرمز للضعف والهشاشة ، ومن المعروف أن أول ظهور للأنواع الإنسانية على سطح الأرض قد حصل في القارة الأفريقية . فشكل خريطة القارة الأفريقية يشبه شكل مثلث مقلوب وهو رمز لكلمة أخدود (٧) فهذه الأنواع من البشر تمثل نسل قايين الذي قتل أخيه هابيل . ولهذا أرسل الله النبي يوسف عليه السلام إلى مصر (في أفريقيا) ليقوم ببناء هرم زوسر الحجري كرمز للقوة والمتانة وهو أول مبنى حجري ضخم في تاريخ البشرية له الشكل (٨) ويتألف من (٦) درجات ضخمة ليأخذ شكل سلم يصعد إلى السماء كرمز له معنى تحويل الشكل (٧) إلى الشكل (٨) الذي يحمل المعنى الإيجابي لكلمة برج (باب الرب) والذي يمثل طريق العودة إلى الجنة . هذا الشكل وهذا المعنى لهرم زوسر مذكور في سفر التكوين (٢٨ :١٢ ورأى حلما و إذا سلم منصوبة على الأرض و رأسها يمس السماء و هوذا ملائكة الله صاعدة و نازلة عليها) .
إن أهم صفة في دولة مصر القديمة أنها كانت تتكون من توحيد شعبين متعاديين (مصر العليا ومصر السفلى) ، هذا التوحيد في البداية كان توحيدا مزيف يمر بمراحل مضطربة كونه كان يحدث بقوة السلاح بهدف الإحتلال والسيطرة على الشعب الآخر لنهب خيراته . ولكن النبي يوسف إستطاع عن طريق السلام والتعاون توحيد الشعبين بشكل يرضي الجميع ليبقى ساريا إلى الأبد . ليس من الصدفة أن عصر الأهرامات الذي أسسه النبي يوسف لا يزال يُعتبر حتى اليوم من أعظم ألغاز التاريخ وأن أمحوتب (النبي يوسف) الذي قام ببناء هرم زوسر لا يزال يُعتبر أكبر شخصية عبقرية وأكبر لغز في تاريخ البشرية . فليس من الصدفة أن أسم أمحوتب بالمصرية القديمة يعني (الذي جاء بسلام) ، فالنبي يوسف (أمحوتب) هو أول إنسان في تاريخ البشرية يوحد بين شعبين متعاديين ويجعلهما شعب واحد رغم إختلاف طبيعة سكان القسم الشمالي عن سكان القسم الجنوبي.
النبي يوسف (أمحوتب) كان يملك معارف شاملة تتضمن جميع أنواع العلوم والفنون ، فظهور يوسف كان بمثابة ظهور الإنسان الكامل لأول مرة في تاريخ البشرية والذي وضع أسس جميع أنواع النشاطات الفكرية والحسية ليستخدمها الإنسان ويطورها لتساعده في فهم حقيقة ما يحدث حوله من قريب ومن بعيد . معارف النبي يوسف الشاملة هذه إنتشرت بعد وفاته مع مرور الأجيال إلى جميع أنحاء العالم عن طريق مزدوج : الأول (جسيمي) أي عن طريق شخص إلى شخص آخر ، والثاني (موجي) أي بطريقة روحية تعتمد على قوانين فيزياء الكم (سنتكلم عنها في المقالة القادمة إن شاء الله).
وبما أن التكوين الإنساني للإنسان في تلك الفترة الزمنية كانت لا تسمح له بإكتساب هذا الكم الهائل والمتنوع من المعارف ، لهذا توزعت هذه المعارف على جميع شعوب العالم ، حيث كل أمة أخذت جزء من هذه المعارف ، فالقسم الشرقي (شعوب قارة آسيا) أخذت مسؤولية تطوير العلوم الروحية فظهرت فيها جميع الديانات العالمية ومن هناك إنتقلت إلى جميع شعوب العالم ، وهذا النوع من المعارف يمثل الرمز (٨). أما الشعوب الغربية فأخذت مسؤولية تطوير العلوم المادية والتي تمثل الرمز (١) .
ولكن بما أن جميع الأمور في الأصل توجد على حالتين (موجية - جسيمية) وأن الإنسان بشكل عام هو كائن (روحي ومادي) معا ، لهذا تحول الرمز (٨) في التكوين الإنساني في الشعوب الشرقية إلى الرمز (١٨) ، أما الرمز (١) فتحول إلى الرمز (٨١) كتعبير روحي للشعوب الغربية . ولهذا نجد بشكل عام أن الإنسان في جميع شعوب العالم يحمل الرمز (١٨) في كف يده اليمنى ، والرمز (٨١) في كف يده اليسرى .
إذا حسبنا عدد الأجيال بين آدم ويوسف كما هو مذكور في سفر التكوين (آدم ، شيث ، أنوش ...... إبراهيم ، إسحاق ، يعقوب ، يوسف) سنجد أن عددها (٢٣) جيل ، هذا الرقم ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تفسر لنا دور يوسف في المخطط الإلهي، فالرقم (٢٣) يمثل عدد الكروموسومات الوراثية التي أتت من الرجل ، وطالما أن الإنجاب يحتاج إلى رجل وإمرأة ، فعدد الكروموسومات في التكوين الإنساني هو ضعف الرقم (٢٣) أي (٤٦) وهو عدد كرموسومات التكوين الإنساني والتي جعلت منه كائن حي مختلف عن جميع الكائنات الحية الأخرى. فالرقم /٤٦/ هو القيمة الرقمية لأسم آدم في نظام الكابالا اليونانية (ΑΔΑΜ) حيث كلمة (آدم) في اللغة اليهودية تعني أيضا (إنسان) .
إذا حسبنا المدة الزمنية بين خلق آدم وولادة يوسف كما تذكره أرقام سفر التكوين سنجد أن عدد السنوات يعادل (٢١٩٧) سنة . هذا الرقم هو رقم رمزي محسوب بالسنوات العطاردية (كوكب عطارد رمز الرجل) والسنوات الزهرية (كوكب الزهرة رمز المرأة) ، فكوكب عطارد يدور حول الشمس (٢١٩٧) مرة في مدة زمنية تعادل (٥٢٩) سنة أرضية ، أما كوكب الزهرة فيدور حول الشمس (٢١٩٧) مرة خلال (١٣٥٢) سنة أرضية . ومجموع المدتين الزمنيتين لعطارد والزهرة تعادل (٥٢٩+١٣٥٢=١٨٨١) سنة أرضية . الرقم (١٨٨١) وكذلك الرقم (٤٦) هما رقمان رمزيان يعبران عن ظهور أسماء الله الحسنى جميعها مع ولادة يوسف عليه السلام ، حيث (١٨+٨١=٩٩) . "إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها؛ دخل الجنة - حديث شريف " . كلمة أحصاها لا تعني البحث بشكل ببغائي عن تلك الأسماء المذكورة القرآن الكريم (الرحمن ، الملك ، القدوس .... إلخ) ، ولكن تعني فهم دور الرمز (١٨) والرمز (٨١) في تطور الكون والإنسانية . ولهذا لم يتمكن حتى الآن أي إنسان ولد على سطح الأرض أن يعود إلى الجنة. (هذا الموضوع سنشرحه في المقالة القادمة إن شاء الله) .
حسب التقويم اليهودي فإن الفترة الزمنية بين خلق آدم وولادة عيسى عليه السلام تعادل (٣٧٦١) عام وهذا الرقم هو أيضا رقم رمزي وهو يمثل ضعف الرقم (١٨٨١) أي (١٨٨١+١٨٨١) وله معنى أن يوسف عاد وولد مرة أخرى بأسم عيسى كعلامة إلهية لها معنى أن الإنسانية مع ولادة عيسى عليه السلام قد بدأت تدخل في مرحلة جديدة من تطورها الروحي . القرآن الكريم وضع سورة بعنوان (القيامة) فعنوان هذه السورة هو رمز آخر الزمان الذي سيظهر فيها النبي يوسف (عيسى) بأسم (المهدي - المسيح) ليخلص الإنسانية من أصحاب الأخدود (أتباع روح الأعور الدجال) الذين سيستطيعون السيطرة على كل شيء في العالم . فقبل سورة القيامة تأتي سورة المدثر حيث الآية رقم (٣٠) فيها تذكر (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) والمقصود منها هو القرن التاسع عشر ، أي (١٨٨١) عام بعد ميلاد عيسى عليه السلام ، فالقرن التاسع عشر كمعنى رمزي هو نهاية المرحلة الثالثة من خلق آدم أي (١٨٨١×٣) ولهذا كانت أهرامات الجيزة التي تعتبر أشهر مكان سياحي وأثري عالميا ، تتألف من /٣/ أهرامات ، فكل مرحلة من هذه المراحل الثلاث (١٨٨١×٣) تمثل سيطرة جزء من الأجزاء الثلاثة للرمز (١٨) . فمع نهاية المرحلة الثالثة (القرن ١٩) ستظهر روح الأعور الدجال لتقوم بتنفيذ مخططها الشيطاني المعارض للمخطط الإلهي ، ولهذا ليس من الصدفة أن القرن /١٩/ شهد إضطرابات روحية عنيفة لم تعرف الإنسانية مثلها من قبل نتيجة ظهور نظرية داروين التي تدعي بشكل غير مباشر أن أصل الإنسان قرد، وكذلك ظهور الفكر الماركسي الذي يدعي بأن قصص الأنبياء هي مجرد خرافات تعاني من مغالطات علمية وأن الله غير موجود . والأسوأ من هذا وذاك هو ولادة ظاهرة (الطفل المجرم) والتي لم يعرف التاريخ مثلها من قبل ، والتي تمثل رمزيا أن نسل قايين الذي قتل أخيه هابيل قد عاد بقوة وأصبح هو الذي يحكم الإنسانية وليس نسل آدم.
ولهذا نجد اليوم أن معظم أتباع الديانات العالمية وبسبب تعصبهم الديني قد أصبحوا دعاة فتنة ينطبق عليهم الحديث الشريف (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ) يساهمون في تمزيق الوحدة العالمية بحجة الدفاع عن دينهم ، وأصبح لا فرق بينهم وبين الملحدين فكلا الطرفان يساهمان في تنفيذ مخطط الأعور الدجال في تدمير الإنسانية ، ولهذا كان من الطبيعي أن تتحول الطبيعة وتصبح أخطر عدو للإنسانية ، فالكوارث الطبيعية اليوم تضرب جميع شعوب العالم بلا إستثناء ولا تفرق بين دولة ودولة سواء كانت مسلمة أو مسيحية أو ملحدة .
النبي يوسف مؤسس عصر الأهرامات استخدم الشكل الهندسي للأهرامات كنوع من التعبير الروحي لمراحل المخطط الإلهي ، فعدد درجات هرم زوسر المدرج يتألف من /٦/ درجات ضخمة ، ونجد أنه بعد بناء هرم زوسر المدرج يتم بناء أهرامات سنفرو وهي تتألف من /٣/ أهرامات (هرم ميديوم ، والهرم المائل ، والهرم الأحمر) ، ثم بعدها يتم بناء أهرامات الجيزة الثلاثة وهي (هرم خوفو ، هرم خفرع ، هرم منقرع) . هذا التسلسل التاريخي لبناء الأهرامات ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تكشف لنا مراحل التطور الروحي للإنسانية بعد وفاة يوسف عليه السلام. فهرم زوسر هو رمز للمرحلة الأولى من آدم إلى يوسف . أما أهرامات سنفرو الثلاثة فهي رمز المرحلة الروحية الثانية التي مدتها (١٨٨١) عام ، والتي حصلت بعد نهاية عصر الأهرامات ، وترمز إلى مراحل التطور الروحي التي توزعت إلى /٣/ مراحل :
- الأولى وهي ظهور الديانة الهندوسية في شمال الهند بالقرب من أعلى جبل على سطح الأرض وهو جبل إفِرِست والذي يمثل رمز برج باب الرب (٨). هذه المرحلة تمثل رمز الخط الأول (\ ) من الرمز (٨) والذي رمزه كـلون هو اللون الأزرق . ولهذا نجد أن الديانة الهندوسية لا تزال موجودة حتى اليوم وتعتبر أقدم ديانة حية في عصرنا الحديث ، فالديانة الهندوسية هي أول ديانة إبراهيمية تظهر على الوجود ، ولهذا حفظها الله حتى يومنا هذا {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩) الحجر} .
- المرحلة الثانية وهي مرحلة ظهور الديانة اليهودية والتي تمثل رمز الخط الثاني ( / ) من الرمز (٨) وهي تمثل اللون الأخضر .
- المرحلة الثالثة وهي مرحلة ظهور الحضارة الإغريقية و التي تمثل رمز الخط الثالث (١) من الرمز (١٨) وهي تمثل اللون الأحمر وهو لون الهرم الثالث من إهرامات سنفرو ، ولهذا نجد أن الحضارة الإغريقية لعبت دور كبير في تحويل المعارف المادية إلى علوم أكاديمية تتبع منهج بحثي عقلي بعيد عن الخرافات والإحساسات المزاجية .
المراحل الثلاثة : الهندوسية واليهودية والإغريقية ، هي في الحقيقة تمثل الحالة المادية (الجسيمية) من الحالة الفيزيائية (جسيم - موجة) التي تكلمنا عنها قبل قليل . لهذا بعد الحضارة الإغريقية وإنتهاء المراحل الثلاثة الأولى للرمز (١٨٨١) في الحالة الجسيمية. تبدأ مرحلة الحالة الثانية وهي الحالة (الموجية ) للرمز (١٨٨١) . هذه الحالة هي أيضا تمر ب/٣/ مراحل :
- ولادة عيسى عليه السلام وظهور الديانة المسيحية والتي تمثل استمرار للديانة الهندوسية ولكن بهيئة جديدة كونها تمثل الحالة (الموجية) ، فالهندوسية والمسيحية تمثلان رمز الخط الأول ( \ ) من الرمز (٨) ، فكلا الديانتين تعطيان أهمية كبيرة لعقيدة الثالوث المقدس والمقصود به الأجزاء الثلاثة من الرمز (١٨) . ولهذا نجد رغم أن المسيحية تعتبر ديانة سماوية ولكن نرى وجود الكثير من التشابه بينها وبين الهندوسية ، فالكثير من الباحثين المسلمين يعتقدون أن الديانة المسيحية قد تم تحريفها عن طريق تبديلها بشرائع وأحداث مأخوذة من الهندوسية . ومثل هذه الإتهامات هي اتهامات باطلة لا تعبر سوى عن جهل هؤلاء المسلمين بحقيقة المخطط الإلهي.
- المرحلة الثانية وهي ظهور الدين الإسلامي والذي يمثل الحالة الموجية للديانة اليهودية ، ولهذا نجد أن أكثر ديانة تشبه الديانة الإسلامية هي الديانة اليهودية ، فهذا التشابه ليس صدفة ولكن بسبب أن اليهودية والإسلام يمثلان الخط الثاني ( / ) من الرمز (٨) والذي رمزه اللون الأخضر ، ولهذا نجد اليوم أن المملكة العربية السعودية والتي تمثل البلاد التي ظهر فيها الإسلام أن علمها يحمل اللون الأخضر ، فتطابق الألوان هذا ليس صدفة ولكن من وحي إلهي.
- المرحلة الثالثة هي مرحلة عصر النهضة الأوروبية وهي تمثل الحالة الموجية للحضارة الإغريقية ، فكلا الحضارتان تمثلان رمز الخط الثالث (١) من الرمز (١٨) . فنجد في عصر النهضة قد تم تطوير جميع العلوم المادية لتأخذ شكلها الحقيقي الذي يسمح لها بالتعاون مع علوم القسم الشرقي .
ليس من الصدفة أن دولة إيطاليا تعتبر بداية تأسيس عصر النهضة الذي يمثل آخر مرحلة من المراحل ال /٦/ بعد وفاة النبي يوسف ، فشكل خريطة إيطاليا يشبه كثيرا شكل قدم إنسان ، فهذا التشابه ليس صدفة ولكن حكمة إلهية لها معنى أن إيطاليا تمثل الرمز العالمي للمصطلح الديني (مقام إبراهيم) والذي يمثل رمز الخط الثالث (١) من الرمز (١٨) .
فمقام إبراهيم عند المسلمين هو الحجر الأثري الذي يقال أن إبراهيم قام عليه عند رفع قواعد الكعبة حيث يحوي أثر قدمي النبي إبراهيم بعدما غاصت فيه (الصورة في الأسفل).
أما الركن فعند المسلمين المقصود به هو ركن الحجر الأسود والذي تبدأ به وتنتهي أشواط الطواف حول الكعبة المشرفة . فهذا (الركن) هو خاص بالمسلمين فقط . أما الركن العالمي فالمقصود منه قمة إفرست التي تقع في سلسلة جبال الهيمالايا شمال الهند والتي فيها ظهرت الديانة الهندوسية . فكلمة ركن لغويا مصدرها فعل رَكَنَ : ركَن إلى الشَّيء/ ركَن على الشَّيء: مال إليه ، استند إليه ، والمقصد به هو الخط ( \ ) المائل الذي يركن على الخط ( / ) ليشكل معه الشكل (٨) . حيث الرمز (٨) يمثل الرمز الأنثوي في الرمز (١٨) . ولهذا تسمى هذه القمة (إفِرِست - Everest) حيث كلمة (Everest) تتألف من كلمتين : Eve وتعني (حواء في اللغات الأوربية ، و rest تعني باللغة الانجليزية (مسند أو متكأ) وهو نفس معنى كلمة (ركن) . فالمعنى العام لكلمة (إفِرِست) هو ركن حواء ورمزه (٨) ، ولهذا القارة الآسيوية تمثل القسم الشرقي من العالم والذي تقع على شعوبه مسؤولية تطوير العلوم الروحية . أما قدم إبراهيم التي تظهر في شكل خريطة إيطاليا ، فالمقصود هنا ليس النبي إبراهيم نفسه ، ولكن رمز إسمه ، حيث معنى إسم إبراهيم هو (أبو الشعوب ، أبو الأمم) والمقصود به رمز آدم أبو البشرية .
فالكعبة المشرفة في مكة هي رمز الكون قبل ظهور الحياة ، ولهذا توجد الكعبة المشرفة في منطقة صحراوية قاحلة وذات حجارة سوداء . أما الركن (قمة إفرست) والمقام (إيطاليا) فتمثلان رمز نشوء الحياة وظهور الإنسان وتطوره نحو الكمال . فالحديث الشريف الذي يذكر أن المهدي سيظهر بين الركن والمقام ، لا يقصد تلك المسافة بين الركن والمقام في مكة المكرمة والتي تعادل حوالي (١٤،٥) متر ، ولكن يقصد المكان الموجود بين قمة إفرست في الهند وإيطاليا كرمز لإنتهاء المراحل ال /٦/ التي بدأت في الهند وانتهت في إيطاليا .
في المقالة القادمة إن شاء الله سنتكلم عن حقيقة الديانة الهندوسية ودورها في فهم عقيدة التوحيد ... والله أعلم.
ز . سانا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق