الأربعاء، 16 سبتمبر 2020

الخاطرة ٢٥٣ : الحكمة الإلهية في لغز سلوك فيروس كورونا ( الجزء ٤)

 خواطر من الكون المجاور الخاطرة

الخاطرة ٢٥٣ : الحكمة الإلهية في لغز سلوك فيروس كورونا ( الجزء ٤)
في الجزء الماضي تكلمنا عن معنى رمز منطقة ظهور وباء كورونا ( الصين) ، وعن معاني رموز بؤرتي إنتشاره في المرحلة الأولى ( إيطاليا ، إيران) . وكذلك رمز (أمريكا) التي أصبحت في أعلى قائمة عدد الإصابات والوفيات في العالم . وفي هذه المقالة سنتابع شرح الحكمة الإلهية في تسمية الفيروس بأسمه الشائع ( كورونا) وأسمه العلمي (كوفيد ١٩) لنحصل في الأخير على معنى شامل لأسباب ظهور هذا الوباء كعلامة إلهية تكون بمثابة رسالة إلهية للبشرية يتم فيها توضيح مستوى الحالة الروحية التي وصلت إليها البشرية في عصرنا الحديث ليستيقظ الناس من سكرتهم التي يعيشونها ولتفتح أعينهم على حقيقة الطريق التي يسيرون فيها والتي ستؤدي بهم إلى الهاوية إذا ما استمروا فيه .
الجميع اليوم صغارا وكبار في جميع أنحاء العالم يذكرون في محادثاتهم أسم ( كورونا) أسم ذلك الفيروس الذي رغم صغر حجمه ، جعل حياتهم فجأة مختلفة كثيرا عما كانت من قبل . والكثير منا يعلم أنه تم تسميته بهذا الإسم بسبب شكله حيث البروزات الاسطوانية العديدة على سطحه تحمل كل منها في رأس كل بروز شكل ما يشبه التاج فكلمة كورونا تعني تاج . ولكن الفيروس الذي يحمل إسم ( كورونا) له عدة أنواع تم إكتشافها قبل سنوات عديدة ، أما فيروس كورونا الذي تحول إلى وباء عالمي خطير فهو نوع جديد ظهر مؤخرا ، ولهذا تم تسميته بأسمه العلمي ( كوفيد ١٩) حتى يتم فصله عن بقية أنواعه الأخرى .
إسم الفيروس كوفيد ١٩ ( COVID 19) هو مصطلح علمي وهو يتألف من أربع مقاطع، الأول (CO) وهو اختصار كلمة كورونا corona ومعناها ( تاج) ، المقطع الثاني هو (VI) وهو اختصار كلمة فيروس virus. المقطع الثالث (D) وهو اختصار لكلمة Disease أي مرض ، أما المقطع الرابع وهو الرقم (١٩) فهو اختصار للعام الذي ظهر فيه فيروس كورونا لأول مرة وكان ذلك في آواخر عام ٢٠١٩ . فالاسم العلمي ( كوفيد١٩) تعني حرفياً مرض الفيروس التاجي الذي ظهر عام ٢٠١٩.
للأسف الرؤية الماركسية والتي تسيطر على منطق المنهج العلمي في العصر الحديث ، جعلت الجميع اليوم ( حتى علماء الدين أيضا) لا يشعرون بأي شيء وهم يسمعون أسم ( كورونا) أو أسم (كوفيد ١٩) وكأن هذه الأسماء هي مجرد أسماء ، أو أنها أسماء وضعها علماء الأوبئة فقط كمعلومات لوصف هذا الفيروس ، فحتى علماء الأوبئة أنفسهم يعتقدون أن هذه الأسماء التي وضعوها لوصف الفيروس الجديد قد حدثت بالصدفة لأنها معلومات تتعلق بطبيعة الفيروس نفسه ولا علاقة لها لا بتكوين الإنسان ولا بالديانات . ولكن في الحقيقة لو استخدمنا الرؤية الشاملة في البحث في موضوع وباء كورونا سنجد أنه يفسر لنا شيء هام جدا ، فالرؤية الشاملة لا تؤمن بالمبدأ الماركسي ( حدث بالصدفة) ، ولكنها تؤمن بأن الله من وراء كل شيء . وأن ظهور وباء كورونا كان سببه سلوك الإنسانية نفسه الذي خرج عن الطبيعة البشرية كما وضعها الله في تكوينها.
فالإنسانية بعد تلك التطورات الإيجابية عبر التاريخ التي حصلت بسبب نزول الديانات وتطور الحضارات ، والذي جعلها تصل في عصرنا الحاضر إلى مرحلة سن الرشد ، التي وجب فيها أن تساهم دور العبادة ودور التعليم بمساعدة الإنسانية في تنقية تكوينه الروحي من الشوائب للوصول إلى مرحلة روح الخير التي رمزها الروح النباتية لتتحكم بسلوك الإنسان وتجعله يسلك سلوك إنسان الجنة الذي عبرت عنه الآية القرآنية (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) ولتجعل شعوب العالم تتعاون مع بعضها البعض وكأنهم أفراد عائلة واحدة كما تذكر الآية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ، نجد اليوم أن دور العبادة ودور التعليم قد فعلت عكس ذلك تماما حيث قامت بتنمية حب العنف والحروب والتعصب المذهبي والديني والقومي والسياسي وغيرها ، حتى وصلت الأمور إلى ولادة ظاهرة جديدة وهي ظاهرة ( الطفل المجرم) التي لم تعرفها الإنسانية من قبل . فسبب ولادة ظاهرة ( الطفل المجرم) هي سيطرة روح السوء العالمية على البيئة الروحية للمجتمعات الإنسانية ، وهذا يعني أن الروح الذكرية هي التي تسيطر سيطرة مطلقة عليها ، وأن الروح النباتية ( الروح الإنثوية) تكاد تختفي من التكوين الروحي للإنسان المعاصر ولهذا اختفت روح الأسد وحلت مكانها روح الكلب وروح (666) التي جعلت الإنسان منذ طفولته يوجه إهتماماته نحو تأمين مصالحه المادية فقط ولا يعطي أي إهتمامات للروح النباتية ( الإنثوية) في داخله .
إن تسمية الفيروس بأسم (كورونا) ليس صدفة ولكن حكمة إلهية، فهو اسم قديسة عند المسيحيين ، وهي رمز حامية الإنسانية من الأوبئة .فظهور هذا الوباء لأول مرة وفي الفترة التي وصلت الإنسانية في تطورها إلى مرحلة سن الرشد بالتحديد أيضا ليس صدفة ولكن حكمة إلهية ، وحتى نفهم معنى هذه الحكمة علينا الإستعانة بمعارف روحية عالمية ، وليس معارف تخص ديانة واحدة ، فهذا الفيروس قد أحدث وباء عالميا فهو يخص الإنسانية بأكملها وليس أمة واحدة فقط فأسم الوباء ( كورونا) هو اسم قديسة عند المسيحيين ، وهي عند المسيحيين تُعتبر رمز حامية الإنسانية من الأوبئة ، فقصة حياة هذه القديسة تساعدنا في فهم حقيقة سبب ومعنى ظهور وباء كورونا في هذه الفترة بالذات .
ففي القرن الثاني بعد ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام، عندما كانت الأمبراطورية الرومانية تضطهد المسيحيين وتعتقل كل شخص يعلن إعتناقه لهذا الدين ، فكان المسيحيون يواجهون هذا الإضطهاد بممارسة طقوسهم الدينية بشكل سري دون أي أن يقوموا بأي ردة فعل باستخدام العنف أو القتل في الدفاع عن أنفسهم . في عام ١٦٠ بعد الميلاد تم إعتقال قديس يدعى (فيكتور) ، وقام الجنود الرومان بتعذيبه أمام الناس لكي يهجر دينه ويعود الى الديانة الوثنية الرومانية ، وكذلك لبث الذعر في قلوب الناس ليمنعوهم من إعتناق الدين المسيحي . من بين الناس الذين كانوا يشاهدون عملية التعذيب ، كان يوجد فتاة تدعى كورونا ، وأثناء تعذيب القديس فيكتور راحت الفتاة تناديه وتقرأ له ببعض الآيات من الإنجيل لتقوي إيمانه وترفع معنوياته ليصبر ويتحمل العذاب . عندها علم الجنود الرومان بأنها هي أيضا تعتنق المسيحية ، فاعتقلوها هي أيضا ، وتم تعذيبها حتى تهجر دينها ، وعندما علموا بأنها لن تفعل ذلك مهما حصل قاموا بقتلها .
قصة هذه القديسة يعلمها اليوم جميع علماء الدين المسيحي وبعضهم حاول أن يفسر العلاقة بين وباء كورونا وهذه القديسة حامية الناس من الأوبئة ، فهذا التشابه في أسم الوباء ونوعية دور هذه القديسة (حامية الناس من الأوبئة) دفعهم في الإعتقاد بأن هذا الشبه ليس مجرد صدفة ولكنه يحوي في مضمونه علامة إلهية في هذا الوباء . ولكن للأسف بسبب اعتمادهم فقط على معلومات نصوص الدين المسيحي كانت تفسيراتهم بعيدة نهائيا عن الحكمة الإلهية في معنى هذا التشابه . ولكن ومع ذلك يبقى لهم الفضل في تذكير الناس بقصة القديسة كورونا التي لم يكن الناس العامة يعلم عنها شيء حتى قسم كبير من المسيحيين أنفسهم . فسماعي لقصة القديسة كورونا هو الذي ساعدني في تكوين نظرة أشمل في فهم الأسباب الروحية في ظهور وباء كورونا . فإعدام القديسة كورونا كما تذكر القصة لم تكن بطريقة عادية ولكن بطريقة رمزية لها معنى . فطريقة قتل القديسة حدثت بهذا الشكل بالتحديد :
حيث قام جنود الرومان بربط نخلتين بالحبال وتم شدهما بقوة لتجعل جذعي النخلتين تنحنيان نحو بعضهما البعض ثم قاموا بربط كل طرف من الحبالين بأحد أيدي القديسة (كما في الصورة) ، وطلبوا منها لآخر مرة أن تهجر دينها وعندما رأوها ترفض قاموا بترك الحبلين فعادت كل نخلة بقوة إلى وضعها الطبيعي ، هذه القوة التي نشأت من عودة النخلتين إلى وضعهما الطبيعي أدى شد طرفي جسد الفتاة نحو جهتين متعاكستين مما أدى إلى تمزيق جسد القديسة إلى قسمين .
هذه الحادثة رغم أنها قد تبدو وكأنها حادثة تاريخية بسيطة ، ولكن في الواقع تحمل معنى رمزي يساعدنا في فهم التكوين الروحي للإنسانية، فهذه الحادثة تمثل رمز تمزيق روح المرأة الذي له الشكل ( Λ ) إلى جزئيه (١) و (١) ، أي بدلا من يكون بالشكل( Λ ) أصبح شكله (١١) ، وكما شرحنا في مقالات ماضية أن الرمز (١) هو رمز الرجل . إن تحويل المرأة إلى رجل هي بمثابة عملية تشويه التكوين الروحي للإنسان فالشكل (١١) ليس له وجود في الكون فتمزيق الرمز (Λ) إلى قسمين سيحوله مباشرة إلى الرمز (V) وهو رمز حواء بعد ارتكابها للخطيئة في الجنة والتي بسببها تم طرد الإنسان منها ، فقابيل ( قايين) الذي قتل أخاه هابيل هو في الحقيقة أبن الرمز (V) ، فتعليل سبب ولادة ظاهرة (الطفل المجرم) في عصرنا الحديث هو تحول (Λ) إلى الرمز (V) ، أما هابيل فهو ابن الرمز (Λ) ، والقرآن الكريم قد أشار إلى هذين الرمزين في سورة الفاتحة . هناك عدة آحاديث شريفة تدل بشكل واضح على أن عدد أبواب الجنة هو الثّمانية (٨) ومنها حديث الوضوء وفيه قوله عليه الصّلاة والسّلام: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ)، أمّا عدد أبواب جهنم فهو سّبعة (٧) فقد ورد ذكر عددها في القرآن الكريم في قوله تعالى: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ) [الحجر: ٤٤]. ولهذا الحكمة الإلهية في تصميم القرآن وضعت بدايته السورة الأولى في القرآن بشكل أن تحمل أسم ( الفاتحة) وبعدد آيات يحمل الرقم سبعة (٧) ، ليكون هذا الرقم كشكل رمزا يعبر عن سبب خروج الإنسان من الجنة ، ولكن أيضا الحكمة الإلهية أضافت في هذه السورة آية أخرى تُقرأ ولا تكتب وهي ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) . فمع إضافة هذه الآية يصبح مجموع رقم عدد آيات السورة ثمانية وهو شكل رمز(Λ) وهو رمز حواء التي استطاعت بعد خروجها من الجنة أن تصل إلى مرحلة تسمح بولادة الإنسانية وولادة الأنبياء والرسل لتبدأ عملية تنقية التكوين الروحي للإنسانية من الشوائب . فوجود رمز الرقم (٧) ورمز الرقم (Λ) ، يشرح لنا سبب طرد الإنسان من الجنة وبنفس الوقت يشرح لنا كيفية تحقيق العودة إلى الجنة ثانية ، فكلمة ( الفاتحة) تعني المرأة المنتصرة التي ستفتح طريقا جديدا في التطور نحو الكمال الذي سيؤدي إلى العودة إلى الجنة . لهذا وجب على المسلم أن يقرأ الآية (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) قبل قراءة آيات السورة .
القديسة كورونا كانت بمثابة رمز المرأة بتكوينها الحقيقي (Λ) والتي تقاوم روح السوء وتحقق النصر عليه ، ولهذا وضعت الحكمة الإلهية أسم ( فيكتور) ومعناه ( النصر) ليكون أسم القديس الذي حاولت كورونا أن ترفع معنوياته أثناء التعذيب ليثبت على إيمانه ولا يتخلى عنه .
قصة القديسة كورونا والتي بوحي إلهي تم إعطائها رمز حامية الأوبئة عند المسيحيين يبين لنا وجود نوعين من (التاج) : النوع الأول وهو التاج الذي يوضع على قمة زاوية الرمز(Λ) والذي يمثل قمة الكائن العلوي في التكوين الإنساني والذي وجوده يؤدي بالإنسانية في السير نحو النور في الصراط المستقيم الذي رسمه الله لها ، ولهذا نجد في أيقونات المسيحية وجود هالة ضوئية على رؤوس القديسيين فهذه الهالة هي رمز لهذا النوع من التاج . أما النوع الثاني فهو التاج الذي يوضع على زاوية القاع في الرمز (V) والذي يمثل رأس الكائن السفلي في التكوين الإنساني (الأعضاء التناسلية) والذي وجوده هناك يؤدي بالإنسانية في السير نحو النار والدمار الذي أراده الشيطان للإنسانية . فتاج الرمز(Λ) يعني البناء والتطور نحو الكمال ، أما تاج (V) فيعني الدمار والموت الأبدي .
ربما الكثير من القراء المسلمين وبسبب تعصبهم الديني أو بسبب إنحصار ثقافتهم بالثقافة الإسلامية فقط ، قد يعترضون على صحة هذه التفسيرات ، لذلك لننتقل إلى شرح رموز المصطلح العلمي للفيروس ( كوفيد ١٩) لنحصل على أدلة إلهية أخرى تؤكد ما شرحناه قبل قليل :
اول ما سنلاحظه كمسلمين في هذا الأسم هو الرقم (١٩) وهذا الرقم مذكور في آية قرآنية ( عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) ، ولكن حتى نفهم علاقة هذه الآية مع رقم ١٩ الموجود في أسم الفيروس ، يجب علينا أن نعود ثانية إلى التراث المسيحي ، فحتى الآن نجد ان شعوب الدول المسيحية هي التي تقع في أعلى قائمة عدد الإصابات والوفيات بوباء كورونا ، وهذا ليس بصدفة ولكن حكمة إلهية لها معنى أن مفاتيح حل لغز هذا الوباء موجودة بشكل أوضح في التراث المسيحي . تعالوا نرى مكان وجودها :
في نهاية قرن ال(١٩) رأى الأديب البولوني هنريك سينكوفيتش ما يحدث من تشويه في طبيعة الفكر الإنساني الذي بدأ ينتشر في أوربا ، فمن جهة رأى تأثير ظهور نظرية دارون التي جعلت المثقفين يعتقدون أن أصل الإنسان يأتي من مصدر ضيق جدا وهو القردة . ومن جهة أخرى رأى إقتناع المثقفين بتلك الإثباتات العلمية التي وضعها كارل ماركس لإثبات عدم وجود الله . ومن جهة أخرى أيضا رأى المثقفين يشجعون ويمدحون الفن الحديث الذي إعتمد على مبدأ تحطيم وحدة الألوان وإنسجامها والذي جعل التعبير الروحي في الفن الحديث يعيش في حالة فوضى روحية ، تيارات عديدة عشوائية بدأت تظهر فجأة حيث جميعها تعتمد مبدأ الفن للفن وليس لخدمة الإنسان ، ورأى ذلك الذوق الوحشي الذي بدأ يسيطر على التعبير الروحي في الفن التشكيلي والأدبي الذي جعل مضمون الأعمال الفنية تعتمد في الأصل على روح العنف والغريزة الجنسية . فكانت ردة فعل الأديب البولوني هنريك أنه ألف روايته الشهيرة (كوفاديس) لتواجه جميع هذه التشويهات التي تحدث في عصره .
للأسف فإن إنحطاط مستوى النقاد منذ ذلك والوقت وحتى الآن جعلهم لا يفقهون شيئا من تلك الرسالة التي أراد أن ينقلها هذا الأديب إلى الناس من خلال روايته ، لهذا نجد جميع النقاد قد نظروا إلى هذه الرواية وكأنها رواية تاريخية فقط تشرح الظروف التي عانى منها المسيحيين في فترة بداية إنتشار الديانة المسيحية . ولكن في الحقيقة هذه الروية تنبأت بظهور وباء كورونا ، وهنا لا أعني أنها تنبأت ظهور وباء كورونا كوباء ولكن أقصد أنها تنبأت بأن هذه التشويهات التي بدأت تحصل في المنهج العلمي الحديث ستؤثر على سلوك المجتمعات الإنسانية وستسمح بظهور وباء كورونا ، أي أنها ستحول الرمز (Λ) إلى الرمز (V) .ورغم أنه لم يكن يعلم شيئا عن هذين الرمزين ، ولكن إحساسه الروحي الصادق وبوحي إلهي وضع رموز عديدة في روايته تساعد في فهم رموز وباء كورونا .
الرمز الأول في روايته هو زمن ظهور هذه الرواية الذي حدث في نهاية القرن الذي يحمل الرقم (١٩) الموجود في أسم الفيروس (كوفيد ١٩) ، أما الرمز الثاني فهو عنوان الرواية ( كوفاديس) فهذا العنوان فعلا غريب ، لأن العنوان باللغة اللاتينية التي لا يفهمها سوى بعض المتخصصين في اللغة . إذا تمعنا في هذا العنوان ربما لا نشعر بوجود التشابه الكبير بينه وبين أسم (كوفيد) ، ولكن من يعلم قليلا عن مبدأ تكوين الأسماء اللاتينية واليونانية، يعلم أن الحرفان في آخر الكلمة ( ي ، س) هي أحرف إضافية لتذكير وتأنيث أو للأفعال ، ولا علاقة لها بأصل الكلمة، مثل أسم (هرقليس) فهذا الأسم عند تحويله إلى اللغات الأخرى يُحذف منه الحرفين الأخريين فيصبح (هرقل) ، أسم (سقراطيس) يصبح (سقراط ) وهكذا ... ، الآن إذا حذفنا الحرفين الأخريين من العنوان ( كوفاديس) سنحصل على الأسم ( كوفاد) وهو مشابه كثيرا لأسم ( كوفيد) .
كاتب الرواية إعتمد في محور تطور أحداث روايته على ثلاثة شخصيات هامة وهي : الأمبراطور الروماني ( نيرون) ، وبطلة القصة ( ليغيا) وبطل القصة ( ماركوس) . الكاتب استخدم هذه الشخصيات الثلاثة على شكل رموز يعبر من خلالها حقيقة تلك التغيرات التي بدأت تحدث خلال القرن (١٩) والتي ستقود الإنسانية إلى قرن العشرين الذي لم يعرف التاريخ وحشية مثله من قبل والذي أدى حرب العالمية الاولى والثانية التي راح ضحيتها عشرات الملايين من الضحايا ، والأهم من ذلك هو ولادة ظاهرة (الطفل المجرم) .
- نيرون كان يهوى السكر والعربدة والعهر ليشبع رغباته المكبوته والتي حولته إلى حاكم جائر ينتقم ويقتل بفظاعة كل شخص يهدد عرشه ، حتى أمه قام بقتلها عندما علم بأنها غير راضية عن اسلوبه في الحكم . حيث هوايته للموسيقى والشعر والغناء جعلته يهمل نهائيا تأمين حقوق وحاجات شعبه، وجعلته يتوه في عالم روحي مظلم بعيد كل بعد عن الواقع المحيط به ، فعدم فهمه لمعنى الفن ودوره في المجتمع جعله يحاول من خلاله أن يدفن فيه عذاب الضمير لسلوكه الوحشي من خلال غنائه الشاذ وقصائده الركيكة ، فهذا النوع من الفن الزائف في النهاية جعله يصل إلى مرحلة أن يحرق روما بأكملها ليستلهم من مشهد ألسنة اللهب المتصاعدة نشوة الإبداع ليستطيع تأليف قصيدة وأغنية تليق بمكانته كفنان . الأمبراطور نيرون في رواية كوفاديس هو رمز الفن الحديث الذي نتائجه تدفع الفنان إلى عمى البصيرة فلا يرى شيئا من واقع ما يجري من حولها، ولكنه فقط يرى رغبات نفسه الدنيئة ، هذه الرؤية التي ستدفعه في الأخير بالقيام بأي شيء أناني خبيث من أجل الوصول إلى قمة المجد ليشبع جميع رغبات شهواته الحيوانية . هذا التعبير الروحي للفن الحديث إنتقل إلى القاعدة الروحية لجميع المجتمعات الإنسانية . فالموضوع هنا ليس له علاقة بسلطة ديكتاتورية ولكن بالضبط بالقاعدة الروحية للمجتمع التي هي التي تخلق الروح الأنانية في كل إنسان والتي تجعل من السلطة أن تسلك سلوك حكم ديكتاتوري وحشي لتحافظ على عرشها .
- الرمز الثاني وهو شخصية (ليغيا) الفتاة المؤمنة الطاهرة ، والتي رغم أنها كانت أميرة وتم قتل أبيها الملك وأمها الملكة وأصبحت أسيرة في روما ، ولكن رغم ذلك فإن إعتناقها للمسيحية جعلها تسامح الجميع وتنظر إلى الناس من حولها بكامل المحبة والسلام . فهذه الفتاة تمثل رمز المرأة كما أراد الله لها أن تكون ، فهي بمثابة رمز حواء أم الإنسانية بأكملها والتي تحاول أن تساعد كل أبنائها بغض النظر عن قوميتهم أو دينهم ليعودوا معها إلى الجنة .
- الرمز الثالث وهو ( ماركوس) الشاب القائد العسكري الذي علمته البيئة الروحية لمجتمع روما ، أن يأخذ ما يريد بأسلوب القوة والعنف ، والتي علمته أيضا أن المرأة بالنسبة للرجل هي فقط وسيلة لإشباع شهواته الجنسية . وعندما يلتقي بليغيا ويعجب بجمالها ، يحاول أن يحصل عليها ليطفئ شهوته الجسدية بها ، ولكن رغم إعجاب ليغيا به ولكنها ترفض علاقة الزنى هذه بشدة رغم محاولات ماركوس العديدة ، وتحاول بسلوكها أن تجعله يعلم أن هناك إحساس جميل رائع آخر في علاقة الرجل بالمرأة لم يشعر به من قبل وأن إرتباطه بها يجب أن يكون على أصول سليمة عن طريق الزواج لتكون علاقته معها علاقة يبارك لها الله لتدوم إلى الأبد . ماركوس في الرواية هو رمز الرجل الذي حاولت البيئة الروحية للمجتمع منذ طفولته أن تشوه تكوينه الروحي لتجعل من سلوكه سلوك حيواني ، ولكن ظهور ليغيا أمامه يجعله يستيقظ ليعود ثانية إلى تكوينه الروحي كما خلقه الله عز وجل . هذا التحول يجعل ماركوس يثور على أوضاع المجتمع الروماني الذي وصل إليه ، وخاصة عندما يعلم أن نيرون قد اتهم المسيحيين بحريق روما ليحقن غضب شعبه نحوه .
كاتب الرواية من خلال شخصية ماركوس يحاول أن يرسل إلى القارئ فكرة هامة ، وهي أن كل شرير لم يُخلق شريرا ولكن هناك ظروف بيئية روحية من حوله جعلته شريرا ، وعلينا كبشر أن نصبر على أفعاله ونسامحه ونعامله بمحبة بقدر الإمكان لنطرد الشر من داخله لنساعده في إكتشاف روح الخير في داخله لينتصر هو بنفسه على نفسه الدنيئة . فالإنسانية اليوم تعيش في مرحلة سن الرشد وفي هذه السن يسهل فيها إقناع الآخرين بما هو الصح وما هو الخطأ ، وأن هذا الإصلاح يحتاج إلى صبر ومواصلة دائمة وتضحية ، كما فعلت ليغيا في الرواية وكما فعل المسيحيين في فترة القرون الاولى من ظهور الدين المسيحي . حيث نجد في الرواية أن رغم ما عاناه المسيحيين من وحشية نيرون في تعذيبهم وقتلهم ، نجدهم قبل موتهم يرددون آيات من الإنجيل وكأنهم يسامحون قاتليهم .
حتى تمر هذه الرسالة التي وضعها الكاتب في روايته إلى نفوس القراء استخدم الكاتب حادثة تاريخية مذكورة في الوثائق التاريخية ، وهي دور ( بطرس) تلميذ يسوع في تلك الفترة ، فبعد حرق روما طلب منه المسيحيون بمغادرة روما لينجو بحياته ، ولكن أثناء خروجه من روما وفي الطريق يرى رؤيا (يسوع يحمل صليبه ويسير في الجهة المعاكسة) ، فيسأله بطرس ( كوفاديس) وتعني باللاتينة (أين تذهب) فيجيبه يسوع ( إلى روما لأصلب هناك) ، فيشعر بطرس أن هذه الرؤيا هي علامة إلهية تدعوه إلى العودة إلى روما ليرفع معنويات المسيحيين ليصبروا ويتحملوا ما سيعانوه من عذاب ( كما فعلت القديسة كورونا) . فيعود إلى روما ويدخل حلبة التعذيب وينادي المسيحيين ويطلب منهم التشبث بإيمانهم وأن الله معهم وأنهم بموتهم سيذهبون إلى ملكوت السماء ، فيتم القبض عليه ، ويُحكم عليه صلبا حتى الموت ، القديس بطرس يطلب من جنود الرومان أن يصلبوه بشكل مقلوب (الصورة) . طريقة صلب بطرس ( صليب مقلوب) في روما للأسف حتى الآن علماء اللاهوت المسيحي لم يفهموا معناها ، فما فعله بطرس بأن يُصلب بشكل مقلوب لم يكن صدفة ولكنه من وحي إلهي ليكون الصليب المقلوب رمزا يساعدنا في فهم معنى شكل خريطة إيطاليا عند قلبها شاقوليا ( يتحول شكلها من قدم إلى كلب) ، وكذلك لتساعدنا على فهم الفرق بين الرمز (Λ) الذي إذا قلبناه سنحصل على شكل رمز (V) .
كاتب الرواية أراد أن يفهم الناس من خلال روايته أن بهذه الثقافة التي يعتمد عليها العصر الحديث سيحول البيئة الروحية للمجتمعات الإنسانية إلى بيئة روحية مشابهة لبيئة مجتمع روما في عهد نيرون ، حيث العنف والقتل والإباحة الجنسية ستسيطر على سلوك الإنسان . وشيئا آخر أن الكاتب ومن دون أن يعلم وعن طريق وحي إلهي في روايته ربط دور القديس بطرس في الرواية مع دور القديسة كورونا في تفسير ظهور وباء كورونا الذي ظهر بعد أكثر من مئة عام على كتابة الرواية . هذه الرواية كانت بمثابة صرخة مليئة بالمحبة موجهة للإنسان المعاصر ( كوفاديس) والتي تعني ( أين تذهب) في هذا الطريق الذي سيؤدي إلى الهلاك .
الآن لننتقل إلى شرح رقم الفيروس (١٩) وعلاقته بالرقم المذكور في الآية ( عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) . الرقم (١٩) هنا بحد ذاته لا يعني شيء ، وجميع تلك المحاولات التي قام بها العلماء المسلمين في تفسيره كرقم قائم بذاته ، هي تفسيرات خاطئة بعيدة نهائيا عن المعنى المقصود به . فأصل الموضوع هنا هو الرقم ثمانية عشر (١٨) وليس (١٩) ، فالرقم (١٨) هو الذي يحمل داخله الرمزين (٨) الذي تكلمنا عنه قبل القليل والرمز (١) ، وقد شرحنا هذين الرمزين في مقالات عديدة ماضية . فالرقم (١٩) في الحقيقة يعني فقط ما سيأتي بعد الـ(١٨) ، فالرقم (١٨) هو عدد القرون التي مرت بها الإنسانية منذ ولادة عيسى عليه الصلاة والسلام، وحتى نهاية القرن الثامن عشر وهي نهاية عصر النهضة ، الإنسانية في هذه الفترة الزمنية مرت بثلاث مراحل حيث كل مرحلة مدتها ستمائة عام (أو ما يعادل ١٠٠٠ عام زهري ، نسبة إلى كوكب الزهرة ) . المرحلة الأولى وهي عصر الحضارة المسيحية ، الثانية عصر الحضارة الإسلامية، والثالثة وهي عصر النهضة ، حيث عصر النهضة هنا يمثل مرحلة المراهقة في تاريخ الإنسانية ( هذا الموضوع شرحناه بشكل مفصل في سلسلة ابن رشد الفيلسوف المظلوم ) ، فعصر النهضة كما يدل معناها يمثل المرحلة التمهيدية لقيام البشرية لتنتصب على قدميها روحيا وجسديا ، ولهذا وضعت الحكمة الإلهية سورة القيامة مباشرة بعد سورة المدثر التي تذكر الآية (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) أي أن بداية القرن ١٩ هي مرحلة القيامة ، فوجود سورة القيامة بعد سورة المدثر له معنى أن الإنسانية بعد مرور ثمانية عشر قرنا من ولادة عيسى المسيح ، ستدخل مرحلة سن الرشد والتي فيها ستحدث قيامة الإنسانية روحيا وجسديا لتتخلص من جميع الشوائب الشيطانية في تكوينها . ورغم أن الإنسانية في قرن التاسع عشر والقرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين قد قامت بدورها في تطوير العلوم المادية والتكنولوجيا ، ولكن بسبب وجود روح السوء العالمية لم تستطع الإنسانية تطوير العلوم الروحية لتعمل جنبا الى جنب مع العلوم المادية لتقود الإنسانية إلى طريقها الصحيح نحو الكمال . الله عز وجل لم يتدخل في هذا الصراع ولكن ترك الإنسانية بمفردها أن تقوم بذلك لأنها وصلت إلى سن الرشد ، فكانت النتيجة أن خسرت الإنسانية في صراعها مع روح السوء خسارة فادحة والدليل على ذلك هو ولادة ظاهرة ( الطفل المجرم) . فما حدث هو رسالة إلهية للبشرية بأكملها ، وهذه الرسالة تقول أن روح السوء ليست عدو بسيط ولكنها روح معقدة جدا استطاعت طرد الإنسان من الجنة ، لهذا يجب على الإنسان إذا أراد أن يكون مؤمنا حقا بالله أن يتحلى بروح المحبة والمسامحة والتعاون مع جميع شعوب العالم ، وأن ينظر إلى أعدائه بعين الرحمة فهولاء قد خُدعوا كما خُدع هو نفسه بأشياء كثيرة ، وأن الإنسان الكامل هو الذي يُطبق مبدأ الآية القرآنية (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إ ِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) والذي تكلمت عنه الرواية ( كوفاديس) .
لهذا الحكمة الإلهية وضعت الآية (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) في سورة تحمل عنوان المدثر، فهذه السورة في فترة الحضارة الإسلام كان معناها أن المدثر هنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الآن في العصر الحديث يتجدد معنى هذه السورة ، فمعنى كلمة (مدثر) يتطور ويصبح معناه جميع سكان العالم ، فكلمة مدثر ومتدثر مصدرها فعل تَدَثَّرَ وتعني تَغَطَّى ، تَلَفَّفَ ، الدِّثارُ :الغطاءُ . واليوم بسبب وباء كورونا نجد معظم الناس قد أجبروا على تغطية وجههم بالكمامات . ولكن أيضا هناك حكمة إلهية أخرى في اختيار كلمة (مدثر) حيث كلمة (الدَّثْرُ) تعني (الكثير من كلِّ شيءٍ) ، وهذا المعنى ينطبق على الإنسانية في سن الرشد حيث وصلت العلوم فيها إلى مرحلة متطورة جدا ، فالإنسان عندما يصل إلى سن الرشد يكون قد حصل على معارف كثيرة من جميع النواحي تهذيب سلوكه ولهذا تسمى هذه المرحلة سن الرشد . وإذا تمعنا جيدا في معاني آيات سورة المدثر سنجدها وكأنها لا علاقة لها بفترة البعثة النبوية ولكن لها علاقة بحالة عصرنا الحديث وكأنها تصف الإنحطاط الروحي الذي وصلت إليه الإنسانية اليوم ، فرغم انها تجاوزت السن الثامنة عشر ولكن سلوكها رغم ذلك قد عاد إلى الوراء آلاف السنين ، والآية التي تأتي مباشرة بعد آية (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) تؤكد على صحة هذه الفكرة فالآية تذكر (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ ) ، فالذي حصل أنه مع ظهور وباء كورونا راح بعض علماء المسلمين يدعون أن الفيروس هو جند الله . فهذه الآية تبين لنا أن الله وحده يعلم من هم جنوده ، وأن عنوان السورة مقصود بها أنها تعني جميع البشر .
الحكمة الإلهية في وضع سورة القيامة بعد سورة المدثر فيها أيضا معنى آخر ، وهو أن جميع التطورات الروحية والمادية في التكوين الجسدي والفكري للإنسانية قد حصل بمساعدة إلهية ، وبدون هذه المساعدة لكان الإنسان لا شيء. لذلك عندما بدأ التطور التكنولوجي يصل إلى مستوى عال جدا وظن بعض العلماء أنه لم يعد حاجة لهم لله ، ترك الله عز وجل العلماء أن يُظهروا مقدراتهم لحل المشاكل التي تعاني منها الإنسانية ، فكانت النتيجة أن وصل وضع الإنسانية إلى أسفل السافلين . فقط أن ينظر العرب إلى وضع الأمة العربية كما هي عليه الآن وكيف تحولت هذه الأمة إلى عائلة الإخوة الأعداء ورغم أن معظمهم مسلمين ولكن حقدهم على بعضهم البعض جعل سلوكهم فيما بينهم أفظع من وحشية الحكومة الإسرائيلة ضد الشعب الفلسطيني .
إن وضع سورة القيامة بعد سورة المدثر ( والتي ترمز لظهور وباء كورونا) ، لها معنى أن روح السوء جعلت مشاكل الإنسانية اليوم أكبر من المقدرات العقلية للإنسان لحل هذه المشاكل ، فسورة القيامة تعني أيضا أنه آن الآوان لظهور المسيح ( المهدي) ، الذي سيرسله الله كمساعدة إلهية للإنسانية ليواجه روح السوء لتُحل مشاكل الإنسانية . لهذا في هذا الزمن أنا أتصرف كما هو محدد في تعاليم الحديث الشريف (إنه سيأتي على الناس زمان تمات فيه الصلوات وتشرف فيه البنيان ويكثر فيه الحلف والتلاعن ويفشو فيه الرشا والزنا وتباع الآخرة بالدنيا، فإذا رأيت ذلك فالنجاء النجاء. قيل: وكيف النجاء؟ قال: كن حلسا من أحلاس بيتك، وكف لسانك ويدك.) . لهذا أحاول ألا أشارك في أي فتنة ولا أقف مع أي فرقة ولا أشتم أي فرقة ، فجميع الأطراف المتنازعة لديهم أطفال أبرياء مما يفعله كبارهم . ومن أجل هؤلاء الأطفال أحاول فقط أن انشر مقالاتي التي تنمي في الإنسان أركان الإيمان والموجودة في جميع الديانات ( الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح مع جميع الناس) واترك الأمور لرب العالمين . والله أعلم.
ز . سانا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق