الاثنين، 26 أكتوبر 2020

الخاطرة ٢٦٩ : النبي يوسف وعلاقته بهاروت وماروت الجزء ٣

 خواطر من الكون المجاور 


الخاطرة ٢٦٩ : النبي يوسف وعلاقته بهاروت وماروت الجزء ٣

قد يعتقد البعض أن الفقرات التي أذكرها في مقالة اليوم هي خارج موضوع عنوان المقالة ، ولكن في الحقيقة الفقرات المذكورة هنا هي عبارة عن محاولة في تبسيط مفهوم العلاقة بين النبي يوسف عليه الصلاة والسلام ومعاني رموز هاروت وماروت . فبدون فهم حقيقة النبي يوسف لا يمكن فهم هذه الرموز .

في المقالة الماضية ذكرنا بعض المعلومات الغريبة عن المألوف ، وهذا ربما دفع العديد من القراء إلى الشك بصحتها أو استنكارها نهائيا . فكان من الطبيعي جدا أن يطلب بعض القراء الدليل على صحة هذه المعلومات . المشكلة هنا أن ظروف العصر الحديث فرضت على الإنسان المعاصر أن يتبع أحد النوعين من القاعدة الثقافية : القاعدة الأولى تعتمد على المبدأ المذكور في القرآن الكريم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠) البقرة} . أما القاعدة الثقافية الثانية فتعتمد على مبدأ (أنا أصدق العلم ) . القاعدة الأولى ساهمت في بقاء المجتمعات المتدينة في حالة تخلف مادي وروحي ، أما القاعدة الثقافية الثانية فساهمت في توجه المجتمع إلى الإلحاد والإنحلال الأخلاقي . لهذا فبدلا من أن تساهم هذه القاعدة في تقدم المجتمعات المتدينة ، حصل العكس تماما ، حيث زاد تشبثهم بالقاعدة الثقافية الثانية . فرغم أن بعضهم شعروا بوجود أزمة فكرية في مجتمعهم ولكن إيمان وخوفهم من أن تلعب هذه المعارف الجديدة في تشويه دينهم جعلهم يقفون حياديين منها .

في المقالة الماضية ذكرت أن قصة أهل الكهف هي حادثة رمزية تتعلق بحياة يوسف ، وأن هذه القصة كما يذكرها العلماء المسلمين هي قصة غير حقيقية . ودليلي على ذلك هو سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نزول هذه السورة . فسبب نزول هذه السورة بشكل مختصر أن جماعة من المشركين أرادوا أن يمتحنوا الرسول فسألوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول قد كانت لهم قصة عجب . فوعدهم رسول الله أن يجيب على سؤالهم في اليوم التالي ، ولكنه تأخر عليهم خمسة عشر يوما . فسلوك رسول الله هنا له معنى بأن هذه القصة ليست بسيطة كما هي في تفسير علماء الدين فهذا تفسير يناسب مستوى معارف في ذلك الزمن حيث أنها تثير العواطف وتقوي الإيمان بالله . أما اليوم وقد حققت العلوم قفزات شاسعة ، فالأمر مختلف فهذه القصة اليوم تبدو قصة فقيرة بالمعاني ، وإذا قبلناها كما هي سنقع في الكثير من المتناقضات . فعلماء الميثولوجيا (أساطير الشعوب) وجدوا أن هذه القصة مشهورة عالميا فهي موجودة بطريقة مشابهة في أساطير العديد من الشعوب وبقرون عديدة قبل ظهور المسيحية ، حيث كل شعب ينسب هذه القصة لنفسه . فالفيلسوف اليوناني  أرسطو الذي عاش في القرن الرابع قبل المسيح ذكرها في كتابه الجزء الرابع (الفيزياء)  حيث يقول في كتابه أن هذه الأسطورة كانت منتشرة إنتشار كبير بين الوثنيين اليونانيين ، ولهذا يوجد أماكن عديدة لذلك الكهف في مناطق بعيدة عن بعضها البعض ، حيث كل منطقة يدعي سكانها  أن كهفها هو الكهف المذكور في الأسطورة ، فلو كانت هذه الأسطورة حقيقية وتخص فقط الفتية المسيحية فلكانت قصتهم معجزة ربانية ولكان ذلك الكهف قد أصبح من أهم المراكز الدينية للمسيحيين حتى الآن . علماء الميثولوجيا يعتقدون تماما أن المسيحيين أخذوها ونسبوها لأنفسهم ، فهي مذكورة عندهم بنسختين ، نسخة تذكر أن الذي كان مع الفتية هو كلب ، ونسخة أخرى أنه كان ملاكا . فإذا كان المقصود من آيات القرآن عن أصحاب الكهف هو النسخة المسيحية لماذا إذا تم ذكر الكلب وليس الملاك ، فالكلب حيوان نجس ولا يستحق أن يكون مصيره مثل مصير الفتية الصالحين فيستيقظ معهم بعد ٣٠٠ عام . أيضا هناك تناقض آخر وهو أننا إذا قبلنا بصحة هذه الأسطورة هذا يعني أن زمن استيقاظ هذه الفتية كان قبل ولادة رسول الله بعشرات السنين وليس مدة زمنية غير معروفة ، فهذا يعني أن المسيحيين في ذلك الوقت كانوا على الصراط المستقيم (الإيمان بصلب المسيح مثلا) فكيف يتهمهم الإسلام بأنهم حرفوا دينهم وخرجوا عن تعاليم دينهم بهذه الفترة الزمنية القصيرة . هناك أمر آخر وهو كم كان عدد اصحاب الكهف ، فأسم الأسطورة كما سماها أرسطو وكما هي موجودة في النسخ المسيحية ( النيام السبعة) ، بينما في القرآن يذكر ثلاثة أرقام (٣-٥-٧) ، فوجود هذه الأرقام الثلاثة دليل واضح أن مضمون ما هو مذكور في القرآن مختلف تماما عما هو مذكور في الأسطورة . الله اختار كلمة دقيقة جدا في وصف أصحاب الكهف وهي (فتية) وهذه الكلمة مصدرها الحقيقي فعل  (فَتَّ) . ومنها تأتي كلمة مَفْتُوتٌ أي : الشَّيْءُ يَسْقُطُ فَيَتَقَطَّعُ وَيَتَفَتَّتُ ، لهذا سُمي الشاب في مرحلة من العمر بين (١٥- ١٨) فتى ، لان الإنسان في هذه المرحلة يتحول تكوينه إلى كائنين علوي وسفلي ، حيث في مرحلة الطفولة يكون تكوينه من كائن واحد لأن أعضائه الجنسية لا تعمل ، أما في مرحلة البلوغ حيث تبدأ الأعضاء الجنسية في النضج  فعندها يكون تكوينه متشابك بين الكائن السفلي والعلوي ، بعد ذلك يبدأ الإنفصال بين كائنه السفلي وكائنه العلوي وعندها يُسمى فتى . في القرآن تم وضع كلمة (فتية) للتعبير عن شيء واحد تفتت إلى (٣) أجزاء ثم (٥) أجزاء ثم (٧) أجزاء . وكان معهم كلب واحد (١) ، فإذا وضعنا رقمه بجانب الرقم (٧) ، سنحصل على الرقم (١٧) وهو رقم رمزي معاكس لرمز روح الله (١٨) والذي يمثل رقم ترتيب سورة الكهف . وهذا هو أحد معاني قصة أصحاب الكهف ، حيث بهذه الطريقة القرآن الكريم يشرح لنا ما حدث بروح آدم وحواء  بعد طرد الإنسان من الجنة ، فالرقم (١٧) يمثل بطريقة رمزية محتويات الثقب الأسود البدائي قبل إنفجاره الذي أدى إلى ولادة الكون . هناك  رموز أخرى في آيات أصحاب الكهف تعطينا معاني أخرى تشرح لنا التطور الروحي للإنسانية من مرحلة إلى مرحلة الأخرى . إحدى هذه المعاني له علاقة بقصة يوسف ولكنها تحتاج لشرح طويل وسنتكلم عنها بمقالة مستقلة في المستقبل إن شاء الله ، فقط هنا نستطيع أن نعطي إثبات بسيط ، فإذا قارنا بين معاني آيات قصة أصحاب الكهف بمعناها الحرفي وبين رحلة البعث المذكورة في كتاب الموتى الذي كان يؤمن به الشعب المصري القديم ، من حيث وصف شكل جسد أثناء الرقاد ، حركة الشمس ، دور الكلب (أنوبيس) ، سنشعر وكأن آيات القرآن الكريم تصف ما يحدث في هذه الرحلة بشكل مختصر جدا . هناك دليل آخر يوضح لنا المفهوم العام لقصة أصحاب الكهف سنذكره في نهاية المقالة .

الملحدون الذين اتهموا رسول الله بأنه في البداية لم يعرف شيئا عن قصة ( النيام السبعة) لهذا تأخر خمسة عشر يوما ، وأن أقتباسه لهذه القصة كان فيه أخطاء كثيرة ، فآرائهم هذه لا تدل سوى على شدة عمى بصيرتهم فقصص القرآن تحتاج إلى علوم أرقى بكثير من علومهم السطحية لفهمها .   

إن وجود معلومات غريبة عن المألوف في مقالاتي سببه أن أبحاثي تعتمد على المبدأ المذكور في الحديث الشريف (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) والتجديد المقصود هنا هو التجديد في جميع أنواع العلوم وليس فقط في فهم النصوص الدينية ، فالنصوص الدينية هي معارف شاملة تهتم في تحسين جميع نواحي الحياة الروحية والمادية لهذا فإن فهمها يحتاج إلى ثقافة شاملة من جميع أنواع العلوم .  

 أحد انواع هذا التجديد حصل في عصر النهضة الأوروبيه ،  حيث ظهرت حكمة جديدة يتداولها المجتمع الأوروبي كقول مأثور (الشيطان يختبئ في التفاصيل الدقيقة) هذه العبارة سمعتها في اليونان وفي مواقع أوروبيه أخرى مئات المرات ، ولكن بسبب الإنحطاط الروحي فقد تم فهم هذه الحكمة بمعناه السطحي وليس بمعناها الفلسفي . فهذه العبارة هي في الحقيقة نوع من التجديد لمفهوم الحديث الشريف (.....وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة) . وقد شرحنا هذا الحديث في سلسلة مقالات ابن رشد الفيلسوف المظلوم . ولكن هنا سنعرض شرحه بشكل مختصر . فالمقصود بالفرقة الناجية (الجماعة) ، هو الفرقة التي توحد جميع الفرق ، ولهذا كان رقم عدد هذه الفرق هو الرقم (٧٣) وهو القيمة الرقمية لكلمة الله.  فتمزيق الأمة لفرق عديدة متعادية مع بعضها البعض هو بسبب عمل الشيطان الذي يجعل كل فرقة تنظر إلى التفاصيل الدقيقة في جزء معين من الشيء أو الحدث الذي يناسبها وتهمل تفاصيل الأجزاء الأخرى التي تناسب الآخرين ، لتُظهره وكأنه هو الشيء أو الحدث بأكمله . ولهذا يقول الله عز وجل {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٧) سبأ} .

هذه الرؤية التي يستخدمها الإنسان المعاصر هي رؤية مادية وقد بدأت في السيطرة على المنهج العلمي الحديث في البحث العلمي منذ حوالي ١٥٠ عام . هذه الرؤية هي رمز رؤية الثديات المفترسة . ولهذا كانت النتيجة الحتمية لهذا العصر هو ما تم ذكره في كتب التاريخ (لم تعرف الإنسانية وحشية كوحشية القرن العشرين) حيث وصلت الجريمة ولأول مرة في تاريخ البشرية إلى عالم الأطفال كرمز له معنى بأن الإنسان أصبح كائن مفترس أي أنه عاد إلى ما قبل طوفان نوح أي إلى عصر الكهوف .

اليوم وبسبب سيطرة الرؤية المادية على الثقافة العامة للمجتمع ، نجد كل شعب ينظر إلى نفسه وكأنه هو الذي صنع أرقى حضارة في تاريخ البشرية ، وأنه لولا حضارته لكانت الإنسانية لا تزال تعيش  كمجتمعات بدائية ، فالشعب اليوناني يؤمن بأن الكلمات : الفلسفة ،  الديمقراطية .... وغيرها من المصطلحات العلمية ، جميعها اصلها يوناني وهذا يعني بالنسبة لهم أن الحضارة اليونانية هي التي نشرت نور الحضارة إلى بقية الشعوب . والشعب العراقي أيضا يؤمن بأن حضارتهم هي التي نشرت النور إلى بقية الشعوب ، فشعوب منطقتهم المعروفة بشعوب بلاد ما بين النهرين هم من أسسوا أول مدينة (مدينة اريدو) في التاريخ وأنهم أول من اخترعوا الكتابة وأنهم أول من بنوا الأبنية (برج بابل) ... ، والشعب المصري أيضا يؤمن بأن حضارة بلاده هي التي غيرت مجرى تاريخ البشرية لأول المرة بإهراماتها الشامخة وأنها هي التي اخترعت الكتابة والتحنيط وعقيدة يوم الحساب ... ، وهكذا أيضا نجد كل شعب منطقة ما من العالم يجد في تاريخه تفاصيل معينة تجعله يعتقد نفسه أنه يستحق أن يكون أرقى شعب في العالم . فإذا نظرنا اليوم إلى ما يدعيه كل شعب عن نفسه سنجد أنه بفضل هذا التعصب الأعمى في كل شعب من هذه الشعوب  قد ساهم في تمزيق تاريخ الإنسانية وأنه فصل شعبه عن بقية الشعوب ليجعل من تاريخ الإنسانية قصة عشوائية لا معنى لها وكأنها تؤكد أن كل شيء وكل حدث قد حصل عن طريق الصدفة وأنه لا وجود لأي مخطط إلهي تسير عليه الإنسانية .

 في مصر مثلا نجد الدكتور المصري زاهي حواس الذي يُعتبر من عمالقة علماء تاريخ مصر القديمة في العالم ، في جميع آراءه المنشورة في البرامج التلفزيونية والصحف والكتب إصراره الشديد وبشكل غير مباشر على أن إبراهيم ويوسف عليهما الصلاة والسلام عاشا في فترة وجود الهيكسوس في مصر حيث تعتبر هذه الفترة من أسوأ عصور تاريخ مصر القديمة حضاريا ، وكأنه بآرائه هذه يؤكد أن وجود أنبياء الله (ابراهيم ويوسف) في مصر لم يكن لهما أي أهمية في تأسيس أو تطوير الحضارة المصرية ، بمعنى آخر وكأنه يؤكد على أن الشعب المصري هو الذي صنع نفسه بنفسه. مثل هذا الرأي هو نوع من الشرك لأنه يحذف وجود الله ، أي وكأنه يقول (نحن خلقنا أنفسنا) . التعصب القومي الأعمى في الدكتور زاهي حواس موجود مثله تماما في الكثير من علماء بقية الشعوب .

 من يتابع قراءة مقالاتي منذ فترة طويلة، يجد أنني أذكر أشياء كثيرة عن النبي يوسف في شرح العديد من المواضيع المتنوعة وكأن قصة يوسف هي باب لجميع أنواع العلوم . ورأيي هذا في النبي يوسف عليه الصلاة والسلام ليس من خيالي ولكن هو من القرآن الكريم ، فالآية (  نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلْغَٰفِلِينَ) وضعها الله في سورة يوسف ، ووجودها في هذه السورة هو حكمة إلهية لها معنى أن أحسن قصص الأنبياء هي قصة يوسف . فالنبي يوسف هو النبي الوحيد الذي له في القرآن سورة باسمه وتتكلم عنه فقط . فعصر الأهرامات الذي أسسه النبي يوسف هو في الحقيقة بمثابة خروج الإنسانية من رحم أمها لترى النور ولتبدأ مرحلة جديدة في تطورها الروحي والمادي . وللتأكيد على صحة هذه المعلومة ، سأذكر هنا حادثة من زمننا الحاضر تبين لنا مكانة النبي يوسف وتساعدنا أيضا على توضيح مفهوم (البصيرة) والتي من خلالها أحاول تفسير رمز (هاروت وماروت) .

 في جنوب القاهرة وعلى بعد حوالي ١٩ كم يوجد منطقة تتألف من أربعة قرى صغيرة (ميت رهينة ، العزيزية ، سقارة ، بوصير) ، تسمية هذه القرى بهذه الأسماء ليس صدفة ولكن حكمة إلهية فهذه الأسماء الأربعة لها علاقة بشخصية النبي يوسف ، ولكن شرحها هنا سيجعلنا نخرج عن موضوعنا . في هذه المنطقة تم تأسيس أقدم مدينة في مصر والمعروفة اليوم بأسم مدينة منف . الناس العامة في هذه المنطقة اليوم يعتقدون بإحساسهم الفطري بأن مدينة منف هي مدينة يوسف فهناك بعض الأماكن الأثرية التي تم تسميتها بأسم يوسف . ولكن علماء الآثار يرفضون تماما صحة إعتقادات أهالي هذه المنطقة بسبب عدم وجود أي دليل علمي يؤكد صحتها . والذي حصل في هذه المنطقة أنه بسبب إهمال السلطة المصرية لهذه المنطقة منذ سنوات عديدة تحولت هذه المنطقة إلى أخطر وأقذر منطقة في مصر . حيث يتم فيها جميع الأعمال الغير مشروعة من تجارة المخدرات وتجارة القطع الاثرية ، وتحدث بها شتى أنواع الجرائم ، حتى أن مياه الصرف الصحي تطفح على شوارعها، وأكوام القمامة تحيط بها من كل جهة ، والأهالي هناك في حالة يُرثى لها بسبب الأمراض والفقر والإهمال التام .هذه المنطقة التي يعتقد أهلها أن يوسف عليه الصلاة والسلام  عاش فيها ، بدلا من أن تكون منطقة مباركة جميلة تشرح زيارتها النفس ، أصبحت منطقة وكأن الشيطان هو نفسه قد سلط عليها لعنته ليجعل أهلها يحتقروا أنفسهم على سوء أوضاعهم .  في عام ١٩٩٢ حدث زلزال في هذه المنطقة أدى إلى إنهيار داخلي وخارجي في هرم زوسر القريب منها ، هذا الهرم كما ذكرنا في المقالة الماضية هو الهرم الذي بناه النبي يوسف . وبسبب هذا الخراب الذي حصل في الهرم ، قررت منظمة اليونسكو حذفه من قائمة المواقع التاريخية العالمية كونه أصبح يشكل خطورة كبيرة على حياة الزوار . ولكن الحكومة المصرية عهدت بترميمه بشكل يضمن سلامة زواره ، فتم إغلاق مجمع الهرم ، وفي عام ٢٠٠٦ بدأت عملية الترميم والتي احتاجت إلى ١٤ عام ، وفي العام الحالي ، العام الذي يحمل الرقم (٢٠٢٠) انتهت عملية الترميم وتم إفتتاح مجمع الهرم وأصبح مناسبا للزيارة .

الزلزال وانهيار الهرم كان حسب  مفهوم علماء الآثار وعلماء الدين في مصر ، وكأنه حادثة طبيعية حدثت بالصدفة ولا يحتاج البحث فيها لفهم مضمونها . ولكن من يرى الأمور برؤية شاملة (البصيرة) سيرى في هذه الأحداث رموز عديدة ستدفعه في البحث فيها ليفهم المعنى الروحي لما حدث في هذه المنطقة . فالزلزال حدث عام ١٩٩٢ ، قد يبدو هذا الرقم بلا معنى ولكن من يبحث في رموز الأنبياء بعين البصيرة ، سيرى أن هذا العام هو في الحقيقة عام ١٩٩٨ من عام ولادة عيسى عليه الصلاة والسلام ( عام ٦ قبل الميلاد) ،  وهو يحمل نفس أرقام سورة مريم (أم عيسى) في القرآن . حيث الرقم ١٩ هو ترتيب السورة ، والرقم ٩٨ عدد آياتها . حيث سورة مريم هي السورة الوحيدة في القرآن التي تحمل اسم إمرأة ، ورمز المرأة هو (٨) الذي يمثل شكل الهرم ، حيث هرم زوسر يُعد أول هرم في تاريخ البشرية والمنطقة بأكملها هي منطقة أهرامات ، مريم أنجبت  عيسى عليه الصلاة والسلام ، أسم عيسى في الكابالا اليونانية له قيمة رقمية تعادل (٨٨٨) شكل هذا الرقم هو شكل أهرامات الجيزة القريية من المنطقة ، حيث أسم هذه الأهرامات مشابه لإسم عيسى في اللغات الأوروبيه (جيزيس) ، فشكل هذه الأهرامات في الحقيقة هي عبارة عن نبوءة تبشر بولادة عيسى بن مريم . فرقم عام الزلزال (١٩٩٨) هو في الحقيقة يعادل (٦٦٦+٦٦٦+٦٦٦) حيث الرقم (٦٦٦) هو رمز أعور الدجال  أي ثلاث مرات رمز أعور الدجال ، وهو رقم معاكس لرمز عيسى (٨٨٨) وله معنى أن الإنسانية حسب المخطط الإلهي ستمر بثلاث مراحل في تطورها (طفولة - مراهقة - سن الرشد) ، فالذي حصل أنه مع نزول آخر ديانة سماوية توقفت المساعدة الإلهية ، ولكن ومع ذلك استطاع الأوروبيون أن يساهموا في تطوير التكوين الروحي للإنسانية من خلال حضارة عصر النهضة ، أما عندما دخلت الإنسانية في سن الرشد (عصرنا الحاضر) ، عندها خرجت عن هذا المخطط وأصبحت تحت سيطرة روح الأعور الدجال ، التي استطاعت أن تخدع الناس وتلغي الرؤية الروحية في إدراكهم لما يجري حولهم فجعلت الإنسانية وكأنها كانت تحت سيطرته في كل المراحل الثلاث ، لهذا كان رقم عام الزلزال يحوي في داخله ثلاث مرات رمز أعور الدجال . لذلك وضع الله في هذه الحادثة رموز أخرى تشرح لنا حقيقة ما يحدث . فعملية ترميم هرم زوسر دامت (١٤) عام وهي مدة سنوات وفرة الرزق وسنوات العجاف (٧+٧) المذكورة في قصة يوسف . لهذا حدث زلزال آخر عام ٢٠١٣ في نفس يوم حدوث زلزال عام ١٩٩٢ (١٢ أكتوبر- تشرين الأول)  وكان لوقوع الزلزالين في نفس التوقيت صدى على مواقع التواصل الاجتماعي حتى بعض المصريين علقوا على هذا الزلزال بأن مصر هي الدولة الوحيدة فى العالم التي الزلزال فيها يحتفل بعيد ميلاده ، أما علماء الزلزال في مصر  فكان لهم رأي آخر ، بأن هذا التزامن في التوقيت هو مجرد صدفة ، ولكن الحقيقة غير ذلك فالذي يرى الأمور برؤية شاملة يعلم أن هناك تدخل إلهي في الأمر وأنه لا شيء يحدث بالصدفة فرقم يوم الزلزال هو /١٢/وهو رقم ترتيب سورة يوسف ، وأسم الشهر هو (اكتوبر) وهو رقم /٨/ في اللغة اللاتينية وهو رمز لشكل الهرم . أيضا نجد أن أشهر الناجيين من الزلزال الاول أسمه (أكثم سليمان) أسم أكثم يعني (شبعان ، كبير البطن) ، أما الأسم الثاني (سليمان) فمعناه المحب للسلام وهو رمز لأسم يوسف باللغة المصرية القديمة أمحوتب (الذي جاء بسلام) ، فأسم ( أكثم سليمان) هو رمز لحالة الشعب المصري في زمن سنوات العجاف  . الزلزال الثاني يوضح العلاقة بين هرم زوسر وقصة يوسف ، فتوقيت حدوثه يقسم زمن عملية ترميم هرم زوسر إلى قسمين : سبع سنوات (٢٠٠٦- ٢٠١٣) وسبع سنوات (٢٠١٣ - ٢٠٢٠). ففي السنة الأخيرة من سنوات العجاف كانت الشعوب المجاورة لمصر تعيش في حالة يرثى لها تماما كما تعيشها شعوب العالم اليوم في عام (٢٠٢٠) حيث ظهر وباء كورونا من بداية هذا العام فسبب أزمات صحية وإقتصادية لم تعرف الإنسانية مثلها من قبل ، ففي العصور الماضية كانت الأوبئة محصور في منطقة معينة من العالم ، أما وباء كورونا فاستطاع الانتشار في جميع أنحاء العالم . فأسم ( أكثم سليمان) أشهر الناجيين من زلزال /٩٢/ هو رمز لحالة الشعب المصري في زمن سنوات العجاف ، حيث كان (شبعان ، ويعيش في سلام) ، بعكس بقية الشعوب .

 أرقام سورة يوسف تشرح لنا ما سيحصل في الأيام القادمة ، فرقم ترتيب سورة يوسف هو (١٢) أما رقم عدد آيات السورة فهو (١١١) ، حيث (١٢×١١١=١٣٣٢) هذا الرقم هو في الحقيقة يعادل (٦٦٦+٦٦٦) . لهذا كان عام إنتهاء ترميم وإفتتاح مجمع هرم زوسر  رقمه (٢٠٢٠) فقد ذكرنا في مقالات عديدة ماضية بأن الرقم (٢٠) هو أحد رموز أعور الدجال (الرؤية المادية) . ووجود الرقم (٢٠) مرتين في رقم هذا العام ، له معنى أن الرجل والمرأة في عصرنا الحاضر أصبحا يستخدمان رؤية أعور الدجال ، ولهذا السبب ولدت ظاهرة (الطفل المجرم) في عصرنا الحاضر . وهذا يعني أنه بدون تدخل إلهي فأطفال اليوم ليس لهم أحد يستطيع أن يخرجهم من عالم أعور الدجال ليرشدهم إلى الصراط المستقيم ، لهذا وجب حدوث التدخل الإلهي . فبسبب الوباء أصبح تعليم الأطفال يحدث إما عن بعد بحيث لا يجتمع مع بقية الأطفال ، وإما أن يذهب إلى المدرسة ولكن بشرط إرتداء كمامة وكأن إظهار وجهه الإنساني للآخرين يشكل خطرا على المجتمع .هذه الأرقام وهذه الرموز التي شرحناها قبل قليل لها معنى أن يوسف عليه الصلاة والسلام الذي بظهوره قبل خمسة آلاف عام كان رمز ولادة الإنسانية ، هو نفسه الذي سيأتي في عصرنا الحاضر ليواجه روح السوء روح أعور الدجال (٢٠٢٠) التي تسيطر على العالم بأكمله . المهدي المنتظر هو : هابيل ، هو إدريس ، هو يوسف ، هو الخضر ، هو ذو القرنين ، هو عيسى المسيح . هو الإنسان الوحيد من البشرية بأكملها الذي ولد في الجنة لهذا كان قصة يوسف في سفر التكوين هي خاتمة هذا السفر . عدد الشخصيات التي أخذها يوسف هي سبعة وهو رقم عدد الفتية الذين دخلوا الكهف ، والمقصود بالكهف هنا هو الكون الذي في بداية تكوينه كان عبارة عن ثقب أسود صغير . الأدلة عديدة في القرآن ، في الكتب المقدسة ، في الآثار التاريخية التي تركتها لنا الحضارات القديمة . منها هذه الأمثلة المتنوعة : فالرقم (٣٠٩) المذكور في قصة أصحاب الكهف .هو القيمة الرقمية لأسم (ΑΡΗΣ) إله الحرب (المريخ) في الأساطير اليونانية، وهو رمز قابيل الذي يمثل (الكلب)  . دليل آخر : الآيه /٢٥/ من الإصحاح /٣٠/ في سفر التكوين تذكر ولادة يوسف ،  مجموع عدد الآيات من هذه الآية إلى آخر السفر هو الرقم (٦٧٨) ومجموع أرقام الترتيب من هذا الإصحاح إلى النهاية أي (٣٠+٣١+٠٠٠٠+٥٠) من يعادل الرقم (٨٤٠) ، إذا جمعنا الرقمين سنحصل على الرقم (١٥١٨) وهو القيمة الرقمية لأسم (يوسف) في الكابلا اليونانية، و هو أيضا القيمة الرقمية لعبارة (ابن يعقوب) في الكابلا العربية . هذا يعني أن هذا الرقم ليس صدفة ولكن من وحي إلهي . الآن إذا إعتبرنا أن رقم الإصحاح الذي يذكر ولادة يوسف هو الإصحاح الأول وجمعنا أرقام تراتيب الأصحاحات حتى نهاية السفر (١+٢+٣+...+٢٠) سنحصل على الرقم (٢١٠) ، فإن مجموع الآيات مع مجموع الإصحاحات هو (٦٧٨+٢١٠=٨٨٨) ، الرقم (٨٨٨) هو القيمة الرقمية لأسم عيسى بالكابلا اليونانية  أي أن عيسى هو نفسه يوسف فهذه الأرقام تخص حياة يوسف . دليل آخر من الإنجيل ، في إنجيل يوحنا ٨ : ٥٨ ( قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ»). أي أن عيسى هنا يؤكد أنه قبل ولادة إبراهيم كان موجودا . دليل آخر من القرآن الكريم (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا...) هذه الآية لا علاقة لها بقصة يوسف في مصر ، فأمه راحيل توفيت مباشرة بعد ولادة بنيامين ، ويوسف لم يكن ملك مصر حتى يضع أبويه على عرش الملك . فالمقصود هنا أبويه (آدم وحواء) فهذه الآية تعني هنا توحيد الإنسانية في آخر الزمان تحت عائلة واحدة بأسم عائلة آدم وحواء ، لهذا ذُكرت هذه المهمة في قصة يوسف (المهدي) وليس في قصة نبي آخر . هذه الأدلة التي ذكرناها هي من (الذكر) وهي محفوظة والله لن يسمح لأحد بتغييرها . هناك أدلة عديدة أخرى متنوعة ولكن شرحها سيحتاج إلى صفحات عديدة . .... والله أعلم .

كان لا بد لنا من عرض هذه المعلومات عن النبي يوسف عليه الصلاة والسلام ، فبدونها سيصعب تفسير معنى عبارة (الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) . في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع شرح موضوع علاقة يوسف بهاروت وماروت .

   ز . سانا

لا يتوفر وصف للصورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق