الخاطرة 37 : خرافة السفر عبر الزمن
ربما معظم القراء قد شاهدوا أكثر من مرة الفيلم الخيالي العلمي ( المبيد ) الذي لعب بطولته الممثل المشهور أرنولد شوارزنيجر، وربما أحداث قصته العديدة و المليئة بالغرابة والحركة والمطاردة المشوقة جعلتنا لا نعطي أية أهمية للفكرة اﻷصلية في موضوع قصة الفيلم ألا وهي ترتيب أحداث هذه القصة التي حدثت نتيجة عملية السفر عبر الزمن .
فالقصة تبدأ في زمن عام 2029 حيث وصلت التكنولوجيا في تلك الفترة إلى مرحلة متطورة جدا تمكنت فيها اﻵﻻت من تصنيع نفسها فراحت تحاول السيطرة على مصير العالم، الشيء الذي أدى إلى قيام ثورة بشرية ضد هذه اﻵلات بقيادة شخص يدعى (جون كونور ) ، وعندما رأت اﻵﻻت أن عملية قمع هذه الثورة لن يتم إلا عن طريق القضاء على قائدها وإزالته من الوجود ، عندها فكرت اﻵلات في إرسال رجل آلي له مظهر يشبه اﻹنسان تماما عبر الزمن إلى الماضي إلى عام 1984 لقتل أمه ( سارة كونور ) لمنعها من ولادة إبنها جون ، فيعلم جون ذلك فيرسل هو أيضا جندي شاب (كايل ريس ) عبر الزمن إلى نفس العام ليحمي أمه من الرجل اﻵلي ، وأثناء محاولة كايل حمايتها من الرجل اﻵلي وبعد مطارادات تحبس اﻷنفاس تنشأ بينه وبين سارة علاقة حب فتحمل منه وبعد تسعة أشهر تلد إبنها جون.لنتمعن جيدا في ترتيب اﻷحداث ، قائد الثورة ( جون كونور ) عندما أرسل الجندي ( كايل ريس ) إلى الماضي لحماية أمه كان عمره 45 عام. بينما الجندي (كايل ريس ) في ذلك الوقت - حسب مظهره - كان شابا لا يتجاوز الـ ( 30 ) من العمر ، أي أنه أصغر من قائده جون ب 15 عاما تقريبا ، وهذا يعني أنه ولد في عام 2000 تقريبا، اﻷم (سارة ) حملت من الجندي الشاب (كايل ) القادم من المستقبل، أي أنها عندما أنجبت إبنها جون كان والده ( كايل ) لم يولد بعد ، أي أن إبنها جون أكبر من أبوه سنا بـ 15 عام تقريبا ، هذا يعني أن الابن ولد عام 1985 وأﻷب ولد عام 2000 تقريبا. هل من المعقول أن يولد اﻹبن قبل أبوه؟ هل عندما كتب جيمس كاميرون ( مخرج الفيلم نفسه ) قصة هذا الفيلم كان بكامل قواه العقلية ؟ كيف تقبل نقاد السينما هذا الفيلم دون أن يهاجموا بشدة على هذه الحماقة في ترتيب تسلسل اﻷحداث . مهما يكن، الفيلم حقق هدفه الحقيقي الذي أراده جيمس كاميرون. فالفيلم حقق أرباح مالية خيالية ، وجعلته من أشهر مخرجين العالم ومن أوائل أغنياء العالم حيث نراه بعد عدة سنوات يصرخ بإنفعال وهو يحمل تمثال جائزة اﻷوسكار على فيلمه ( تيتانك ) الذي حصد عدة جوائز أوسكار ( أنا ملك العالم ) ، أما بطل فيلم المبيد الممثل أرنولد شوارزنيجر فبعد هذا الفيلم أطلقت شهرته عالميا ومكنته بعد سنوات من أن يصبح حاكم ولاية كاليفورنيا.
الجدير بالذكر هنا أن قصة فيلم المبيد مسروقة من قصة أخرى مشابهة في أحداثها لقصة المبيد ولكنها بدلا أن تدور حول الرجل اﻵلي الذي يريد قتل اﻷم سارة كونور ،تتكلم عن رجل الثور (مينوتافرو ) المعروف في اﻷساطير اليونانية. وللأسف بدلا من أن يذهب المخرج جيمس كاميرون لتحويل تلك القصة ذات المنطق اﻹنساني إلى فيلم منطقي مسلي ومفيد للثقافة العامة ، ذهب وأخذا منها القسم المشوق الذي يجذب المشاهدين ويثير إنفعالاتهم ووضعه ضمن منطق عشوائي بعيدا نهائيا عن المنطق اﻹنساني. وهكذا بدلا من تقوية منطق اﻹنسجام في فكر المشاهدين ساهم فيلم المبيد إلى تقوية منطق العشوائية والفوضى في فكرهم وخاصة فكر الشباب منهم. لذلك نرى أن شخصا مثل أرنولد شوارزنيجر الفقير روحيا ذو الثقافة السطحية في كل الشيء والذي له العديد من الفضائح الجنسية والذي لا يملك سوى عضلات جسده الضخمة ،أصبح حاكما لولاية كاليفورنيا. ومن هنا يظهر أن الهدف الحقيقي للفيلم هو تقوية الفكر المادي ليستطيع أن يحكم العالم ، تماما كما هو في قصة فيلم المبيد ، حيث اﻵلات (المنطق المادي ) أصبحت هي التي تحكم شعوب الكرة اﻷرضية ، وهذا تماما ما يحصل في عصرنا الحاضر حيث نرى إنتصار الفكر المادي على الفكر الروحي ( المثالي)، للأسف في القرن اﻷخير بدأت اﻹنسانية في السير بإتجاه معاكس إلى الوراء كما يظهر تماما في فيلم المبيد حيث يعرض اﻹنسانية بأجمعها في عام 2029 وهي تعيش في مدن مدمرة لا يوجد قوانين تحكمها ، معارك وحروب مستمرة ، ظلام دامس وكأن نور الشمس لم يعد له وجود ، هذه اﻷوضاع الوحشية نراها في جميع اﻷفلام التي تتكلم عن المستقبل وكأن جميع كتاب القصص يفكرون تماما بمنطق جيمس كاميرون مخرج فيلم المبيد ويعملون أفلامهم ليس من أجل تحذير اﻹنسانية من هذا المستقبل المخيف الذي ينتظره إذا لم يتم تصحيح طريقة تفكيره وأسلوب حياته ولكن بهدف دفع الأمور لتسير إلى هذا الوضع المتوحش. فللأسف فن العصر الحديث بجميع أنواعه وخاصة فن السينما منها ، تساهم في تقوية المنطق المادي على حساب المنطق الروحي. وأحد أسباب هذا اﻹنحطاط الروحي في فكر اﻹنسان هو اﻹيمان بخرافات علمية ظهرت في العصر الحديث ،إحدى هذه الخرافات هي خرافة إمكانية السفر عبر الزمن والتي أول من حاول إثبات صحتها علميا هو العالم الفيزيائي الشهير ألبرت أنشتاين. هذه الفكرة لا يمكن وصفها إلا بعبارة واحدة وهي ( عمى روحي).
منذ ظهور النظرية النسبية الخاصة ﻷنشتاين عام 1905 التي ذكر فيها عن موضوع إمكانية السفر عبر الزمن ،تحولت فكرة إمكانية السفر عبر الزمن من شيء خرافي إلى نظرية علمية فيزيائية يتناقش به كبار العلماء وخاصة علماء الفيزياء ، ورغم أن الفكرة في البداية لاقت كثير من المعارضة والنقد اللاذع ولكن مع مرور الزمن وتطور التكنولوجيا راح الكثير من علماء الفيزياء يحاولون إثبات أن عملية السفر عبر الزمن ممكنة جدا وذهب بعضهم يبحث عن طريقة لصناعة آلة الزمن والتي ستحقق حلم اﻹنسان في السفر عبر الزمن. ورغم إعتراف جميعهم بالفشل ، إلا أن فكرة إمكانية السفر عبر الزمن إنتقلت إلى فكر الناس العامة على أنه سيأتي يوما وسيتم إختراع آلة الزمن وستجري رحلات سياحية نحو المستقبل ، حتى أن العالم الكوني المشهور كارل ساغان عندما سُئل عن هذا الموضوع أجاب بأن السفر عبر الزمن ممكن ولكن صعب جدا ،أما العالم ستيفن هوكنج الذي يعتبره الكثير بانه أذكى رجل على قيد الحياة فبعد زمن طويل من معارضته لهذه الفكرة نجده في الفترة اﻷخيرة يعدل رأيه ويعترف بأن السفر عبر الزمن ممكن وليس شيء مستحيل. يبدو أن العمى الروحي يعاني منه جميع كبار علماء عصرنا الذين تنتقل آرائهم بسرعة كبيرة إلى جميع الناس عبر جميع وسائل اﻷعلام. لذلك ليس من الصدفة أن علماء التاريخ وصفوا عصرنا الحاضر بأنه "أكثر العصور وحشية في تاريخ اﻹنسانية " بسبب شدة إنحطاطه الروحي ،وهذا شيء طبيعي ﻷن (كبار العلماء هم مرآة العصر الذي يعيشونه ) فإيمان كبار العلماء بإمكانية السفر عبر الزمن لا يدل سوى على أن مشكلة عصرنا الحقيقة هي فعلا ( العمى الروحي ).
من يبحث بالنت يجد مواقع عديدة تتكلم عن موضوع إمكانية السفر عبر الزمن وعن الطرق المختلفة التي تسمح بتحقيق هذا النوع من السفر ، (ومن يريد أن يقرأ عن تفاصيل هذا الموضوع يمكنه الرجوع إلى صفحات اﻹنترنت). ولكن هنا في هذه المقالة لن نتكلم عن هذا الموضوع بنظرة مادية فقيرة كما يتحدث عنه علماء الفيزياء ولكن سنتحدث عن الموضوع من خلال نظرة روحية لم يحاول أحد من قبل إستخدامها في معالجة هذا الموضوع و لنثبت أن فكرة إمكانية السفر عبر الزمن هي فكرة حمقاء بكل معنى الكلمة ولا تدل سوى على أن أصحابها يعانون فعلا من إنحطاط روحي أو ما يسمى العمى الروحي.
في عام 1895 ظهرت رواية ( آلة الزمن ) للكاتب اﻹنكليزي ( هربرت جورج ويلز ) تدور أحداثها عن عالم يتمكن من إختراع آلة تستطيع السفر عبر الزمن فيركبها ويسافر إلى المستقبل البعيد ليرى كيف تطور المجتمع اﻹنساني ...... . الرواية لاقت نجاحا كبيرا جدا وشهرة واسعة ، ويبدو أن فكرة هذه الرواية أثارت بشدة إعجاب أنشتاين الذي كان ذلك الوقت فتى لا يتجاوز السادسة عشر من عمره فمن الطبيعي أن يعجب فتى بمثل هذا العمر باﻷفكار الخيالية ، ويبدو أن موضوع إمكانية السفر عبر الزمن بدأ يشغل فكره منذ تلك الفترة ، وربما النظرية النسبية الخاصة والعامة ليست إلا نتيجة التفكير المتواصل في هذا الموضوع ، فالزمن يعتبر احد اﻷركان اﻷساسية في النظرية النسبية فالزمن حسب هذه النظرية يمثل البعد الرابع للأشياء، فأنشتاين في هذه النظرية أضاف الزمن كبعد رابع إلى أبعاد المكان الثلاثة ( الطول ،العرض، اﻹرتفاع ) وجعلهم وحدة متكاملة لا يمكن الفصل بينهما ،وخرج بمصطلح جديد لهذا التكامل والمعروف بــ ( الزمكان ) أي الزمان والمكان.
لتوضيح فكرة مصطلح ( الزمكان ) سنعطي هذا المثال البسيط :
كل إنسان له جسم بثلاثة أبعاد : اﻹرتفاع ( وهو المسافة بين أخمص القدمين حتى قمة الرأس ) والعرض ( المسافة بين المنكبين ) والسماكة ( المسافة الجانبية لجسم ) ولكن عدا عن هذه اﻷبعاد هناك بعد رابع وهو الزمن أي عمر اﻹنسان ، فقد يكون اﻷب واﻹبن لهما نفس مقاييس الجسم ،نفس الطول ،نفس العرض ،نفس السمنة، ولكنهما يختلفان في البعد الرابع وهو الزمن ،فعمر اﻷب قد يكون خمسين عاما بينما عمر اﻹبن إثنان وعشرين. فهذه اﻷبعاد اﻷربعة هي زمكان كل إنسان. أي تصف الجسم بدقة من حيث المكان ( الحجم ) والزمان ( العمر ).
من هذا المصطلح ( الزمكان ) كمبدأ في التفكير ، ظهرت فكرة إمكانية السفر عبر الزمن فطالم أن الزمن هو بعد مثله مثل اﻷبعاد الثلاثة اﻷخرى الطول والعرض واﻹرتفاع ، وطالما في بعد الطول نستطيع التحرك إلى اﻷمام والخلف ، وفي بعد العرض نستطيع التحرك يمينا ويسارا وفي بعد اﻹرتفاع نستطيع التحرك إلى اﻷعلى واﻷسفل ، هذا يعني أننا نستطيع التحرك أيضا في البعد الرابع الزمن إلى المسقبل والماضي.
يحاول أنشتاين في نظريته إثبات إمكانية السفر عبر الزمن إستنادا إلى حقيقة علمية وهي أن سرعة الزمن في الكون غير ثابتة ولكنها شيء نسبي وتختلف من مكان إلى آخر ، وفي ظروف معينة يمكن لزمن أن يتمدد ويتباطئ. ويستخدم أنشتاين في نظريته السرعة التي يتحرك فيها جسم معين ،فكلما زادت سرعة تحرك الجسم كلما تباطئ الزمن ، ويذكر مثاله المشهور مفارقة التوأم. فيقول إذا فرضنا أن أحد توأمين سافر في مركبة فضائية لمدة عشر سنوات بسرعة كبيرة جدا قريبة من سرعة الضوء ،فإن الزمن بالنسبة له سيتباطئ وأن زمن اليوم الواحد عنده سيكون بمثابة عدة أسابيع عند أخيه الموجود على سطح اﻷرض ،لذلك فعندما يعود من رحلته بعد عشر سنوات سيكون هو قد كبر عشر سنوات فقط بينما أخاه الذي كان بنفس عمره قد أصبح عجوزا أكبر منه بعشرات السنين ، والسبب هو أنه في المركبة الفضائية المسافرة بسرعة قريبة من سرعة الضوء كان سريان الزمن فيها بطيئ جدا مقارنة مع سريان الزمن على سطح الكرة اﻷرضية ، أي أن المركبة الفضائية سافرت عبر الزمن إلى المستقبل.
في تلك الفترة التي ظهرت فيها النظرية النسبية كثير من العلماء والمفكرين رفضوا فكرة تباطؤ الزمن ولكن بعد سنوات عديدة وبالتحديد عام (1971 ) تم أثباتها تجريبيا فقد ظهر أن الساعة الموجودة في المركبات الفضائية سريانها أبطئ من سريان نفس الساعة الموجودة على سطح الكرة اﻷرضية وعندما حسبوا الفرق في تباطؤ الساعة وجدوه بأنه يعادل تماما ما ذكره أنشتاين في قانونه في حساب نسبة تباطؤ الزمن.
وعلى مبدأ صحة فكرة تباطؤ الزمن راح علماء الفيزياء يبحثون عن الظروف التي تؤثر على سرعة الزمن ، وبناء على هذه الظروف المختلفة راح كل واحد منهم يكتشف طريقة جديدة يمكن من خلالها إثبات إمكانية السفر عبر الزمن. فبعضهم حاول إستخدام الجاذبية فقد وجدوا أنه كلما زادت الجاذبية كلما تباطأ الزمن ، وطالما أن الثقوب السوداء ذات جاذبية هائلة جدا لذلك فمن خلالها يمكن السفر عبر الزمن ،وهناك أيضا الثقوب الدودية فهي حسب رأيهم ممر يؤدي إلى زمن آخر ، بعضهم إقترح طريقة أخرى يمكن بها السفر عبر الزمن وذلك عن طريق اﻷوتار الكونية وهي خيوط تشكلت من اﻹنفجار الكبير حيث تكون الجاذبية فيها هائلة جدا. عالم آخر رأيه أنه كلما زادت الكثافة كلما تباطأ الزمن ، فحسب رأيه إذا إستطعنا أن نضغط حجم كبير مثل حجم كوكب المشتري مثلا ( كوكب المشتري أكبر من الكرة اﻷرضية بــ 1,316 مرة) إلى حجم غرفة أبعادها 5 أمتار فهذه الغرفة تتحول إلى آلة سفر عبر الزمن ، فإذا دخلناها وخرجنا منها بعد مدة زمنية سنجد أنفسنا في زمن آخر.
حتى اﻵن جميع تلك الفرضيات التي تتكلم عن إمكانية السفر عبر الزمن رغم أنها تستند على قوانين فيزيائية إلا أنها في الحقيقة أفكار خرافية بعيدة نهائيا عن المنطق العقلي ، ولتوضيح درجة سذاجتها سنذكر هذا المثال البسيط : إذا دخلنا إلى فرن درجة حرارته عشرة ألاف درجة مئوية وجلسنا فيه لمدة خمس دقائق فإننا سنحصل على قوة خارقة ،هل هذه الفرضية صحيحة ؟ ربما ولكن المشكلة هنا أن جسدنا له تركيبة خاصة لا يمكن له أن يتحمل أكثر من 60 - 70 درجة مئوية لدقائق قليلة فكيف سيتحمل حرارة 10000 درجة مئوية فهو خلال لحظات قليلة سيحترق ويتحول إلى رماد، وهذا يعني أنه لن يبقى جسدا ليكتسب القوة الخارقة التي ذكرناها. هذه هي تماما مشكلة جميع الطرق التي تم ذكرها في عملية السفر عبر الزمن. فهي لا تأخذ باﻹعتبار طبيعة وتركيب جسم اﻹنسان ، فالأسهل للإنسان أن يجلس في فرن حرارته 1000 درجة مئوية من أن يسافر بسرعة قريبة لسرعة الضوء ،فالظروف في هذه السرعة أقسى بكثير من حرارة الفرن ، و بالنسبة للثقوب السوداء فالظروف فيها أقسى مما يتصوره عقل اﻹنسان فكل شيء يصل إليها يتحطم وينهار وينقرض من الوجود نهائيا. أما الثقوب الدودية فلا يوجد أي دليل علمي يؤكد على وجودها ووإذا فرضنا أنها موجودة فهي تحتاج إلى طاقة من نوعية مختلفة عن الطاقة المعروفة لنا وهي الطاقة السلبية التي تعدم الجاذبية لنستطيع بها توسيع ممر الثقب الدودي للمرور منه، وهذا النوع من الطاقة لا يوجد أي دليل يؤكد على وجوده. أما الأوتار الكونية فوجودها أيضا مشكوك فيه ولا يوجد أي دليل يؤكد على صحة وجودها ، ولكن حتى وإن وجدت فإن جميع هذه الفرضيات لا يمكن تطبيقها عمليا ،ﻷن طبيعة وتركيب جسم اﻹنسان لا يمكن له بأي شكل من اﻷشكال أن يتواجد في مثل هذه الظروف الهائلة في القساوة ﻷنه سينهار نهائيا وبدلا من أن يسافر عبر الزمن سيفنى من الوجود خلال زمن يعادل جزء بسيط جدا من الثانية.
فاﻹنسان ولد في بيئة معينة مناسبة تماما لطبيعة وتركيب جسده وأي تغير طفيف في هذه البيئة سيؤثر عليه ، فجسم اﻹنسان له ضغط داخلي محدد يعادل تماما ضغط الجوي الخارجي المحيط به وأي تغيير في الضغط الخارجي الذي إعتاد عليه سيؤدي إلى تقلص أو تمدد التجاويف داخل الجسم وسيؤثر على صحة الجسم وعلى سلوك العمليات الفيسيولوجية التي تحدث فيه مد الخلايا بالطاقة. فكثير من الناس يصاب بحالة إغماء عند تواجدهم في مرتفعات عالية على سطح اﻷرض وذلك بسبب إنخفاض خفيف في الضغط الجوي ، فكيف عندما يحصل هذا التغيير في ضغط يعادل آلاف أضعاف الضغط الجوي الذي يعيش به اﻹنسان. فالحياة ظهرت وتطورت ضمن شروط بيئية معينة ليصلح العيش فيها وأي تغيير في هذه الظروف البيئية سيؤثر على طبيعة نمو وسلوك الكائن الحي ، وإذا كان التغيير أكثر من حد معين فسيؤدي إلى الموت مباشرة.
للأسف جميع فرضيات إمكانية السفر عبر الزمن ت عاني من هذه المشكلة، نظريا قد تبدو وكأنها مقبولة ولكن عمليا يستحيل تطبيقها فهي تنظر إلى اﻹنسان وكأنه قطعة من حديد خالية من الروح. فحسب مثال أنشتاين عن مفارقة التوأم كطريقة للسفر عبر الزمن، هناك طريقة أسهل بكثير من طريقة أنشتاين طالما أن إختراع مركبة تستطيع السفر بسرعة قريبة من سرعة الضوء هو أمر شبه مستحيل ، وهي أنه بدلا من أن يسافر أحد التوائم في مركبة فضائية بسرعة قريبة من سرعة الضوء ، ما عليه إلا أن يدخل في ثلاجة مشابه للثلاجات التي تستخدم لحفظ اللحوم عن طريق تجميده ، ويبقى في هذه الثلاجة لمدة ثلاثين عاما ، فداخل هذا النوع من الثلاجات ذو درجات الحرارة تحت الصفر سيؤدي إلى توقف جميع النشاطات الحيوية داخل جسم اﻹنسان ، وسيجعل سريان الزمن على الجسم يتوقف نهائيا ، وبعد مرور ثلاثين عاما عندما يتم إخراج أخ التوأم من الثلاجة سيكون شكله مشابه تماما لما كان عليه لحظة دخوله البراد. وسيبدو عليه بأنه أصغر من أخيه التوأم بثلاثين عاما تماما.
لا يوجد فرق نهائيا بين ذلك الشخص الذي سيدخل الثلاجة وبين الذي سيدخل المركبة الفضائية ليسافر بسرعة قريبة من سرعة الضوء ﻷن كليهما سيسافران كقطعة لحم وليس ككائن حي يتمتع بنشاط فكري ، وكلاهما لن يتحملا الظروف البيئية الجديدة التي سيعيشان فيها وسيموتان في الساعات اﻷولى سواء في الثلاجة أو في المركبة التي ستسافر بسرعة قريبة من سرعة الضوء.
ولكن المشكلة الحقيقية في موضوع إمكانية السفر عبر الزمن لا تكمن في هذه اﻷمور المادية السطحية ولكن في مفهوم الزمن نفسه فجميع العلماء يتكلمون عن الزمن بمعناه الشكلي أو المادي ولكن حتى نفهم ما يحدث حولنا يجب أن نخوض في مضمون الزمن ، عندها سنجد أنفسنا في واقع مختلف نهائيا عن الواقع الذي يبحث به علماء الفيزياء ،وعندها أيضا سنعلم أن فكرة البحث في إختراع آلة تحقق حلم إمكانية السفر عبر الزمن هي نوع من اﻹشراك بالله. ﻷن الزمن هو من الروح والروح هي شيء إلهي لا يعلم بها إلا الله. لذلك ليس من الصدفة أن أنشتاين الذي حول مفهوم الزمن من مفهوم روحي إلى مفهوم مادي ، في آخر حياته أصبح إنسان ملحد وإعتبر أن قصص اﻷنبياء هي خرافات ولا تصلح إلا للعقول البسيط الساذجة.
في المقالة القادمة إن شاء الله سنتكلم عن الزمن كمفهوم روحي ليعلم أولئك المسلمين أنه بإستخدامهم قصة أهل الكهف بهدف إثبات صحة آراء أنشتاين عن السفر عبر الزمن ، هو تحريف لمعاني آيات القران الكريم.
ز.سانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق