الأربعاء، 16 سبتمبر 2020

الخاطرة ٢٥١ : الحكمة الإلهية في لغز سلوك فيروس كورونا ( الجزء ٢)

 خواطر من الكون المجاور

الخاطرة ٢٥١ : الحكمة الإلهية في لغز سلوك فيروس كورونا ( الجزء ٢)
في الجزء الأول الماضي تكلمنا عن الرؤية المادية لسلوك فيروس كورونا وقلنا أن مبدأ عمل فيروس كورونا هو مبدأ (الإستعمار) ، وأنه يستخدم خيرات خلايا الجسم الذي يدخله ليصنع نفسه ليتكاثر وينتشر فيه ، وأنه قد أخذ صفة الوباء فقط في تلك الدول التي كانت هي أيضا تتصف بصفة دولة إستعمارية ، أما في الدول التي شعوبها فقيرة فكان سلوكه مشابه لنزلة برد .
في الجزء الثاني سنبحث في نفس الموضوع ولكن برؤية روحية لندمجها مع الرؤية المادية لنحصل على رؤية شاملة تفسر لنا الحكمة الإلهية في معنى ظهور فيروس كورونا وطبيعة سلوكه كعلامة إلهية موجهة للإنسانية بأكملها .(كون هذا الموضوع طويل جدا ، لهذا فضلت أن أنشر اليوم القسم الأول منه وأترك القسم الثاني للأسبوع القادم إن شاء الله).
من يتمعن جيدا في آراء علماء الدين مسلمين وغير مسلمين عن وباء كورونا بعد انتشاره عالميا سيشعر أن آرئهم تبحث في هذا الموضوع وكأن إنتشار هذا الوباء يحدث بطريقة عشوائية لا معنى فيها ، لهذا نجدهم اليوم يفسرون ظهور هذا الوباء بأنه قدر إلهي وعلى المؤمنين أن يسلموا أمرهم لله لهذه المحنة التي تمر بها الإنسانية وأن تزيدهم تقربا إليه ، ولكن مثل هذه التفسيرات السطحية ستجعل الإنسان يعتقد أن الله عز وجل يتصرف بطريقة عشوائية ، أو بطريقة لا يعلمها إلا الله . وهنا تقع مشكلة تفسيرات هؤلاء العلماء ، لأن هذا التفسير يجعل من ظهور الوباء وكأن هدفه هو فقط تخويف الناس ليذكرهم الله بأنه موجود ويستطيع تدمير من يشاء ، ولكن هذا النوع من التفسير سيجعل معنى هذا الهدف من ظهور وباء كورونا معناً فقير أو بسيط جدا لا يليق بعظمة حكمة رب العالمين ، فالأمر ليس بهذه البساطة ولكن له معنى أرقى من ذلك بكثير فالله عز وجل في الكثير من آيات القرآن يطلب من المؤمنين في التفكير لم حصل ولما يحصل حولهم (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، فلا شيء يحصل بالصدفة سواء كان هذا الحدث يخص شخص معين أو يخص شعب معين أو يخص الإنسانية بأكملها ، وإنما حدوث كل حدث هو نتيجة لسلوك معين أخذ يتبعه هذا الشخص أو هذا الشعب أو الإنسانية بأكملها . فاختيار سلوك معين هو في الحقيقة تعبير روحي عن التكوين الروحي لصاحب هذا السلوك سواء كان فردا أو شعبا أو كانت الإنسانية بأكملها ، فالذي يحدث عند خروج هذا السلوك عن الطريق الذي وضعه الله عز وجل في التطور الروحي للإنسان أو الشعب أو الإنسانية، عندها يحدث نوع من التدخل الإلهي ليوقف هذا المسار لتعود الأمور إلى وضعها الصحيح ، فكل حدث له معنى روحي يوضح لنا مكان الخطأ الذي يرتكبه الفرد أو الشعب أو الإنسانية ، وإن عدم التفكير فيه ودراسته لفهم نوع هذا الخطأ من أجل إصلاحه سيجعل هذا الحدث حدث عشوائي ليس له أي معنى ، مما سيؤدي إلى الإستمرار في إرتكاب نفس الخطأ وهذا للأسف ما يحصل في عصرنا الحاضر بسبب الإنحطاط الروحي الذي يعاني منه علماء الدين والفلاسفة والفنانين وعلماء بقية العلوم كافة .
فبسبب هذا الإنحطاط الروحي أصبح مفهوم التدخل الإلهي عند العلماء فيه الكثير من التشويه والسبب أن كل عالم يأخذ الأمور كما يطرحه تراثه الديني ، ولكن فهم الأمور لا يمكن أن يحدث عن طريق معلومات من ديانة واحدة ، فالأحداث وخاصة تلك التي تخص الإنسانية بأكملها لها أسباب معقدة جدا وتحتاج رؤية شاملة عالمية ، والدين الإسلامي ( آخر ديانة سماوية) يؤكد على هذه الحقيقة فالحديث الشريف يذكر ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) . الآيات القرآنية ذات معلومات شاملة ، ولكن حتى نرى ونستوعب معانيها الشاملة يجب أن نعلم ما هو موجود في الديانات الأخرى ليظهر المعنى الكامل للآيات القرآنية وبدون معلومات الأديان الأخرى سيكون فهم علماء الدين الإسلامي لآيات القرآن فهم ناقص وهذا ماسيسمح للعلماء بإضافة أشياء من فكرهم الخاص مما سيؤدي تفسيرهم لها إلى إبتعاد معنى الآيات عن معناها الحقيقي ، ولهذا في جميع مقالاتي في مناقشة حدث وخاصة حدث عالمي دوما أذكر تلك المعلومات الموجودة في نصوص الأديان الأخرى لتأخذ معلومات الآيات القرآنية معناها الشامل فيجعل هذه المعلومات تخص الإنسانية بأكملها وليس فقط شعب معين أو أمة معينة كما يحصل مع تفسيرات مختلف علماء الديانات حيث كل عالم ينظر إلى الفكرة وكأنها تخص جماعة مذهبه أو دينه فقط مما أدى إلى جعل الأبحاث الدينية تعتمد مبدأ الدين للدين وليس لخدمة الإنسانية بأكملها . وفي الوقت نفسه الرؤية الشاملة تجعل كل ما يحدث داخل هذا الكون من أصغر أمورها إلى أكبرها لها علاقة مباشرة بتطور الإنسانية ماديا وروحيا ، بحيث يظهر تماما أن جميع التطورات التي حدثت داخل الكون منذ بدايته وحتى اليوم هي أحداث تنتمي لرواية واحدة وأن الذي خلق الكون وخلق الحياة وخلق الشعوب هو إله واحد ، وليس آلهة مختلفة كما يحصل في تفسيرات علماء الديانات.
قبل أن نتكلم عن السلوك الروحي لفيروس كورونا سنذكر الوضع الروحي للإنسانية من خلال تلك الآراء التي سُمعت وكُتبت في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي عالميا . ففيروس كورونا الذي لا يرى بالعين المجردة بسبب صغر حجمه ، كشف لنا كم ثقافة علماء عصرنا الحديث عاجزة عن فهم حقيقة ما يحدث حولنا ، وأنا هنا لا أقصد مستوى معارف الأطباء أو علماء الأوبئة ، فمعظم هولاء يقومون اليوم بواجبهم بواجبهم الإنساني كأطباء على أكمل وجه ، ولكن أقصد أولئك الذين إختصاصاتهم تتعلق بتأمين الحاجات الروحية للإنسانية ، وخاصة علماء الدين والفلاسفة والفنانين . فإذا تمعنا في أهم الإجراءات الوقائية التي فرضتها منظمة الصحة العالمية للسيطرة على إنتشار الفيروس هو تطبيق قانون ( التباعد الإجتماعي) ، ورغم أن جميع رجال الدين في مختلف الأديان إنزعجوا كثيرا من هذا الإجراء الذي فرض عليهم إغلاق دور العبادة ، ولكنهم رأوا أنه ضروري ويجب إتباعه لحماية الصحة العامة للمجتمع ، ولكن المشكلة أنهم نظروا إلى هذا الإجراء برؤية سطحية وكأنه أمر صحي فقط يتعلق بصحة جسم الإنسان ، والأمر بالنسبة لهم توقف هنا ولم يحاولوا أن يفهموا الأسباب الروحية التي أدت إلى ظهور هذا الفيروس الذي أجبر الناس على أن يتبعوا سلوكا معينا رغما عنهم . ففي الواقع فإن إجراء ( التباعد الإجتماعي ) الذي فرضته الظروف الصحية ، له معنى رمزي يكشف لنا مدى الإنحطاط الروحي الذي تعاني منه جميع المجتمعات الإنسانية في عصرنا الحاضر. فظاهرة ( التباعد الإجتماعي ) هي ظاهرة رمزية لها معنى أن الفلاسفة وعلماء الدين في عصرنا الحديث لا يقومون بدورهم بالشكل الصحيح وأن جميع آرائهم وأبحاثهم لا معنى لها ولا فائدة ، فبدلا من أن تلعب أبحاثهم وآراءهم دورا في تهذيب النفوس وتنمية المحبة والسلام لتساعد في تقارب الأفراد والشعوب والأمم من بعضها البعض كما تذكر الآية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) نجد أنه في العصر الحديث قد حدث العكس تماما ، فرغم أن علماء العلوم المادية قد استطاعوا تقوية وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق اختراع الطائرات والهواتف الخلوية والإنترنت وغيرها فأصبحت الكرة الأرضية وكأنها مدينة واحدة يستطيع الإنسان أن ينتقل خلال ساعات قليلة من طرف إلى آخر ، وأن يرى ويتحدث شخص مع شخص يبعد عنه آلاف الكيلومترات بواسطة الإنترنت في نفس اللحظة ، ولكن ومع ذلك أتى فيروس كورونا ليمنع الناس من الإلتقاء مع بعضهم البعض في نفس الحي او نفس المدينة بشكل مباشر ، وكذلك أغلقت الحدود بين الدول ليمنع إنتقال الناس من مكان إلى آخر أو من بلد إلى آخر وكأن القوة التي تسيطر على العالم بأكمله أصبحت هي روح السوء التي تحاول أن تمزق الروابط الإنسانية، والتي وصفها الله في الآية ٣٤ من سورة سبأ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ). إن وصول روح السوء إلى هذا المستوى الذي مزق الروابط بين الناس ليمنع إلتقاء حتى أفراد العائلة الواحدة مع بعضهم البعض هي مسؤولية علماء الدين والفلاسفة . عدا عن هذا فأيضا إغلاق المدارس يعني وكأن هذا الفيروس يريد منع الطلاب لمتابعة تعاليمهم ، فلو حصل هذا الأمر قبل ربع قرن لكان جميع الطلاب قد خسروا عاما دراسيا من حياتهم ، ولكن وجود الإنترنت هو الذي ساعدهم من متابعة التعليم من البيوت . فهنا لدينا نوعين من القوى : الأولى وهي روح سوء التي تحاول تمزيق الروابط الإنسانية عن طريق قانون التباعد الإجتماعي وكذلك عن طريق منع استمرار التعليم ، والثانية روح خير التي وجدت وسيلة لحدوث هذا التقارب والتعليم بطريقة غير مباشرة عن طريق الإنترنت .
اليوم جميع علماء الدين محتارين لا يستطيعون تبرير ما يحصل فالأمر أصبح يتبع تلك الإجراءات التي تضعها منظمة الصحة العالمية وكأن الوضع قد حول دور العبادة إلى أماكن ليس لها أي فائدة ؟ في عيد الفصح مثلا كانت جميع الكنائس مغلقة ، النور المقدس مثلا الذي كان يتم توزيعه في ليلة السبت الكبير من كل عام ليذهب هذا النور إلى كل بيت مسيحي أورثوذكسي ليُبارك البيت وأصحابه في أول يوم من عيد الفصح ، هذا العام وبسبب الوباء ، النور المقدس لم يتم توزيعه فلم يدخل أي بيت . الآن أيضا شهر رمضان عند المسلمين وممنوع على أي مسلم الذهاب إلى المساجد للصلاة ، لأن جميع المساجد مغلقة . الشيء ذاته يحصل في جميع دور العبادة عند بقية الديانات . للأسف فيروس كورونا استطاع أن يجعل دور العبادة هذه وكأنها ممنوع دخولها .
هناك أسئلة هامة تقلق النفس البشرية ويجب أن يُجاب عليها ليعلم الناس حقيقة هذا الوضع و لتهدأ أرواحهم و ليعلموا كيف يستطيعوا مواجهة هذا الوضع نفسيا لترتفع معنوياتهم ، فأهم سلاح يرفع من مناعة جسم الإنسان ضد الفيروس هو الهدوء النفسي وعدم الخوف والقلق والتوتر النفسي . من هذه الأسئلة التي يُخطئ علماء الدين في الإجابة عليها هي مثلا : من أرسل هذا الفيروس ؟ هل هذا الفيروس هو جند من جنود الله عز وجل كما يقول بعض علماء الدين ؟ فإذا كان كذلك هل من المعقول أن يمنع الله الناس من دخول دور عبادته ؟ .... فيروس كورونا أحدث إنهيار إقتصادي في معظم دول العالم وكان أكثر الناس المتضررين فعلا هم الفقراء لأنهم توقفوا كليا أو جزئيا عن عملهم وليس لديهم دخلا آخر ليعينوا به عائلاتهم ، هل من المعقول أن يزيد الله مآسي الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة ؟ ..... أم أن الفيروس هو جند من جنود روح السوء ليمنع الناس من دخول بيوت الله لعبادته وليدمر إقتصاد الشعوب والأفراد وخاصة الفقراء ؟ فإذا كان كذلك ، أين الله ولماذا لا يتدخل لينقذ المظلومين ؟
حتى نفهم من أرسل هذا الفيروس وجند من هو وما هي تلك القوى التي تتحكم بسلوكه وأماكن إنتشاره ، لا بد أن نشرح التطور الروحي منذ ولادة الكون وحتى الآن ، وهذا الموضوع كتبنا عنه مقالات عديدة وبنوع من التفصيل ، فمن لم يكن يتابع مقالاتي الماضية وخاصة سلسلة ابن رشد الفيلسوف المظلوم فقد لا يستوعب شيئا مما سأذكره من معلومات بعد قليل ، أما الذي يتابع مقالاتي لفترة طويلة سيشعر أن معلومات مقالات سلسلة ابن رشد كانت في الحقيقة معلومات تمهيدية تساعد في فهم لغز سلوك فيروس كورونا وأن توقفي عن الكتابة منذ بداية انتشار وباء كورونا لم يكن صدفة لأن تفسير لغز مبادئ سلوك هذا الفيروس جميعها مذكورة في هذه السلسلة ، فرغم أن توقفي عن الكتابة لم يكن مقصودا ولكن بسبب بعض الظروف ، ولكن النتيجة كانت أن اتوقف عن الكتابة لأن كل ما وجب كتابته مذكور هناك . واليوم وبعد مرور اربعة أشهر على انتشار فيروس كورونا وعندما أصبحت أحداثه واضحة ولا يمكن الشك بحدوثها ، الآن أستطيع أن أكتب موضوعي مستندا على وقائع حقيقية وليس عن تنبؤات قد تحصل أو قد لا تحصل .
حتى نجيب على الأسئلة التي طرحناها ، سأحاول أن أعيد شرح وبشكل مختصر جدا موضوع مبادئ التطور الروحي الكوني :
الشيطان أغوى حواء فقامت بدورها بإقناع آدم بارتكاب الخطيئة ، هذه الخطيئة أدت إلى تشويه التكوين الإنساني ، وبسبب هذه الخطيئة أصبح تكوين الإنسان غير ملائم في العيش في الجنة ، فتم طرده منها ليقوم بتصحيح هذا التشويه ليصبح ملائما للعودة إلى الجنة ثانية . مع طرد الإنسان والشيطان من الجنة ولد هذا الكون الذي يعتبر بمثابة المنفى لهما، ومع خروجهم من الجنة اختفى الجسد كمادة وبقيت الروح فقط ، وعندها ظهرت نوعين من القوى : قوى روح الخير العالمية التي تحاول صنع جسدها المادي الذي يعبر عنها . والقوى الثانية وهي قوى روح السوء العالمية التي تحاول منع روح الخير من بناء نفسها ، كما تقول الآية ٢٤ من سورة الأعراف (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ) . في البداية كان الكون خالِ من المادة وكان على شكل ثقب أسود صغير ، ولكن روح الخير العالمية استطاعت تشكيل المادة لأول ومرة فحدثت ظاهرة الإنفجار الكبير المعروفة في علم الفلك وعندها بدأت عملية خلق الذرات ، ثم تشكلت النجوم والمجرات التي كانت بمثابة مصانع لتخليق ذرات جميع العناصر الكيميائية المطلوبة لتشكيل جسد الإنسان والبيئة المحيطة به اللازمة لمتابعة حياته وتطوره في المستقبل . بعد ذلك ولدت المجموعة الشمسية ، وتكونت الأرض التي سيعيش عليها الإنسان ، فولدت الحياة على شكل وحيدات خلية بسيطة ، وبدأت عملية تشكيل وحيدات الخلايا التي سيتكون منها بناء جسم الإنسان في المستقبل ، وكان اتجاه تطور كل خلية أن تستطيع بناء نفسها حتى تصل لأفضل صورة لها ومن ثم عن طريق التكاثر بالإنشطار ساعدت في تشكيل عدد هائل منها يحمل نفس شكلها ، ومن ثم وبسبب اختلاف ظروف البيئة المحيطة التي خلقتها روح الخير العالمية دفعت هذه الوحيدات الخلايا أن تأخذ أشكال متنوعة بحيث كل نوع من الخلايا يصبح في المستقبل له وظيفة معينة تساعد في القيام بدور معين في أحد أجهزة جسد الإنسان كخلايا الدماغ وخلايا المعدة وخلايا الرئة وغيرها ، ولكن بسبب كون هذه الأجهزة كذلك لا تتألف من نوع واحد من الخلايا بل من عدة أنواع من الخلايا ، ظهر نوع آخر من التكاثر وهو التكاثر الجنسي والذي سمح لظهور علاقة الإرتباط بين نوعين من الخلايا ، ظهور هذه العلاقة أدى إلى تكوين مبدأ الإتحاد بين الخلايا مع بعضها البعض لتعيش وكأنها كائن واحد والذي ادى بدوره إلى إتحاد وحيدات الخلايا مع بعضها البعض فظهرت كائنات عديدة الخلايا بأنواع مختلفة . ومن هذه الكائنات أيضا بدأت تظهر كائنات مذكرة وكائنات مؤنثة ، لتساعد على عملية التطور نحو الأفضل وفي نفس الوقت لتسمح بظهور أنواع مختلفة تعبر عن الجهاز الذي ستصنعه في المستقبل ، فالإسفنجيات مثلا التي تعتمد على عنصر الكالسيوم في تكوينها في المستقبل ستشكل الجهاز العظمي ، والديدان التي يعتمد تكوينها على الشكل الأسطواني اللحمي ستشكل الأمعاء ، والميدوسا ( قناديل البحر ) التي تعتمد على تشكيل مادة هلامية شفافة تسمح بمرور أشعة الضوء ستشكل جزء من العين ... وهكذا لبقية الأجهزة . طبعا الأمر ليس بهذه البساطة فكل جهاز له تركيب معقد جدا لهذا حدثت تطورات عديدة جدا لتصل إلى شكلها المطلوب . بعد تكوين الكائنات الحية التي ستشارك في تكوين أجهزة جسد الإنسان ، بدأ تطور الحياة يأخذ جانب آخر وهي تكوين أجهزة التعبير الروحي في الإنسان سواء في الشكل العام أو في طريقة التواصل بين الأفراد ، فظهرت النباتات المنتصبة التي تنمو نحو الأعلى باتجاه أشعة الشمس ، والتي ستجعل الإنسان في نموه ينتصب واقفا على قدميه ، وظهر الببغاء الذي له المقدرة على تقليد الأصوات بشكل دقيق ليكتسبها الإنسانية في طفولته ليتعلم الكلام . وظهرت طيور الكناري ليتعلم النطق بنغمة مريحة للأذن أو ليتعلم الغناء والموسيقى ، وظهر القرد الذي سيقوم بتكوين شكل جسم الإنسان ، وظهرت اليمامة التي ستقوم بتكوين علاقة مودة وإخلاص في الحياة الزوجية لتكون مبدأ هام في التكوين الروحي للمرأة والرجل كي لا تحصل نفس الخطيئة التي حصلت في الجنة ..... بعد هذه التطورات المعقدة وعندما ظهرت جميع الصفات الروحية والمادية التي ستشكل الإنسان الكامل ووصلت إلى شكلها المثالي عندها ظهر الإنسان على سطح الأرض ، وشاءت الحكمة الإلهية أن تجمع الصفات المادية في الشعوب الغربية وأن تجمع الصفات الروحية في الشعوب الشرقية ، ولهذا نجد اليوم أن العلوم المادية تطورت ووصلت إلى أرقى حال بفضل الشعوب الغربية ، أما الديانات فنجد أن جميعها مصدرها من الشعوب الشرقية ، فكانت الحكمة الإلهية في تطور البشرية أن تصل الإنسانية إلى مرحلة سن الرشد بحيث يعم السلام بين البشر ويحدث فيها نوع من التعاون بين شعوب الطرفين الشرقي والغربي وكأن أفرادها ينتمون لعائلة واحدة لتصل الإنسانية إلى شكل وسلوك مشابه لشكل وسلوك الإنسان الكامل كما تقول الآية ( لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ).
جميع هذه التطورات الإيجابية حدثت تحت سيطرة روح الخير العالمية ، أما روح السوء العالمية فكونها غير قادرة على صنع أي شيء من نفسها ، فكان دورها في هذا التطور هو أن تستغل ما صنعته روح الخير العالمية لتقوم بتشويه التكوين الجسدي والروحي في الكائنات الجديدة لتمنع استمرار التطور من الوصول إلى ولادة الإنسان وكذلك منع وصلوله إلى الكمال ، فكان دورها في بداية ظهور الحياة هو تحويل بعض وحيدات الخلية إلى وحيدات خلايا تلتهم وحيدات الخلايا الأخرى لتصنع نفسها ، ثم ظهرت كائنات عديدة الخلايا التي تقتل وتتغذى على الكائنات الأخرى ، وبسبب وجود روح السوء العالمية التي تحاول منع التطور نحو الكمال ، ظهرت من روح الخير العالمية، كائنات حية تستخدم نفس مبدأ روح السوء العالمية لتواجهها وتمنعها من تأدية عملها في تشويه الكائنات الحية ، أحد أشكال رمز هذه الروح التي أخذت هذا الدور هو روح الأسد العالمية . فمن نفس النوع الذي تطور ليعطي في النهاية رمز الأسد ، حصلت فيه تشوهات بسبب تدخل روح السوء العالمية فنتج عنه أنواع أخرى تعبر عن هذه الروح وهو الذئب والكلب والثعلب وغيره من فصيلة الكلبيات، الكلب كونه أشهر هذه الأنواع أصبح رمزا لروح السوء العالمية ، ولهذا يعتبر الكلب في معظم الأديان العالمية روح نجسة ، ولهذا أيضا أسمه في اللغة الانجليزية يتألف من نفس أحرف كلمة الإله ولكن بشكل معاكس (GOD ,DOG) ليكون كرمز للتناقض بين دور روح الخير ودور روح السوء .
وبما أن حواء هي التي بدأت الخطيئة في الجنة ، أصبحت عليها المسؤولية الكاملة في تصحيح هذا الخطأ ولهذا الآية القرآنية ٣٧ من سورة البقرة لا تذكر اسم حواء في التوبة ( فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ، فأصبح أسم روح الخير العالمية كرمز ( الروح الإنثوية) لأن دورها في تنظيف الروح البشرية من الشوائب سيستمر حتى يوم القيامة . ولهذا نتج من تطور الحياة نوعين من الكائنات الحية : النباتية والحيوانية ، حيث أخذت المملكة النباتية رمز روح الخير العالمية ( الروح الأنثوية) كونها في بناء نفسها وتكاثرها لا تؤذي احد لأنها لا تعتمد على الطاقة الموجودة في الكائنات الحية الأخرى ولكن على أشعة الشمس والعناصر الكيميائية الموجودة في الهواء والتربة ، بينما الروح الحيوانية والتي تستخدم في بناء نفسها وتكاثرها على الكائنات الحية الأخرى ، فتنقسم إلى قسمين : روح الأسد وهي روح الخير الذكرية ، وروح الكلب وهي روح السوء الذكرية .
الحكمة الإلهية أعطت وصف شامل لروح السوء العالمية، فنجد أن روح السوء في الديانة المسيحية رمزها هو الرقم (666) هذا الرمز هو رمز الإنسان الحشري (من كلمة حشرة)الذي يعيش من أجل تأمين حاجاته المادية فقط ، فأثناء تطور الحياة بعد تكوين الأجهزة المسؤولة عن تكوين الجسم ظهر نوعين من التطور : النوع الاول سار بطريق خاطئ فكان هدفه تأمين حاجات الجسم فقط وكانت نتيجته في النهاية ظهور الحشرات ، والنوع الثاني كان هدفه تأمين الحاجات المادية والحاجات الروحية فكانت نتيجته ظهور شعبة الفقاريات والتي ستعطي أنواع عديدة ستكون مسؤولة عن تأمين الحاجات المادية والروحية معا والتي ستجتمع في كائن واحد وهو الإنسان . فرمز (666) المذكور في الديانة المسيحية يعبر عن ذلك الإنسان الذي تكوينه الروحي جعل جميع نشاطاته واهتماماته تتوجه فقط نحو تحقيق حاجاته المادية وشهوات الجسد ، وهذا المبدأ في السلوك سيجعله يعتدي على الآخرين ويسلب خيراتها ليرضي روحه . لذلك الحكمة الإلهية أعطت روح السوء (666) رمزا آخر في الدين الإسلامي وهو ( أعور الدجال) لأنه يرى حاجاته المادية فقط ولا يرى التعبير الروحي في الأشياء حتى يستطيع تنمية نفسه روحيا .
بعد هذا الشرح السريع عن تطور التكوين الروحي للحياة ، نستطيع الآن تحديد من أرسل فيروس كورونا ليتحول إلى وباء يقتل الناس ويدمر إقتصادها ويفرض عليها التباعد الإجتماعي ويغلق المساجد والكنائس ودور العبادة ، فهذا الفيروس لم يخلقه الله كما يعتقد معظم علماء الدين ، الكائنات النجسة لم يخلقها الله نجسة ولكنها تحولت إلى نجسة بسبب عمليات التشويه التي حدثت في تطور الحياة بسبب تدخل روح السوء ، فالكافر لم يخلقه الله كافر ولكنه أصبح كافرا لأنه إتبع تعاليم روح السوء . لهذا نستطيع أن نقول أن فيروس كورونا هو جند روح السوء العالمية التي أرسلته لتمنع الإنسانية من التطور نحو الكمال ، فظهوره في هذه الفترة كان نتيجة لهذا الإنحطاط الروحي الذي أصاب علماء العصر الحديث بأكملهم ، بمعنى آخر أن سلوك كبار مفكري العصر الحديث ( علماء دين وفلاسفة وعلم نفس وعلم إجتماع وفنانين وغيرهم) الذين آرائهم وسلوكهم أصبحت تتعارض مع تعاليم روح الخير العالمية ، هي التي قادت المجتمعات الإنسانية لتصل إلى هذا المستوى من الإنحطاط الروحي الذي سمح لروح السوء العالمية أن تتدخل لتسمح لهذا الفيروس بالظهور والنشاط ليحدث وباء عالمي يحاول تدمير البشرية . ولكن دور روح الخير العالمية هنا ، أنها لم تسمح لهذا الفيروس أن يمارس نشاطه بشكل عشوائي بلا معنى ، فكان دور روح الخير العالمية أن تجعل نشاطه يحدث في عام محدد وهو عام (٢٠٢٠) الذي كرمز رقمي يعبر عن روح أعور الدجال وقد شرحنا هذا الموضهوع في ( الخاطرة ٣٤٩ : الرمز الروحي لفيروس كورونا وعلاقته بالكرنفال ) ، وكذلك لم تسمح له أن يأخذ شكل عشوائي ولكن شكل يدفع علماء الأوبئة إلى تسميته عالميا بفيروس كورونا ، وجعلته أيضا يُعبر عن نفسه وذلك بتحقيقه أكبر عدد من الإصابات والوفيات في الدول التي لها صفة إستعمارية (كما وضحنا ذلك في المقالة الماضية) . فروح السوء العالمية صنعت هذا الفيروس ، ولكن روح الخير العالمية هي التي وضعته تحت مسار معين يساعدنا في فهم نوعية أخطاء علماء العصر الحديث .
في المقالة القادمة إن شاء الله، سنشرح الحكمة الإلهية في تسمية الفيروس بفيروس كورونا، وسنشرح الحكمة الإلهية التي جعلت هذا الفيروس يظهر في الصين بالتحديد وليس في دولة أخرى ، وكذلك سنشرح لماذا أصبحت إيطاليا بالتحديد بؤرة لنشر الفيروس في أوروبا ، ولماذا أيضا أصبحت إيران بالتحديد بؤرة لنشره في الشرق الاوسط . لنحصل من هذا الشرح على صورة شاملة عن هذا الموضوع بحيث تساعدنا في فهم الحكمة الإلهية في لغز ظهور هذا الفيروس وطبيعة سلوكه وإنتشاره .
ز . سانا
ربما تحتوي الصورة على: ‏نص مفاده '‏‎666 ㅋ 666 ㅋ‎‏'‏


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق